اصدر المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة تقريره السنوي لعام 2012 ، الذي جاء تحت عنوان ” هجوم علي العدالة في مصر” . واشار التقرير الي وجود العديد من التشريعات والممارسات علي أرض الواقع التي شهدتها مصر بعد ثورة يناير، والتي تشير الي أن ثمة احتكاك بين السلطة القضائية واعضائها، في مواجهة السلطتين التنفيذية والتشريعية في مصر.كما تبني التقرير بعض المحددات والمعايير الدولية المتفق والمعمول بها علي نطاق واسع في هذا المجال ، كمبادئ الأممالمتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية ، والمبادئ التوجيهية بشأن دور المدعين العامين ، وقد تمثل بعض هذه المحددات و المعايير الدولية في: أولا : أن إعمال مبدأ سيادة القانون، واستقلال القضاء ، طرق مثلي إلي موازنة السلطتين التشريعية والتنفيذية بالسلطة القضائية، التي ينبغي – إعمالا لهذا المبدأ – أن يكون لها الهيمنة الكاملة علي كل شئون أعضائها، وأن يكون لها الولاية القضائية كاملة غير منقوصة، وأن يكون لأعضائها حق تكوين تنظيم بإرادتهم في نطاق حرية الاجتماع والتعبيرعن الآراء ، وبما يقيم للديمقراطية أسسها ، ويكفل لها بنيتها التي تدار العدالة في ضوئها إدارة فعالة . ثانيا : إن مبدأ استقلال السلطة القضائية، يحول بين أن ترتد هذه السلطة علي أعقابها ، لا بقوة السلطة التنفيذية ، ولا بانحراف السلطة التشريعية ، ولا تميل عن الحق إغواء أو تهديدا أو تحاملا أو ممالأة أو تخاذلا ، وإنما تكون كلمتها هي الحق .. ترعاه بعزتها وبعلو مرتبتها، وبثقتها بنفسها، وبقدرتها علي تأهيل أعضائها وتدريبهم ، فلا ينعزلون عن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ثالثا : أن وجود قضاء مستقل ونزيه وفاعل ،يقتضي ليس فقط ، ان تكون السلطة القضائية والقضاة بمنأي عن أية تدخلات من السلطتين الأخريين ، أو بضمان الاستقلال المالي والاداري ، لكن هذا القضاء وفقا للمعايير الدولية ، يقتضي أن تكون مقومات استقلاله الأخري والمتمثلة في الشفافية والنزاهة والكفاءة عوامل مصاحبة ومستمرة ، بداية من، التعيين في بدايات السلم القضائي ومرورا بالترقيات والتدريب والتأهيل المستمر والتأديب والفصل في القضايا وتنفيذ الأحكام . رابعا: إن الاعمال الحقيقي لمبدأي سيادة القانون واستقلال القضاء ، والاصلاح المؤسسي للقضاء وفق مناهج الاصلاح المؤسسي المتعارف عليها في إطار برامج العدالة الانتقالية ، ضرورات ملحة وداعمة للاصلاح السياسي، و لحماية الحقوق والحريات العامة في مصر في هذه الآونة ، ولترسيخ الممارسة الديمقراطية الصحيحة، ومكافحة الفساد ، والتنمية البشرية ، وقيام علاقات دولية متوازنة في اطار من التكافؤ و الاحترام المتبادل . وقد توصل التقرير من خلال متابعته ، ورصده لمظاهر الاخلال باستقلال السلطة القضائية والقضاة بعدثورة يناير 2011، لبعض النتائج تمثل أهمها في :- أولا : إن الهجوم الذي تعرض له القضاء في مصر عام 2012 يعد الأخطر منذ ستين عاما والأكثر تأثيرا علي سير العدالة في مصر ، وقد أدي إلي انهيار دولة القانون بشكل يصعب تداركه في تلك المرحلة . ثانيا : علي الرغم من المطالب الثورية، وقبلها المطالب الحقوقية ، بضرورة الاصلاح المؤسسي في إطار ضمان والتزام كامل باستقلال السلطة القضائية ، سيما في هذه المرحلة الانتقالية ، الا أن الاصلاح المؤسسي للقضاء ، اتخذ منحي يغلب عليه الاخلال بضمانات استقلال القضاء. ويهدف إلي محاولة السيطرة علي المؤسسة القضائية وليس إصلاحها . ثالثا : جاءت الممارسات بحق السلطة القضائية ، انتقامية أو علي أقل التقديرات انتقائية ، تخلو من اي منهج من مناهج الاصلاح المؤسسي ، ومست مساسا جسيما بثوابت ما كان يجوز انتهاكها أو الاخلال بها ، وجاءت مظاهر الاخلال باستقلال السلطة القضائية ،في إطار هجوم منظم علي العدالة في مصر .