المبادرة الرئاسية اكتفت بإجراء الفحوصات الطبية وعيادات التأمين الصحى عاجزة عن تقديم العلاج المناسب شكوى أولياء الأمور مستمرة من نقص الأطباء والدواء وسوء المعاملة دكتور خالد سمير: توزيع علبة لبن مدعم بالحديد على أطفال المدارس لحمايتهم من أنيميا الحديد د"ملك صالح": مطلوب رقابة صارمة على أسعار الغذاء الصحى
يعانى ملايين الأطفال فى مصر من أمراض سوء التغذية "السمنة والتقزم والأنيميا"..هذه الأمراض الثلاثة تمثل مثلث الخطر الذى يهدد صحة أطفالنا حيث تتسبب مستقبلا فى إنتاج جيل ضعيف البنية قليل الإنتاج مصاب بالعديد من الأمراض التى تثقل كاهل موازنة الدولة. وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن هناك نحو 4 ملايين طفل يعانون من السمنة و8 ملايين يعانون من الانيميا، بالاضافة إلى التقزم أو قصر القامة وغيرها من الأمراض الناتجة عن سوء العادات الغذائية مما ينعكس سلبا على نموهم وتحصيلهم الدراسى ومناعتهم خاصة فى الفترة الحالية وانتشار الأمراض الفيروسية. وأصدر المعهد الدولى لبحوث السياسات الغذائية تقريرا يؤكد فيه أن 20% من أطفال مصر يعانون التقزم الناتج عن سوء التغذية، وأن 27% من الأطفال تحت خمس سنوات مصابون بالأنيميا، وأن 11% من وفيات الأطفال ترجع لسوء التغذية. ورغم أن المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية بين أطفال المدارس التى تم اطلاقها عام 2019 بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسى تمكنت من إجراء فحوصات طبية على 27 مليونا و946 ألفا و914 طفلا منذ انطلاقها حتى الآن ..وتم اكتشاف ملايين من الحالات المصابة إلا أن وزارة الصحة اكتفت بإبلاغ إدارة المدارس بنتائج الفحص على التلاميذ, وقام مديرو المدارس بإبلاغ أولياء الأمور بأن أولادهم يعانون من الانيميا أو السمنة دون توجيه الأسر كيفية علاج أبنائهم أو إعطاء تعليمات من خلال الحكيمة الصحية المفترض تواجدها بالمدرسة للأمهات بسبل التغذية السليمة لوقاية الاطفال من هذه الأمراض وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة . فى أواخر عام 2021 أعلن الدكتور طارق شوقى وزير التعليم السابق بأنه تم إجراء الكشف الطبي على 25 مليون طالب بالمدارس ضمن المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن حالات سوء التغذية وهى الأنيميا والسمنة والتقزم، بالتعاون مع وزارة الصحة, وكانت النتائج هى إصابة 3 ملايين و 399 ألفا و 380 طالبا بالسمنة، 8 ملايين و 215 ألفا و59 طالبا بالانيميا، وإصابة مليون و 297 ألفا و 681 طالبا بالتقزم, وهو ما يعني أن هناك نحو 12 مليونا و912 ألف طالب يُعانون من أمراض سوء التغذية، ما يقارب نسبة 51.6% من الطلاب الذين تم توقيع الكشف الطبي عليهم. فيما كشفت أرقام وزارة الصحة فى نفس العام أن المسح الصحى الشامل للكشف عن أمراض سوء التغذية، التقزم والسمنة والانيميا أظهر وجود 13.5% من الأطفال مصابين بالسمنة و33 % مرضى الأنيميا و5 % مصابين بالتقزم بعد عمل مسح شامل ل 26 مليون طفل بالمرحلة الابتدائية, حيث تمركزت نسب الإصابة بالأنيميا في محافظات الوجه القبلى" أسيوط، أسوان، سوهاج، الأقصر، الفيوم، والجيزة وتراوحت نسب الإصابة بهذه المحافظات ما بين 35 إلى 57%. وتمركزت نسب ارتفاع السمنة في محافظات الوجه البحري حيث سجلت محافظاتالإسكندرية ودمياط والقليوبية والقاهرة والغربية والجيزة والدقهلية والبحيرة أعلي نسب إصابات بالسمنة على مدار3 سنوات حيث تراوحت النسبة من 13 إلى 23 % , فيما تمركزت ارتفاع نسبة الإصابة بالتقزم في محافظات الوجة القبلي والمحافظات الحدودية وهي مرسى مطروح وأسوان والمنيا والاسماعيلية وشمال سيناء واسيوط والفيوم وقنا وبني سويف أعلي نسب إصابة بالتقزم حيث تتراوح بين من 8 إلى 14 %. المفترض أن تستقبل وزارة الصحة الحالات الايجابية دون شرط وجود كارنيه التأمين الصحى أو حتى الالتزام بدفع المصروفات المدرسية لتقديم خطة العلاج كاملة للأطفال وتسجيل بياناته كاملة لعمل ملف لإمكانية التواصل مع أسرته وتقديم خدمات التثقيف الصحي إلا أن هذا لم يحدث. الأهالى التقت مع عدد من أولياء الامور الذين عبروا عن شكواهم من العيادات المدرسية وعيادات التأمين الصحى عندما لجأوا إليهم لمعرفة طرق علاج أبنائهم المصابين بأمراض السمنة والانيميا ..الكثير منهم اضطر إلى تحمل نفقات العلاج وذهب إلى طبيب خاص والبعض الاخر تجاهل الأمر، خاصة الاسر التى تعانى أطفالها من السمنة خاصة أن بعض الأسر مازالت تعتقد أن بدانة الطفل تعنى صحة جيدة، على عكس الحقيقة، حيث تعكس السمنة أن الطفل يتناول طعاما غير صحى يؤثر على الهرمونات التى تؤدى إلى التقزم والأنيميا، وأن سوء التغذية لا يعنى بالضرورة نقص الغذاء فقط، ولكن يعنى أيضا السلوكيات الخاطئة فى الغذاء. "هند صبحى"ربة منزل لديها ولد فى مدرسة تقى الله حلمى بحى الظاهر, تقول السنة اللى فاتت الاخصائية اتصلت بيه وقالتلى ان ابنى مريض انيميا ولازم اتابع مع التأمين الصحى, وروحت المدرسة علشان أعرف أعمل ايه بالضبط قالوا الحكيمة مش موجودة بتيجى يوم الاثنين من كل أسبوع, روحت الاثنين لاقتها مشيت رغم أن الساعة كانت لسه 11 صباحا, قالوا موجودة فى مدرسة باب الشعرية بنات, ولية أمر نصحتنى أروح عيادة التأمين الصحى اللى فى البعوث روحت قالوا لازم الكارنيه الخاص بالتأمين الصحى, ولازم يكون بتاريخ جديد,وانا معملتش كارنيهات من ساعة ما ابنى دخل المدرسة محدش قال, وفى الاخر تعبت روحنا لدكتور باطنة وطلب تحليل صورة دم كاملة وبعدين كتب لابنى فيتامين حديد لمدة 3 شهور وبشترى العلبة كل شهر ب 300 جنيه . حالة الطالبة "مريم طارق"فى الصف الثالث الاعدادى بمدرسة المحبة بنات كانت بتشتكى من آلام صعبة بالمعدة ودوخة وصداع ورغم انه تم الكشف عليها العام الماضى ضمن حملة الانيميا ولكن لم يتم ابلاغ اسرتها بأنها تعانى من أى أمراض, وكانت دائما تتردد على حجرة الحكيمة المدرسة لمعرفة سبب الصداع المستمر والدوخة وتقول مريم :الحكيمة على طول مش موجودة ماما قالتلى لازم تشوفى الحكيمة علشان أجدد كارنيه التأمين الصحى علشان اروح أكشف فى التأمين واخد علاج, ولما لاقيت الحكيمة قالتلى انت عندك انيميا خدى البرشام ده, وكتبت اسم فيتامين اجيبه من الصيدلية( ب12), ولكن الالم فضل والدوخة مستمرة , ولما طلبت منها انها تجدد الكارنيه قالت لازم اجيب صورة وجنيه وايصال فورى اللى يثبت انى دفعت المصاريف, وفعلا جهزت الحاجات دى ولما أخدت الكارنيه روحت أنا وماما مستشفى الطلبة قالوا لازم اروح الوحدة الصحية الأول وهى اللى تحولنى للمستشفى, روحنا الوحدة الصحية فى الضاهر مفيش دكاترة, ودكتورة الباطنة على طول مش موجودة ,أو بتمشى بدرى . "نرمين ابراهيم"ربة منزل "لديها طفلتان بمدرسة سكة الوايلى التجريبية مشكلتها مع عيادات التأمين الصحى والوحدات الصحية فتقول انا بناتى كانت لديهم مشكلة فى الاسنان واحدة عايزة تخلع والتانية تحشى ضرسها وروحت عيادة التأمين الصحى فى مدرسة فى الخليج المصرى بالقصرين وقالوا لازم اجدد الكارنيه علشان يكشفوا على البنات, روحت المدرسة فى سكة الوايلى علشان اجدد الكارينه لاقت الحكيمة مش موجودة, اليوم التانى روحت للحكيمة من الصبح جددت الكارنيه وعقبال ما روحت العيادة الدكتورة مشيت, اليوم الثالث مش موجودة, اليوم الرابع قالت مفيش بنج علشان أخلع, والادوات اللى عندى خلصت تعالى بكره الساعة 9, روحت وبعد عذاب حشت درس البنت, والبنت التانية قالت لو خلعتى هنا لازم تعملى تحديد مسافات بس بره علشان معنديش الأدوات هنا بس تعالى بعدين يكون عندنا بنج, وفى الاخر روحت خلعت فى عيادة بره ب 350 جنيه, يعنى التأمين الصحى زى قلته . فيما أوضحت حكيمة مدرسة القديس ميخائيل بالظاهر أننا خلال حملة الكشف عن الانيميا نقوم بأخذ نقطة دم ووضعها على كاشف يحدد وجود الأنيميا من عدمها ومرض التقزم "قصر القامة"، ويتم الكشف عنها عن طريق قياس طول الطفل ومقارنته بمعدلات النمو الطبيعية لعمر الطفل, وأيضًا سمنة الأطفال ويتم الكشف عنها عن طريق قياس وزن وطول الطفل وقياس كتلة الجسم ومقارنة القياس بالمعدلات الطبيعية لعمر الطفل, وبالفعل قمنا بالكشف على جميع الأطفال بالمدرسة, وفى حال اكتشاف الإصابة بأحد هذه الأمراض يتم تحويل الطفل المصاب إلى لجان الإحالة بالتأمين الصحي للعلاج ولإجراء جميع الفحوصات الطبية الكاملة عليه, لكن أغلب أولياء الأمور يذهبون إلى طبيب خاص ويتجاهلون الذهاب للتأمين وأشارت الى أن هناك بعض الارشادات نحاول اعطاءها لأولياء الامور من خلال رسائل الواتساب للتوعية بمخاطر السمنة وكيفية التغذية السليمة, بالإضافة إلى توفير برامج تغذية لخفض الوزن للأطفال . وأكدت أن لأولياء الأمور دورا فى متابعة الطلاب, ونصحتهم بضرورة اتباع الغذاء الصحى للأطفال وعدم إعطاء حقيبة المدرسة بأوزان ثقيلة لأن هذا يؤدى إلى توقف نمو الأطفال وعدم السماح لهم بالطول نتيجة التحميل الزائد على العمود الفقرى . فيما أكد د"خالد سمير"استشارى جراحة القلب بجامعة عين شمس أن أمراض الانيميا والسمنة والتقزم تعد من أمراض سوء التغذية، مشيرا الى أن اكتشاف الأطفال المصابة من خلال الكشف المبكر على أطفال المدارس أمر محمود ولكن المتابعة وتقديم العلاج هو الأهم خاصة أن علاج هذه الأمراض لا يتم بين يوم وليلة بل يحتاج الى متابعة مستمرة, ويتطلب تحسين نوعية الغذاء المقدم للأطفال, وذلك من خلال الوجبات المدرسية كإعطاء الأطفال علبة لبن يوميا مدعمة بالحديد لعلاج أنيميا نقص الحديد . وأشار الى أن أغلب الاسر تتحمل علاج أطفالها والأسر الفقيرة تتجاهل الأمر, موضحا أن هناك عجزا صارخا فى الامكانيات المتاحة للتأمين الصحى , فالمنظومة بأكملها تعانى مشكلات أزلية من ضمنها الزحام والطوابير، والطبيب الذى يكتب علاجا دون كشف أو يكشف دون جدية والأدوية الناقصة، كما أن المستشفيات ليست بالمستوى الذى يرضى المنتفعين، كل هذا يرجع إلى تدنى الميزانية المتاحة للصحة, وبالرغم من هذه الازمات إلا أن الحكومة لا تعترف بها, وللاسف الضحية هو المواطن المصرى خاصة انه لا يمكن علاج مشكلة الا بعد الاعتراف بها, فعلى الحكومة أولا الاعتراف بأن هناك أزمة ومحاولة زيادة المخصصات المالية سواء للتأمين الصحى أو العلاج على نفقة الدولة . وأكد د"خالد سمير" خطورة أمراض سوء التغذية مشيرا أن سوء التغذية يعتبر من أكثر الأسباب التى تسبب وفاة الاطفال دون سن الخامسة وتتسبب فى اعتلال الصحة والشعور الدائم بالتعب وظهور أجزاء نحيلة من الجسم، تورم القدمين، نقصان الوزن أو زيادته، وعدم ملاءمة الوزن مع العمر أو طول القامة. وأوضح أن أغلب الاطفال فى مصر يعانون من أنيميا الحديد التى تتسبب فى الإعياء وضيق فى التنفس، شحوب لون الجلد، زيادة اللون الأزرق فى بياض العينين، العصبية، زيادة معدل ضربات القلب، الصداع، التهابات اللسان، صعوبة التركيز، الدوخة. فيما أكدت د" ملك صالح"، خبيرة التغذية ورئيس المعهد القومي للتغذية سابقا – أن أغلب أمراض المصريين سببها الأول نقص الغذاء الصحى مشيرة الى أن سوء التغذية لا يؤدي للنحافة فقط، بل يسبب السمنة, وأمراض أخرى كثيرة فى ظل تركيبة غذائية من الدهون والنشويات التي تؤدي إلى تراكم الدهون وتزايد الوزن، فأغلبية المواطنين يعتمدون فى غذائهم على الأرز والخبز لمواجهة الجوع، وهي أكلات عالية المحتوى بالسعرات الحرارية مع فقرها الشديد بالمغذيات اللازمة لصحة جسم الإنسان. وأضافت أن كل مواطن يحتاج إلى نوعيات متباينة من الغذاء ولابد أن يحتوى الغذاء على البروتينات وفى ظل ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن, هناك دراسات فى المعهد من الضرورى ان تستفيد بها الدولة كاستبدال اللحوم بالبقوليات وتوفيرها للمواطنين, وشددت على أهمية طبق السلطة وتوافر الخضراوات بأسعار معقولة حتى يستطيع المواطن الحصول عليها, والجبن القريش والبيض واللبن . وأكدت أن توفير الغذاء الصحى يساعد على تكوين جيل من الأصحاء, وهذا الجيل يخدم البلد ويكون قادرا على العطاء والإنتاج,لافتة إلى أن نقص الغذاء لا يسبب الفقر فحسب بل المرض وبالتالى تتحمل الدولة أموالا طائلة فى علاج هذه الفئات, فمثلا الام الحامل التى لا تهتم بغذائها تلد اطفالا معاقين وأقزام, والمواطنون الذين يهملون فى تغذيتهم يصابون بأمراض خطيرة , فالغذاء هو أساس الحياة, وطالبت بضرورة وجود رقابة على أسعار الغذاء الصحى, حتى يستطيع كل مواطن الحصول على ما يكفيه هو وأسرته. وأوضحت أن التغذية السليمة هى عبارة عن غذاء متوازن به نسب معينة من البروتين والنشويات والدهون تحدد على حسب سن الطفل ووزنه وطوله ونشاطه البدنى, بالاضافة إلى شرب الماء فهو من أهم عوامل التغذية السليمة .