روسيا تستعد لحرب القطب الشمالى "بروبوتات" وبناء 15 كاسحة جليد لشق خطوط ملاحة القطب الشمالى أو المحيط المتجمد الشمالى أو أركتيكا، كل هذه تطلق على منطقة جغرافية واحدة وهى أقصى شمال الكرة الأرضية، وهى منطقة ليس لها تبعية لأى دولة، أى منطقة محايدة، والقطب الشمالى جغرافياً يقع أو تطل عليه ثلاث قارات هى آسيا وأوروبا وأمريكا، وتم إنشاء خريطة لاحتمالية تقسيم هذه المنطقة. بدأ الصراع على القطب الشمالى فى نهاية، عندما أعلنت كندا عن حقوق لها فى القطب الشمالى، حينها أعلنت محكمة العدل الدولية، أن هذه الأراضى يمكن ضمها لكندا فى حال أنه خلال مائة عام لم تثبت أى دولة أخرى حقوق لها فى تلك المنطقة. لكن فى عام 2004 أعلنت الدنمارك عن حقوق لها فى القطب الشمالى، نظراً لأن جزيرة جرينلاند التابعة للدنمارك تطل على القطب الشمالى. لكن الكرملين هو من أقلق الغرب بشكل فاق كل التوقعات، عندما رفعت موسكو العلم الروسى على منطقة القطب الشمالى عام 2007، روسيا بذلك أرادت أن تقول للعالم ولمن أعلنوا عن حقوق لهم فى القطب الشمالى أن روسيا أيضاً لها حقوق فى ذات المنطقة. منطقة أقصى شمال الكرة الأرضية مقسم إلى قطاعات، حدود كل قطاع محدد بحدود الدولة المطلة على منطقة المحيط المتجمد الشمالى والمرتبطة بمركز القطب الشمالى، وهو ما أكدت عليه الدول المطلة على القطب الشمالى تحت إشراف الأممالمتحدة. بعثات استكشافية فى الوقت الحالى تقوم كل من الولاياتالمتحدةوكندا بتنظيم بعثات استكشافية للقطب الشمالى لتأكيد حقوق لهما على أكبر مساحة من الرصيف القارى للقطب الشمالى أو المحيط المتجمد الشمالى، فى عام 2010 تم التخطيط لبعثات جديدة من تلك التى نفذتها بانتظام كل من كنداوالولاياتالمتحدة لحجز مكان وحقوق. لكن روسيا فى عام 2001 كانت الأولى ضمن الدول الخمس المطلة على القطب الشمالى، التى بادرت بتقديم طلب للأمم المتحدة لتوسيع رصيفها القارى على القطب الشمالى لأكثر من 322 كم مريع، لكن المنظمة الدولية رفضت الطلب، مبررة ذلك بعد تقديم روسيا لما يبرر طلبها، لكن الأخيرة بدورها ورداً على رفض الأممالمتحدة توسيع الحدود الروسية، أعلنت أنها سوف تستثمر 1,5 مليار روبل (50 مليون دولار) عام 2010 لإثبات امتداد رصيفها القارى فى القطب الشمالى. فى عام 2010 عقد الإجتماع الدورى لوزارات الدفاع فى دول شمال أوروبا، وهى النرويجوفنلندا والدنمارك والسويد وايسلندا، الاجتماع كان مكرساً لبحث الأمن فى القطب الشمالى، وقررت هذه الدول الخمس أن تلعب فيه الدور الأهم، رغم أن هذه الدول لا تحدد من العدو أو ما التهديدات غير المنتظمة مثل القرصنة أو الإرهاب، لكن يبدو أن الحديث هنا يدور عن الجدل حول الحقوق الروسية فى القطب الشمالى، رغم أن دولة مثل فنلندا من الصعب حتى مجرد الحديث عن أن لها حقوقا فى القطب الشمالى. أسباب الصراع لكن لابد من التوقف عند أسباب الصراع على منطقة القطب الشمالى، بالإضافة إلى الموقع والجيوسياسة، هناك الثروات، فوفق المعهد الملكى للعلاقات الدولية يقدر احتياطى النفط تحت منطقة القطب الشمالى بحوالى 90 مليار برميل، بالإضافة إلى 47 تريليون متر مكعب من الغاز.ووفق هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية يضم القطب الشمالى بين ثناياه 30% من احتياطى الغاز غير المكتشف فى العالم و13% من احتياطى النفط. بالإضافة لذلك ووفق تقديرات الجهاز المركزى للمحاسبات الأمريكى، توجد موارد بكميات وفيرة فى القطب الشمالى أهمها الذهب والزنك والنيكل والبلاتين والتى تقدر قيمتها بحوالى تريليون دولار. بالإضافة إلى ما يتحدث عنه الخبراء من ثروات ذكرت عاليه، هناك قضية هامة للغاية، وهى ونظراً لذوبان الجليد فى القطب الشمالى ترى الدول المطلة على المحيط المتجمد الشمالى وهى الولاياتالمتحدةوكندا والدنمارك والنرويجوروسيا فى ذلك فرصة لفتح طرق تجارية جديدة وعقد صفقات تجارية مربحة تتعلق بالثروات الموجودة وتنتظر استغلالها، لكن إحدى الدول أثبتت أنها دون صراع لن تتراجع. تعاون صينى روسي علاوة على الدول الخمس المطلة على القطب الشمالى وتتصارع فيما بينها على ثرواته ومن أجل السيطرة على الطرق البحرية المستقبلية، نجد أن الصين ورغم عدم إطلالتها على القطب الشمالى تتعاون مع روسيا للأسباب المذكورة فى الفقرة السابقة، ورغم إدراك كل الدول المطلة لحجم الثروات والأهمية الجيوسياسية المستقبلية، نجد أن الدولة الوحيدة التى اتخذت إجراءات عملية فى اتجاه استغلال الثروات والاستفادة من الجغرافية هى روسيا فقد أعلن الرئيس بوتين أن بلاده سوف تتوسع على حساب القطب الشمالى، وافتتحت روسيا فى المنطقة الشمالية مصنعا لتسييل الغاز، وتم الإعلان عن أن روسيا سوف تتفوق على قطر كمصدر للغاز المسال عام 2023، وأعلن الرئيس بوتين أمام كاميرات من كل دول العالم تقريباً فى مؤتمره الصحفى المطول السنوى عام 2017 أن روسيا سوف تتوسع مساحياً على حساب القطب الشمالى. ولإدراك كيفية إنشاء ممرات بحرية جديدة، فى أغسطس عام 2017 قامت سفينة الشحن الروسية "كريستوف دى مارجيرى" أول سفينة غاز مسال من كاسحات الألغام فى العالم بتحطيم الرقم القياسى عندما عبرت من النرويج إلى كوريا الجنوبية فى 19 يوما من خلال ممر عبر بحر الشمال بمحاذاة الساحل الروسى فى القطب الشمالى، فى حين أن هذا كان من الممكن أن يستغرق حوالى شهر من خلال الطرق التقليدية المتعارف عليها كما يقول الخبراء، تجدر الإشارة إلى أن روسيا تقوم حالياً ببناء 15 ناقلة بحرية ضخمة من كاسحات لجليد لنقل الغاز. لكنى هنا أريد التوقف قليلاً منتجى الغاز فى بحر الشمال هى النرويج فقط وليس بكميات ضخمة، والمنتج الكبير فى منطقة القطب الشمالى هى روسيا وفى حالة تجارتها للغاز المسال قد يفقد الغاز الروسى قدرته التنافسية، على أى حال هذه قضية مستقبلية، والوقت الحالى هو وقت تقسيم الرصيف القارى للمحيط المتجمد الشمالى والذى تشى الأيام القادمة بأنه سيشهد صراعاً، خاصة بعد أن قامت الولاياتالمتحدة والدنمارك بإجراء مناورات بحرية فى منطقة القطب الشمالى وادعائهما بأن روسيا قد قامت بأعمال وصفاها بالاستفزازية. النزاع حول منطقة القطب الشمالى المطلة على المحيط المتجمد الشمالى، نشأ نظراً لأنها خارج ملكية الدول، أى دولة تستطيع استغلالها ومن هنا سعت الصين لذلك ودول أخرى رفعت أعلاما على مناطق فيها، على عكس الأراضى التى رسمتها الأممالمتحدة عام 1959، وفق قانون حمل اسم الأراضى الشمالية، حول القارة الشمالية إلى منطقة لإجراء التجارب، ومنعت أى نشاط عسكرى ويعتبر القطب الشمالى واحدا من أكثر مناطق العالم تحرراً من أى لوائح، حتى الفضاء هناك قيود يجرى العمل بها تحكم العلاقة بين الدول فى الفضاء، لكن لا توجد لوائح تحكم العلاقات فى القطب الشمالى. كل الدول المطلة على القطب الشمالى تتنافس على مكان فى المنطقة فى انتظار أن يذوب الجليد، تتنافس هناك أيضاً دول بعيدة عن القطب كما ذكرت من قبل مثل الصين، فقد أصبحت الصين مصدرا للأموال والرؤية الاستراتيجية فى القطب الشمالى، والغرب حتى الآن لم يول المسألة أهميتها. عسكرة القطب الشمالى ونظراً لهذا بدأت عملية عسكرة للقطب الشمالى، بل ومناورات حربية بين بعض دول الناتو وحشد عسكرى روسى لحماية عمليات بحث وتنقيب عن النفط والغاز، وبعض الدول القريبة من منطقة القطب الشمالى مثل السويد زات من ميزانيتها العسكرية بنسبة 40%، وربما لحل المشاكل التى من الممكن أن تنشأ بسبب تعريف الأممالمتحدة لحدود كل دولة فى المحيط المتجمد الشمالى وهى امتداد 200 ميل أمام شاطئ كل دولة، لكن هناك ثغرة فى هذا التعريف وهى ما قد تسبب نوعا من الصراع، هناك نص فى ميثاق الأممالمتحدة يشير إلى أن الدولة التى تطمح لأكثر من 200 ميل عليها إثبات أن الرصيف القارى للمحيط المتجمد الشمالى هو امتداد لصفيحتها القارية، ومن ثم سيصبح ملكا لهذه الدولة. العوار فى التشريع الأممى سيشعل بلا شك الصراع، لأنه لإثبات ذلك لا بد من مسح زلزالى وفى الغالب سيكون هذا فى ظروف مناخية صعبة مما سيرفع تكلفته بدرجة كبيرة لتحصل الدولة على بضعة أميال خارج قواعد تقسيم الأممالمتحدة المعتمد. روسيا على سبيل المثال تعتبر تضاريس لومونوسوف هى امتداد للرصيف القارى لسيبيريا، وبذلك يكون من حق روسيا أن تضيف لحصتها 1,2 مليون كم مربع من الرصيف القارى الغنى الهيدروكربونات. نشاط الروسى بدا جلياً أن النشاط الروسى فى القطب الشمالى استدعى المخاوف لدى العديد من الدول المطلة على القطب الشمالى وعدد آخر من الدول فتم تشكيل ما صار يعرف بمجلس أركتيكا ويضم أيسلندا والدنمارك والسويدوكنداوالنرويجوالولاياتالمتحدةوروسياوفنلندا، بالإضافة لعدد من الدول التى تحمل صفة مراقب وهى الصين والهند وبريطانيا وبولندا واسبانيا وغيرها وهى الدول التى أرسلت بعثات إلى منطقة القطب الشمالى ولم تستقر هناك بسبب البعد الجغرافى. قد يضيف النشاط الاقتصادى إلى الثروة البشرية بصفة عامة وإلى الدول المتصارعة بعض الموارد، إلا أن الضرر على البشرية أعظم وقد يتم تعمير القطب الشمالى واستغلال ثرواته، لكن ونتيجة هذا النشاط وما قد يسببه من تسارع فى ارتفاع درجات الحرارة التى زادات ثلاث مرات عن معدلاتها الطبيعية ستؤدى إلى أن تفقد البشرية الكثير من الجزر والمناطق الساحلية وأراض خصبة فى أنحاء مختلفة من العالم قد تفوق الثروات التى سيتم استخراجها من القطب الشمالى. روسيا حتى الآن هى القوة الأكثر سيطرة فى القطب الشمالى، ومحاولات الدول الأخرى ربما لبعدها الجغرافى أو قصور قوتها العسكرية وتجنب الصدام العسكرى قد تجعل روسيا هى سيدة الموقف فى القطب الشمالى، ويكفى هنا أن نشير إلى عبارة بوتين الأخيرة، عندما قال "من يريد أن يقضم جزءا فى الأراضى الروسية سنحطم أسنانه قبل أن يفعل ذلك" وأعلن وزير الدفاع الروسى عن إنتاج "روبوتات" للجيش بكميات كبيرة ربما استعداداً للعمل فى مناطق ذات ظروف مناخية صعبة مثل القطب الشمالى. حتى الآن الولاياتالمتحدة مكتفية بمناورات مشتركة مع الدنمارك، فهل يحتدم الصراع على مناطق وثروات جديدة، لن تستغل فى المستقبل القريب.