فوجئت بسيل من الاتصالات والرسائل التليفونية للتهنئة، بعيد الميلاد، وحرص زائد من الأصدقاء والزملاء والمعارف علي التهنئة بحرارة وصدق ممتزج بالحماس والإصرار في التجمعات والأماكن العامة التي اعتدنا الالتقاء بها، ليس غريبا علي الشعب المصري تبادل التهاني والتعبير عن مشاعر الود والإخاء في الأعياد والمناسبات الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية، بل إن كثيراً من الأسر المسيحية تشارك إخوتهم المسلمين في أعيادهم ليس بالتهنئة فقط وإنما بممارسة طقوس الاحتفال ذاتها بشراء حلويات المولد في الاحتفال بالمولد النبوي، كما أن جموع المصريين تتشارك في الاحتفال بعيد «شم النسيم» ذي الأصول الفرعونية والمرتبط بعيد القيامة عند الأقباط، مبعث المفاجأة التي أثارت الدهشة والتعجب أن التهنئة بالعيد التي يغمرني بها أبناء الشعب المصري بفيض من الود والمحبة جاءت مبكرة جدا قبل موعد العيد بحوالي أسبوعين، تعجبت.. كيف أخطأ كل هؤلاء في معرفة موعد العيد رغم أنه إجازة رسمية يوم 7 يناير؟! كنت أرد علي التهنئة دون التساؤل عن سر تبكيرها لعدم الإحراج، إلي أن انتحيت جانبا بصديق مقرب جدا وسألته ليقول: «علشان يا سيدي في فتوي منذ عدة أيام تحرم تهنئة المسيحيين بأعيادهم». يعني تصدر الفتوي من طيور الظلام في اتجاه فيسرع أبناء الوطن للاعتراض والاحتجاج عليها بسلوك حضاري وراق بانتهاز فرصة اقتراب العيد لتقديم التهنئة حتي لو مبكرا عن موعدها، هذه هي أصالة وعظمة الشعب المصري في مقاومته وعدم اكتراثه بتجار الدين وعدم قدرة التيارات المتطرفة علي اختراق نسيج الشعب الواحد، لسنا في حاجة للإشارة إلي سماحة الإسلام واعتداله حيث يجوز للرجل المسلم الزواج من امرأة مسيحية أو يهودية وتظل علي دينها بعد الزواج تمارس شعائر دينها وتحتفل بأعيادها، فهل بعد علاقة الزواج أن يمتنع الزوج عن تهنئة زوجته عند احتفالها بالعيد؟! ما يثير الشفقة أن أحد أعضاء الهيئة الشرعية التي أصدرت فتوي التحريم هارب من حكم بالحبس في قضية الفعل الفاضح الذي ارتكبه في سيارة بالطريق العام، مما دفع شباب مواقع التواصل الاجتماعي إلي السخرية بالقول: «لا يجوز تهنئة القبطي أو القبطية.. إنما يجوز زنقة المزة بالعربية»!!