النواب الأمريكي يوافق على إلغاء مساعدات خارجية قدرها 9.4 مليار دولار    الأهلى يتحرك لخوض التدريبات استعدادا ل إنتر ميامى فى مونديال الأندية (صور)    «بيطلع عيني».. تعليق مثير من كوكا بشأن مشاركته بدلاً من علي معلول    أعمارهم ساعات وليالي.. ننشر أسماء الأطفال الناجين من حريق المنيا ( فيديو وصور)    لم يفرقهم الموت.. مصرع صديقين تحت عجلات قطار في دشنا بقنا    دخلوه المستشفى بدل عش الزوجية، القبض على 3 متهمين أصابوا عريسا ليلة زفافه بمنشأة القناطر    براد بيت يستخدام اهتزازات iPhone للتعليق على أحداث سباق سيارات في فيلم أمريكي    تدريب على الإنعاش القلبي الرئوي الأساسي (BLS) وفقًا لمعايير جمعية القلب الأمريكية AHA    تعرف على موعد صرف مرتبات العاملين بالدولة والزيادة الجديدة    مريم الثالثة على "ابتدائية الأزهر - مكفوفين": أختي كانت عيني بشوف بيها    وظائف بمستشفيات جامعة عين شمس.. الشروط والتقديم    صورة الوداع الأخيرة.. قصة عائلة هندية قضت في الطائرة المنكوبة    بأغلبية ساحقة.. الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارًا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة    إعلام إسرائيلي: المجلس الوزاري الأمني المصغر يبحث التغييرات التي اقترحها الوسطاء على مسودة ويتكوف    بعروض مبهرة.. الأوبرا المصرية تحتفل بعيد روسيا الوطني في أجواء فنية ساحرة| صور    فلسطين.. 6 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف مدنيين بمخيم المغازي وسط قطاع غزة    جامعة السويس تعلن تفاصيل برامج الجامعة الأهلية الجديدة    عيار 21 يسجل رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 13 يونيو بالصاغة بعد آخر انخفاض    محمد شكري: لم يتواصل معي أي شخص من الأهلي    محمد هاني يتحدث عن.. المنافسة في المونديال.. وانضمام زيزو إلى الأهلي    كأس العالم للأندية - المجموعة الثالثة.. صراع أوروبي لاتيني وضيف شرف دائم    جمال حمزة: الزمالك واجه صعوبات كثيرة.. ويعاني من مشكلة هجومية    شاهد، لحظة تتويج سيراميكا كلوباترا ببطولة كأس الرابطة للمرة الثالثة    حمدي فتحي: احترم ميسي ولا أخشاه.. ونمتلك فريقًا لا يقل عن أندية أوروبا    بالأسماء.. وزير البترول يصدر حركة تنقلات وتكليفات بشركات القطاع    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    بكم الطن؟ سعر الأرز اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 في الأسواق    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 برقم الجلوس محافظة الغربية (فور إعلان الرابط)    «غدروا بيه».. جنازة «أحمد المسلماني» تاجر الذهب في البحيرة (صور)    أب يلقي مادة كاوية على ابنته لشكه في سلوكها بالغربية    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 38.. حالة الطقس اليوم    الأول إعدادي أزهري بالسويس: القرآن سر تفوقي    قمة شباب بريكس للطاقة: دعوة لتحول عادل وشامل بقيادة الأجيال الشابة    منة شلبي ترقص ب"الصاجات" في حفل زفاف منة عدلي القيعي (صور)    محمد دياب عن فوز فيلم «هابي بيرث داي» ب3 جوائز: شكرًا لكل اللي شارك    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    الآلاف يشيعون جثمان تاجر الذهب أحمد المسلماني ضحية غدر الصحاب في البحيرة (فيديو وصور)    تكريم نوال عبد الشافي عن أغنية " هي جت عليا" في مهرجان international fashion awards    سلمى أبو ضيف تعلق على رقصها مع زوجها.. ماذا قالت؟    تحلّ بالواقعية والوعي المالي.. حظ برج الجدي اليوم 13 يونيو    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    محافظ كفر الشيخ: تنفيذ 9 قرارات إزالة على مساحة 800م2 بمركز دسوق    محافظ قنا يناقش تحديات القطاع الصحي ويضع آليات للنهوض بالخدمات الطبية    رغم المراجعة| أستراليا تُشيد بصفقة الغواصات النووية الأمريكية    محلل سياسي: دعم غزة لا يتطلب الوصول لرفح.. قافلة الصمود قد تخدم أجندات خفية    القومى للبحوث يعقد مؤتمره السنوي بشعار «من الرؤية إلى الواقع.. لغد بصحة أفضل»    مدرسة السكة الحديد فى الجيزة.. تعرف على شروط التقديم والمستندات المطلوبة (تفاصيل)    محافظ قنا: وضع لوائح انضباط على مداخل المستشفيات لبيان حقوق وواجبات المرضى    متحور كورونا الجديد «NB.1.8.1».. تحت المراقبة العالمية    الأزهر للفتوى يعلق على شغل الوقت باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي    ضمن المسرح التوعوي.. قصور الثقافة تختتم عرض «أرض الأمل» بسوهاج    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    ملك زاهر توجه رسالة مؤثرة من داخل المستشفى    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقة بمصر في أعلي مستوياتها .. في لبنان يرون أن المصريين قادرون علي تجاوز محنتهم الراهنة
نشر في الأهالي يوم 07 - 08 - 2012


انعكاسات الأحداث السورية تلعب دورا مزدوجا
سمير كرم
قضيت في لبنان قرابة ثلاثة اسابيع. ولا استطيع ولا انوي ان انكر انني سافرت من القاهرة الي بيروت وفي داخلي قلق واهتزاز بسبب ظروف الجو السائد في مصر من ناحية وبسبب ظروف الجو السائد في لبنان نتيجة انعكاسات الاحداث السورية.
غير انني اعود من لبنان علي عكس ما ذهبت اليه ممتلئا بالثقة في مصر واكثر اطمئنانا الي ان علاقات سوريا ولبنان كفيلة باجتياز المحنة التي تعيشها سوريا.
كيف كان ذلك؟
لقد غمرتني مشاعر ايجابية تملاْ عقول ونفوس المثقفين اللبنانيين الذين تربطهم بمصر والعروبة علاقة مصيرية علي اقل تقدير. ولا سبيل ابدا الي انكار حقيقة انني كشفت عن اهتزاز فكري ووجداني بسبب الحالة في مصر بجوانبها السياسية والامنية والاقتصادية بعد ان حادت مصر عن طريق ثورة 25 يناير واصبحت واقعة سواء بمشيئتها او بغير إرادتها تحت حكم تنظيم الاخوان المسلمين. واذا بي افاجأ بان “الاخوة اللبنانيين” – كما يحبون ان يطلق عليهم – يملكون ثقة كبيرة بأن “الاخوة المصريين” قادرون علي اجتياز هذه المحنة. ودليلهم علي هذا بسيط جدا. ما علي المرء الا ان يقارن بين تطورات ما بعد ثورة 25 يناير في مصر وتطورات ما حدث في ليبيا واليمن وسوريا وتونس وما يجري في السودان وما يصدر عن السعودية وقطر والامارات والكويت. انهم يرون بوضوح ويؤمنون بان مصر لم تفقد ايا من خصالها الوطنية والقومية وثقافتها وعمقها الحضاري. ان غياب العنف عن مصر – خاصة بالمقارنة الي ليبيا وسوريا – دليل علي ان البعد الحضاري للانسان المصري قائم وقادر علي ان يؤدي دوره في حماية مصر من التقلبات الخطيرة. ان مصر قادرة علي ان تخوض تجارب جديدة بهذه القدرة الانسانية المتحضرة دون ان تهتز فيها خصائصها القوية الممتدة عبر التاريخ. وحتي لو عانت مصر من تناقضات غير مسبوقة مع ثقافتها المتحضرة المتطورة تحت حكم الاخوان المسلمين فانها ستثبت خلال وقت لا يطول انها تستطيع ان تستوعب هذه التجربة وتهضمها وتخرج من اي محنة يمكن ان تصيبها نتيجة هذه التجربة بكل ما لها من صفات اساسية وقدرات علي بلورة التجربة بحيث إن المنتظر ان يخرج الاخوان المسلمون من هذه التجربة في السيطرة علي السلطة غير الاخوان المسلمين الذين عرفناهم طوال سنوات وجودهم الطويلة، بينما تخرج مصر من التجربة لا يعتريها اي تغيير ينال من تكوينها العقلي او الوجداني النفسي.
الثقة بمصر
كان من الممكن ان اضع عبارات المثقفين اللبنانيين الذين حاورتهم بين مزدوجين ولكني آثرت ان اجمعها في بوتقة واحدة فلم تعد منقولة عنهم كما نطقها كل منهم علي حدة. لا يهم. المهم هو هذا المدد من الثقة بمصر والدور المنتظر منها عندما تبدأ حركة التفاعل مع احداث الوطن العربي. فالمثقف اللبناني يعتبر انه بانتظار ان تعود مصر الي ثورة 25 يناير باسرع ما هو مستطاع في حركة التاريخ وان تستأنف بالتالي نشاط ثورة يوليو العظيمة فتعود حركة التاريخ العربي الي المسار نفسه الذي قاد العرب فيه جمال عبد الناصر ضد الهيمنة الخارجية ومن اجل الوحدة العربية. يؤمن المثقف اللبناني بان مصر لن تغيب كثيرا عن الساحة العربية وان ثورات ما سماه الغرب الربيع العربي لن تلبث ان تخرج من تحت مظلة الهيمنة العسكرية الامريكية ومن تحت مظلة التوجيه السعودي القطري المالية و”الفكرية”. وستؤدي مصر الدور الاكبر الذي كان لها دائما في رد الاعتبار للانسان العربي امام الهجمة الخطيرة للامبرياليين الاميركيين وحلفائهم في اوروبا ومن الحكام العرب.
وسوريا ايضا
في لبنان يعون جيدا الفرق بين ما حدث ويحدث في مصر في الفترة الراهنة وما حدث ويحدث في سوريا. يعون جيدا ان مصر قاومت التعامل معها من جانب الامبريالية الامريكية بالطريقة نفسها التي تعاملت بها مع ليبيا، ويضيفون الي ذلك ان سوريا ايضا – انما بطريقة مختلفة يبرز فيها الطابع العسكري في المواجهة – تقاوم بالمثل ان تستسلم علي الطريقة الليبية للخطة الغربية -العربية، وكثيرون منهم يتوقعون ان تنتصر سوريا عربيا علي المخطط العدائي الذي يريد ان يضيف سوريا الي قائمة التابعين للنفوذ العسكري والاقتصادي الغربي.
صحيح ان المثقف اللبناني العروبي يري اشياء كثيرة مشتركة تبرزها الرؤية التاريخية بين مصر وسوريا، ولكن هذا لا يخفي حقيقة ان ما بين لبنان وسوريا اعمق واقوي مما بين مصر وسوريا. وهذا امر يعيه الوجدان اللبناني كله وليس العروبي وحده.
إن ابسط تعبير عن العلاقة الخاصة التي تربط بين سوريا ولبنان – ولا تكاد تربط بين اي بلدين عربيين متجاورين – يتمثل في قول مأثور ليس معروفا علي وجه التحديد من هو قائله: شعب واحد ودولتان. انها مسلّمة لا يستطيع الفكاك منها ومن معناها الخاص حتي اولئك الذين يريدون الفصل السياسي التام بين لبنان وسوريا (مثل القوات اللبنانية وحزب الكتائب). فحتي اولئك لا يجرؤون علي انكار هذه العلاقة الخاصة بين سوريا ولبنان وان ارادوا ان ينتهوا الي نتائج مغايرة تخدم اهدافهم الطائفية ذات الطابع السلطوي. اما في سوريا فلا يكاد يكون هناك وجود – حتي بين المسيحيين السوريين – لمن لا يعترف بهذه الحقيقة، شعب واحد ودولتان – بل ان الغالبية الساحقة من السوريين تتجاوز هذه الصيغة الي ما هو اكثر حميمية عن العلاقة بين هذين البلدين. فهم يؤمنون بان وجود سوريا ولبنان كدولتين منفصلتين يرجع الي مؤامرة امبريالية قسمت الوطن العربي بين المستعمرين البريطانيين والمستعمرين الفرنسيين.
وبالتالي فان من الطبيعي ان تنعكس احداث سوريا الخطيرة الجارية علي لبنان بكل جوانبها العسكرية والسياسية والبشرية.
نزوح إلي لبنان
وفي المناخ السائد في لبنان اثناء هذه الاحداث السورية فان الجانب البشري من هذه الاحداث وتأثيراتها هي التي تشغل عقول اللبنانيين وافئدتهم. فقد وجد لبنان نفسه امام موجة نزوح للسوريين بعشرات الالاف الي الاراضي اللبنانية. وعلي الرغم من ان هذا النزوح السوري في جانب منه قد افاد لبنان اقتصاديا اذ عوضه عن فقدان الموسم السياحي بسبب احداث سوريا القريبة، لكن اللبنانيين كانوا من الحساسية الاجتماعية ازاء هذا النزوح بحيث ميزوا بين نزوح الاثرياء السوريين بسياراتهم الفارهة الذين شغلوا كل الغرف والاجنحة الخالية في فنادق لبنان وخاصة بيروت مما عوض اللبنانيين الي ابعد حد عن خسارة الموسم السياحي. ومن ناحية اخري نزوح الفقراء البسطاء السوريين للاسباب نفسها الي الاراضي اللبنانية. فهؤلاء لم يستطيعوا ان يشغلوا غرف الفنادق انما افترشوا العراء في المناطق الريفية والجبلية اللبنانية وبدأوا رحلة البحث عن الغذاء والمأوي.
هكذا انعكست احداث سوريا الدامية بوجهين متباينين علي حياة لبنان واللبنانيين. من ناحية افادت ومن ناحية اخري ارّقت مشاعرهم الانسانية تجاه “الاخوة السوريين”. ويتضح في هذه الظروف المعقدة بكل تناقضاتها وانعكاساتها ان صيغة الشعب الواحد والدولتين لا تستطيع ان تصمد في وجه العنف الدائر في سوريا والحيرة السائدة في لبنان بشان ما يمكن ان تنتهي اليه هذه التطورات بكل خطورتها. والامر الذي لا شك فيه ان بعض اللبنانيين يخشي من احتمالات امتداد الاحداث في سوريا الي لبنان بما تتسم به من عنف وبما يفعله التدخل الخارجي الذي لا يعنيه شيء من النتائج التي يحدثها هذا العنف من قتل ودمار. غير ان روح التفاؤل الغالبة علي النفسية اللبنانية – والتي كانت واضحة تماما لمن عايش ظروف الحرب الاهلية في لبنان – وقدرة الشعب اللبناني الاستثنائية علي التكيف مع الظروف الصعبة وتخطيها توحي مرة اخري بان اللبنانيين يتطلعون الي المستقبل – حتي المستقبل القريب – بامل وبروح ايجابية. وبين آمال اللبنانيين في الظروف الصعبة الراهنة ان مصر ستتمكن من اجتياز مصاعبها لتستانف دورها العربي وان سوريا ستعود الي وضعها الطبيعي حيث لبنان وسوريا شعب واحد ودولتان.
ربما لهذا اعود من لبنان الي مصر متفائلا ولم اكن كذلك عندما ذهبت اليه (…)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.