فجأة أصبح شعار «المصالحة الوطنية» مرفوعا في الساحة السياسية المصرية. رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور يؤكد علي «المصالحة الوطنية» ويعلن مستشاره الإعلامي «أحمد المسلماني» أنه سيزور الإمام الأكبر شيخ الأزهر «أحمد الطيب» موفدا من الرئاسة للاستماع لرؤية الأزهر بخصوص ملف المصالحة الوطنية ولمجمل خارطة الطريق المتفق عليها. ويطرح حزب النور «السلفي» مبادرة للمصالحة الوطنية ويعلن عن تشكيل لجنة حكماء تقود المصالحة وتضم في عضويتها الكنيسة المصرية والأزهر وعددا من قيادات الأحزاب مثل «حمدين صباحي ود. عمرو موسي». ودعا «د. السيد البدوي» رئيس حزب الوفد لتحقيق المصالحة الوطنية بين جميع فئات الشعب لأن الكل «مصريون» يعيشون علي أرض واحدة، وحذر البدوي من سياسة الإقصاء والاستئثار، لأنها تؤدي إلي الخلاف ولا تنهض بالبلاد وتعبر بها إلي بر الأمان. وتزامنت دعوة رئيس حزب الوفد مع الدعوة التي أطلقها د. أحمد الطيب شيخ الأزهر، معلنا الاعتكاف حتي يجلس الجميع علي مائدة الحوار مطالبا بضرورة تشكيل لجنة تقصي حقائق وفتح تحقيق عاجل في الاشتباكات التي وقعت يوم الاثنين قبل الماضي أمام دار الحرس الجمهوري. وأعلن ناجي الشهابي باسم «جبهة التيار المدني» بمجلس الشوري المنحل إطلاق مبادرة للمصالحة الوطنية لرأب الصدع في المشهد السياسي الراهن. وتختلف المبادئ والأسس والشروط التي يضعها كل طرف للمصالحة الوطنية. فجماعة «الإخوان» الطرف الأساسي في هذه المصالحة تضع شروطا مستحيلة لتحقيق المصالحة الوطنية تبدأ بعودة د. محمد مرسي الرئيس المعزول والذي أسقطه الشعب في 30 يونيو إلي رئاسة الجمهورية، ويقول د. كارم رضوان عضو شوري الجماعة والهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة «عودة مرسي تضمن سير العملية الديمقراطية بعد الثورة وغلق باب الانقلاب العسكري التي تهدد الديمقراطية.. وتشكيل الحكومة الحالية مرفوض لأنها نابعة من انقلاب علي الشرعية». واشترطت الجماعة الإسلامية وحزبها البناء والتنمية – الحليف للإخوان – إجراء استفتاء شعبي علي استمرار مرسي من عدمه كخطوة أولي للمصالحة. وقال د. ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، بالتراجع عن الإعلان الدستوري الذي أصدره رئيس الجمهورية المؤقت والعودة لدستور 2012 الذي استفتي عليه الشعب، وعدم القبض أو محاكمة قادة وأعضاء جماعة الإخوان إلا في حالة ارتكاب جرائم جنائية! ورفض د. محمد المصري عضو مجلس شوري الإخوان مشاركة القوات المسلحة في حوار المصالحة وقال «لا يمكن أن تكون القوات المسلحة مغتصبة للسلطة ثم تصبح طرفا في الحوار، لذلك فنحن من نعرض علي الفريق السيسي وزير الدفاع خروجا آمنا..»!! بالمقابل رفض د. عمرو هاشم ربيع أي دعوات للمصالحة مع الجماعات الإرهابية وعلي رأسها تنظيم الإخوان «فجماعات العنف لا يصلح معها سوي الإقصاء». ودعا التيار الشعبي والجمعية الوطنية للتغيير وبعض أحزاب جبهة الإنقاذ جماعة الإخوان والقوي المتحالفة والمناصرة لها إلي التوقف فورا عن التحريض علي العنف والإرهاب ضد المصريين. وطبقا لدكتور وحيد عبدالمجيد فقد رفضت جبهة الإنقاذ فكرة الخروج الآمن لقيادات الإخوان، مؤكدا «ضرورة أن تجري المحاكمات للمتورطين في قضايا جنائية وسياسية وفق معايير الشفافية والنزاهة علي أن تمتنع قيادات الجماعة عن السعي لإعفاء أعضائها من المساءلة القانونية والجنائية»، وتضيف كريمة الحفناوي الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري «المؤسسة العسكرية لا تملك ضمان عدم الملاحقة القضائية لقيادات الإخوان، خصوصا أن المؤسسة القضائية تتمتع باستقلالية ونزاهة، ولن نقبل توصيات أو إملاءات من أحد». وفي ضوء تجارب المصالحة والعدالة الانتقالية، خاصة في جنوب أفريقيا والمغرب، يمكن تبني الضمانات التي طرحها مكرم محمد أحمد الكاتب ونقيب الصحفيين عدة دورات والتي تقوم علي.. «التزام الجميع برفض العنف وتجريم الاقتتال الأهلي ومعاقبة من يخالف ذلك، والامتناع عن رفع السلاح وباقي أدوات العنف في التظاهرات الشعبية، أو الاحتفاظ بها في مقرات الأحزاب والتجمعات السياسية، والقبول بتطبيق أحكام القانون علي الجميع، وعدم جواز العفو عن جرائم الدم والتخريب وتقويض الأمن الوطني والعدوان علي الممتلكات العامة والخاصة، وتجريم العمل السري وتشكيل الميليشيات العسكرية وشبه العسكرية، واعتبارها سببا كافيا لمنع ممارسة العمل السياسي، والتزام كل الفرقاء بحق الأغلبية في اتخاذ القرار، وامتناع كل فريق عن الاستقواء بكثرة العدد أو القدرة علي تعكير السلم العام لفرض رأيه عنوة علي باقي الفرقاء، كما فعل حزب النور أخيرا، ورفض دعاوي التكفير والتخوين وإثارة الفتن الدينية والطائفية، وتحريم الانحيازات السياسية فوق منابر المساجد احتراما لحرمتها والتزاما بتكافؤ الفرص».