وزير العمل يعلن استمرار التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل "الوزارة" و"مديرياتها"    تراجع أسعار الذهب في بداية تعاملات الأربعاء 28 مايو    أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 28-5-2025 في محافظة الفيوم    ارتفاع كبير للأسهم الأمريكية بعد إعلان ترامب تأجيل الرسوم الجديدة على الاتحاد الأوروبي    زيلينسكي يتعهد بزيادة إنتاج الأسلحة الأوكرانية    قمة تجمع دول آسيان مع مجلس التعاون الخليجي والصين    في ثالث محاولة فاشلة، سبيس إكس تفقد صاروخها العملاق "ستارشيب" بعد 30 دقيقة من إطلاقه (فيديو)    الخارجية الأمريكية: رفع العقوبات عن سوريا يعزز هدفنا بهزيمة داعش    بتعزيزات عسكرية ومداهمات.. إسرائيل تقتحم مخيم بلاطة بالضفة الغربية    الليلة، تشيلسي يواجه ريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    وداعا للأسماء اللامعة والبراقة، بدء تطبيق "قواعد جديدة" لتسمية المواليد في اليابان    إصابة عامل بطلق ناري عن طريق الخطأ بسوهاج    ريا أبي راشد تكشف سبب اهتمام مصوري مهرجان كان ب نجوى كرم وتجاهل إليسا    إيلون ماسك: الهبوط على المريخ هو الهدف الأول ل"سبيس إكس"    رابط نتيجة الصف الثاني الثانوي 2025 في بني سويف فور ظهورها    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2025 برقم الجلوس فور ظهورها في بورسعيد    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 28 مايو    طن الحديد تجاوز ال39 ألف جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 28-5-2025    الفاصوليا ب 70.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الأربعاء 28 مايو 2025    مستقبل رونالدو بين حلم العودة و«مزاملة» ميسي.. والأهلي لمواصلة الرحلة    عضو مجلس أمناء جامعة MSA: أحمد الدجوي قبل وساطتي للصلح وتمنى إنهاء الخلافات    بعد هبوطه في 7 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأربعاء 28-5-2025    منع ابنه من الغش.. ولي أمر يعتدي على معلم داخل مدرسة بالفيوم    موعد وصول أليو ديانج إلى القاهرة للانضمام إلى الأهلي    صندوق النقد الدولي: مصر تحرز تقدما نحو استقرار الاقتصاد الكلي    المطبخ المركزي العالمي: إسرائيل لم توفر مسارا آمنا لوصول الإمدادات لنا    أبطال فيلم "ريستارت" يحتفلون بعرضه في السعودية، شاهد ماذا فعل تامر حسني    موعد أذان الفجر اليوم الأربعاء أول أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    وجبة كفتة السبب.. تفاصيل إصابة 4 سيدات بتسمم غذائي بالعمرانية    كواليس حريق مخزن فراشة بكرداسة    السودانى: العراق الجديد لا يقبل أن يكون تابعا لأحد    موعد أذان الفجر في مصر اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    غموض موقف أحمد الجفالي من نهائي الكأس أمام بيراميدز    رئيس جامعة عين شمس: «الأهلية الجديدة» تستهدف تخريج كوادر مؤهلة بمواصفات دولية    مصطفى الفقي: كنت أشعر بعبء كبير مع خطابات عيد العمال    موعد مباراة تشيلسي وريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    أحمد الكاس: نحاول الوصول إلى أبعد نقطة ممكنة في كأس العالم للشباب    ظافر العابدين يتحدث عن تعاونه مع طارق العريان وعمرو يوسف للمرة الثانية بعد 17 سنة (فيديو)    إدارة الأزمات ب «الجبهة»: التحديات التي تواجه الدولة تتطلب حلولاً مبتكرة    العيد الكبير 2025 .. «الإفتاء» توضح ما يستحب للمضحّي بعد النحر    ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟ الإفتاء تحسم الجدل    «لو الأهلي كان اتأجل».. نجم الإسماعيلي السابق ينتقد عدم تأجيل مباراة بيراميدز بالدوري    سلاف فواخرجي تعلن مشاركة فيلم «سلمى» في مهرجان روتردام للفيلم العربي    هناك من يحاول إعاقة تقدمك المهني.. برج العقرب اليوم 28 مايو    مدرب مالي: ديانج يمكنه الانضمام ل الأهلي عقب مواجهة الكونغو    ولاء صلاح الدين: "المرأة تقود" خطوة جادة نحو تمكين المرأة في المحافظات    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    وكيل صحة سوهاج يبحث تزويد مستشفى طهطا العام بجهاز رنين مغناطيسى جديد    «الرعاية الصحية»: التشغيل الرسمي للتأمين الشامل بأسوان في يوليو 2025    تنتهي بفقدان البصر.. علامات تحذيرية من مرض خطير يصيب العين    الاحتراق النفسي.. مؤشرات أن شغلك يستنزفك نفسيًا وصحيًا    لا علاج لها.. ما مرض ال «Popcorn Lung» وما علاقته بال «Vape»    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    سلمى الشماع: تكريمي كان "مظاهرة حب" و"زووم" له مكانه خاصة بالنسبة لي    حدث بالفن | وفاة والدة مخرج وتامر عاشور يخضع لعملية جراحية وبيان من زينة    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع    السعودية تعلن غدا أول أيام شهر ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دوامة التضخم وتراجع العملة:انخفاض ثقة المؤسسات المالية الدولية والمستثمرين فى أداء الاقتصاد المصري
نشر في الأهالي يوم 13 - 05 - 2023

23 % انخفاضًا فى تحويلات المصريين بالخارج .. و24 مليار دولار عجز الأصول الأجنبية
تراجع توقعات إنتاج الشركات للعام المقبل إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق
وكالة فيتش تخفيض تصنيف مصر بسبب انخفاض احتياطيات السيولة الخارجية
«جولدمان ساكس»: مصر تواجه معضلة لتحديد مسار الجنيه الذي يضغط على اقتصاد البلاد ويقفز بمعدلات التضخم
وكالة «موديز»: استمرار مخاطر خفض العملة يؤثر على قدرة مصر على سداد خدمة الدين
«ستاندر آند بورز»: انخفاض قيمة العملة المحلية إلى نحو 53% بنهاية السنة المالية الحالية


دخل الاقتصاد المصري فى دوامة التضخم وانخفاض سعر العملة المحلية، وسط انخفاض ثقة المؤسسات المالية الدولية والمستثمرين فى أداء الاقتصاد المصري، وقدرته على تبني برامج للإصلاح والخروج من الأزمة.
وأدى تأخر الحكومة في علاج أزمة سعر الصرف والوصول إلى سعر مستقر إلى توقف التدفقات النقدية الأجنبية وتعطل برنامج الطروحات، فيما اتجه الأفراد والشركات إلى الاحتفاظ بالدولار ترقبًا لقرار تعويم جديد منتظر، خاصة أن صندوق النقد الدولى يصر على اتباع مصر سعر صرف مرن، وجاء قرار تأجيل المراجعة الأولى لصندوق النقد الدولى والتي كان من المقرر لها مارس الماضى إلى يونيو المقبل لإتاحة الفرصة أمام الحكومة المصرية لتنفيذ بنود الاتفاق مع الصندوق، والتى حصلت مصر بمقتضاه على قرض بقيمة 3 مليارات دولار تصرف بمعدل 374 مليون دولار كل ثلاثة أشهر شرط التقدم فى تنفيذ الاتفاق.
شروط الصندوق
تتمثل شروط الصندوق فى التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن لتعزيز الصلابة في مواجهة الصدمات الخارجية وإعادة بناء الاحتياطيات الوقائية الخارجية، تنفيذ سياسة نقدية تهدف إلى تخفيض معدلات التضخم تدريجيا تماشيا مع أهداف البنك المركزي، إلى جانب تعزيز آلية انتقال آثار السياسة النقدية، بما في ذلك من خلال إلغاء دعم برامج الإقراض، والضبط المالي وإدارة الدين لضمان تراجع نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي واحتواء إجمالي الاحتياجات التمويلية، مع زيادة الإنفاق الاجتماعي وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة، وإدارة المشروعات الاستثمارية الوطنية بما يحقق استدامة المركزي الخارجي والاستقرار الاقتصادي، وإصلاحات هيكلية واسعة النطاق لتقليص بصمة الدولة، وضمان المنافسة العادلة بين جميع الكيانات الاقتصادية، وتسهيل تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص، وتعزيز الحوكمة والشفافية في القطاع العام.
فشل حكومي
وعلى أرض الواقع، فشلت الحكومة المصرية فى تنفيذ بنود الاتفاق، ففشلت فى تحقيق سعر مرن للعملة المحلية، حتى بعد انخفاضها بأكثر من 50 % من قيمتها بعد التعويم، غير أن المؤسسات المالية وصندوق النقد الدولى لا يزالان يصران على المزيد من انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، وسط توقعات أن يصل سعر الدولار إلى 42 جنيها، دون وجود سقف واضح لسعر الجنيه.
تعويم الجنيه لم يؤد إلى مكاسب للاقتصاد المصري بل على العكس أدى إلى خسائر كبيرة، فارتفع معدل التضخم لأعلى مستوياته ولامس حاجر 40%، بحسب بيانات البنك المركزي، وفشلت إجراءات السياسة النقدية من رفع سعر الفائدة فى احتواء التضخم، وهو ما اعترف به، حسن عبد الله، القائم بأعمال البنك المركزي المصري.
وقال إن ارتفاع أسعار الفائدة لا يمكن أن يفعل شيئاً يذكر لاحتواء التضخم، الذي وصفه بأنه مدفوع بشكل رئيسي بقضايا الإمدادات. وقال إن "جزءًا كبيرًا من التضخم لدينا مستورد، والكثير منه بسبب مشاكل الإمداد". "ليس فقط أسعار التوريد، ولكن مشاكل العرض؛ بما في ذلك التراكم الذي نتج عن بعض اللوائح السابقة. وهذا في حد ذاته لا ولن تتم معالجته من خلال أسعار الفائدة".
كان البنك قد رفع أسعار الفائدة 1000 نقطة أساس خلال السنة الماضية.
على الجانب الآخر، تعثر برنامج الطروحات الذي أعلنت عنه الحكومة، وأحجمت دول الخليج عن الوفاء بتعهداتها بضح استثمارات في الاقتصاد المصري بسبب سعر الصرف المتغير، وطالبت باستقرار سعر الجنيه أمام العملات الأخرى، وهو ما تعهد به رئيس الوزراء، د. مصطفى مدبولى، خلال زيارته لقطر، ولكن لم يتم تنفيذه حتى الآن.
تراجع تصنيف مصر
أبدت مؤسسات التمويل الدولية مخاوفها من تراجع أداء الاقتصاد المصري، محذرة من عدم قدرة مصر على سداد مديونياتها الخارجية، وهو ما دفع رئيس الوزراء إلى التأكيد على أن مصر لن ولم تتأخر عن سداد التزاماتها الخارجية، لكن المؤشرات المالية وتراجع السيولة الأجنبية تشير إلى صعوبة مصر فى سداد هذه الالتزامات.
ومن جانبها، خفضت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني، تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل إلى B بدلًا من +B" مع نظرة مستقبلية سلبية.
استندت المؤسسة في خفض تصنيف قدرة مصر على الوفاء بالالتزامات طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، والنظرة المستقبلية السلبية إلى زيادة مخاطر التمويل الخارجي في ضوء احتياج البلاد إلى تمويلات خارجية مرتفعة، مع صعوبة شروط الحصول عليها، ويتزامن ذلك مع وجود حالة من الغموض الشديد وعدم اليقين في مسار أسعار الصرف، وتراجع احتياطيات السيولة الخارجية.
حذرت المؤسسة من مخاطر تدهور الثقة إذا تأخر انتقال البلاد إلى سياسة مرونة أسعار الصرف، والذي ربما يؤدي أيضًا إلى تأخر تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي. وأوضحت أن التقييم أخذ في اعتباره أيضًا تدهور مؤشرات الدين العام، بما في ذلك نسبة تكلفة فوائد الديون إلى إيرادات الحكومة، والتي قالت المؤسسة إنها تشكل خطرًا على استدامة الديون في المدى المتوسط إن لم يتم تعديلها.
وقالت «فيتش» إن المستثمرين مترددين في دخول أسواق العملة الأجنبية في ضوء الغموض الذي يحيط بمستوى أسعار الصرف وتدخل بنوك القطاع العام بصورة أضعفت الثقة في تبني نظام مرونة سعر الصرف، متوقعة مزيدًا من تراجع قيمة العملة المصرية قبل أن تستقر في السنة المالية التي تنتهي في يونيو 2024.
وأضافت المؤسسة أن التضخم، ونقص العملة الأجنبية، وتقشف السياسة المالية، وعدم اليقين بشأن أداء الاقتصاد، كل ذلك سيؤثر سلبًا على معدل النمو، الذي سيتباطأ إلى 4% في نهاية السنة المالية الحالية مقارنة مع 6.6% في 2022، قبل أن يتعافى إلى 4.5% في العام المالي 2024.
تحويلات المصريين
شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج تراجعا بنسبة 23% خلال النصف الثاني من العام على أساس سنوي، لتصل إلى 12 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي الصادرة، مقارنة ب 15.6 مليار دولار فى الفترة نفسها من العام الماضي.
وتراجعت تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 20.9% في الفترة بين يوليو وسبتمبر من العام الماضي، لتسجل 6.4 مليار دولار، مقارنة بنحو 8.1 مليار دولار في الفترة نفسها من 2021.
الأصول الأجنبية
اتسع عجز صافي الأصول الأجنبية لمصر خلال مارس الماضي بنحو 1.47 مليار دولار، ليتجاوز 24.46 مليار دولار مقابل نحو 23 مليار دولار، في فبراير. ويمثل صافي الأصول الأجنبية الفارق بين ما يملكه القطاع المصرفي من أصول بالعملات الأجنبية والالتزامات بالعملات الأجنبية تجاه غير المقيمين. وبذلك يكون عجز صافي الأصول الأجنبية قد اتسع بنحو 4.56 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الجاري. وكشفت بيانات البنك المركزي أنه في الوقت الذي انخفض فيه عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي بنحو 217.6 مليون دولار في مارس، اتسع فيه العجز لدى البنوك التجارية بنحو 1.68 مليار دولار.
وجاء اتساع عجز البنوك التجارية في ظل انخفاض الأصول بالعملة الأجنبية إلى 13.5 مليار دولار مقابل 15.2 مليار دولار في وقت استقرت فيه التزاماتها بالعملة الأجنبية عند 29 مليار دولار. واستقرت الأصول بالعملة الأجنبية لدى البنك المركزي عند 33 مليار دولار في وقت تراجعت التزاماته بنحو 194 مليون دولار إلى 42 مليار دولار.
القطاع غير النفطي
كشف مؤشر مديري المشتريات الصادر عن«إس أند بي جلوبال» عن استمرار تباطؤ الشركات المصرية غير المنتجة للنفط .
تراجعت ظروف التشغيل إلى أضغف مستوى منذ ستة أشهر، مدعومة بتباطؤ انخفاض مستويات الطلب وتراجع الضغوط التضخمية. ومع ذلك، استمرت قيود الاستيراد والأسعار المرتفعة بشكل عام في إلقاء العبء على المخزون.
ووفقاً للشركات التي شملتها الدراسة، استمر طلب العملاء الضعيف المرتبط بارتفاع التضخم في لعب دور رئيسي في تراجع المبيعات. وظلت الشركات تشير إلى القيود المفروضة على السلع المستوردة باعتبارها مثبطاً لزيادة القدرة الاستيعابية.
مع تباطؤ تضخم التكلفة، والجهود المبذولة لتعزيز المبيعات، انخفض معدل الزيادة في أسعار الإنتاج للشهر الثالث على التوالي، وكان الأقل منذ أغسطس الماضي.
ورغم التفاؤل بسبب تراجع معدلات تضخم التكاليف، تراجعت توقعات إنتاج الشركات للعام المقبل إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في شهر أبريل. وأشارت الشركات إلى أن ضعف الطلب على الصعيدين المحلي والخارجي، وارتفاع مستويات الأسعار، يعني أن مسار النشاط المستقبلي لا يزال غير مؤكد إلى حد كبير.
سوق موازية
استمرار الوضع الحالي فى مصر يثبط الاستثمار المحلي والأجنبي أيضاً.. و كلما ازدادت أهمية السوق الموازية كمصدر للعملات الأجنبية للتجار، زاد احتمال أن يتم تحديد الأسعار المحلية بواسطة سعر السوق الموازي بدلاً من السعر الرسمي.. وهذا يعني ضياع ميزة محتملة تتمثل في الحفاظ على عملة قوية نسبياً.. بحسب «جولدمان ساكس»
وقال البنك الأمريكى إن مصر تواجه معضلة صعبة لتحديد مسار الجنيه الذي يضغط على اقتصاد البلاد ويقفز بمعدلات التضخم التي لم تهدأ حتى بعدما رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة ألف نقطة أساس العام الماضي.
تتمثل المعضلة في موازنة السلطات المصرية بين تكاليف خفض قيمة العملة والانتقال إلى نظام سعر صرف مرن مقابل المخاطر الاقتصادية المحتملة من استمرار السوق الموازية.
وأشار البنك إلى أن تشترط السلطات المصرية تحسين سيولة العملات الأجنبية في السوق قبل التحرك نحو سعر صرف مرن، وفق تقديرات البنك الأمريكي، الذي أشار إلى ترقبه إحراز تقدم في بيع أصول الدولة عبر برنامج الطروحات الحكومية قبل إجراء أي تعديلات أخرى على سعر الصرف. وقال أن اتخاذ هذا الإجراء من شأنه أن يقلل من مخاطر تراجع سعر الصرف على نحو كبير والعواقب الاقتصادية السلبية المرتبطة به، مؤكداً أن هذا الأمر يعتمد على مدى قدرة السلطات على المضي قُدماً في برنامج الطروحات الحكومية على المدى القريب.
المزيد من التأخير على هذا الصعيد، سيجعل تجنب تعويم قاس للجنيه أمراً أكثر صعوبة، وفق تقرير البنك مشيراً إلى أن الضغط من صندوق النقد الدولي من المحتمل أن يؤثر على الانتقال إلى مزيد من المرونة في سوق العملة، إذ إن الانتهاء من المراجعة الأولى في إطار البرنامج الحالي مع الصندوق يعتمد جزئياً على الأقل على حدوث التعويم.
ويرى البنك، في سرده لأسباب عدم قيام السلطات بتبني سعر مرن إلى الآن، أن المزيد من تخفيض قيمة العملة لن يؤدي إلى حل أزمة الاختلالات الخارجية، إذ يرجح أن تظل الواردات عند المستويات الحالية، وبالتالي سترتفع تكلفة الواردات وستساهم في تقييد الوصول إلى العملات الأجنبية. كما أنه يستبعد "أن يؤدي المزيد من خفض قيمة العملة إلى تحسين المعروض من العملات الأجنبية". لكنه يقول إن الدخول في دوامة تضخم قد تكون أحد أسباب عدم قيام الحكومة باتخاذ خطوات لتطبيق سعر صرف مرن.
في الوقت نفسه، فإن استمرار الأوضاع الحالية دون تغيير، يعني تحول تدفقات العملات الأجنبية بعيداً عن السوق الرسمية، ويشمل ذلك تحويلات المصريين المغتربين في الخارج، كما أنه يشجع الممارسات السيئة مثل الإفراط في فواتير الواردات والصادرات بأقل من قيمتها، وفق التقرير، الذي أشار إلى أن سوق العملات الأجنبية الموازية المزدهرة تسير عادة جنباً إلى جنب مع اقتصاد موازٍ مزدهر.
بيع الأصول
قالت وكالة «موديز» إنَّ التطور في خطة مصر لبيع أصول الحكومة، أحد العناصر الرئيسية في برنامجها مع صندوق النقد الدولي، أبطأ من المتوقع. وأضافت الوكالة أن السحب من السيولة الأجنبية، كما يشير مركز صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي، استمر في يناير وفبراير، بعدما كان قد توقف في نهاية 2022.
أوضحت أنه لذلك فإنَّ مخاطر المزيد من خفض العملة ما زالت موجودة، ما يضع مزيدًا من المخاطر على قدرة مصر على خدمة الديون ووضعها في شكل مستدام.
وقالت إن هدف الصندوق الكمي يستوجب رفع صافي الاحتياطيات الأجنبية، بعد استبعاد الالتزامات، ب6 مليارات دولار إلى 23 مليار دولار في يونيو من نحو 17 مليار دولار في مارس بشكل تقريبي تم تقديره بحسب المؤسسة بناءً على طرح الاحتياطيات الأجنبية السائلة والبالغة 26.5 مليار دولار من 9 مليارات دولار الالتزامات الأجنبية على البنك المركزى.
ولتحقيق المستهدف يتعين على البنك المركزي خفض عجز صافي الأصول الأجنبية لديه ب6 مليارات دولار خلال الشهور ال3 المقبلة إلى نحو 3 مليارات دولار في يونيو، وعدم القدرة على تحسين وضع صافي الأصول الأجنبية لديه، وزيادة الاحتياطي بالعملة الأجنبية سيستمر في التأثير على السيولة بالعملة الأجنبية.
انخفاض جديد للعملة
توقعت وكالة «ستاندر آند بورز» انخفاضاً إضافياً في قيمة الجنيه، بموازاة خفض النظرة المستقبلية للبلاد إلى سلبية. رغم توقعها تدفقات داخلة كافية لتغطية عجز الحساب الجاري في مصر حتى السنة المالية 2026، تُقدِّر وكالة التصنيف الائتماني بلوغ متوسط احتياطيات البنك المركزي الإجمالية حوالي 32 مليار دولار خلال تلك الفترة، بما يناهز نصف المستوى الذي يراه صندوق النقد.
كما تتوقع "ستاندرد آند بورز" أن يصل انخفاض قيمة العملة المحلية إلى حوالي 53% بنهاية السنة المالية الحالية حتى 30 يونيو، مقارنةً بسعر الصرف قبل 12 شهراً. على أن "يتبعه انخفاض متواضع في السنوات اللاحقة.
"ستاندرد آند بورز" أبقت تصنيف مصر عند (B)، أي أعلى بسبع درجات من مستوى التخلف عن السداد، وعلى قدم المساواة مع نيكاراجوا والجبل الأسود وأوغندا.
وأكدت الوكالة أنه "قد لا تغطي مصادر التمويل المصرية متطلبات التمويل الخارجي المرتفعة" للسنتين الماليتين الحالية والمقبلة، والتي تُقدَّر بنحو 37 مليار دولار بشكلٍ تراكمي.
حذرت الوكالة من أن عدم إحراز تقدم "في تنفيذ الإصلاحات، التي أُعلن عنها في ديسمبر الماضي، يزيد من مخاطر تأخر الداعمين، بمن فيهم دول الخليج العربي الثرية، "بتزويد مصر بالأموال المتفق عليها، أو عدم قيامهم بذلك إطلاقاً، مع ما يترتب على ذلك من آثار على الواردات، والتضخم، وأسعار الفائدة، وتراكم الدين الحكومي ودفعات الفائدة.
بحسب الوكالة فإن حوالي 70% من الدين الحكومي المصري هو محلّي وبالجنيه، وتوجِه الحكومة أكثر من 40% من إجمالي إيراداتها لخدمة مدفوعات الفوائد، وهي ثالث أعلى نسبة من بين 137 دولة تقوم الوكالة بتصنيفها على مستوى العالم.
سلطت الوكالة الضوء على أن أحد الأسباب الرئيسية لتعرض العملة المصرية لضغوط مؤخرًا يتمثل في ادخار الشركات لأرباحها من العملة الأجنبية، نظرًا لعدم اليقين بشأن قيمة الجنيه في حين أن الصناعات التي تجني الدولار تتشبث به. أما سوق الإقراض ما بين البنوك فتشهد توافراً محدوداً نسبياً من العملات الأجنبية، نظراً لقلّة ارتياح البنوك المحلية والدولية لمستوى عدم اليقين بشأن السياسة النقدية".
الصكوك المصرية
تراجعت أسعار الصكوك المصرية المقومة بالدولار المطروحة في بورصة لندن إلى نحو 90 سنتًا لكل دولار، مقابل 99.875 سنت للدولار، ما يعني أنها فقدت نحو 10% من قيمتها خلال شهرين من طرحها. ويعكس انخفاض قيمة الصك ارتفاع العائد المتداول في الأسواق الثانوية، وهو الذي يتحدد على أساسه قيمة الطروحات المقبلة، لكنه لا يؤثر على الطرح الحالي.
أسواق الدين
تمر أسواق الدين المصرية بحالة تأهب لم يسبق لها مثيل وسط قلق متزايد من احتمال التخلف عن سداد مدفوعات سندات في غضون عام. تتزايد المخاوف من اقتراب وقوع أزمة، إذ تراجعت ثقة بعض المستثمرين في قدرة الحكومة التي تكافح للحصول على التمويل الخارجي بعد الأزمات المتعاقبة. أدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة التأمين ضد مخاطر التخلف عن سداد الديون السيادية في الأشهر ال12 المقبلة إلى مستوى قياسي، مما تسبّب في زيادة العلاوة على عقود السنوات الخمس إلى أعلى مستوى على الإطلاق.
يُتداول نحو 33.7 مليار دولار من سندات "اليوروبوند" المصرية- أي ما يقارب 86% من أوراقها المالية الدولية القائمة- بأكثر من 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، وهو حد تُعتبر عنده الديون في حالة تعثّر.
وقال جوردون باورز، المحلل في "كولومبيا ثريد نيدل إنفستمنتس" ومقره لندن، إنَّ انعكاس منحنى الائتمان يدل بالتأكيد على أنَّ السوق ترجّح بشكل أكبر التخلف عن السداد على المدى القريب.
وقفزت عقود مقايضة العجز الائتماني في مصر لمدة عام 1000 نقطة أساس هذا الشهر لتصل إلى 2283 نقطة عند إغلاق التداول في نيويورك. وفي الوقت نفسه، صعدت العقود التي يبلغ أجلها خمس سنوات بنحو 390 نقطة أساس لتصل إلى 1703 نقاط.
تم تداول السندات المستحقة في مايو 2024 عند أدنى مستوياتها على الإطلاق عند 82 سنتاً للدولار، وهوت ديونها للآجال الأطول لتصل إلى مستويات التعثّر، ليتداول الإصدار المستحق في 2061 عند نحو 49 سنتاً.
حذرت وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس" أيضاً من أنَّ المخاطر على "القدرة على تحمل تكلفة الديون، واستدامة الديون" للحكومة آخذة في الارتفاع، في ظل التقدم الأبطأ من المتوقَّع في مبيعات الأصول، واستئناف سحب السيولة الأجنبية.
وبينما يُضخم ضعف الجنيه قيمة التزامات الديون المقومة بالعملات الأجنبية، ستكافح مصر لتحقيق "خفض ذي مغزى" في نسبة الدين الحكومي العام إلى الناتج الاقتصادي، وهو ما تتوقَّع "موديز" بلوغه 91.3% للعام المالي 2023.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.