إخراج: كمال عطية- قصة : يحيي حقي- سيناريو وحوار: صبري موسي-شركة القاهرة للانتاج السينمائي- الموسيقي التصويرية : فؤاد الظاهري- مدير التصوير: جوتسكو- بطولة: سميرة أحمد- شكري سرحان- أمينة رزق- عبد الوارث عسر- صلاح منصور- محمد توفيق- عزت العايلي- سعد أردش- ماجدة الخطيب- فتحية عبد الغني- فتحية شاهني- حسين إسماعيل- عباس رجب- عبد المنعم إسماعيل- جميل عز الدين- فتحية علي- عباس الدالي- فوزي درويش- والنجمة الألمانية : م. كوليكوفسكي- تاريخ العرض: 4 نوفمبر 1968- مدة الفيلم: 105 دقيقة يحتل فيلم " قنديل أم هاشم 1968 " المركز (63) فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية, وفي قائمة مكتبة الإسكندرية 2007 حصل علي المركز (48), حكي يحيي حقي في لقاء بالتليفزيون الكويتي 1989: كنت لا أوافق علي تحويل قصة "قنديل أم هاشم" إلي العمل سينمائي, ربما لأنها تفتقد إلي الحدوتة, كونها تدور حول فكرة فلسفية حول الصدام بين الشرق والغرب, والفيلم لم يحقق نجاحا في دور العرض الراقية, إنما حقق نجاحا في دور العرض بالأحياء الشعبية, عنصر الحدوتة في أعمالي ضئيل مقابل عنصر الوصف. كتبت اسراء إمام : ناقش الفيلم العديد من الأفكار المغردة خارج السرب، حول قدر التساؤلات التى طولب بطرحها كما هى، مُحلِقة لا تحط على أرض، ومنغلقة على دائرتها المفرغة دون أن تبلغ وصول. فالأمر لم يتوقف على خوض منطقة درامية غير مسبوقة، أو الانتقال من مسار حدثى متوقع إلى آخر مفاجىء وكفى. وإنما يرتبط أيضا بمدى غرابة المنهج الذى اتبعه فى عدم السعى لتضليل فكرة على حساب الأخرى، ونصر شخصية بعينها أمام نظيراتها. فلم نكره إسماعيل وأفكاره، ولم يراودنا المثل مع أهله، كما أننا لم نحب أو ننقاد إلى فكر أى من الطرفين للنهاية. إنه تناول آدمي، قليلا ما نقابله فى كتابة سينمائية، ينتمى إلى كل المفاهيم الفكرية التى طرحها، ويولي ملابساتها وخصالها الإنسانية إهتماما وحسبانا. إنه يحاكى طبيعة التكوين البشرى إن وضع حقيقة فى وضع مُلتبس مماثل. ثمة مناطق ضعف ملحوظة فى سيناريو "موسى" أخفق فيها فى التماس مع الحالة الحية لرواية حقى، مثل الفترة التى مكث فيها إسماعيل طوال سنوات دراسته فى ألمانيا. لتبدو حياته سطحية، ساذجة، لا معنى لها ولا قيمة. تم التطرق إليها من باب العلم بالشىء، لا أكثر ولا أقل. حتى العلاقة التى ربطته بألمانية مقيمة هناك، بدت كعلاقة كرتونية غير معروف بدايتها من نقطة نهايتها، علاقة لم تكتف فى حضورها بأن تكون مجرد علاقة بسيطة، وإنما سعت نحو التفذلك لأكثر من ذلك، فبدت شديدة التفاهة والفراغ.. تماما مثل إطلالة العاهرة التى كانت تأتى دوما لمقام أم هاشم، والتى تكررت رؤية إسماعيل لها بعد عودته من ألمانيا، لتنشأ بينهما علاقة ود طفيفة. إنها شخصية متوارية، لم يكتمل بناها من الأساس، كما أن العلاقة التى جمعتها بإسماعيل قفزت لمنحنيات صعود غير مفهومة وبلا تمهيد. إنها نصف خبر، يُلقى لك به السيناريست دون أن يتقن حكيه، معتبرا إياه مفهوما وهينا. يتكرر الأمر مع الدكتور المصرى، الذى يلجأ إليه إسماعيل بإعتباره صديقه بعد عودته من ألمانيا مباشرة، أى صديق هذا الذى بقى معه على هذه الدرجة من الحميمية وهو غائب منذ سبع سنوات، فهو شخص مقرب إلى قلبه لدرجة أنه يفاتحه فى مشكلته مع فاطمة، بينما يعرض عليه الثانى بكل أريحية أن يشاركه عيادته التى يجتهد فى بناها لنفسه منذ أمد. كل هذا ولم يتم ذكر هذا الشخص مرة من قبل، ولو بإعتباره حتى من المقربين الذين يراسلون إسماعيل فى سفره. تمهيدات اهتم السيناريو بالتعاطى معها، تعتبر من المبررات أو الدلالات القوية على تصرفات الشخصيات، والمصير الذى آلت إليه. فمثلا، والد إسماعيل يصر على إرساله إلى الخارج بهيستيرية، لأنه صادف فى ذلك اليوم موظفين يستهزآن به وبولده، بينما كان يسعى لتقديم ورقه فى كلية الطب. مما يبرر موقفه غير المقنع على الإطلاق، بالتفانى فى الإغداق بالمصاريف على تعليم إسماعيل للحد الذى يجعله يبيع عفش منزله. أما حينما كان إسماعيل يعالج فاطمة، وبينما كنا متأهبين لشفاها، يقلقل "موسى" راحتنا التامة، ليشير بخفاء أن ثمة ما لا يعقب حمداه. فنجد فاطمة متأففة، بملامح قلقة دوما، وصوت ينوح أحيانا " الربطة دى بتضايقنى". فيجيب اسماعيل فى برود "طيب، طيب، هاربطلك الربطة البلدى بتاعتكم".. على الرغم من عدم كرهنا التام لشخصية إسماعيل، إلا أن السيناريو قدمه فى بداية الأمر، منذ سفره وحتى عودته، بصورة متعجرفة لا مبالية بشكل غريب، لا يليق تماما بطبيعة الأحداث القادمة، ولا يتواءم مع تكوين شخصية إسماعيل ذاتها. كتب سعيد جويد: يعتبر الفيلم تحفة فنية رائعة تجذب انتباه المشاهد المثقف حتى وقتنا هذا وذلك لأسباب كثيرة من أهمها روعة العمل الأدبي نفسه- الذي يحمل نفس الاسم- ومصداقيته وأصالته وأبعاده الجمالية والفلسفية العميقة حيث استطاع الكاتب تبسيط تلك المفاهيم العميقة المعقدة وتوصيلها للقارىء بأسلوب جذاب؛ فالقصة فيها أكثر من بعد فلسفي، كما أنها تلقي الضوء بشكل مباشر وغير مباشر على قضايا مصيرية في غاية الأهمية كالتفاعل والحوار بين الحضارات في الشرق والغرب فبطل القصة طبيب عيون سافر إلى ألمانيا للدراسة والبحث العلمي وبعد حصوله على درجته العلمية عاد إلى أرض الوطن حيث يعيش في إحدى المناطق الشعبية بالقرب من مسجد السيدة زينب لتحقيق ذاته من خلال تطبيق ونقل ما تعلمه من نظريات علمية وتجريديات في بلاد الفرنجة إلى تربة مصرية وبيئة غاية في الشعبية و المحلية فأدى ذلك إلى صراعات نفسية وأزمات وتحديات بالنسبة للبطل نتيجة للتناقض والاختلاف الواضح بين الثقافتين من ناحية وصعوبة تحويل النظريات المجردة الموجودة بالكتب و ترجمتها إلى سلوكيات وممارسات حية من لحم و دم من ناحية أخرى. كتب عزت عمر : الرواية بمثابة لوحة حيّة وكاملة التفاصيل أبدعها الروائيّ الذي عاش في المكان نفسه، ثمّ صاغها مكثّفاً زاوية الرؤية أو الكاميرا نحو ما ينبغي أن يكون سواء بالتحرر من هذا العالم الاستثنائي الذي لا يرمز إلى شيء سوى الجهل والتخلّف والابتعاد عن الدين نفسه، أو دحض آليات التفكير بمنجزات العلم الحديث وبخاصة الطبّ باعتباره على تماس مباشر بحياة الناس.. ولكنه قبل ذلك ذهب إلى الدرديري حارس القنديل معلناً تفهّمه لمسألة الزيت، وأنه بدءاً من اليوم سيعالج مرضاه به إلى جانب أدويته، وبذلك لقي القبول الشعبي، وهي لقطة موفّقة نقدّرها للروائي المستشرف للزمن المقبل. كتبت د. نيفين عبد الجواد: وستظل رواية "قنديل أم هاشم"، وكذلك الفيلم السينمائي الذي يحمل اسمها، من الأعمال الروائية والدرامية التي ستخلد اسم مبدعها وكاتبها "يحيى حقي"، بالإضافة إلى كل صناع الفيلم الذين ترجموا قصته للشاشة ترجمة بصرية ذات علامة مميزة، بدءًا من صبري موسى كاتب السيناريو والحوار، ومرورًا بفؤاد الظاهري صاحب الموسيقى التصويرية التي نقلتنا لجو المناطق الشعبية المصرية, وبالقطع لا يمكن أن نتجاهل عبد الوارث عسر، وأمينة رزق، وشكري سرحان، وصلاح منصور، وسميرة أحمد، وماجدة الخطيب، وعزت العلايلي. هذا بالإضافة إلى مخرج العمل كمال عطية الذي بالرغم من استخدامه للكثير من الرموز المباشرة عوضًا عن التعبير بالكلمات والألفاظ، إلا أنه يظل حتى الآن صاحب العمل الذي لم تنتج مصر بعد أكثر من خمسين عامًا ما هو أفضل منه من حيث طرح ومعالجة تلك القضية الشائكة على المستوى الإنساني. *** الأسطي حسن: د. اسماعيل انت فين يا راجل د. إسماعيل : زي ما انت شايف بتفرج علي درديري وعلي الناس, وعلي نفسي كمان الأسطي حسن: يا سي اسماعيل, انت بخير والناس بخير, مش ناقصهم حد غيرك د. إسماعيل : فاطمة ازيها الأسطي حسن: دموع ليل ونهار علشانك د. إسماعيل : عشاني ولا عشان عينيها الأسطي حسن: انت ايه يا سي اسماعيل وهي ايه, انت ناسي انك خطيبها وابن عمها, ما خلاص قضا ربنا ونزل د. إسماعيل : مش قضا ربنا يا أسطي حسن, ده الزيت الهباب اللي كنت بتحطهولها الأسطي حسن: لأ.. لا يا دكتور اسماعيل, لا وحياة الست أم هاشم , انا من يوم ما اخترعوا الششم والمراهم وأنا بطلت الزيت ده, لكن هما بيحطوه من ورايا معتقدين فيه وأنا ذنبي ايه, اسمع يا دكتور اسماعيل انت ليه ما تخدلكش شقة من أوضة ولا من أوضتين في الحي علي ناصية علي ميدان وتفتح عيادة د. إسماعيل : هنا في الحي الأسطي حسن: هنا في الحي د. إسماعيل :اللي ضيعت فيه عينين فاطمة ( فتاة صغيرة تقف في بلكونة) الفتاة: آبا يابا الراجل اللي كسر القنديل آهو الأسطي حسن: ولا يهمك الحي كله مفهوش دكتور غيري أنا, واللي عينيهم بتوجعهم كتير, وأنا راجل كبر يللا بقي حسن الختام, وشوية شوية الزباين تاخد عليك.. اسمع إذا كان يلزم قرشين اجيبهملك بس اعزم د. إسماعيل : كتر خيرك أنت راجل أمير, عن أذنك الأسطي حسن: الله .. أنت مروح د. إسماعيل : آهو كله مرواح.. البيت, الشارع, هنا, هناك, الواحد يلغي عقله ويسيب رجليه توديه مطرح ما توديه. *** لازال هناك أمل, الحياة مستمرة, الكل في حاجة للكل, الأسطي حسن الحلاق الذي يقوم بدور الطبيب المعالج لأهلي الحي يمد يعد العون للأمل الجديد ويسلمه الراية, ها هو خريج جامعات ألمانيا يأخذ الحكمة الخالصة, يحلل "الأسطي" الأمور باتزان وعقل ويضع الأشياء في أماكنها ومن دون تهويل أو مزايدات, بل ويرد إسماعيل إلي المنطق ويفتح له سبل العودة إلي الحي الذي خرج منه مطرودا قسرا أو طواعية, ويؤكد بأن زيت القنديل وهم لكن الناس يعتقدوا بأهميته, وهو أهم درس تلقاه, في الحارة كان الدرس الأخير الذي لم يطالعه في جامعات الجليد, العلم هو الخلاص, لكن المساس بمعتقدات الناس حتي ولو كانت زائفة خط أحمر, تحتاج للحنكة والوقت والحذر..