دعم غير محدود للبحث العلمي وإثراء البحوث التطبيقية التي تساهم في خطط بناء الدولة الجامعة أصدرت وثيقة التنوير وأضخم مشروع لتطوير العقل المصري لتحقيق نهضة مجتمعية مشاركة مجتمعية فعالة عبر مبادرات الجامعة على المستويات القومية والعربية والأفريقية التنوير ممارسة عقلانية تقترن بالجرأة على استخدام التفكير العقلاني النقدي بالمعني الحداثي جامعة القاهرة أقدم وأعرق الجامعات العربية، منذ إنشائها في بدايات القرن العشرين وحتى الآن قدمت خطابا تنويريا من خلال رواد الحركة الفكرية والإبداعية والسياسية الذين تخرجوا فيها. ويرأس الجامعة الآن مفكر صاحب خطاب عقلاني مستنير، فهو أستاذ فلسفة إسلامية وله عشرات المؤلفات حول التجديد الفكري، إنه المفكر د. محمد عثمان الخشت، والذي أحدث نقلة نوعية في الجامعة في الفترة الماضية، مما جعلها ساحة للحوار الفكري والتعليمي المستنير. هنا حوار معه عن الجامعة ودورها في المجتمع. كيف ترى دور جامعة القاهرة في اللحظة الراهنة؟ تعمل الجامعة على مدار 3 سنوات من منطلق دورها المجتمعي والتنموي في العديد من الجوانب من بينها نجاحها في إنجاز العديد من المشروعات الكبرى والمتمثل أهمها في مشروع إنشاء جامعة القاهرة الدولية بمدينة السادس من أكتوبر، ومشروع تطوير المستشفيات الجامعية وفق أحدث الوسائل والنظم وبمعايير دولية وفق برامج زمنية محددة بهدف تقليل قوائم الانتظار وتقديم خدمات طبية على أعلى مستوى، وتقديم الخدمة الطبية المتميزة لجميع الفئات والقطاعات المترددة عليها. وللجامعة دور فعال في تطوير ودعم منظومة البحث العلمي والنشر الدولي، بما ساهم في تحسين التصنيف الدولي والوصول إلى العالمية، وإثراء البحوث العلمية التطبيقية ذات المنفعة العامة التي تساهم في دعم خطط الدولة نحو التنمية المستدامة، كما ساهمت في العديد من المشروعات البحثية، بلغت في عام 2020 فقط نحو 98 مشروعا بحثيا في عدة مجالات وبالتعاون مع مختلف مؤسسات الدولة بهدف المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، بالإضافة إلي تقديم نحو 33 مشروعًا ابتكاريًا وبراءة اختراع من عدة كليات، و32 من المشروعات البحثية ذات الصلة بالتوجه القومي والتنمية. التنوير تعملون على إبراز البعد التنويري للجامعة في السنوات الأخيرة. حدثنا عن أهم الخطوات في هذا الجانب؟ عملنا خلال السنوات الثلاث الماضية علي دعم الدور التنويري ونشر الثقافة داخل الجامعة وخارجها، ولتحقيق ذلك أصدرت الجامعة عام 2017 وثيقة الثقافة والتنوير، التي أعدها مجلس الثقافة والتنوير بشكلها النهائي، والتي تضمنت تحويل جامعة القاهرة إلى جامعة من الجيل الثالث، مع استعادة فكر الآباء المؤسسين في التنوير والعقلانية والتعددية والمواطنة، وفتح مسارات جديدة للتقدم وتوظيف المعرفة في التنمية الشاملة للدولة، والتوسع في التخصصات البينية وتنمية فكر ريادة الأعمال وإدارة المشروعات والبرامج التدريبية للإعداد لسوق العمل، وتضمنت وثيقة الجامعة للتنوير مجموعة من المبادئ التي حددت هوية الجامعة ومساراتها، وعملت الجامعة على تحقيقها على أرض الواقع على مدار الثلاث سنوات الماضية. كما أطلقت الجامعة مشروعًا ضخمًا لتطوير العقل المصري الذي يساهم بشكل كبير في تحقيق النهضة للمجتمع المصري، لأن مصر لن تتقدم تنمويًا إلا بتغيير أفكار الناس على أسس من الجدية والعمق والانتماء للوطن والرقي بالمنظومة القيمية واحترام القانون والبعد عن الخرافات والشائعات. كما نجحنا في تطوير المناهج الدراسية، وإدخال منهجي التفكير النقدي وريادة الأعمال لتطوير طريقة التفكير والعقل وتأسيس خطاب ديني جديد، والتي تعد أمورًا مرتبطة ببعضها، كما سعت الجامعة لتغيير ماكينة التفكير لدي الطلاب والأساتذة، وخلق أجيال جديدة قادرة على التفكير وإحداث التغيير والتنمية والنهضة الشاملة، فتغيير فكر الأشخاص سينعكس على العمليات الاقتصادية. كما أطلقنا معسكر قادة المستقبل لطلابها الذي يحمل عنوانه "تطوير العقل المصري"، والذي يأتي في إطار مشروع فكري تبنته الجامعة منذ 3 سنوات، استهدف تطوير العقل المصري ليقوم على التفكير العلمي والنقدي والعقلاني من أجل بناء مجتمع جديد متطور يساهم في تحقيق التنمية المستدامة للدولة الوطنية. المجتمع المدني هناك آفاق متعددة قامت بها الجامعة للتعاون مع المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية. إلى أي مدي أثمرت هذه الجهود في خلق حالة من التواصل بين الجامعة والمؤسسات الأخرى؟ شهدت الجامعة على مدار ال 3 سنوات الأخيرة، مشاركة مجتمعية فعالة من خلال المبادرات القومية والعربية والأفريقية، وإطلاق العديد من حملات التوعية، والقوافل الطبية، ووضع جميع إمكاناتها البشرية والمادية لخدمة قطاعات المجتمع المختلفة، انطلاقًا من الدور المجتمعي والتنموي والخدمي للجامعة ومسئولياتها تجاه المجتمع بمختلف قطاعاته، وساهمت الجامعة في خدمة الاقتصاد والمشروعات القومية والتنمية الشاملة في إطار سياسة الجامعة لدعم البحوث العلمية التطبيقية التي تخدم المجتمع. تتبني منهج التجديد والإصلاح الفكري على أكثر من مستوى، فما الصعوبات التي واجهتها، وما هي آفاق المستقبل التي تتطلع إليها؟ أرى أنه رغم أننا في عام 2021 لا يزال يحكمنا التفكير الأسطوري والخرافات ولا يزال كثير من الناس يؤمنون بالسحر والشعوذة والأعمال السفلية والأولياء والبعض يرى أن العالم تحكمه قوة خارجية، ولن يتغير المصري إلا بتغيير العقل الذي يعاني من مشكلة منذ قديم الأذل وفي الوقت الذي لم نتقدم فيه سبقتنا دول أخرى مثل «الصين وألمانيا وأمريكا»؛ لأنهم أخذوا بالتفكير العلمي واحترموا النظام، لذا لابد من تخلص العقل المصري من عدد كبير من المعتقدات ومنها ثقافات التآمر والتبرير وعدم النظر للأمور من جانب واحد فقط. وآفاق المستقبل الناجح في مصر لن تتحقق إلا بتغيير طريقة التفكير وبتغيير نظرتنا إلى أنفسنا وإلى العالم الخارجي وبلدنا، حيث إن تغيير طريقة التفكير تُعد أساسا لتجديد الخطاب الديني والثقافي والاجتماعي والسياسي، كما أنها عنصر أساسي لتنمية المجتمع وتقدم الدولة في الزراعة والصناعة والاقتصاد وإتاحة فرص العمل للشباب، ومصر لن تتقدم تنمويًا إلا بتغيير أفكار الناس على أسس من الجدية والعمق والانتماء للوطن والرقي بالمنظومة القيمية واحترام القانون والبعد عن الخرافات والشائعات. نشر الثقافة ما دور الجامعة في إحداث التغيير ونشر الثقافة بين أفراد المجتمع؟ عملنا منذ 3 سنوات علي نشر الثقافة التنويرية بين أفراد المجتمع المصري لأهميتها في إحداث التغيير المنشود للوطن والنهوض به، وذلك من خلال إصدار وثيقة الثقافة والتنوير التي تعتمد على 14 مبدأ، من بينها أن جامعة القاهرة مدنية، عقلانية، والحرية مكون أصيل من مكوناتها مع تأكيد حق الاختلاف وتنوع الفكر الخلاق في إطار الدولة الوطنية، وتأكيد هوية مصر المستنيرة القائمة على قيم التعايش وتقبل الآخر؛ خصوصا أن الجامعة شريك في صياغة هذه الهوية، وتحديد مفهوم التنوير بوصفه ممارسة عقلانية تقترن بالجرأة على استخدام التفكير العقلاني النقدي بالمعنى الحداثي؛ فالتنوير هو التفكير العقلي بشجاعة. كما تهدف وثيقة الثقافة والتنوير إلي تكوين خطاب ثقافي وديني جديد، وتأسيس تيار عقلاني عربي مقاوم للإرهاب والتطرف والرجعية من خلال إعمال العقل، والانفتاح على تجارب التنوير الأخرى والتيارات العالمية، بالإضافة إلى بناء نسق فكري مفتوح ومتحرر ومتطور في مواجهة النسق الفكري المغلق والمحافظ والجامد، وتكوين شخصية المواطن المصري لتكون قادرة على العمل الفكري والسياسي والإداري، وعدم التمييز على أساس ديني أو عرقي أو اجتماعي أو سياسي أو غيره من أسس التمييز التي تتعارض مع فكرة المواطنة. الأنشطة الطلابية العمل الطلابي أمل الجامعة الآن .. كيف تراه خاصة أن الدولة المصرية تعطي أولوية لتمكين الشباب؟ نعمل داخل جامعة القاهرة على النهوض بمستوى الطلاب الذين يمثلون نواة شباب مصر وهم أمل الوطن لتحقيق التنمية المستدامة، والفرص المتاحة أمامهم غير مسبوقة، ومصر زاخرة بالشباب والطاقات المبدعة القادرة علي دفع عجلة التنمية حيث يمثل الشباب نحو 60% من المجتمع المصري، وبالتالي تهتم الدولة المصرية بفئة الشباب وتمكينهم وتسليحهم بجميع الإمكانات للنهوض بالوطن. ونهدف إلى النهوض بفكر الطلاب وطريقتهم في التفكير على أسس من الجدية والعمق والانتماء للوطن والرقي بالمنظومة القيمية واحترام القانون والإبداع والإبتكار، وذلك من خلال مشروع تطوير العقل المصري الذي تتبناه الجامعة، والذي كان من أهم مخرجاته تطبيق مقرري التفكير النقدي وريادة الأعمال على طلاب الجامعة، حيث نعمل على ترسيخ هذه المفاهيم بين شباب الجامعة، وما تفرضه عملية تطوير العقل المصري من ضرورة تنمية قدرات الطلاب على التفكير النقدي والإبداع والابتكار، بما يفتح الباب أمام مشاركتهم في تطوير قدراتهم نحو التفكير العلمي والنقدي. وأولينا اهتمامًا كبيرًا بمجال ريادة الأعمال واحتضان رؤى الطلاب في مشروعاتهم المبتكرة لأهميتها في إحداث تأثير إيجابي داخل المجتمع ولكونها من أبرز محركات النمو الاقتصادي التي تساهم في خلق فرص العمل وتنويع مصادر الدخل، وبما يمثله ذلك من دور مهم ومحوري في الاقتصاديات العالمية. ولدينا داخل الجامعة إستراتيجية لتفعيل الأنشطة الطلابية المختلفة العلمية سواء على المستوى المركزي أو الكليات أو المدن الجامعية، ونحرص على استمرار تقديم بعض الأنشطة للطلاب بما يتلاءم مع الإجراءات الاحترازية المُتبعة في ظل جائحة كورونا، ومنها إتاحة مسابقات أونلاين للطلاب في المجالات الفنية والثقافية المختلفة بجوائز مالية قيمة للفائزين بالمراكز الثلاث الأولى. وهنا لابد أن نؤكد على أهمية الأنشطة أيًا كان أسلوب ممارستها بما يتوافق مع الظروف القائمة، وذلك لدورها في دعم المواهب لدى كل الطلاب واستثمار طاقاتهم، كما أنها يمكن أن تكون حلقة الوصل بين مرحلة الدراسة الجامعية وبين سوق العمل، لأنها ستساعدهم على تنمية المهارات العملية المطلوبة في سوق العمل. ونعمل على توسيع قاعدة المشاركة في تلك الأنشطة بين الطلاب، من خلال قيام جميع الكليات بإعداد برامج فاعلة للأنشطة الطلابية وإعلانها للطلاب، وتفعيل خطة الموسم الثقافي بكل كلية، إلى جانب الموسم الثقافي والفني على مستوي الجامعة، ليتضمن ندوات وأنشطة ثقافية وفنية ترتقي بالذوق العام. ونؤكد على دور إدارات رعاية الشباب في كل كلية، جنبًا إلى جنب مع رعاية الشباب على مستوى الجامعة، في العمل مع الطلاب وتوفير الأنشطة التي تناسبهم وتلبي احتياجاتهم. فجامعة القاهرة في الأساس تنتمي إلى المجال الوطني العام، لا تمييز من أي نوع، ديني، عرقي، سياسي، والجامعة مفتوحة للوعي السياسي، وليس للعمل السياسي، لأنه يؤدي إلى التحزب والانشقاق. البحث العلمي ما الخطوات العملية للنهوض بالبحث العلمي داخل الجامعة؟ نجحت الجامعة خلال ال3 سنوات الأخيرة في تطوير ودعم منظومة البحث العلمي والنشر الدولي بما ساهم في تقدم الجامعة بشكل غير مسبوق في مجال البحث العلمي، وإثراء البحوث العلمية التطبيقية ذات المنفعة العامة التي تساهم في دعم خطط الدولة نحو التنمية المستدامة، والوصول إلى العالمية، وذلك من خلال العديد من الإجراءات، حيث زاد إجمالي الأبحاث العلمية المنشورة باسم الجامعة في المجلات العلمية الدولية خلال 3 سنوات بما يعادل 22% من اجمالي الأبحاث المنشورة باسم جامعة القاهرة علي مدار تاريخها. واتخذت الجامعة العديد من الخطوات والاجراءات المهمة للنهوض بمنظومة البحث العلمي والنشر الدولي ودعمها والارتقاء بها، ومن بينها قيام الجامعة بتنفيذ أكبر تمويل للمشروعات البحثية في تاريخها بمبلغ 280 مليون جنيه، والإعلان عن جائزة جديدة ومكافأة خاصة لأعضاء هيئة التدريس والباحثين المتميزين في البحث العلمي، تتمثل في جائزة تكريم بقيمة 100 ألف جنيه للحاصلين على أعلى معامل تأثير وأعلى استشهاد، ومكافأة للمتقدمين ب 10 أبحاث دولية فأكثر بالعام خلال الإصدار الواحد. كما تمت زيادة مكافآت وتمويل النشر الدولي بنسبة 100%، وزيادة مكافأة النشر في مجلتي ساينس وناتشر إلى 150 ألف جنيه، وتقديم الدعم المادي للكليات لنشر بحوثها في المجلات الدولية، وضبط المعايير الخاصة بالنشر الدولي، وتحويل المجلات العلمية بالكليات إلى مجلات دولية، وإنشاء منصة للنشر الدولي لمساعدة الكليات لنشر بحوث أعضاء هيئة التدريس باللغة الإنجليزية في المجلات والدوريات العالمية، وإنشاء منصة لتوجيه البحوث العلمية لدعم المشروعات القومية والتنمية. وزودنا الكليات والمراكز البحثية بأحدث الأجهزة المستخدمة في البحث العلمي، ودعم مكتبات الجامعة بأحدث المراجع والدوريات العالمية، وتطبيق نظام بولونيا في الحراك الطلابي، وزيادة حراك أعضاء هيئة التدريس، واستقدام أساتذة أجانب بالتبادل مع أساتذة مصريين، والمساعدة في ترجمة الأبحاث المستحقة للنشر الدولي من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية، ودعم المشاركة في المؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى تعديل معايير جوائز الجامعة لربط البحث العلمي بالمشروعات القومية وقضايا التنمية المستدامة، وإنشاء منصة لتحقيق ذلك. كما استحدثت جامعة القاهرة – على مدار السنوات الثلاث الأخيرة – العديد من الجوائز للمشروعات البحثية في المجالات الابتكارية، من بينها جائزة لأفضل 3 كليات وأفضل 3 أقسام علمية من حيث مؤشرات النشر الدولي لدعم المنافسة بينها، ورصدت مبلغ 10 ملايين جنيه للكلية التي يتم تصنيفها ضمن أفضل 100 في التخصصات العلمية المختلفة، وأنشأت "كرسي بحثي" باسم الدكتور بطرس بطرس غالي في مجال العلاقات الدولية، كما تم إفراد جائزة خاصة باسم "نجيب محفوظ" للإبداع الأدبي والفكري، وجائزة "الأميرة فاطمة" بقيمة 100 ألف جنيه يتم منحها لعضوات هيئة التدريس ممن لهن مساهمات في خدمة المجتمع وتطوير الجامعة علميًا وأكاديميًا. كيف يمكن لجامعة القاهرة أقدم الجامعات العربية أن تقدم ما لديها من خبرات على مختلف الأصعدة للجامعات العربية ؟ بالتأكيد التعاون قائم ومستمر بين جامعة القاهرة والجامعات العربية الأخرى، ومن خلال ذلك سيتم تبادل الخبرات التعليمية والثقافية على أكثر من مستوى. ويأتي ذلك من إيماننا بأن تكوين العقل العربي يبدأ من الجامعة.