الأنبا بسنتي: الكنيسة لن تحتكم لغير الكتاب المقدس وتعاليم السيد المسيح أثار حكم المحكمة الإدارية العليا إلزام الكنيسة بإعطاء تصريح للأقباط الحاصلين علي حكم الطلاق والسماح لهم بالزواج للمرة الثانية غضب رجال الدين المسيحي وغالبية المسيحيين. أكدت المحكمة في أسباب حكمها الحق في تكوين أسرة الذي يعد حقا دستوريا لا يمكن ألا تقره المحكمة رغم احترامها العقيدة الدينية. في حين رفضت الكنيسة الارثوذكسية هذا الحكم وعارضه البابا شنودة واصدر المجلس الملي الاسبوع الماضي بيانا يستنكر فيه حكم المحكمة حيث رفض المجلس بكامل اعضائه هذا الحكم مؤكدين علي تصريحات البابا بوجوب الالتزام بنصوص الكتاب المقدس (الانجيل) فيما يخص الزواج المسيحي الذي يعد سرا من أسرار الكنيسة ولايجرؤ أحد علي تغيير نصوص الكتاب تحت أي مسمي، مؤكداً أن أي زواج يخالف تعاليم الكتاب المقدس لايعتبر مسيحيا إلا إذا طبق عليه تعاليم المسيح ورفض البابا ما يسمي بالزواج المدني. وعبر غالبية المسيحيين الذين اعتبروا أن هذا الحكم تدخلا في شئون الكنيسة والانجيل عن رفضهم من خلال مظاهرة حاشدة الاربعاء الماضي قبيل العظة الاسبوعية للبابا شنودة وبعدها بحضور مئات الكهنة من مختلف المحافظات رافعين لافتات «لاحكام ولا قوانين مش هنخالف كلام الدين» وغيرها من العبارات الرافضة لهذاالحكم. رابطة للمطلقين وعلي الجانب الأخر يري «بولس رمزي» الباحث في الشئون السياسية والاقتصادية والقانون الدولي، ان قرار المحكمة صحيح تماما ولا يمكن لأي قاض اصدار حكم يمنع أي انسان من الحق في الزواج مدي الحياة مثلما تفعل الكنيسة حيث انه حق دستوري ومصر ملتزمة به دوليا ضمن مواثيق حقوق الانسان الموقعة عليها وحسب المنظومة القانونية المصرية. ويري رمزي أن الزواج الثاني لابد ان يتم بعيدا عن الكنيسة لأنها لها احكامها المقدسة التي لايمكن ان تتخلي عنها نهائيا. ومن هنا اقترح بولس رمزي تأسيس رابطة للمطلقين والمطلقات الاقباط بهدف توثيق اعداد المطلقين بحيث تكون نقطة انطلاق الرابطة وقوة ضغط من اجل اصدار تشريع يسمح بالزواج المدني اضافة لحكم المحكمة الادارية العليا. في حين يرفض رمزي إصدار قانون موحد للأحوال الشخصية للاقباط مشيرا إلي أن الدولة لا تستطيع تنفيذ هذا القانون لأن به بنودا تنتهك حقوق الانسان من وجهة نظره حيث اختصر أسباب الطلاق في سبب واحد «لعلة الزني» وغفل عن اسباب أصعب بكثير من الزني مثل سجن الزوج لسنوات طويلة، والأعتراض علي عمل الزوجة وغيرها من الاسباب. ويضيف رمزي أن الطائفة الانجيلية البروتستانتية في طريقها إلي الانسلاخ من هذا القانون وهناك رموز كبيرة داخل الطائفة تؤيد الحكم القضائي بالزواج الثاني، أما الطائفة الكاثوليكية فلم تصرح بالموافقة ولكنها مازالت تدرس الموضوع من كل جوانبه. ويطالب رمزي بقانون يحمي الحرية الدينية لكل المصريين (مسلمين ومسيحيين) ويحترم ثلاثة بنود، أولها حق كل انسان بالغ اختيار عقيدته الدينية في حرية تامة دون أي ضغوط أو تدخلات والثاني التزام الدولة بتسجيل الديانة في السجلات دون معوقات والثالث التزام المتحول بعدم التشهير بديانته السابقة أوازدراء الأديان. صيغة تنفيذية أما كمال زاخر المفكر والناشط القبطي ومؤسس التيار العلماني والدولة المدنية في مصر فيري أن حكم الادارية العليا جاء متسقا مع لائحة 1938 ولم يتعارض مع الكنيسة وبالتالي كان من المفترض عدم اثارة مشاعر الاقباط لهذه الطريقة التي خلفت حساسية بين الاقباط من جهة والقضاء من جهة أخري وكان المفترض ان تلجأ الكنيسة للمسلك القضائي منذ البداية ولا تقوم بإرسال رسائل ملغومة للشارع. وحول قضية طلاق الأقباط يؤكد زاخر أننا امام قضية متعددة الأبعاد (بعد كنسي اجتماعي انساني) فضلا عن البعد القانوني التشريعي مؤكدا أهمية السعي لدعم استقرار الأسرة في ظل هذه الابعاد، من هنا يؤكد زاخر ان مؤسسة الزواج سبقت الاديان وبالتالي نشأ الدين لينظم الزواج ويبقي استمرار الزواج هو القاعدة والانفصال هو الاستثناء والكنيسة القبطية الارثوذكسية في هذا الامر محكومة في رؤيتها بضوابط محددة لا تملك الخروج عليها أو تجاوزها خاصة انها محددة في الكتاب المقدس وتأتي اهميتها من كونها وردت علي لسان السيد المسيح الامر الذي يتطلب تناولها بقدر من الدقة وقراءتها في سياقها توضح المسافة بين النص بحروفه وتأويله عبر المدارس المذهبية المسيحية المختلفة. ويستكمل زاخر بأن قضية الطلاق كما وردت في آيات الانجيل، تم حصرها في نصين أولهما أن الذي جمعه الله لا يفرقه انسان متي 19: 6 وهذا اكثر النصوص شيوعا عند المؤمنين بتضييق اسباب الطلاق وبالتالي يطرح زاخر ضرورة عمل ضوابط ومحددات لفترة الخطوبة حتي تسير في طريقها الصحيح. حيث إن لائحة 38 والمشاريع المقترحة اقتصرت علي تنظيم الشئون المالية والشبكة والهدايا ولم تقترب من الالتزامات الرعوية الواجبة علي الكنيسة في هذا الشأن وبالتالي يري زاخر ضرورة مراجعة منظومة التعليم الكنسي ومواجهة هذه الاشكالية بموضوعية. أما النص الثاني الذي يقول «هل يحل للرجل ان يطلق امرأته لكل سبب متي 19: 3» حيث اعتبرت الكنيسة هذا السؤال الذي وجهه السيد المسيح ووضعت هي له الجواب ليكون القراءة الرئيسية لانجيل طقس الاكليل «طقس الزواج الكنسي». بشكل مختصر ولم تورد بقية النص علي الرغم من أهميته والذي نجد فيه مساحة من الفهم لماهية العلاقة الزوجية ووجود عوامل تسمح بانقضائها ومن مراجعة النص نجد أن السيد المسيح أوضح لتلاميذه ان ما يقوله في هذا الصدد موجه لمن يقدر علي تطبيق فقال «ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين اعطي لهم». ويضيف ان قانون الأحوال الشخصية الموحد حبيس ادراج مجلس الشعب مشيرا لوجود أياد خفية وراء تعطيله. تعاليم السيد المسيح من جانبه يقول «الأنبا بسنتي» اسقف حلوان والمعصرة إن الكنيسة تحترم القضاء والشريعة الاسلامية وعلي ذلك فإن الكنيسة لاتحتكم لغير الكتاب المقدس في أمورها ولاتأخذ الا بما جاء فيه من تعاليم السيد المسيح. وبالنسبة لقانون الأحوال الشخصية الموحد فأكد الانبا بسنتي أنه قدم من قبل البابا شنودة لمجلس الشعب لمناقشته ومن ثم إقراره وان كل الطوائف المسيحية في مصر (أرثوذكسية انجيلية كاثوليكية) قد وافقت علي بنوده. غيرملائمة وهنا أشارت داليا زخاري المسئولة عن ملف المرأة بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية الي مدي ملاءمة الطريقة التي اتبعها المطالبون بالحق في الزواج حيث اعتبرتها مجرد كرة زج بها في ملعب الرأي العام حتي تفتعل حالة ما وزوبعة سنعرف ما وراءها فيما بعد حيث تؤكد حق المطالبين بالزواج الثاني الذي كفله الدستور والقانون كحق مدني ولكنهم يسألون موافقة ومباركة الكنيسة هذا الحق. في حين أن المباركة لها آليات أخري بعيدة عن أحكام القضاء. وتضيف داليا ان المسيحية لم تضع تصورا للحلال والحرام ولم تضع عقوبات لجرائم وتركت للانسان ان يقدر ما يليق وما لا يليق ولكننا كشرقيين نختار دائما من الدين ما ينصف موروثاتنا الثقافية فمثلا نختار في الاسلام ان نروج لآية «واضربوهن» ونتجاهل الحديث الشريف «رفقا بالقوارير» وغيرها الكثير؟ فإننا نذكر دائما من الكتاب المقدس الآية «وأما أنا فأقول لكم ان من طلق امرأته الا لعلة الزني ومن مطلقة فإنه يزني» ونغفل الآية «وأما أنا فأقول لكم ان كل من ينظر إلي امرأة يشتهيها قد زني بها في قلبه» مع أن الآيتين أوجبتا دون مجال للشك حكم الزني فهل تحرم الكنيسة بجميع الرجال الذين ينظرون إلي النساء بعين الشهوة من البقاء فيها. وتقول داليا: علي الكنيسة ان تجد حلولا لهؤلاء من داخلها وليس العكس بالتكريس لقرارات اصولية ومحاذير وتحريم وتحليل دون مجادلة، كما تطالب بتأسيس لجنة لدراسة حالات المطالبين بالزواج الثاني حيث لم تترك لهم الكنيسة خيارا أو فرصة. مبادئ عامة ويؤكد الدكتور القس إكرام لمعي رئيس لجنة الإعلام والنشر بالكنيسة الانجيلية أننا في المسيحية لا نؤمن بالوحي الاملائي (اللفظي) وكلمات المسيح مبادئ عامة وليست شريعة وبالتالي بالنسبة لزواج المطلق وتطليق المتزوج الاساسي هنا لا طلاق في المسيحية ولا زواج ثانيا، ولكن هناك مرونة في فهم الوصية وهو ان السيد المسيح قال ان الوصية وجدت لأجل الانسان وليس الانسان لاجل الوصية بمعني أن الوصية لاسعاد وخدمة الانسان وليس لشقائه وان السيد المسيح طبق هذا المبدأ في مثالين كسر هو بنفسه حفظ الوصية، حيث قام يوم السبت بشفاء أحد المرضي وكان من المعروف ان السبت يوم مقدس ولا يتم القيام بأي أعمال وفي مثال آخر قال ان المسيح طلب من تلاميذه الأكل من حقول الغرباء حينما جاعوا واذا طبق هذا الكلام علي المطلق فإن احتياجه لزوجة اكثر من احتياجه للطعام. وأضاف لمعي ان الكنيسة الانجيلية لا تتيح الطلاق إلا لعلة الزني وهناك اجتهادات لأن تجيز لائحة 1938 وتطبيقها لأنها اتاحت أكثر من سبب للطلاق وبالتالي بها مرونة ورحمة للكثير؟ ويتساءل لمعي لماذا لم يتم تطبيق هذه اللائحة الان مع العلم بانها كانت تطبق منذ مئات السنين، ويؤكد لمعي أن قانون الاحوال الشخصية الموحد يحتاج لوجود حوار بين الطوائف للخروج بنتائج مطابقة لتعاليم الكتاب المقدس وروح العصر لأن القانون يحتوي علي بنود انه في حالة زواج الارثوذكسي بالبروتوستانت فهو زني وان الكنيسة الارثوذكسية لا تعترف بغير الزواج الارثوذكسي فقط.