رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية المُوحدة خلال أبريل الماضي    مشيرة خطاب تشيد بقرار النائب العام بإنشاء مكتب لحماية المسنين    أقباط الإسكندرية في الكنائس لحضور صلوات «الجمعة الحزينة» والجدران تكسوها الستائر السوداء    وزير الأوقاف يفتتح مسجد فريد خميس بالعاشر من رمضان ويؤكد: «دورنا عمارة الدنيا بالدين» (صور)    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بمنتصف التعاملات (آخر تحديث)    انخفاض أسعار الذهب الآن في سوق الصاغة والمحال    توريد 373 ألف طن قمح لصوامع وشون الشرقية    طوارئ في الجيزة استعدادا لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    المنتدى الاقتصادي يُروج لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    وزارة الدفاع الروسية: خسائر أوكرانيا تجاوزت 111 ألف قتيل في 2024    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: الاحتلال الإسرائيلي دمر أكثر من 80 مؤسسة إعلامية    علاقتنا بزعيم الثغر وجماهيره أكبر من أى بطولة.. الأهلى يهنئ الاتحاد بعد فوزه بكأس مصر للسلة (صور)    إصابة 3 أشخاص بحالات اختناق في حريق شب بزراعات النخيل بأسوان    عن حفلاته في صيف 2024.. محمد رمضان: لبنان راح تولع والفرح راح يعود قريبًا    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    الإسكان تطرح أراضى للتخصيص الفوري بالصعيد، تفاصيل    وحدات سكنية وهمية.. ضبط سيدة استولت على أموال المواطنين ببني سويف    ب«تفعيل الطوارئ».. «الصحة» بالقليوبية: عيادات متنقلة بمحيط الكنائس خلال احتفالات عيد القيامة    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    الثانوية العامة 2024| مواصفات أسئلة الامتحانات    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    تعرف على إيرادات فيلم السرب في السينمات خلال 24 ساعة    شاهد.. جدار تعريفى بالمحطات الرئيسة للحج بمعرض أبو ظبى للكتاب    في الذكري السنوية.. قصة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة    فريدة سيف النصر تكشف سبب تسمية سمير غانم لها ب "فريدة سيف الرقص"    التعليم العالي: إطلاق النسخة الثالثة لمسابقة لتمكين الشباب ودعم الابتكار وريادة الأعمال    دعاء الهداية للصلاة والثبات.. ردده الآن تهزم شيطانك ولن تتركها أبداً    صور الأمانة في المجتمع المسلم.. خطيب الأوقاف يكشفها    الأهلي يهنئ الاتحاد بكأس السلة ويؤكد: "علاقتنا أكبر من أي بطولة"    الصحة: تقديم 10 آلاف و628 جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية الحرب    أستاذ أمراض القلب: الاكتشاف المبكر لضعف عضلة القلب يسهل العلاج    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    فرص عمل في 55 شركة.. شروط شغل الوظائف في القطاع الخاص براتب 6000 جنيه    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    التضامن تكرم إياد نصار عن مسلسل صلة رحم    تركيا: تعليق التجارة مع الاحتلال حتى وقف إطلاق نار دائم في غزة    علام يكشف الخطوة المقبلة في أزمة الشحات والشيبي.. موقف شرط فيتوريا الجزائي وهل يترشح للانتخابات مجددا؟    أيمن سلامة ل«الشاهد»: مرافعة مصر أمام العدل الدولية دحضت كافة الأكاذيب الإسرائيلية    مصر أكتوبر: اتحاد القبائل العربية يعمل على تعزيز أمن واستقرار سيناء    قصور الثقافة: إقبال كبير على فيلم السرب في سينما الشعب.. ونشكر «المتحدة»    عاجل - المواد الداجنة: سعر الفراخ البيضاء والحمراء اليوم الجمعة "تراجع كبير".. لدينا اكتفاء ذاتي    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    رئيس البرلمان العربي: الصحافة لعبت دورا مهما في كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    رغم المقاطعة.. كوكاكولا ترفع أسعار شويبس جولد (صورة)    وزير التنمية المحلية يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد القيامة المجيد    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضد التيار ..أمينة النقاش تكتب :سفير أمريكا بالألوان الطبيعية
نشر في الأهالي يوم 08 - 11 - 2023

من بين كتب القراءات المبكرة التى لفتت الانتباه إلي أن مشاهدة السينما لا يجب أن تكون للتسلية فقط، بل أيضا للتفكير والتأمل الواعى لرسائلها وأهدافها، كتاب" سفير أمريكا بالألوان الطبيعية "للناقد والسيناريست والمخرج والفنان التشكيلى الرائد " كامل التلمسانى "الذى يعد فيلمه" السوق السوداء الذى كتبه وأخرجه وتم عرضه عام 1945" وأنتجه ستوديو مصر، واحدا من بين أفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما العربية. وكما تفعل معظم وسائل التعبير الفني والأدبي، فإن للأفلام رسائل بعضها واضح يدركه المشاهد بسهولة وبعضها مستتر يتسلل إليه من أبواب خلفية، ليخفى عنه حقيقة هنا، ويطمس واقعة أخرى هناك وعلي المشاهد الفطن ألا يفارقه الوعي، وهو غارق في الانبهار بأحداثها.
وفي كتابه يقول التلمساني إن أفلام هوليود هي سفير فوق العادة للولايات المتحدة الأمريكية، وهي سفيرها الأول لدى شعوب العالم، لما تنطوى عليه من توجهات اجتماعية واقتصادية وسياسية. وهو ما يؤكده المؤلف الأمريكى " ليو روستن "فى كتابه " السياسة تحلق فوق هوليود" بقوله إن الأفلام سلعة عالمية، وقد دفع هذا بالسياسة إلى هوليود لكى تلتحم معها فى عنف لا يهدأ. كما أن النوبات العنيفة التى حاقت بسياسة القوة أثناء الحرب العالمية الثانية، قد ألقت بالأخطار المحدقة بالعالم إلى أحضان هوليود، مما أدي إلي أن تسبق اليقظة السياسية لهوليود، الصحوة السياسية فى أمريكا، وتتقدم المعارك الفكرية المعارك االحربية لتمهد لها السيادة والنصر!
كتاب كامل التلمساني «1915-1972» الصادر عام 1957 أثر فى أجيال كثيرة من نقاد السينما ومشاهديها، كما أعجب به الرئيس «جمال عبد الناصر»، وأرسل له رسالة شكر علي إصداره. وخلال العقود الماضية تبين صحة ما ذهب إليه " التلمساني"حيث باتت البنوك والتكتلات الاستثمارية وقوى الضغط السياسية والمالية والحزبية الغربية والأمريكية والإسرائيلية، تتحكم فى كل عمليات صناعة السينما، وفي السيناريوهات التى تكتب لها، وفي طرق وأوقات ترويجها، وفي صناعة النجوم أو تغييبهم عن المشهد، وحتى فى تحديد الجوائز التى تمنح لصناعها ونجومها فى مسابقات الأوسكار الشهيرة، لاسيما إذا ما تجاسر أحدهم بإعلان دعمه للقضية القلسطينية، أو مناوئة المواقف الرسمية العدوانية التى تتجاهل قضايا العالم العادلة. وقد فتح ذلك المجال لكى يظهر فى الساحتين الأوروبية والأمريكية ما أصبح يعرف بتيار السينما المستقلة التى تسعى لقول الحقيقة التى تجاهد "المؤسسة الغربية "من أجل إخفائها.
تذكرت كتاب التلمساني بعد مشاهدة فيلم "جولدا" الذي يجسد جانبا من السيرة الذاتية لرئيسة الوزراء الإسرائيلية "جولدا مائير" وبالتحديد فترة إدارتها لحرب أكتوبر 1973 وحتى وفاتها عام1978، وهو إنتاج أمريكي –بريطاني مشترك وإخراج المخرج الإسرائيلي "جاي ناتيف" وتأليف السيناريست البريطاني "نيكولاس مارتن ". الفيلم دعائي، شديد التواضع، يظهر جوالدا مائير وهى تخضع للجنة إجراءات للتحقيق فى هزيمة إسرئيل وهى تقول للمحققين لقد حولت الإنكسار إلى نصر، ولكى يقنعك بديمقراطية إسرائيل المزعومة. يركز الفيلم على بطلة الحدث وطريقتها فى التفكير وإدارة المعركة وقدرتها علي إقناع كيسنجر بجلب مزيد من الدعم العسكرى الأمريكى، ونجاح طاقمها الحربى فى عمل ثغرة الدفرسوار شرق قناة السويس، حيث تمكن خلالها الجيش الإسرائيلي من حصار الجيش الثالث الميداني وتطويقه لأكثر من أسبوعين. والفيلم يعترف بنصر أكتوبر وبمفاجأة الجيش وأجهزة المخابرات الاسرائيلية بإندلاع الحرب، وبشجاعة وقدرة الجنود المصريين والسوريين فى ساحات القتال. وهو بجانب ذلك يقدم امرأة قوية ذات عزيمة فى أحلك المواقف، برغم أنها مشرفة على الموت، لإبعاد الأذهان عن حقائق دولة الاحتلال الاستيطانى التى تقودها.
أنقذ الأداء المتقن لشخصية جولدا مائير للممثلة البريطانية " هيلين ميرين " الفيلم من حالة الملل التي انطوى عليها إيقاعه البطئ، والأرجح أنها ربما تنافس على جوائز الأوسكار. وإذا ما طبقنا ما أوصي به "كامل التلمساني " في كتابه، فإن ظهور الفيلم وإجازة عرضه هذا العام فى الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر، لم يكن صدفة بطبيعة الحال، وهو نجاح لحرب الدعاية التي يقود بها الغرب معاركه. يجدد عرض الفيلم الحسرة علي استمرار غياب فيلم عربي يليق بأحداث حرب أكتوبر، ويتناسب مع أهميتها ويوثق ما جرى فيها، والعوامل التى ساهمت فى نجاحها للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي– الإسرائيلي.
قدمت السينما المصرية عددا محدودا من الأفلام التجارية التى تتحدث عن الحرب بأحداث مكررة ومقحمة على وقائعها، وأخري قليلة ذات مستوى فنى رفيع، ترصد كما فعل فيلم " سواق الأوتوبيس " انعكاس نتائجها على الفئات الاجتماعية الشعبية التى شارك أبناؤها في الحرب واستشهد منهم أكثر من عشرة آلاف مقاتل لكنهم يستفيدوا من نتائجها، لا سيما بعد التغيير في الاختيارات السياسية والاقتصادية لنظام الرئيس السادات، وتوقيع معاهدة الصلح مع إسرائيل، والخلافات التى نشبت حول ما سمي الاستثمار الخاطئ لنصر أكتوبر، وبدء سياسة الانفتاح الاقتصادي التي حصد أرباحها سماسرة من اللصوص الفاسدين.لكن فيلما حربيا يوثق أحداثها ويليق بمجدها، لم يظهر حتى اليوم.
تحكم الصورة عالم اليوم، وفى حرب الإبادة التى يقودها الاحتلال الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة الغربية، كانت الصورة الفيلمية جوهر المعركة وهى توثق الجرائم والمذابح، وتلعب دورا فى تحديد المواقف وتغييرها، ولاتزال – كما يذكرنا التلمسانى- هى سفيرنا الأكثر تأثيرا للدفاع عن قضايانا العادلة، حتى لو كانت بالأبيض والأسود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.