محمود دسوقى : العمل السياسي داخل الجامعات الطريق الصحيح للتنشئة السياسية اسلام فوزى: ليس هناك رغبة حقيقية فى مساعدة الشباب وتمكينهم حسن عماد مكاوى: ضرورة منح الشباب فرصة للمشاركة فى الحياة السياسية تحقيق: رضا النصيرى تجرى هذه الايام انتخابات الاتحادات الطلابية على مستوى الجامعات للعام الدراسى 2021/2022، والتى حسمت فى اغلبها بالتزكية ، حيث كشفت القوائم المبدئية التي تم إعلانها لعدد من الكليات في جامعات القاهرة الكبرى " القاهرة وعين شمس وحلوان" ، حسم ما يزيد عن 30% من مقاعدها بالتزكية لصالح المرشحين، لعدم اكتمال النصاب المقرر لكل كلية بالمقاعد التي يجب عليها التصويت والمقدرة بحوالي 56 مقعدا للكليات التي تعمل بنظام الدراسة 4 سنوات، و70 مقعدا للكليات التي تعمل بنظام ال 5 سنوات دراسية، الوضع الذى وصفه البعض ب " العزوف" عن المشاركة ، والسؤال هنا ما هى اسباب عزوف الشباب من طلاب الجامعة عن المشاركة فى الانتخابات ؟، وهل يمكن اعتبار ذلك بمثابة مؤشر لعزوف أوسع على مستوى الحياه العامة والسياسية؟ فعلى الرغم من ان للشباب دورا مهما فى الحياة السياسية، ودعوات الدولة بضرورة تقدمهم الترشح على كل المستويات، بداية من الحرم الجامعى وانتخابات الاتحادات الطلابية، وصولا للمشاركة بالترشح أوالتصويت واختيار المرشحين بعناية بالمجالس النيابية ، خاصة انهم من العناصر المهمة فى ثورتى 25يناير و30 يونيو، فإنهم يؤكدون انهم مهمشون فى الحياة العامة والسياسية، مما انعكس على عزوفهم بكامل ارادتهم عن المشاركة بانتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعة. ويرجع خبراء التعليم والقانون والشباب انفسهم اسباب العزوف عن ترشح الشباب لخوض اي من الانتخابات الجامعية والسياسية، الى افتقادهم المال والسلطة وعدم وجود الدعم من الحكومة والاحزاب، بالاضافة الى منع ممارسة اى نشاط حزبى او سياسى داخل أروقة الحرم الجامعى، مؤكدين أن مشاركة الشباب أحد أشكال الديمقراطية التشاركية، التى تعزز من التنمية السياسية، علاوة على أن تفعيلها سيقلل من حالة الفراغ السياسي التي يعيشها الشباب عبر تهميشهم وعدم الاهتمام بقضاياهم في برامج وأنشطة الأحزاب السياسية ، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في كيفية تفعيل طاقات الشباب، وإعادة جذبها إلى الأحزاب والعمل العام، وتفعيل دور المؤسسات الأهلية، وذلك من خلال إعادة صياغة أولوياتها وبرامجها انسجاماً مع الأجندة الوطنية، بما يحقق التكامل في العمل بينها وبين المؤسسات الرسمية. ثقافة السوق من جانبه، يرى " محمود دسوقى" ، امين اتحاد الشباب التقدمى بحزب التجمع، انه علي الرغم من تبني الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو لأطروحات متعددة لتأهيل الشباب وتمكينهم باعتبار ذلك سيكون دافعا وحافزا ايجابيا لدي الشباب لمشاركتهم في العمل العام، إلا أن ذلك لم يُثمر عن تقدم ملحوظ في زيادة المشاركة السياسية لدي الشباب ، ولم يصل بالأساس إلي الجامعات المصرية، مؤكدا أن هناك عزوفا واضحا من الشباب عن المشاركة السياسية ، والمشاركة في العمل العام ، مشيرا الى ضرورة أن نفرق بين مسألة التمكين السياسي التي تتم عبر قرارات تنفيذية أو توافقات سياسية باعتبارها إجراء استثنائيا ومؤقتا، وبين نشر ثقافة التطوع بين الشباب لتحفيزهم علي المشاركة في العمل العام من خلال فتح السبل أمامهم وإزالة الفجوات وأزمات الثقة المتراكمة والمتوارثة عبر سنوات طويلة ، وفتح أطر للإبداع والتعبير عن الذات ، ومسارات واضحة للتحقق الذاتي للشباب ، والتحقق في العمل العام ، من خلال ضمان تكافؤ الفرص. وأضاف " محمود" ، أن أزمة العزوف عن المشاركة بين الشباب، تراكمت في السنوات الأخيرة خاصة مع انتشار " ثقافة السوق " التي حولت الرياضة إلي سلعة والاستادات إلي متاجر والجامعات إلي ساحات لمهرجانات التسوق التجاري للشركات الرأسمالية ، ثقافة السوق التي هيمنت وخلقت صورة ذهنية لدي الطلاب بأن الجامعة شركة ربحية تقدم التعليم كسلعة، والتي بدورها جعلت من العزوف عن العمل الطلابي نتيجة حتمية لنشر تلك الثقافة ، في ظل عدم الاهتمام علي الصعيد الرسمي بالجامعة باعتبارها منارة للعلم والتقدم والتنوير، وحاضنة لتربية وتنشئة الكوادر المستقبلية في الأدب والسياسة والفن والرياضة وجميع مناحي الحياة . اللائحة الطلابية ويرى " محمود" ، انه منذ التعديل الأخير للائحة الطلابية تحولت الأنشطة إلي مجرد أعمال إدارية وروتينية ، خاصة مع إلغاء النشاط السياسي، والذي فضلاً عن كونه أحد أهم التأثيرات السلبية علي فاعلية الطلاب ومشاركتهم في الأنشطة ، فإنه يُنذر بكوارث مستقبلية ، حيث إن العمل السياسي داخل الجامعات هو الطريق الصحيح تاريخياً للتنشئة السياسية والممارسة الديمقراطية ، وهو السبيل لطرح الرؤى والأفكار والحوار حولهما من أجل جامعة تنويرية ، وهو الضمان بألا تتحول الجامعات لبؤرا تنظيمية للتطرف والتعصب ، مشيرا الى أن كل التجارب في تاريخ الحركة الطلابية المصرية تؤكد أن الانخراط في ممارسة الأنشطة الثقافية والفنية والأدبية والسياسية هي حائط الصد والدرع الواقي من التعصب والتطرف ليس فقط علي مستوي الأفكار ، ولكن حتى التعصب علي مستوي التفكير الفردي . ويقول " محمود"، إن ما تشهده اليوم الجامعات المصرية من عزوف عن المشاركة في الانتخابات الطلابية وصل إلي درجة أصفها " بالامتناع التام " ، يدل علي عدم حيوية الحركة الشبابية المصرية وفي القلب منها الحركة الطلابية ، والتي افتقدت لأي اهتمام علي المستويين الرسمي والسياسي ، في ظل تراجع ملحوظ حتى في الأنشطة الرسمية الروتينية ، وبات من المستحيل أن تجد سور كلية عليه مجلة حائط أو معرض لوحات فنية، أو تشاهد مدرج يتزاحم عليه الطلاب لمشاهدة بروفة فريق مسرح الكلية قبل العرض الأخير في أسبوع شباب الجامعات، أو تقع بين يديك فجأة استمارة لحضور معسكر لإعداد القادة، مشدداً على أن النشاط الطلابي داخل الجامعات سيظل هو المؤشر الحقيقي علي مقياس مشاركة الشباب في العمل العام ، وعلي حيوية الحركة الشبابية المصرية ، والتي لن تتحقق إلا بإعادة الاعتبار للحركة الطلابية المصرية، والاهتمام بها علي المسويين الرسمي والسياسي ، وتعديل اللائحة الطلابية بما يضمن فتح الآفاق والسبل لكل الممارسات الديمقراطية والأنشطة داخل الجامعة، في إطار مشروع متكامل يستهدف إعادة الجامعة لدورها الأصيل في تنشئة وصناعة القيادات المستقبلية ، ودورها كمنارة للعلم والاستنارة والتقدم . وأوضح أن الجامعة ليست حدائق للتنزه ولا متجراً يتسوق فيه الطلاب التعليم ، وليست قاعة مخصصة لمهرجانات التسوق ، بل هي التعليم والحرية والممارسة الديمقراطية والتفكير العلمي والاستنارة والتمثيل والمسرح والجوالة ومجلات الحائط وأسر طلابية متنافسة ، وجلسات سمر وحلقات نقاشية ومعسكرات ترفيهية وإعداد قيادات وأسبوع شباب الجامعات، الجامعة هي الثمرة الناضجة التي تحتوي خلاصة الفكر والعلم والممارسة السياسية والإبداع والتجربة وبناء الشخصية ،وإذا لم تتذوقها الأجيال القادمة تباعاً فلا أمل في حركة شبابية ديمقراطية تحمل علي عاتقها وتؤتمن علي مشروع بناء الدولة الوطنية المصرية بعد ثورة 30 يونيو . ارادة حقيقية فيما أكد اسلام فوزى، رئيس اتحاد الطلاب السابق بجامعة حلوان، ان جيل الشباب الحالى لديه الامكانات التى تؤهله للمشاركة السياسية ، والترشح فى الانتخابات وتولى مناصب قيادية فى البلد، ولكنهم يحتاجون الى دعم الدولة واكتساب الخبرة، مضيفا : لابد على الادارة السياسية ان يكون لديها ارادة حقيقية فى مساعدة الشباب وتمكينهم ، حيث ان هناك كثيرا من الشباب المصريين يسافرون للخارج ويتولون مناصب قيادية ويستفيد منهم الغرب اكثر من وطنهم، مشيرا الى ان الشباب يعلمون جيدا أنه بمجرد تخرجهم من الجامعة لن يجدوا احزابا تدعمهم ، وبالتالى اذا اراد احدهم الترشح مثلا بالانتخابات البرلمانية سيتم ذلك بشكل مستقل بدون أن يكون لديه القاعدة الجماهيرية التى يمكن ان تعطيه اصواتها، وعدم وجود التمويل الكافى الذى يمكن من خلاله عقد الندوات والمؤتمرات والدعاية والاعلانات والملصقات والظهور فى وسائل الاعلام، وكل ذلك ينتهى به الى عدم النجاح وعدم تكرار المحاولة والعزوف التام عن المشاركة فى الحياة العامة والسياسية . التدريب والتثقيف بينما يرى احمد السيد صلاح، نائب رئيس اتحاد جامعة الزقازيق السابق، أن دور الجامعة فى تنمية قيم الديمقراطية ودعم سلوك المشاركة السياسية يجمع بين بعدين، الأول بعد العمليات التثقيفية والإعلامية ، والذى يتطلب تركيز الجهد على ما يقدم للطلاب من معلومات, الأمر الذي يتطلب معه الاهتمام بتنمية الوعى السياسى ونشر ثقافة الديمقراطية ، وتنمية وعى الطلاب بالقضايا الكلية للوطن ، بالاضافة الى إعداد مساحة ملائمة فى برامج النشاط الثقافى بالجامعة لفهم واستيعاب مفردات الخطاب السياسى الرسمى ، واهتمام الإدارة الجامعية وإدارة رعاية الشباب بصيغ جديدة للخطاب مع الطلاب فى مناقشة قضايا المجتمع ومشكلاته. وأضاف احمد ، أن البعد الثانى ، هو بعد عمليات المشاركة والتدريب, والذى يعني بتركيز الجهد علي قياسات الأثر المتبقي من عمليات التعلم والسلوك الديمقراطي , مهارات السلوك السياسي , دبلوماسية العلاقات وإدارة الأزمات، الأمر الذى يتطلب الاهتمام بالأنشطة الطلابية وتدريب الطلاب على مهارات الخدمة التطوعية، وكذلك التأكيد على قيم الديمقراطية ،ومهارات السلوك الديمقراطى فى قضايا الحوار وإنجاز المهام الجماعية ،علاوة على زيادة الاهتمام بتدريب الطلاب على مسئوليات المواطنة المصرية ودلالات السلوك المرتبطة بها، وتدريبهم ايضا على مهارات العمل السياسى فى إدارة المواقف واتخاذ القرار، ومهارات الخدمة التطوعية فى مجالات العمل الوطنى ، مؤكدا أن تنظيم معسكرات طلاب الجامعة تعد بمثابة مناخ ملائم للعمل مع الطلاب , وجذبهم إلى الحوار الجاد حول قضايا الوطن وحفز إرادتهم للخدمة التطوعية، وذلك لاعتبارات مهمة أما دكتور حسن عماد مكاوى ، عميد كلية الاعلام السابق بجامعة القاهرة ، ففى رأيه ان من اسباب عزوف الشباب عن الترشح للانتخابات الطلابية بصفة خاصة، والانتخابات والحياة السياسية بصفة عامة، هو شعورهم بالعزلة وعدم الانصهار داخل المجتمع، بالاضافة الى ان الاحزاب لاتعترف بهم ، ولاتجعلهم يحتلون مواقع قيادية بداخلها، ومازالت تعتمد على قيادات كبار السن وشيوخ الاحزاب، بالرغم من ان الاحزاب هى الموقع الاساسى لتعليم الشباب ممارسة الحياة السياسية ، موضحا ان السبب الثانى فى عزوف الشباب، وضع المجتمع بما يشهده من احداث لاتتيح عقد ندوات واقامة حياة طبيعية لدى الشباب، بالاضافة الى ان الجامعات لاتمارس انشطتها بل تعتمد بدرجة اكبر على حماية المنشآت والافراد وتفتيش الداخلين والخارجين، وبالتالى الانشطة الطلابية التى كانت تمارس فى الماضى من خلال الاتحادات الطلابية لم تعد تتم بالقدر المطلوب . ويرى مكاوى، أن الشباب عندما وجدوا جميع الابواب مغلقة امامهم شعروا بنوع من الإحباط والعزوف عن المشاركة السياسية لان الدولة والاحزاب والجامعات ومراكز الشباب لاتحتويهم ،مؤكدا انه مازالت كل هذه العوائق موجودة ، ولمنح الشباب فرصة للمشاركة فى الحياة السياسية لابد على وزارة الشباب والرياضة ان تلتحم بالشباب بدرجة اكبر وتتيح لهم الفرص ، وان يكون هناك توعية شبابية تؤهلهم وتعرفهم بالعمل السياسى حتى يكونوا قادة للمستقبل وايجاد كيانات تعد الشباب للفترة القادمة كما كان فى الماضى .