في المجتمعات المريضة يعرفُ الشخص بانتمائه، الديني أو العرقي أو السياسي أو الاجتماعي، فهذا يهودي، وهذه إمرأة، وهذا صعيدي، وهذا فقير، وهذا أسود، ووفقاً لهذا التصنيف تكون المعاملةُ والنظرةُ، المُعدة سلفًا والمُعلبة، دون نظرٍ لكفاءةٍ شخصيةٍ. هذه المجتمعاتُ البدائيةُ في فهمِها لحقِ الإنسانِ في حريةِ العقيدةِ والفكرِ وفي الفرصِ المتساوية في المعيشةِ، أصبحت موجودةٌ وزاعقةٌ في أفغانستان والصومال والسودان، وهي أشباهُ دولٍ مزقتها الطائفيةُ والعنصريةُ، وللأسف فإن العراق علي ذات الطريقِ الوعرِ ماضيةٌ، وكذلك مصر. في مصر الآن مصطلحاتٌ بعينِها تُشيرُ للشخصِ وتَحكُمُ النظرةَ إليه، قبل أن يتكلمَ أو يعملَ، وإخواني علي أولِ قائمتِها. فالإخواني أصبحَ مرادفًا للفِ والدورانِ والملاوعةِ والانتهازية والعملِ في الخفاءِ، وغيرِها من صفاتٍ تجافي الصراحةَ وأمانةَ التعاملِ. لماذا؟ لأن عامين بعد 25 يناير 2011 أظهرا بوضوحٍ مشهدًا لم يكن في صالحِ الإخوان ولو كسبوا انتخاباتٍ واستفتاءً، واتهاماتُ التزويرِ والرشاوي قائمةٌ شاهدةٌ رغم النفي والتكذيبِ. لم يتمكنْ الإخوانُ من بناءِ الثقةِ مع غيرِهم، بعدما أنكروهم ولاوَعوهم ورَوعَوهم وأبعَدوهم، الإخوانُ في واديهم ولو علي حسابِ مصلحةِ وطنٍ يئنُ ويتمزقُ. سياستُهم تقومُ علي توزيع الاتهاماتِ وإلصاقِ الفشلِ بشماعاتٍ يعلقونها علي غيرِهم، مخطَطُهم الاستيلاءُ علي وطنٍ بمن فيه، بأي ثمنٍ، بأية تضحيةٍ من دماءِ وقوتِ أبنائه. عدمُ الاستقرارِ وتردي الأمنِ ووقوعُ الاقتصادِ ترجعُ إلي النظرةِ الاقصائيةِ، إلي التصنيفِ حسب الانتماءِ الفكري والديني، بدأه الإخوانُ ومن شايعوهم من سلفيين، وسقطوا فيه، أصبحَ الإخواني محلَ نظرٍ بالريبةِ والشكِ. في فترةِ الستينيات كانت كلمةُ يهودي تعني الخبثَ والبخلَ، ودَلَت إقطاعي علي من يستغلُ غيرَه ويعيش في رفاهية، كانت فترةٌ مريضةٌ بالإنغراقِ في الذاتِ، بإنكارِ ذكاءِ الآخرين وقدراتِهم، وانتَهت، نهايةً منطقيةً، بهزيمةٍ ساحقةٍ غيرَت وجه مصر والمنطقةِ إلي الأبدِ. ما عهدُ الإخوانِ بمختلفٍ، فيه غَضُ البصرِ عن العشوائياتِ، فيه انتشارُ الباعةِ الجائلين وعرباتُ الفول في كل مكان، لم تعدْ المناطقُ راقيةً، انظروا في شارع الطاقة علي امتداده، بجوار نادي أهلي مدينة نصر. في عهدهم ظهرَ إعلامٌ ديني طويلُ اللسانِ مسكوتٌ عنه، في مقابلِ إعلامٌ آخرٌ مغضوبٌ عليه مُحاصرٌ ومسحوبٌ إلي النيابات والمحاكم، في عهدهم شَهدَ القضاءُ إهاناتٍ لم يسكَتْ عنها طوال تاريخِه، في عهدِهم للقانونِ يقظةٌ وثُباتٌ، في عهدِهم لا تستأهلُ المعارضةُ إلا السبابَ والتخوينَ والعمالةَ، في عهدِهم انقَسَم الشعبُ المصري بأكثر مما يستطيعه أعدي الأعداء. هل يقالُ وزيرٌ إخواني من منصبِه؟ هل تُسحَبُ الثقةُ من وزارةٍ إخوانيةٍ؟ هل يعترفون بفشلٍ؟ هل يعملون لإزالة ما باحَت به صفة إخواني وشاعَت؟