أن يخرج العاملون باتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري في مظاهرة صباح الأحد الماضي، من مبني ماسبيرو إلي ميدان التحرير رافعين لافتات ترفض إعادتهم من جديد إلي «بيت الطاعة» أي بيت طاعة النظام، وهو هنا النظام الإخواني الجديد الذي بدأ يمارس مع العاملين بالإعلام التابع له كل ما كان يمارسه النظام السابق، نظام الحزب الوطني ورئيسه حسني مبارك، لطالما طالبنا أيامها بانفصال الرئيس عن الحزب ليصبح رئيسا لكل المصريين لكنه لم يفعلها، والآن، نحن مع نظام جديد لرئيس ينتمي لحزب آخر هو «الحرية والعدالة»، ووزير إعلام جاء من نفس فصيل الإخوان المسلمين، وبعد أن أعلن في أول تصريحاته أنه قد يكون آخر وزير للإعلام في مصر، إذا بالأستاذ صلاح عبدالمقصود، وزير الإعلام في النظام الجديد، تصدر عنه نفس الممارسات التي قام بها من قبل وزراء الحزب الوطني من صفوت الشريف وحتي أنس الفقي، وما نسمعه ونعرفه أقل كثيرا مما يحدث بالطبع، ولكنه علي قلته شديد الدلالة في تقديم صورة لما يريده نظام د. مرسي من «الإعلام الرسمي» أو «إعلام الدولة» والأصح أنه «إعلام النظام» وعلي التوالي نتذكر أزمة «قنوات دريم»، ثم وقف إحدي مقدمات برنامج «نهارك سعيد» علي قناة نايل لايف ومعها المعدة والمخرج لأنها لم ترد بما فيه الكفاية علي صحفي كان ضيفا في فقرة الصحافة اليوم وهاجم الإخوان المسلمين، وبعدها إعلان رئيس التليفزيون المصري عصام الأمير استقالته من منصبه احتجاجا علي الأوضاع داخل المبني، وعلي الممارسات تجاه المتظاهرين العزل أمام مبني الاتحادية، ثم إعلان رئيس قطاع القنوات المتخصصة، علي عبدالرحمن، أيضا الاعتذار عن هذا المنصب لكثرة ما يواجهه من ضغوط وقيود تغل يده في العمل «رفض ذكرها تحديدا» وقبلها أعلن عن تحويل قارئة النشرة بثينة كامل إلي التحقيق بسبب تعليق قالته بعيدا عن النص بعد فترة القراءة غير أن الصوت لم ينقطع عنها كما هو مفترض، فسمع المشاهدون تعليقها، وتم إعلان مقدمة البرامج بالقناة الثانية عن رأيها فيما هو الحادث من هجوم وعنف ضد متظاهري الاتحادية وحيث حملت «هالة فهمي» ما أسمته كفنها علي الشاشة، لتصل إلي المظاهرة صباح الأحد والتي تضم جميع العاملين بتقديم البرامج وإعدادها في «ماسبيرو» ولكنها ضمت عددا غير قليل من أبرزهم والذين أعلنوا رفضهم لما يتعرضون له من ضغوط وقيود تماثل ما كانوا يتعرضون له أيام النظام السابق ومنها القائمة الجديدة للممنوعين من الظهور علي الشاشة، وضرورة أن يكون أعضاء حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين هم أصحاب المداخلات للتعليق علي أحداث نشرات الأخبار والبرامج، مرورا بضرورة دفاع مقدم البرامج عن قرارات النظام وسياسات حزبه تجاه غيرها من السياسات أو الأفكار التي تصدر من ضيوف البرامج المنتمين لأفكار وسياسات أخري.. قال المضربون، عبر شاشات القنوات الخاصة مساء الأحد، إننا فرحنا بالثورة مثل كل فئات المصريين لأنها ستحررنا من الخضوع لقيود وضغوط طالما وضعتنا في صورة سيئة وأفقدتنا الجماهير التي كانت تثق بنا ولن ننسي المظاهرات التي حاصرت ماسبيرو واتهمتنا بالكذب والتلفيق وكنا نتمني الحرية في أداء مهنتنا مثل غيرها ولكننا نتعرض لقيود أشد من «العهد القديم».. والحقيقة أنهم يعانون ربما بأكثر مما نتصور كثيرا ونحن نتابع القنوات كلها عبر «الريموت كونترول». علي الجانب الآخر، وعلي مدخل أهم مبني إعلامي يربط مصر بالعالم كله، سواء العربي أو الخارجي، وهو مبني مدينة الإنتاج الإعلامي الذي يضم كل مواقع الفضائيات الخاصة والمتخصصة وغيرها، كما يضم استديوهاتها وأماكن التصوير للأعمال الدرامية التي تصور بها في مدينة 6 أكتوبر، ذهب «حازم أبوإسماعيل»، مع أنصاره لحصار الإعلاميين بالقنوات المصرية الخاصة والمطالبة بتطهير المدينة من بعض القنوات وملاكها، ومن كتيبة من مقدمي ومقدمات البرامج مؤكدا وجود مؤامرة من هؤلاء ضد «الشرعية» وهو مشهد بدأ يوم السبت ولازال مستمرا وإن زاد عليه زيادة عدد الأنصار المؤيدين للشيخ حازم، وقيامهم ببناء منصة علي الحدائق الخضراء المكملة لحرم المدينة خارجها وهو ما رأيناه عبر قنوات عديدة وكأنها أرض مستباحة في بلد منكشفة حديثا! لا يوجد فيها أي قانون، لم نسمع كلمة من وزير الإعلام الذي تخصه المدينة بالدرجة الأولي، ولا من إدارة المدينة ولا المنطقة الاستثمارية الحرة التي تمتلك الأرض وتعطي التراخيص للقنوات. وكأن الشيخ حازم يعلن لكل المصريين أن الإعلام المرئي كله لابد أن يصطف في الطابور الذي يراه، علي الرغم من أنه لم يقل صراحة مالديه من معلومات ومن أسماء، وعلي الرغم، أنه هو شخصيا أصبح وجها معروفا للكل بفضل الفضائيات الخاصة وحدها وليس بفضل ماسبيرو.