رغم معدتها الخاوية.. أحلامها كبيرة منذ دخولي إلي السوق ، وأنا استمع إلي اطفال صغار، تجري علي ألسنتهم عبارة وحيدة «عايزة شيال.. عابزة شيال.. وكنت اهز رأسي بالنفي، لأنني بطبيعتي أكره استخدام الاطفال في أي عمل، كما إنني لا أحب أن تصل نقودي إلي من يقومون بتسريحهم. سرت في طريقي دون أن استجيب لأحد منهم إلي أن استوقفتني طفلتان لا يتجاوز عمر كل واحدة منهما 9 سنوات بدت احداهما أصغر من الأخري، كما بدتا بملابس رثة وأرجل مغطاة بالوحل بينما تنتشر علي وجهيهما آثار جروح وندبات من أثر ضرب أو شجار0 كانت الطفلتان نحيلتين ، بنيتهما ضعيفة ما جعلهما تبدوان أصغر بكثير من عمرهما الحقيقي، لم تتوقفا طوال رحلتي في السوق عن استعطافي والالحاح علي، وهو ما جعلني أشفق، وأخشي عليهما من تعرضهما لضرب آخر يترك اثارا جديدة علي وجهيهما البريئين، لو لم يعودا بنقود إلي من يدفعهما للعمل في مثل هذه الظروف القاسية0 قالت لي احداهما وهما سعيدتان بالصور التي رحت التقطها لهما: انهم تعيشان مع ذويهما في الكيلو أربعة وتدرسان في مدرسة المنطقة، واكملت انا اسمي صابرين عمري 9 سنوات أبويا بياع كوارع في سوق الثامن وصاحبتي دي «ليلي» عمرها 7 سنوات ابوها عامل خرسانة ورغم أنه يحصل علي 80 جنيها «يومية» إلا أنه يدفع ابنته للعمل في السوق كشيالة بالرغم من حداثة سنها وكم المضايقات والنهر والزجر الذي تتعرض له يوميا، أما صابرين فتقف أمها وراء دخولها في هذا العمل فبعد عودتها من المدرسة مباشرة تستبدل الطفلة الصغيرة ملابس المدرسة بأي جلابية وتركب أتوبيسا أو ميكروباصا يوصلها إلي السوق وتبدأ في حمل الخضار والفاكهة والمأكولات من جميع الانواع ومعدتها خاوية، وعلي حد تعبيرها، لما بجوع بشتري رغيف فيه «طعمياية» او اتنين وادعكها في الرغيف وأكل، وارجع اكمل شيل ولما اجوع تاني بشتري عيش وبطاطس واكل، وعن مضايقات السوق تقول «الصبيان بيضربوني لما يكون في ست مش بترضي أن هما يشيلولها وترضي أن أنا اشيلها الحاجات وبيقولولي انتي اخدتي الست مننا وبيبقوا عايزين ياخدوا الفلوس، ولما مش بديهالهم بيضربوني، بس أنا بروح اقول لابويا وبيقولهم ما تضربوهاش تاني! وعن مكسبها في اليوم قالت انا بكسب خمسة جنيه أو 7 او 10 بس بكسب اكتر يوم الجمعة لأني بشتغل من أول النهار، وفي ناس بيدوني جنيه واكتر حاجة تلاتة جنيه وبديهم لأمي لأنها بتديني منهم المصروف وبتجيبلي هدوم! وعن اخواتها قالت أحنا خمس بنات وولد صغير أمي بتوديه حضانة الجامع!! اختي الكبيرة مش بتشتغل لأنها مخطوبة والباقيين مش بيرضوا يشتغلوا، لكن أنا بحب اشتغل عشان أمي بتتبسط لما بديها الفلوس وبتبوسني، وكمان عشان اشتري أكل ولما برجع البيت بذاكر بالليل أو علي المغرب! وساعات مش بكون عايزة اشتغل لما بكون عيانة، وكمان لما الشمس بتكون وكلاني (تقصد حرقاها) بقعد في البيت اكتب الواجب وأذاكر، أنا عايزة اطلع دكتورة أو مهندسة عشان ابني بيوت حلوة، وفجأة سألتها بتحبي مين اكتر أمك ولا ابوكي فقالت : بحبهم الاتنين بس بحب ربنا اكتر، وعند هذا الحد كان البائع جهز طلبي فحملته ورفضت أن تحمله عني ولسان حالي يقول «انتي محتاجة اللي يشيلك» ومنحتها الجنيه فأخذته وطارت!، ومررت بجوارها وجدتها تلعب مع زميلتها وتغنيان «اختي دينا وصلت المدينة جابتلي قميصين00 فيهم زرارين00 اول زرار000