عاش حياته كما يريد، أو كما يقولون “بالطول والعرض”، لم يجعل أحداً يقرر له شيئا، حاول والده (خريج جامعات انجلترا) أن يدرس الطب مثل أخيه “حسن” حتي يسيرالاثنان علي دربه، فالتحق بالجامعة وبعد ثلاث سنوات لم يطق الاستمرار، فهجرها، والتحق بكلية التجارة، لم يفكر في التمثيل، لكن الفرصة واتته عن طريق المخرج حلمي حليم الذي التقطه من صالة بلياردو وكان فيلمه الأول “أيامنا الحلوة” 1955 . تربع علي عرش أدوار الشباب وذاع صيته، لكنه لم يعشق التمثيل (الذي يري انه كلام فارغ)، ورغم ذلك نجح فيه، وأحب التجارة جدا وتمني أن يعمل بها لآخر العمر، لكن تجاربه أكدت فشله الذريع وملاحقة الدائنين، هاجم ثورة يوليو بضراوة رغم انه ليس أحد أبناء الإقطاعيين، وأحب الملكية وتغزل في محاسنها، لكنه لم يضمر حبا للملك الذي يراه ضعيفا. البدايات .. (رمزي محمود بيومي أبو السعود 23 مارس 1930) مثلت تربيته عاملاً مهما في تشكيل شخصيته، وكان للام الاسكتلندية الأثر الايجابي في ذلك، لا يعرف الحلول الوسطية إما الأبيض ناصع البياض، وإما الأسود القاتم، لذا تأتي آراؤه صادمة للكثيرين، هو أول من فتح صدره في السينما، وتعامل مع الكاميرا بشقاوة وبعفوية، ربما يكون الوحيد من بين نجوم السينما الذي ظلت الجماهير تبحث له عن أعذار لتبرر بعضاً من تصرفاته الطائشة التي كانت تحدث كثيراً من الكوارث، استطاع أن يفعل داخل الكادر وخارجه ما كان يجبن الكثيرون من الاقتراب منه. تلقي أول دروس التمثيل من زينات صدقي «الطبيعية، فقط الطبيعية هي جواز مرورك حتي يصدق الجمهور ما تفعله»، حفظ الدرس ونجح في أول امتحاناته، ليقدم بعد ذلك “ايام وليالي”، وفي العام ذاته يختاره كمال الشيخ أمام فاتن حمامة في “حب ودموع”1955، ولكن يبدو انه لم يستثمر الفرص التي واتته، ولم يهتم بنفسه فنيا وتعامل مع النجومية بعدم اهتمام، وتتوالي الأعمال “صراع في المينا” 1956 و”ودعت حبي” 1956، وكان آخر لقاء بينهما عام 1959 من خلال فيلم “حب إلي الأبد” أمام محمود المليجي ونادية لطفي، وفي هذا الفيلم نري أحمد رمزي بشكل مختلف وفي دور به جرعات تمثيلية كبيرة نجح في تجسيدها، وبعد ذلك تنقطع العلاقة الفنية. نراه في فيلم “الوسادة الخالية” أمام عبد الحليم حافظ في دور متواضع لا يتفق مع كل ما قدمه، ويتأرجح نجمه في الصعود تارة والهبوط تارات أخري، ولا مانع من ظهوره كضيف شرف في بعض الأعمال التي استفادت من نجوميته ولم تضف له شيئا سوي الهبوط السريع لاسمه الفني، وفي عام 1961 يلتقي مع فاتن حمامة في فيلمين (لا تطفئ الشمس، ولن اعترف) في دورين مختلفين عما كان سائدا، ويبدو أن أعمالهما معا شكلت قيمة في مسيرته الفنية. ويأتي عام 1971 ليقدم أهم أعماله السينمائية علي الإطلاق عندما يرشحه حسين كمال لفيلم “ثرثرة فوق النيل” لنجيب محفوظ. وتبدأ فكرة الاعتزال تراوده بعد فيلم “الأبطال” 1974 . ويختار العزلة بعيدا عن القاهرة التي أحبها، لكنه لم يستطع احتمال ضجيجها وزحامها، ويذهب إلي الساحل الشمالي في بيت اشترته ابنته له، مكتفيا بالنظر إلي البحر والاستمتاع بالهدوء، وبعد 7 أعوام يعود مرة أخري للوقوف أمام الكاميرا بعد إصرار فاتن حمامة ليشاركها بطولة فيلم “حكاية وراء كل باب” ثم يتوقف 14 عاما أخري، يعود بعدها أمام نيللي ويوسف منصور في فيلم “قط الصحراء” 1989، والذي استثمر صناعه اسمه علي أفيش الفيلم الذي لم يقدم أو يؤخر في مسيرته، وفي عام 2000 يلتقي فاتن حمامة مرة أخري من خلال المسلسل التليفزيوني “وجه القمر” ، ثم تقنعه إيناس الدغيدي مرة أخري في فيلم “الوردة الحمراء” أمام يسرا ، ولكن بعد أن فقد كثير من لياقته الفنية، وبعدها يقدم مع صديق عمره عمر الشريف مسلسل “حنان وحنين” ويبدو أن الاثنين لم يهتما بالعمل، فجاء المسلسل مملا وطويلا انصرف الناس عن مشاهدته. ظهر أحمد رمزي في وقت كان يزدحم بجيل من الشباب مثلوا فرسان أحلام السينما، وكانت هذه الأسماء قادرة علي دهس أي وجه جديد يظهر علي الساحة، لكن “رمزي” كان بمثابة “كومي” الكوتشينة (يأكل ويبصر) ويفعل ما يحلو له، يفتح زرار القميص، فيقوم الشباب بفتح قمصانهم، يغير تسريحة شعره فيقلدونه، يركب سيارة سبور فيقتنيها القادرون، تمني الكثيرون أن يكونوا أحمد رمزي. تزوج ثلاث مرات، الأولي من عطية الله الدرملي وأنجب منها ابنته الكبري “باكينام” وتم الطلاق لكثرة الخلافات، ثم تزوج من الفنانة نجوي فؤاد ولم يستمر الزواج أكثر من 20 يوما، أما زواجه الثالث والأخير كان من اليونانية “نيكولا” وأنجب منها نائلة ونواف. يرحل أحمد رمزي في جنازة مليئة بالبسطاء من جيرانه، وإن كان خلت من النجوم باستثناء أحمد السقا الذي نجح في اقناعه بتقديم مشوار حياته من خلال برنامج «الاستاذ والتلميذ» منذ سنوات، وأوصي المقربين أن يدفن في منفاه الاختياري بالساحل الشمالي، رغم رحيله سيظل «رمزي» نجم السينما المدلل وفتاها الشقي حتي وبعد أن تجاوز الثمانين من العمر.