تشهد الساحة السياسية الكثير من التحالفات والتكوينات السياسية والتي يتم تأسيسها الآن استعداداً لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة أو وضع خريطة عمل موحدة لمواجهة استحواذ التيار الديني علي مقاليد الحكم، سواء تحالفات يسارية أو ليبرالية. هذه التغيرات والتكوينات التي تخدم القضية المدنية في المقام الأول ستغير الخريطة السياسية للبلاد خلال الفترة القادمة. وبخاصة الاحزاب التي استفادت من أخطاء الماضي، وتستعد بقوة لخوض الإنتخابات البرلمانية والمحلية. اجمع المحللون علي احتمالية حدوث تحالف مدني قوي يتفق علي أدني حد من العدالة الاجتماعية، لمواجهة الحشد الإخواني السلفي.كثيرون طالبوا وبشدة بتوحيد الأهداف والبرامج والعمل في إطار خطاب مدني ذي شعارات دينية علي أرضية مدنية والوصول الي كل الطبقات الاجتماعية كما يفعل التيار الإسلامي بأموالهم. يضم “التحالف الديمقراطي الثوري” أحزاب وقوي اليسار (حزب التجمع الوطني الوحدوي، الحزب الاشتراكي المصري، حزب العمال والفلاحين، الحزب الشيوعي المصري ، حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، حركة الديمقراطية الشعبية، الائتلاف الوطني لمكافحة الفساد، حركة مينا دانيال، اتحاد الشباب الاشتراكي) لطرح برنامج لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، والسعي لبناء كتلة مدنية وطنية ديمقراطية، وحماية السيادة الوطنية، وأعلن ممثلو التحالف الذي يمثل القوي التقدمية المصرية، أنهم تعاهدوا علي بذل كل الجهود الممكنة “من أجل تنسيق أنشطتنا الثورية، وخاصة وسط الطبقات الشعبية، علي طريق العمل من أجل بناء تحالف ديمقراطي وتقدمي ثوري يكون الأساس الصلب لجبهة وطنية ديمقراطية واسعة متحدة”. واتفق الموقعون علي بيان تأسيس التحالف علي أربعة محاور لما سموه بالنضال المشترك وهي: المحور الأول: بناء دولة مدنية ديمقراطية، بما في ذلك من معارك تتعلق بالدستور وتداول السلطة، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات السياسية والمدنية. والمحور الثاني: حماية السيادة الوطنية، بما في ذلك استقلال القرار الوطني في المجالات كافة. والمحور الثالث: مقاومة سياسات الليبرالية الجديدة التي جلبت الفقر والخراب والتبعية، ومقاومة مخاطر التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، والعمل علي صياغة استراتيجية تنموية جديدة، تعتمد علي القدرات الذاتية في المقام الأول، بهدف القضاء علي أسس التخلف الاقتصادي، والتبعية الاقتصادية للدول الاستعمارية. والمحور الرابع: النضال من أجل بناء نظام اقتصادي جديد يضمن المصالح الاقتصادية والاجتماعية للطبقات الشعبية، بما في ذلك المشاركة النشطة في المعارك الخاصة بحقوق العمل والصحة والسكن والتعليم والمواصلات، ورفع مستوي معيشة الفقراء وتنمية المناطق المهمشة. تحالف الأمة المصرية أعلن ممثلو 25 حزبا وحركة سياسية مصرية ، الاندماج فيما بينها لتكوين كتلة حزبية جديدة باسم “تحالف الأمة المصرية” برئاسة عمرو موسي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية والمرشح السابق في انتخابات رئاسة الجمهورية. وهي (حزب المصريين الأحرار وحزب الجبهة الديمقراطية وحزب غد الثورة، حزب الأحرار، الجيل الديمقراطي، السلام الاجتماعي، الاصلاح والتنمية، مصر العربي الاشتراكي، التحرير المصري، مصر الفتاة، الاتحاد المصري العربي، حزب المحافظين، حراس الثورة، المواطن المصري، حزب الثورة، العربي للعدل والمساواة، الاتحاد المصري العربي، العدالة الاجتماعية، حزب الطليعة العربية، حزب الوعي، واتحاد شباب الثورة وحملة عمرو موسي الرئاسية، حزب الخضر، والمستقلون الجدد). التيار الشعبي قام المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي بجمع نحو 100 ألف عضو، شكلوا النواة الأولي لتيار جديد أطلق عليه «التيار الشعبي»، الذي يسعي من خلاله إلي المنافسة بقوة في المعترك السياسي، وقد تم اعلان تأسيس هذا التيار يوم الجمعة في ميدان عابدين، وكانت هذه الفكرة تطورا لفكرة تشكيل التيار الثالث الذي تم تكوينه منذ يونيه الماضي، والقائمون عليه اكدوا ان الهدف منه بناء قواعده التنظيمية في كل قرية ومدينة وحي لان المعركة القادمة للمصريين هي العدالة الاجتماعية قبل الحديث عن الدستور والحكومة وتشكيلها، ثم خوض الانتخابات البرلمانية والمحلية والرئاسية القادمة. ويضم التيار الشعبي (حملة حمدين صباحي، وحزب الكرامة إلي جانب عدد من الشخصيات العامة، السياسية والشبابية والحزبية ويسعي إلي تشكيل تحالفات انتخابية لمختلف القوي المدنية يشارك بها في جميع الانتخابات القادمة، ولم يقتصر نشاط التيار علي السياسة فقط، بل من المقرر أن يتوسع عمله ليشمل تقديم خدمات اجتماعية ومشاريع تنموية علي شاكلة بنك الفقراء.) الجبهة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية تم الاعلان عن تأسيسها الجبهة من أجل التنسيق العمل السياسي والانتخابي في مؤتمر بالفيوم الأحد بالفيوم، وهو يضم أحزاب الدستور والمصري الديمقراطي الاجتماعي والتحالف الشعبي الاشتراكي والحزب الاشتراكي المصري والكرامة ومصرالحرية، والتيار الشعبي والاشتراكيين الثوريين. إئتلاف الوسط هناك محاولات لتأسيس “ائتلاف الوسط” يضم الاحزاب والقوي الوطنية بداية من (حزب الوسط وحزب العدل وحزب مصر القوية الذي يؤسسه د.عبدالمنعم أبوالفتوح، وحزب الحضارة وحزب الاصلاح والنهضة، حزب مصر، حركة مصرنا، حركة شباب 6 ابريل، وعدد من الشخصيات المستقلة من بينهم د. وحيد عبدالمجيد). اما التيار الاسلامي فيستعد كل من حزب الحرية والعدالة وحزب النور تكوين تحالفا انتخابيا واحدا للمشاركة في الانتخابات القادمة. التعددية تخدم القضية عبد الغفار شكر، ووكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، قال: إن حركة التحالفات التي تتم حالياً، مجرد حركة تحالفات سياسية أولاً، ثم تدخل هذه التحالفات سباق الانتخابات بقوائم مشتركة، ومن المرجح ان تشمل القوائم أكثر من تحالف. وأوضح “شكر” صعوبة ان تتفق كل الاحزاب المدنية في تحالف مدني واحد، لان من طبيعة المجتمع الديمقراطي التعددية ويخدم القضية بشكل جيد، خاصة ان كل تحالف قائم علي أساس فكري مشترك، سواء الليبراليون أو اليساريون أوالإخوانيون أو الوسط ، فكل تحالف مميز عن غيره بالقوي الإجتماعية التي يدافع عنها. تحالف القوي المدنية عصام شيحة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أكد ان كل التحالفات القائمة الأن لا جدال علي انها تحالفات سياسية، طبقاً لما أعلنته القوي الوطنية في بدايتها، وربما تتحول في المستقبل القريب الي تحالفات انتخابية، وهو أمر مرتبط بإنتهاء الدستور وصدور قانون الانتخابات وقانون تقسيم الداوئر، وبالتالي لا حديث عن التحالفات الإنتخابية قبل معرفة النظام الإنتخابي. ويري شيحة أن البداية في تشكيل عدة تحالفات مدنية وليس تحالفا مدنيا واحدا، صورة أفضل كبداية للتوحد في حلف واحد فقط فيما بعد، بعد توافقها حول برنامج سياسي ثم تحويله الي برنامج انتخابي أو الإندماج معاً خاصة أن القوي المدنية تعلمت الدرس جيداً من الإنتخابات البرلمانية الأخيرة وأدركت ان الفرقة سبب فشلها وأن تآلفها وإتحادها يقوي موقفها ويحدث توازنا سياسيا في الشارع المصري، فبدون تحالف وتوافق بين القوي المدنية لن يكون لها موضع قدم علي الساحة السياسية المصرية. الليبرالية متعجلة يري صلاح عدلي سكرتير عام الحزب الشيوعي المصري ،أن تحالف الاحزاب الليبرالية تحديداً تحالف انتخابي بالدرجة الاولي ووصفها بالتحالفات غير واضحة المعالم، وذلك لغياب الأهداف والمبادئ والبرنامج للتحالف حوله، وإن كان هناك توافق بين بعض الأفكار ينقصه برنامج للعمل المشترك حتي لا نفاجئ بعد أيام من تكوينه بإنشقاقات ومواقف وتحالف مع إسلاميين وغير ذلك، ووصفها بالتحالفات ال”متعجلة” لتشكيل تحالف انتخابي قوي. تحالف يساري علي الجانب الأخر يري سكرتير عام الحزب الشيوعي، أن التحالف اليساري “الديمقراطي الثوري” هو تحالف سياسي بامتياز استراتيجي لمواجهة قوي اليمين الرأسمالية الكبيرة والطفيلية التي يجسدها حكم الإخوان وتزاوج المصالح بين رجال الاعمال كما كان أيام النظام السابق، ومن ثم أكد “عدلي” ان التحالف الديمقراطي الثوري “سياسي” في المقام الاول و”انتخابي” كنتيجة لذلك، حيث يمتلك برنامجا واهدافا واضحة ومحددة سيناضل من أجلها لمواجهة تحالف السلطة مع رجال الأعمال والإنحياز للطبقات الفقيرة. استعراض سياسي اعتبر د.نبيل عبد الفتاح المحلل السياسي، ان التحالفات القائمة في أساسها “انتخابية” والذي يجمع بينها الحاجة الي ضرورة التوحد في هذه المرحلة من أجل حشد كل الجهود التي تربط بين التيارات الديمقراطية والليبرالية واليسارية والناصرية من أجل تحسين أوضاعهم الإنتخابية، في مواجهة حشد أموال الجماعات الإسلامية التي تشكل الخصم الرئيسي للقوي الديمقراطية والمدنية في مصر، إلا أنه حشد “لحظي”، فلا تزال الانقسامات بين هذه التيارات هي المسيطر. ومن ثم بعض هذه التحالفات أقرب الي الاستعراض السياسي الذي نشهده في برامج الفضائيات، وذلك لغياب البرامج السياسية الواضحة، بالإضافة الي ظاهرة “الشخصنة السياسية” لدي عديد من قادة هذه التيارات الذين لم يستوعبوا حتي الان ان مصر قامت بها انتفاضة ثورية، معتمدين علي الهتافات الثورية ولم يصلوا الي لغة الحوار المجتمعية التي لا تؤدي الي شئ، وحذر “عبد الفتاح” بأن وصول جماعة الإخوان و د. محمد مرسي للحكم هو “ترييف” السياسة وإنتصار الأرياف سياسيا علي المدن المصرية والمريفة في المحافظات، مما يعبر عن رجوع مصر الي بعض مؤشرات ما قبل الدولة الحديثة. وتوقع “عبد الفتاح” ، سيناريو يجمع بين كل شتات الاحزاب المدنية في تحالف واحد حتي يستطيع الحشد علي نحو سريع في ضوء برنامج واقعي، والوصول مباشرة للشارع. القضايا الاجتماعية وطالب “عبد الفتاح” بأن القضايا الاجتماعية يجب ان تكون الأولوية للأحزاب المدنية، ومن خلال الطبقات الوسطي والفقراء يمكن “كسر” الاستقطاب الديني، في إطار تنظيمي جاد، وديناميكية اقتصادية تسمح لهم بالحركة وسط الجماهير بأساليب جديدة غير تقليدية، مع القدرة علي حشد مصادر التمويل ورجال الاعمال والمواطنين، مع اللجوء الي بعض الشعارات الدينية المسيحية والإسلامية والمدنية علي أرضية الحريات والمدنية. لافتاً في الوقت ذاته بعض الاحزاب قد تلجأ للتحالف من الإخوان للاستفادة من الاموال وقاعدة حشدهم، كما دخل بعضهم في تحالف سابق. نضج اشار هاني الحسيني العضو القيادي بحزب التجمع ، إلي ان هذه التحالفات بدأت في الظهور في الانتخابات البرلمانية السابقة ،ع ندما علمت القوي المدنية والقوي الاشتركية انها لن تستطيع خوض الانتخابات كلا منها علي انفراد ، في مواجهة التيار الديني ، وان عودة التحالفات الان امر طبيعي لعوامل عديدة منها نضج الاطراف وتباينات العملية الحزبية والتنظيمية وهذا ليس معناه الخلافات. المهام مهام التحالفات المدنية واليسارية كما يقول “الحسيني” يأتي في المقام الاول قضايا العدل الأجتماعي وبناء نظام ديمقراطي تقدمي وطني ،والمهام الانتخابية عديدة منها المجالس المحلية والبرلمانية ثم الرئاسية ، وعليهم السعي نحو ضم التجمعات النقابية والاتحادات العمالية ،وتحقيق الأمن الوطني والقومي المصري. وعن التحالف مع الاخوان المسلمين قال “الحسيني” ان تعبير التحالف غير موجود داخل هذه التحالفات ، ولكن بعض الافراد داخلها لهم وجهات نظر للتيار الإسلامي تتعامل وتتعاون معه . مشيرا الي ان تعدد التحالفات يفيد الحياة السياسية مرحليا ،اما السلبيات التي تواجه التحالفات هي بحد قول ” الحسيني” تعدد التحالفات واستغراقها وقت طويل في التشاور، والروح التنافسية لدي بعض الاطراف والقوي ، عدم وجود ثقافة التحالفات. وقال “الحسيني ” ان حزب التجمع يسعي للتحالف مع جميع الاطراف التي تسعي نحو الدولة الديمقراطية الحديثة والرافضة للدولة الدينية ، وان الحزب لديه سياسة التحالف في برنامجه ويطبقها بشكل دائم. تقارب فكري يجد احمد بهاء الدين شعبان ، القيادي بالحزب الاشتراكي المصري ، ان ظاهرة التحالفات هي ظاهرة ايجابية دافعها الحقيقي شعور التيارات المدنية بالخطر لاستحواذ تيار الاسلام السياسي علي مفاصل الدولة ومقاليد الحكم ، ووجدوا ان ما تسبب في ذلك هو تفرقهم وانقسامهم الذي جعلهم غير قادرين علي المنافسة . وان ظواهر مثل تشكيل التحالف الديمقراطي الثوري “الذي ينتمي اليه” واندماج الاحزاب الناصرية وتكتل الاحزاب الليبرالية ، يخلق تقارب فكري ينذر بتشكيل تحالف مدني قوي ،ستسهل الطريق لاجراء حوار بين كل التيارات المدنية التي اصبحت معدودة ومعروفة . تكتيك يري “شعبان” أن هذه التحالفات مبشرة وباقي لها ان تضع برنامجا حقيقي للوصول للمواطنين والتعبير عن مصالحهم . ولكن بلا شك ان اغلب التحالفات هي هدفها تكتيكي مثل الجبهة الوطنية المصرية للدفاع عن الدستور وخوض الانتخابات ،اما التحالف الديمقراطي الثوري ،الذي يضم اليسار وفصائله قد اعلن انحيازه للفقراء والدفاع عن العدالة الاجتماعية والارداة الوطنية وهو تحالف سياسي وليس للانتخابات فقط وتم الاتفاق علي استراتيجية للعمل المشترك مؤكدا انه غير وارد علي الاطلاق التحالف مع الاخوان المسلمين في هذا التحالف اليساري. ويفسر “شعبان” الظروف الموضوعية التي طرأت علي الحياة السياسية ، انها قد لعبت دور كبير في تشكيل هذه التحالفات ،حيث علمت القوي المدنية انها لا تستطيع خوض المعترك السياسي وحدها واكتشفوا ان التفتت هو ما اعطي فرصة للتيار الاسلامي علي حساب القوي الوطنية وقد تعلموا الدرس جيدا بعد نتائج الانتخابات “الفادحة والفاضحة” ، لانها عبرت عن حجم الانقسامات والتفتت والشرزمة وكشفت عن هزيمة كل المطامع الذاتية. تفتيت وعن مواجهة هذه التحالفات المدنية ومحاولات تفتيتها قال “شعبان” ان الاخوان لن تقف مكتوفة الايدي حتي تلحق بها الهزيمة وستقوم بعمل تحالفات مضادة وستقوم بتقديم الوعود مرة اخري ولكن المواطنين لن تنخدع هذه المرة. وعن المهام التي تضعها هذه التحالفات يقول “شعبان” إن الهدف الاساسي منها هو إعادة بناء التوازن الاجتماعي في الشارع المصري ، بتكوين اقطاب مدنية قائمة وهي خطوات تصب في الاتجاه الصحيح لمواجهة قوي الاسلام السياسي ، والاهم من وجهة نظر “شعبان” هو الخروج من حيز النظرية الي التطبيق العملي في الشارع خاصا في المناطق المحرومة من التنمية والمهمشة والتي تعاني من قلة الوعي.