«قطار النهضة وصل منفلوط بأسيوط وأهم ما وصل به (50 طفلا شهيدا) 50 أما ثكلي، 50 أبا مكلوما».. «النهضة بإدارة شعب يا حضرات بيقولك الحاجة الوحيدة اللي طبقها الإخوان المسلمين في الشريعة الإسلامية هي الآية الكريمة: «أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة». ما سبق كانت أقل القليل من التعليقات التي تواجدت علي المواقع الاجتماعية بالإنترنت كردود أفعال لحادث قطار منفلوط وأتوبيس الأطفال.. جميعها تعليقات مثلت حجم الكارثة الإنسانية التي لم تشهد مصر مثلها سوي في مذبحة بحر البقر في الستينيات، المشكلة أن بحر البقر كانت علي أيدي أعداء مصر الخالدين «الصهاينة» أما مذبحة أطفال منفلوط..!! لم يكتف «الفيس بوك» بالتعليقات وفضل أن يجعل الصورة هي المتحدث الأول عن الكارثة فجاءت صور أشلاء الأطفال – «معلش أصل الطبيب الشرعي لم يذكر إلا كلمة أشلاء» – وصور لكتب الأطفال، صور لكراسة تلميذ شهيد مكتوب في صفحة الدرس «أمي أعدت الطعام» ومكرر كلمة أمي 6 مرات تحت بعض، ومكرر كلمة الطعام 6 مرات أيضا، وعلي الصفحة المقابلة جاءت دماء الطفل واضحة تماما، فكلاهما رسالة، الطفل الشهيد كتب رسالة لأمه وترك دماءه التي هي أيضا رسالة، رسالة لرئيس الجمهورية و«عشيرته» ورسالة إلي حكومة قنديل و«جماعته» ورسالة إلي كل مصري صامت، رسالة للشباب «من فضل ألا ينزل للمظاهرات خوفا من الموت» ما تقلقش خالص حكومتك هاتوصلك الموت لغاية بيتك «ديلفري يعني»، قد تكون أيضا رسالة إلي صعيد مصر ذلك الكيان الضخم الذي مازال تاريخنا لم يعطه حقه، تلك البقعة العليا من أرض مصر والتي حصل منها «مرسي» علي أعلي الأصوات. أنا أيضا حاولت أن آتي لكم بإحدي الرسائل التي انتشرت علي «فيس بوك» لوالدة ثلاثة أطفال ماتوا في حادث منفلوط – يا الله أم تفقد أبناءها الثلاثة مرة واحدة – تقول الرسالة: «يا ريس مش قادرة أقولك صباح الخير، سامحني أنا أم أدهم وأروي ونور عارفهم يا ريس مش مهم سلامتك دول مش في غزة دول هنا قبلي في الصعيد بلدنا اسمها المندرة تعرف النهاردة الفجر صحيت وطلعت علي مكان الولاد أصحيهم يصلوا الفجر زي امبارح، ألبسهم هدومهم زي امبارح أركبهم الأتوبيس زي امبارح بس مالقيتهمش زي امبارح، افتكرت الصدمة وعرفت إنهم راجعين، افتكرت إني القطر كلهم ولادي القطر كلهم في الصعيد بنقول كده علي حادثة القطر عارف يا ريس كنت أحب قلبي ياكلني لحد ما يرجعوا ويفرح لما آخر النهار يدخلوا علي البيت». تفتكر الريس هاتوصله الرسالة ولا هايقول أصلي المواصلات السيئة إرث النظام القديم، ولما يروح يفتتح حاجة جديدة من إنجازات النظام القديم ننسب ليه؟ ما علينا مش هانتكلم في السياسة هنا هانتكلم في الألم، ألم أم فقدت أربعة وأم ثانية فقدت ثلاثة وأم فقدت ابنها الوحيد وأم بنتها كانت نور عينيها أحد الشباب كتب يقول: في مصر مات 54 في يوم وفي غزة مات 30 في 4 أيام وهكذا أثبت للعالم أن تخلفنا وجهلنا أخطر ألف مرة من أسلحة إسرائيل ولأن التعليقات بها هم يبكي وهم يضحك ردت إحدي الفتيات قائلة: «الآن عرفت نوع طائر النهضة.. أكيد غراب».. ثمن العيل 4 آلاف جنيه وثمن صلاة الرئيس في أسيوط 9 ملايين جنيه يا بلاش.. تقبل الله منا ومنكم. ولأنني أفضل الاستعانة بالماضي دائما لأنه الوحيد القادر علي أن يحدثنا علي طريقته الخاصة سأعود لمرافعة عظيمة للراحل نبيل الهلالي في قضية قطار الصعيد 2002 والتي راح ضحيتها أيضا مئات الفقراء من أبناء الصعيد من ركاب الدرجة الثالثة.. جعل فيها الدولة هي المتهم الأول قائلا: «أرجو ألا يفهم من كلامي عن الرءوس الكبيرة الغائبة عن قفص الاتهام أنني ألقي بعبء المسئولين عن الكارثة علي مديري الإدارات أو علي رؤساء الهيئات الحاليين والسابقين أو حتي الوزراء المتقاعدين إطلاقا فالمتهم الأول في قضيتنا الغائب عن القفص هو الدولة لسياساتها الاقتصادية بفلسفتها الاجتماعية والإصلاح الاقتصادي القائم علي معالجة العجز في ميزانية الدولة عن طريق تقليص الإنفاق الحكومي علي الخدمات وانسحاب الدولة من ميدان الخدمات.. وتخليها عن تمويل المرافق العامة لنترك ميدان الخدمات ساحة مستباحة للقطاع الخاص». أسمع الآن أصوات أب مكلوم يقول «اعطوني فيك 4 آلاف جنيه يا محمد».. بما لا يخالف شرع الله يا حاج.