المخرج: علي عبد الخالق – عن مسرحية ل علي سالم- فيلم من إنتاج جماعة السينما الجديدة : محمد راضي- مدير التصوير: رفعت راغب- سيناريو و حوار: مصطفي محرم- بطولة: محمود مرسي- صلاح قابيل- محمود يس- أحمد مرعي- صلاح السعدني- مديحة كامل- راوية عاشور- هالة فاخر- سهير الباروني- عبد الخالق صالح- حلمي هلالي- عبد العزيز أبو الليل- وسيلة حسين- أبو الفتوح عمارة- فتحية علي- الأغاني: عبد الرحمن الابنودي- الموسيقي التصويرية والألحان: حسن نشأت- مهندس الديكور: صلاح مرعي – تاريخ العرض: 1 يناير 1972, مدة العرض: 86 دقيقة. يحتل فيلم " أغنية على الممر 1972 " المركز (66) فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية, حصل الفيلم على عِدّة جوائز محليّة ودولية أهمها: جائزة مهرجان كارلو فيفاري – تشيكوسلوفاكيا، وجائزة مهرجان طشقند – أوزباكستان, وجائزة مناصفة من مهرجان سوريا السينما مع الفيلم الكويتي "بس يا بحر", الفيلم هو إنتاج لجماعة السينما الجديدة التي لا تملك شيئا علي الإطلاق غير حماس وموهبة أعضائها ورغبتهم الجادة في صنع سينما مصرية مختلفة. حكي المخرج علي عبد الخالق : تكلف الفيلم 19 ألف جنيه, ورغم الظروف الصعبة وقت إنتاجه قبل نصر أكتوبر المجيد- وجد مساعدة كبيرة من إدارة الشئون المعنوية حتى خرج الفيلم للنور وأن أغنيته الشهيرة التي تحولت إلى شعار للتضحية والفداء (تعيشي ياضحكة مصر) أبدعها الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي من رحم 29 محاولة لتوصيل المعاني التي انطلقت بها.. كتب مصطفي محرم في كتاب "حياتي في السينما" : قمت بكتابة سيناريو وحوار فيلم "أغنية علي الممر" كنت سعيدا بهذا السيناريو, وأري أنه شكل جديد في فن السيناريو لم أشاهد مثله حتي في الأفلام الأجنبية, قمت بالربط بين الفلاش باك وما يحدث داخل كهف الممر وخارجه أحيانا بطريقة التعارض والتناقض بين الصورة والحوار بشكل جدي بحيث يعطي معني ثالث يقوم بالكشف عن ملامح الشخصية وأغوارها.. حاول بعض المسئولين في المؤسسة تعطيل انتاج الفيلم لأغراض شخصية, اقترح المخرج علي عبد الخالق للخروج من هذا المأزق أن تقوم جماعة السينما بانتاجه, ودعم هذا الاقتراح الناقد سمير فريد وأضاف أن يتم ذلك بمشاركة مؤسسة السينما, وتشارك الجماعة بأجور العاملين في الفيلم وتقوم المؤسسة بتقديم قيمة تكاليف الفيلم ودفع 25% من الأجور, ثم بدأت مع المخرج في مقابلة الممثلين وترشيح الأدوار, رفض أحمد مظهر وأعترض أن يقوم باطلاق النار علي العدو أحد أفراد الموقع وليس هو الضابط القديم في الجيش والمعروف بفروسيته ودقة التصويب بالاسلحة, وعندما حاولنا أن نقنعه بأنه لا يمثل شخصيته, وانما شخصية الشاويش محمد ولكنه أصر علي التغيير, فأعتذرنا له, ثم جاء الاختيار علي محمود مرسي, ومحمود يس وصلاح قابيل وصلاح السعدني وأحمد مرعي, ووافقوا جميعا, قمنا بدفع 400 جنيه لعلي سالم ثمنا للمسرحية, بدأنا التصوير, وكنت أحيانا أحضر تصوير بعض المشاهد, وأثناء تصوير مشهد الكباريه فوجئنا بحضور المخرج حسن الإمام, وتظاهر بأنه أتي ليهنئ المخرج الشاب, ولكن بعد ذلك راح يطلق التشنيعات علي الفيلم, وقال "إيه يا خويا اسم الفيلم الغريب ده قال إيه اسمه "أغنية علي المر" فقد استخدم كلمة "علي" علي أنها اسم علم وليس أداة جر, استغرق عرض الفيلم في سينما ديانا حوالي 8 أسابيع بدعاية ضخمة من النقاد والكتاب, ولم يكتب عن فيلم مصري في تاريخ السينما مثلما كتب عن هذا الفيلم حتي أن المقالات في بعض الأحيان كانت تتصدر الصفحة الاولي من الجريدة, وأتي لمشاهدته وزير الحربية الفريق محمد صادق وسيد مرعي وعبد القادر حاتم, في عرض خاص بسينما ريفولي, الغريب في هذا الفيلم أننا لم نتلق دعما من الجيش, وكنا ندفع ايجار كل دبابة وكل بندقية ومكافآت للضباط المرافقين للتصوير(ص161). كتب كمال رمزي في جريدة الشروق: لا أعرف مسرحية نالت من الانتشار ما حققته «أغنية على الممر».. قدمتها فرق بيوت الثقافة، مراكز الشباب، شباب الجامعات، المدارس الثانوية والإعدادية، فالواضح أن هذه المسرحية، ذات الفصل الواحد، جاءت فى وقتها تماما، تلبى احتياجا معنويا، لدى جمهور المشاهدين، بالإضافة لكونها، فنيا، لا تتطلب سوى القدرات البشرية.. فى ليل الهزيمة الطويل، تألقت المسرحية كنقطة ضوء.. الراحل الذكى، على سالم، أدرك أن المسرح المصرى، وجمهوره، يتشوق إلى عمل يختلف، إن لم يتناقض، مع البكائيات السائدة عقب حرب 1967، فاختار، بفطنته الدرامية، تذكير اليائسين أن ثمة بطولات منسية، تتمثل فى صمود الإنسان المصرى، وصلابته، برغم ما حدث.. اختار على سالم أحد المواقع العسكرية، يدافع عنه خمسة جنود، فى قلب سيناء.. لم تصلهم أوامر الانسحاب، فكان عليهم الصمود، برغم تناقص الماء والطعام والذخيرة، وتحت قصف دبابات وطائرات العدو، يتمسك الجنود بمكانهم.. يواجهون مصيرهم بشجاعة.. لا يحتاج عرض المسرحية لمعدات أو امكانيات، فقط ستارة خلفية سوداء، ولأنها تخلو من العنصر النسائى، الذى لا يتوفر فى النجوع والقرى، لذا شقت المسرحية طريقها إلى عمق البلاد، ليقدمها الهواة فى أى ساحة أو فضاء، فوق مناضد أو كنبات، تحت ضوء الكلوبات. يبدأ الفيلم بظهور العناوين والأسماء، على خلفية صحراء وجبال سيناء.. تتوالى وجوه الجنود الخمسة التى اكتسبت من صخور الموقع نوعا فريدا من ملامح القوة والصلابة.. وينتهى الفيلم بصوت دبابات العدو وهى تقترب، بينما الجاويش أو الرقيب محمد، بأداء «محمود مرسى»، يتربص، وراء مدفعه الرشاش، مستعدا للمعركة الأخيرة، يغطيه الجندى شوقى «محمود ياسين».. إنهما آخر من تبقى.. بين البداية والنهاية، يسير الفيلم فى اتجاهين: أحدهما يتابع، بصدق، وقلب يقظ، ما يدور فى الواقع الآنى، راصدا تعبيرات الوجوه المتباينة، القلق، الأمل، الغضب، الفرح، الأسى، الرغبة فى الصمود.. أما الاتجاه الثانى، فيتمثل فى عودة الذكريات لكل فرد فى المجموعة، الأمر الذى يقربهم، كنماذج إنسانية، إلى عقل ووجدان المتابع، ويجعل الفيلم أعمق دفئا وأكثر حيوية. كتب إبراهيم الدسوقي في كتاب "سينما القطاع العام التحولات الاجتماعية والسياسية": جماعة السينما الجديدة الفصيلة التي حاولت الخروج عن الخط, خط السينما التجارية, ومحاولة إتاحة الفرصة نحو ميلاد سينما مصرية مغايرة ومختلفة وجديدة, فهي تجمعت بهدف تحريك المياه الراكدة, ودفع مياه جديدة, ووضع نظام مشاركة إنتاجية بين الجماعة ومؤسسة السينما – كانت مشاركة "أغنية علي الممر"- لعلي عبد الخالق إحداها, والفيلم نص مسرحي تحولي إلي عمل سينمائي تدور أحداثه حول نكسة 1967, وما تلاها في إحدي الوحدات العسكرية المصرية التي تجد نفسها في مواجهة العدو, وفي نفس الوقت عليها أن تحمي أرض الوطن عند منطقة عسكرية ما, كمنطقة الممرات, وفي رحلة المواجهة العسكرية, هناك مواجهة أخري اجتماعية/سياسية/فكرية لهؤلاء الجنود المصريين الخمسة, وكيف لهم المواجهة والصمود والاستمساك بالأرض والدفاع عنها, وأن المقاومة لم تنكسر ولايزال يتدفق دماء الوطن داخل عروق هؤلاء البشر, رغم إغراءات العدو, ولكنهم في النهاية هم أبناء مصر جاءوا من بيئات مختلفة ومن وسط أجواء فاسدة, لكن عليهم دفع الثمن مهما كلفهم ذلك من أرواحهم واحداً وراء الآخر, والصمود حتي النهاية. أبكى .. أنزف .. أموت وتعيشى يا ضحكة مصر وتعيش يا نيل يا طيب وتعيش يا نسيم العصر وتعيش ياقمر المغرب وتعيش ياشجر التوت وتلاميذ المدارس والنورج اللى دارس والعسكرى اللي دايس ع الصعب عشان النصر يا مراكب يا صوارى يا شوارع يا حوارى يا مرازع يا صوامع يا مصانع يا مطابع يا مينا يا كباري يا منادر يا بنادر يا منازل يا بيوت أبكى .. أنزف .. أموت وتعيشى يا ضحكة مصر المقاومة بالغناء من غير مغالاة أو مبالغة, بعد أن انسحبت القوات, وانقطع الاتصال, وتأخرت التعيينات والمؤن وأوشكت الذخيرة علي النفاذ, واقترب الاستشهاد لا محالة, يلقي عليهم العدو الانذار الاخير بالاستسلام, لكنهم لا يمتثلوا للأمر, وعندما يحاول "منير" التأثير علي الشاويش "محمد" بالاستسلام ينهره صارخا " مباخدش أوامر من العدو" ويعلو الصوت أكثر وأكثر حتي يغطي علي صوت القنابل في الصحراء القاحلة التي رويت بدماء زملائهم الشهداء.. وتتحول "وتعيشي يا ضحكة مصر" إلي نشيد وطني للعمال والفلاحين والطلبة والجنود والرجال والنساء والأطفال والحجر والشجر والطير.. أن قيمة الكلمات واللحن اكتسبت اهميتها من الموقف الدرامي التي حكيت من خلاله, وعندما تنجح الأغنية التي كتبها عبد الرحمن الأبنودي ولحنها حسن نشأت في تصوير الأمل الذي يتعلق به جنود محاصرون علي الجبهة وينتظرون الشهادة, فهي بحق تستحق الخلود.