شاكر عبدالحميد: كتاب جمال حمدان كان يجب أن يطبع منه ثلاثين ألف نسخة علي الأقل زينب العسال: حسابات الناقد الأدبي تختلف تماماًعن حسابات القاريء العادي السيد حسن: إذا خاطب الكاتب الشباب بلغتهم يتحول إلي صديق لهم وترتفع مبيعاته مصطفي عبدالله: عصر العولمة محطِّم حواجز المكان الذي جعل من يعيش في أقصى الأرض يقرأ في اللحظة ذاتها ما ينشره آخر في أبعد نقطة عنه الكتاب الأعلى مبيعاً كلما قرأتُ هذه العبارة انهالت التساؤلات على ذهني، ما المعنى المقصود منها، فهل تعني أن محتوي الكتاب لم يأت بمثله أحد، أم أن الكاتب ندر أن يأتي الزمان بمثله، أم هي مجرد عبارة تسويقية جوفاء ليس لها أي معني أو مدلول، والهدف الحقيقي لها هو التسويق وزيادة نسبة المبيعات، هذا ما سوف نعرفه عبر سطور التحقيق. أكد دكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة الأسبق علي أن هذه العبارة تُطلق علي الكُتب التي تلاقي رواجاً أكثر من غيرها وتحقق نسبة مبيعات عالية. بصرف النظر عن ما تحتويه من مضمون، وقد يكون سبب زيادة المبيعات اسم المؤلف أو عملية ترويج ناجحة من خلال دعاية واسعة عبر وسائل الإعلام المختلفة والإعلانات المكثفة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، والجروبات المختلفة، فهناك عوامل مختلفة تدخل في التسويق الجيد. وأضاف شاكر قائلاً: أن عبارة الكتاب الأكثر مبيعاً حقيقية وليست أكذوبة فهي تختلف عن ادعاء زيادة عدد الطبعات مؤكدا أن هناك كتبا تبيع بالآلاف فعلاً وقد رأينا الطوابير الطويلة والأزدحام في معرض الكتاب علي كُتب قد تكون تافهة المحتوى. ويرى دكتور شاكر أن الزحام علي كتاب جمال حمدان ليس مقياسا لأن عدد الطبعات كان محدودا للغاية، وأكد أن الضرورة تحتم عند إعادة طبع كتاب لجمال حمدان كان لابد من طبع أكثر من ثلاثين ألف نسخة علي الأقل. حسابات الناقد وفي نفس السياق أضافت الكاتبة والناقدة دكتورة زينب العسال قائلة: أنا لا أستطيع أن اقول هذه العبارة حقيقية أم أكذوبة، لأنني لم أطلع أساساً علي قائمة المبيعات، لكن إذا كنت أثق في دار نشر، وهذه الدار لديها قدر من المصداقية لدي المتلقي، وتقوم بالإعلان عن أكثر الكُتب مبيعًا أو عدد مرات الطبع، فبالتأكيد المتلقي العادي يوافق على ذلك، ويصبح هذا نوعا من الرواج للرواية، وطبعًا بالنسبة لاسم الروائي، ولكن بالنسبة للناقد فهناك حسابات أخري، لأن "المنتج الأكثر مبيعاً" سواء كان رواية أو مجموعة قصصية أو ديوان شعر فهو سيصبح أمام الناقد وسوف يقوم بتقييمه هل هو حقاً يستحق أن يكون الأكثر مبيعاً من حيث الجماليات أم لا؟ وبالتالي نحن نجد كثيرا من الناس تقول: إن هذه العبارة مطاطة وغير حقيقية وأنها عبارة المقصود بها فقط التسويق للمنتج الإبداعي الذي نشرته دور النشر. ولهذا أكرر حسابات الناقد الأدبي تختلف تماما عن حسابات القارئ العادي. وحول الوصفة التسويقية أو المزيج التسويقي الذي يمكن أن يحقق للكتاب أن يكون أكثر مبيعاً أضافت العسال قائلة: نعم يوجد فمنذ حوالي سبع سنوات كان هناك مؤلف اسمه "زاب ثروت" نشر له كتاب وأنا بنفسي رأيت طابورا لشباب الجامعات به ما يزيد على 2000 فرد، وهو جالس أمام منضدة يكتب لهم الإهداءات ويبيع الكتاب. هناك كتاب يستهدفون المتلقي الذي ليس له دراية وليس له تاريخ في القراءة، بحيث إنه لم يقرأ لنجيب محفوظ ولم يقرأ ليوسف إدريس، ولكن يبحث عن العجائبية والغرائبية ويجد المتعة في القراءة عن عالم الجاسوسية أو الإثارة فهي خلطة تفيد المتلقي العادي أو الشباب من الثانوية إلى الجامعة، وهذا نجده مع أسماء معروفة حققت شهرة ونجاحا في هذا المجال. مقاييس الناشر وفي نفس السياق أضاف الشاعر والإعلامي السيد حسن المدير العام للبرامج الثقافية بإذاعة البرنامج العام ورئيس لجنة حماية اللغة العربية باتحاد كتاب مصر قائلاً: نعم هناك ما يسمي الكتاب الأكثر مبيعاً، و تتعدد الأسباب وراء الوصول إلي هذا المسمي فقد يكون المحتوي متميزا أو أن مؤلفه شهير جدا بين الناس، فاليوم إذا أصدر أحمد مراد كتابا سواء كان مستواه عاليا جداً أو مستواه متوسطا ، سنجد أقبالا شديدا جداً من قبل الشباب علي هذا الكتاب. فمعني أن الكتاب أكثر مبيعاً أما ان يكون محتواه عاليا جداً فأحدث ضجة، أو أن مؤلفه مشهور جداً لذلك هناك إقبال شديد على الكتاب، و هذا مقياس يضعه الناشر لأكثر كتاب مبيعاً لديه. وحول وجود وصفة أو خلطة لدي المؤلف يستطيع أن يصل بها إلي تحقيق معادلة الأكثر مبيعاً قال السيد حسن نعم وهي ضرورة أن يكلم الشباب بلغتهم الخاصة هذا في المقام الأول، لأن الشباب يستطيعون أن يرفعوا مبيعاته وذلك لأنهم الشريحة الأكبر في المجتمع المصري والعربي عموماً. فالبعض يقول ان الشباب لا يقرأون بهذا المعدل، ولهذا أقول إذا خاطب الكاتب الشباب بلغتهم يتحول إلي صديق لهم وترتفع مبيعاته، فتصبح الفكرة ليست قراءة كتاب وحسب بل يريد أن يقرأ كتاب فلان صديقه الذي حقق ضجة الذي تحول كتابه إلي فيلم "الفيل الأزرق، أو عمارة يعقوبيان ….إلخ فالشاب يسعي وراء اسم قبل أن يسعي إلي محتوي ويدخل ضمن هذه المنظومة "التسويق"، والتي يدخل فيها الناشر من حيث وضع الكتاب في مكان مميز واستخدام وسائل تشويقية أو يستخدم إسلوب الإيهام بإنه استطاع أن يبيع كما كبيرا من الكتاب عبر عدد طبعات وهمية، بنفس فكرة الشخص الذي يستقل الأتوبيس ليبيع فيقول بيعنا كمان خمسة وكمان عشرة فمثلاً: عندما نزل كتاب لا تحزن لعائض القرني قيل انه بيع منه ثمانية ملايين نسخة خارج مصر، ولهذا أول ما نزل الكتاب مصر، معظم المصريين أرادوا أن يعرفوا ويطلعوا علي الكتاب الذي بيع منه ثمانية ملايين نسخة. إذا العبارة صحيحة ولكن لكل كتاب ظروفه الخاصة والمعطيات التي وصلت به إلي تحقيق هذه العبارة. عصر العولمة وأضاف الكاتب الصحفي الكبير مصطفي عبدالله رئيس تحرير أخبار الأدب الأسبق قائلاً: ينبغي أن نطرح على أنفسنا هذا السؤال: لماذا انتشر هؤلاء الكتاب الأكثر مبيعًا وشهرة على الساحة العربية كلها، رغم عدم الكتابة عنهم في الصحف الورقية؟ إنني أتصور أن السبب بسيط؛ فقد استطاع هؤلاء الكتاب ومنهم: الدكتور أحمد خالد توفيق، وأحمد مراد، وأشرف العشماوي الذين تمكنوا من أن يتواصلوا مع قرائهم المستهدفين مباشرة عبر وسائل الاتصال التي أوجدها عصر العولمة محطِّما حواجز المكان الذي جعل من يعيش في أقصى الارض يقرأ في اللحظة ذاتها ما ينشره آخر في أبعد نقطة عنه. وأقول: أليست هذه هي صحافة اليوم والغد؟ أليس هؤلاء الكتاب يمثلون فكرًا جديدًا، وعقلًا جديدًا له إبداعه وكتابه ونقاده وقراؤه؟ فهم أنفسهم الذين جعلوا نصهم الأدبي موضوعًا للفهم والمحاورة والمناقشة. وهذا الجيل الجديد لا ينقصه أن يُكتب عنه في صحيفة أو كتاب، فقد ظهرت أفكاره على شاشات السينما، وتابع الملايين أفكاره تتحرك في فضاء الشاشة أمام عيونهم، بل اقتربوا منه، واقترب الكتاب منهم، وأصبح هناك لحمة بين هؤلاء الكتاب وقرائهم الذين هم في الحقيقة صورة للمستقبل. أما الحياة الثقافية، فهي بحاجة إلى هزة كبيرة ليكون المنشور مثيرًا لشهية القارئ ومحترمًا عقله، ويكون صانع مستقبله الذي يصوغ واقعه الجديد الذي نأمل أن يكون أفضل من حاضر اليوم.