مناضلون يساريون د. حمزة البسيوني (2) .. وفي الواحات كان اللواء إسماعيل همت يقود حملة تعذيب وحشي لا مثيل لها، الشوم تنهال علي الجميع انطلقت من بين صفوف العساكر وصرخت في وجه اللواء المتعجرف وطالباً بإيقاف المجزرة والغريب أنه خاف وأشار للجنود بالتوقف عن التعذيب، صرخت في وجهه أنا كطبيب أطالبك بإيقاف المجزرة .. وخاف». حمزة البسيوني وتمضي بي الأيام بعضها خارج السجن وأغلبها داخل الزنازين من سجن لسجن تنقلت وأمضيت أغلب هذه السنوات .. حتي كان عام 1957 . حيث كانت أول انتخابات لمجلس الأمة تجري في عهد الثورة، كنت أحد 4 رفاق خاضوا الانتخابات ورفعوا رايات حمراء علي الدقهلية وكانوا جميعاً مكتسحين في دوائرهم وصدر قرار بحرمان من سبق اعتقالهم من الترشيح وكان قد قيد في قريتي نوسا الغيط من السيدات أكثر مما قيد في مدينة الإسكندرية بأكملها . رجعت إلي الإسكندرية حيث تجري انتخابات دائرة الرمل وكان مرشحاً بها محمد كامل البنداري باشا الذي لقب بالباشا الاحمر وكانت عيادتي بباكوس هي مركز قيادة المعركة . وصدر قرار بقفل بعض الدوائر علي المعينين بالمجلس وكان منهم دوائر الرمل . 5 سنوات في معتقل الواحات في الستينيات .. إسماعيل همت قائد حملات التعذيب ومعه فرقته يجتاحون المعتقل . تحت ضربات العصا الغليظة يجرد المعتقلون من ملابسهم وتحلق رؤوسهم عراة وحفاة يساقون ويلبسون ملابس السجن البيضاء . أقوم بعمل جبس للزميل فخري لبيب علي ذراعه المكسورة . وتحت ضربات العصا الغليظة يساق المعتقلون إلي عرض الصحراء بهدف تشغيلهم في زراعتها . وحيداُ توجهت إلي اللواء المتعجرف إسماعيل همت وهو منتصب القائمة يشرف علي المأساة وقلت له إن ما يحدث ليس استصلاحاً للأراضي ولكنه من أعمال السخرة البربرية وقال إن هذه طريقتي في تنفيذ الأمور وأنا لما أدخل بيتي أولادي يقفون صفاً بجانب الحائط فلن أغير طريقتي . قلت وأنا كطبيب أدافع عن إنسانية الناس وأحميهم وأطلب منك فوراً إيقاف هذه المجزرة الوحشية . والمثير للدهشة أنه تراجع وخاف وبإشارة من يده تهدأ الأيدي والعصي وتجمع المعتقلون حوله، إسماعيل صبري عبد الله ومحمد سيد أحمد ونبيل الهلالي وينتهي اليوم في أمان . ثم نعمل بإرادتنا ونستصلح ونزرع ونأكل من ثمار زراعتنا . وكان هذا درساً لي وللجميع عندما تواجه الخصم بشجاعة سوف يخاف منك . ويحدث أنه ذات ليلة وفي منتصف الليل استدعيت أنا وصلاح حافظ إلي منزل مدير السجن فريد شنيشن، حيث كان يرقد طفلاه 4 سنوات و7 سنوات في حالة خطيرة بعد أن بلعا أقراص الضغط التي كانت بحوزته ورجعنا إلي المعتقل وأنقذنا الطفلين وتبدل الحال وتحول فريد شنيشن إلي إنسان يعرف كيف يمارس الإنسانية . تقدمت أنا والدكتور لطفي الصاوي بطلب للتطوع في حرب الجزائر وقد تمت جميع الإجراءات وحدد لنا مكانا لعيادة إسعاف طبية علي الحدود ما بين الجزائر وتونس وفي آخر لحظة اعترضت المباحث العامة علي سفرنا ولم تمض أيام حتي علمنا أن الطائرات الفرنسية اجتاحت هذا الموقع وسوته بالأرض . في كل هذا المشوار الطويل صادفت محاولات مباشرة للاعتداء علي . مدرج كلية الطب وأنا أتحدث في خطبتي عن نضال الشعب الفيتنامي يخرج طالب بالكلية ذو ذقن طويلة محاولاً طعني بخنجر ويمسك مأمون البسيوني بيده وينغرس الخنجر في البنش . في عام 1964 كانت هناك حركة في نقابة أطباء الإسكندرية والنقابات العمالية من أجل تطبيق التأمين الصحي مع المحافظ حمدي عاشور الذي كان لي والزميل شحاته عبد الحليم معه علاقة سياسية خاصة وبمشاركة د. مدحت القرشي و د. علي عبد العال و د. سمير غبريال و د. فؤاد منير في تقديم دراسة لمشروع التطبيق وأصدرنا به كتيبا ولكنه صودر في المطبعة وكون لنا المحافظ لجنة من قيادات وزارة الصحة لدراسة مشروعنا والاستفادة منه . وفي أكتوبر 1964 صدر قانون التأمين الصحي علي أن يبدأ التطبيق في مدينة الإسكندرية . ثم كانت جمعية أطباء مصر بالإسكندرية التي حجمت دور الإخوان في مجال الأطباء وانتزعت منهم نادي الأطباء الذي كان مركزاً لقيادة أعمالهم السياسية . وتضم في قياداتها . د. حسن عبد الفتاح د. محمد الحبشي د. مأمون البسيوني د. كميل صديق د. عادل عيسي د. عيسي جرجس ونصدر مجلة ابن سينا وهي مدفعية ثقيلة في معركة الأطباء . أنتخبت رئيساً لجمعية الممارس العام ولم أزل رئيساً لها حتي الآن، ولم تزل هذه الجمعية تعمل في تجميع الأطباء وتمارس دورها في فضح ممارسات الإخوان وتقدم محاضرات علمية في التأمين الصحي ثم أسسنا جماعة أطباء مصر وتضم لقيادة جمعية أطباء مصر بالإسكندرية ويمضي حمزة البسيوني قائلاً هذا بعض مما قدمت . وقد اكتفيت ببعض من النضالات الجماهيرية لأنها الانعكاس الحقيقي للروح النضالية، أما النضالات الحزبية فهي كثيرة جداً . ولعل أهمها بالنسبة لي هو حضوري أول اجتماع تأسيسي لحزب التجمع في الإسكندرية، ومنذ اليوم الأول في حزب التجمع وحتي اليوم الأخير في حياتي سأبقي مخلصاً لوطني وشعبي وحزبي .