لقطات لعبة القط والفار د.جودة عبد الخالق كما هو معروف، يُستخدَم تعبير "لعبة القط والفار" رمزيا للدلالة على صراع بين طرفين لا يؤدى إلى نتيجة حاسمة، لكنه يستمر. وهكذا الحال في المحروسة حاليا. فلعبة الدخول والأسعار التي اخترعتها حكومتنا السنية لا تؤدى إلى نتيجة حاسمة، اللهم إلا استنزاف جيوب المصريين وحرق أعصابهم. لكنها عرض مستمر! الحكومة تتخذ إجراءات "تُشعلِل" الأسعار وتسميها "إصلاح اقتصادى" (مثل تخفيض الجنيه وطبع البنكنوت وتخفيض الدعم، …، إلخ). فتستنزف جيوب خلق الله وتحرق أعصابهم، ثم "تتكرم" عليهم بزيادة متواضعة في الدخول. لكن نار الأسعار ستزداد اشتعالا لتأكل الزيادة المتواضعة في الدخول، لأن كل ما تفعله الحكومة أنها تصب الزيت على النار. ثم يأتي رمضان، فتقدم لهم وجبة شهية من الدراما الرمضانية لتفريغ الغضب المكتوم. وتستمر اللعبة. هذا الكلام ليس من اختراعى؛ إنه عمل الحكومة "الأسود". ومهمتى هي التوضيح فقط لا غير. ففي الأسبوع الماضى أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن أرقام الغلاء الفاحش، والذى يسمى تأدبا "التضخم". وطبقا لما أعلنه الجهاز، سجل معدل التضخم لإجمالي الجمهورية 32.9% بين فبراير 2022 وفبراير2023. يعنى طبقا للجهة الرسمية المسئولة، الغلاء كان 33% خلال السنة الأخيرة. الأخطر من ذلك أن الأسعار ارتفعت بنسبة 7.1% خلال الشهر الماضى فقط. طبعا لم ترتفع أسعار كل السلع والخدمات بهذه النسبة لأن هذا هو المتوسط العام. مثلا، خلال الشهر الماضى فقط: ارتفعت أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 9.2%، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 29.7%، مجموعة الخضراوات بنسبة 5.3%، ومجموعة الصحف والكتب والأدوات الكتابية بنسبة 2.3%. لاحظ أن هذا الارتفاع الجنونى حدث فى شهر واحد فقط، فما بالك بالمعدل السنوي! معنى ذلك أن الغلاء في سنة 2023 سيكون أضعاف ال 30% التي أعلنه الجهاز لعام 2022. في المقابل، أعلن وزير المالية، تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس، عن حزمة ل"تحسين" أجور العاملين بالدولة والمعاشات اعتبارًا من الشهر القادم بتكلفة تقديرية 150 مليار جنيه سنويًا. وقد يبدو الرقم الاجمالى للزيادة المقررة مهولا: 150 مليار جنيه! لكن كما نقول فى أمثالنا: "العدد في اللمون". كما أن "الشيطان يكمن في التفاصيل". لنتأمل معا: 8٪ علاوة دورية للمخاطبين بالخدمة المدنية، و15٪ علاوة خاصة لغير المخاطبين. (الزيادة أقل بكثير من نسبة التضخم). 300 جنيه زيادة في حافز الأداء للمعلمين بالتربية والتعليم والأزهر الشريف. 300 جنيه زيادة في حافز الجودة شهريًا لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمعاهد والمراكز البحثية. (بالكاد تشترى كيلو لحمة ولا تشترى فرخة). وأضاف الوزير أن الخزانة تتحمل 8 مليارات جنيه لرفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل السنوي بنسبة 25٪. مع زيادة الفئات المالية الممنوحة للمستفيدين من «تكافل وكرامة» بنسبة 25% بتكلفة 6,5 مليار جنيه سنويًا، وزيادة المعاشات بنسبة 15٪ بإجمالى 55 مليار جنيه سنويًا. معذرة أعزائى القراء إن كنت قد أثقلت عليكم بالأرقام. لكنى اكتفيت بالحد الأدنى اللازم لتوضيح حقيقة ما تفعله الحكومة بالمواطنين. إنها تأخذ منهم باليمين أكثر مما تقدمه لهم بالشمال. هذا هو الوضع. وهذه هي سياسة الحكومة لسداد الديون التي أغرقتنا بها- داخلية وخارجية. ليس هذا فقط، بل هي تجردنا من ثروتنا القومية من خلال ما تسميه برنامج الطروحات (يعنى الخصخصة). ثم أنها تضحى بالمواطنين على مذبح التجار. وإلا فكيف لم نسمع عن تاجر مستغل لقى جزاءه، أو عن محتكر لأقوات الغلابة أخذ عقابه. الأمر ليس صدفة. فالتجار والسماسرة والنهَّابون يعيثون في محروستنا فسادا برعاية كريمة من حكومتنا السنية. الأسعار ترتفع كل يوم، وليس فقط كل شهر أو كل سنة. نعم الأسعار ترتفع كل يوم، تحت سمع وبصر الحكومة. والأخيرة تكتفي فقط بالتصريحات العنترية حول ضبط الأسعار، بدلا من ضبط وإحضار التجار. هذا ليس اقتصاد السوق. إنه اقتصاد السوء.