جذبت رجل الشارع لينسي الجميع أنها «تحت الگوبري» شباب الساقية:لا نحتگر المشروعات الثقافية.. ولگن نقدم أنفسنا بصدق وسط كل هذا الزحام والأصوات العالية التي تحيط بها وتميز حياتنا، قد تضاء مصابيح علي الطريق تعيدنا لفكرة «القيمة» والوعي بما يقدم، وعي مبني علي إعمال العقل دون التسليم بكل شيء، جاءت «ساقية الصاوي» لتغير من معني الثقافة فتجذب إليها عددا كبيرا من الشباب ليري ويسمع ويشاهد ثم يحكم بنفسه فتنأي بنفسها عن المصطلحات المعقدة في الثقافة لتقدم الفنون والمعارف والآداب فتملأ الدنيا وتشغل الناس بما تقدمه، منها حفلات الموسيقي العربية والعود والروك والكلاسيك والندوات الدينية والعلمية والفنية، فاحتفظت لنفسها بدور داخل أروقة الثقافة المصرية فاشتهرت بين ليلة وضحاها وبعد أن كان يتساءل البعض مستنكرا «تحت الكوبري» تسابق الجميع للاكتشاف والمشاركة. ها هي ساقية الصاوي نجحت في تقريب كل ما يمس العقل إلي القلب لتجذب إليها أعدادا كبيرة من الجمهور ليصل روادها يوميا إلي 2000 شخص يستمعون ويشاهدون ما تقدمه الساقية من عروض وندوات ومهرجانات، رغم حداثة إنشائها جذبت إليها رجل الشارع ينطلق صاحبها محمد عبدالمنعم الصاوي من قناعة لا يشوبها شك من «أن توفير المناخ والبيئة المناسبة للإنسان والبحث عن صورة أفضل لحياته ستجعله أكثر قدرة علي مواجهة مشكلاته»، تحت شعارات خاصة مثل «عام الكرامة، عام اللغة العربية، وأخيرا 2010 عام النور»، تقدم الساقية عروضها. صورة كبيرة لأديب ومسئول سابق تحمل اسم عبدالمنعم الصاوي كل هذا في المشهد الأول فقط أما المشهد الثاني فسيجعلك تتجول في الأعماق فتتجه للأسفل وقاعات مكيفة ومجهزة لحفلات وندوات وكافتيريا متواضعة يقترب منها علي استحياء بعض المقاعد والمناضد البسيطة والاستقبال الذي يوضع أعلاه «متصفح للبرنامج الخاص بالمكان» يجاوره مكتبه لا تحاول مخطئا أن تتخيل تواضعها بما تحتويه علي العكس تماما، فلتحاول وتدخل لتثري عينيك وعندما تصعد لأعلي لتتدرج بسلم معدني يصلك إلي النهر الخالد أو قاعة النهر والتي تطل علي ذلك المجري العظيم وكأنها لم تجد أجمل من هذا المنظر الطبيعي فلا محاولة للدخول في معركة لتزيين المكان سوي ببعض الأشجار البسيطة والخضرة الطبيعية و«قاعدة عربي» تأخذك أيضا إلي منظر النيل فكل الطرق في هذا المكان تؤدي إلي «مصر الحلوة» لأنك ستري أمامك منطقة العجوزة علي الطرف الثاني والسيرك القومي ومسرح الغد وبعض الفنادق فاصلا بينك وبينهم شريان الحياة فقط.. أو نهر النيل كما نطلق عليه، يجاورك قاعة خاصة جدا معدة لتتسع لعدد كبير من الزوار فتقام عليها حفلات عمر خيرت ونصير شمة وأخيرا زياد الرحباني. هذه هي ساقية الصاوي ذلك المكان الذي استطاع في وقت قصير لا يتجاوز السنوات السبع أن يحقق نجاحا جماهيريا استرعي انتباه الجميع ليردد الكثيرون تساؤلات حول صاحبها، وأهدافها وآخرون لم يصدقوا أنها استطاعت جذب كل هؤلاء الشباب لترقي بثقافتهم تارة وبذوقهم الفني تارة أخري وتحثهم علي التفكير تارات كثيرة. تقع الساقية أسفل كوبري 15 مايو بالزمالك علي مساحة قدرها 5000 متر مربع، قد يصل عدد روادها في اليوم إلي 2000 شخص يستمعون ويشاهدون ما تقدمه من عروض وندوات ومهرجانات، فأهم ما يميزها اختلاف الأفكار وجودتها مما يثير فضول كثير من الشباب ليحضرها، نظمت حوالي 25 مهرجانا ومسابقة خلال العام الماضي 2009 مثل مهرجان الشيكولاتة والشارع وغيرهما. تأسست الساقية علي يد المهندس محمد عبدالمنعم الصاوي ابن الأديب والصحفي الراحل عبدالمنعم الصاوي عام 2003 وقد اختار لها هذا الاسم تكريما لوالده صاحب رواية «الساقية» خماسية الأجزاء وجعل شعارها «تسقي فكرا وثقافة» وتختار كل عام شعارا مختلفا عن العام الماضي يرتبط في الأساس بترسيخ مفاهيم محترمة في عقول الشباب لهذا جعل 2010 عام النور. مجلة الساقية بعد أربعة أعوام من عمر الساقية أي في عام 2007 أصدرت الساقية العدد الأول من مجلتها «الساقية الورقية» التي تصدر كل شهرين لتقديم وجبة ثقافية متكاملة تغطي جميع المجالات الثقافية والفنية وتغطي نشاط الساقية الداخلي والمراكز الثقافية الأخري. تقول إنجي البطراوي - رئيس تحرير مجلة «الساقية الورقية»: جاءت فكرة المجلة كوسيلة ثقافية يمكن أن تصل إلي الجمهور غير متخصص في مجال بعينه ولكن يمكن إطلاق مصطلح «صحافة ثقافية» عليها فهي تحوي بجانب أخبار الساقية أخبار المراكز الثقافية الأخري وهي لا تهدف لربح تجاري بقدر ما تهدف للوصول إلي الشباب والتأكيد علي النجاح وتصحيح المفاهيم الخطأ وإثراء الفكر الثقافي، وتضيف إنجي أن هناك جامعات تطلب تقديم دعم لمجلة وآخرين يطلبون بيعها بأنفسهم مما يدل علي نجاح الفكرة. إنجي البطراوي قد تكون أصغر رئيس تحرير في مصر والعالم العربي ولكنها تعتبر الساقية الورقية ابنتها فأول عدد خرج في 21 مارس 2007 وهو ما يوافق عيد الأم حتي إنها كتبت مقالة في العدد الأول تحت عنوان «ماما إنجي الورقية». أما ندوات ساقية الصاوي ومشروعاتها فحدثنا عنها أيمن مسعود منسق المشروعات الأدبية واللغوية بالساقية وهو شاعر فصحي ومسئول عن جماعة أدبية يبدأ حديثه قائلا: إن الساقية تعتبر نفسها مكانا لاستضافة الأنشطة التي لها أهداف جيدة فلا تحتكر تقديم كل المشروعات، فتهتم بوجود إفادة للمجتمع، ولهذا لا تري الثقافة مقصورة علي الأدب مثل الشعر والقصة ولكن مشروعات الساقية بها دين وفن، والدين بمعني المعاملة وأثرها علي الحياة. تتفنن الساقية في تقديم برامجها فأحد مشروعاتها المميزة «سوق عكاظ الشعري» الذي يستمر لأكثر من يوم ويقدم فيه الشعر بطرق مختلفة منها «المعلقة»، وتستضيف الساقية نجوم الفن لإلقاء الشعر مثل أحمد عبدالعزيز، أشرف عبدالغفور، وسميرة عبدالعزيز، وتتبني الساقية مسابقات في الشعر وتقدم جوائز مالية رمزية إلي حد ما. العدد القادم حوار مع محمد عبدالمنعم الصاوي يتحدث عن ساقيته