*بقلم علاء عصام :منذ ان وطأت قدمي ارض الولاياتالمتحدةالامريكية استقبلني انا وزملائي المصريين الثلاثة سيدة منظمة حتي النخاع تحاول ان تنقل لنا صورة المجتمع الامريكي في كل شيء بعد ان رحبت بنا وشعرنا بالاطمئنان، طلبت منا ان نسير وراءها فهي تسير بحرية وبطلاقة رغم عمرها الذي لا يقل عن 60 عام نشيطة تمارس الرياضة تطلب منا السير في نظام وننهي كل الإجراءات بلا واسطة ولا استثناء، رجال الامن ينهون الاجراءات ويطبقونها بحذافيرها رغم اننا ضيوف الخارجية، وعند الخروج من باب المطار يلتقي بنا ادم الأمريكي المصري وهو المترجم الخاص بمجموعة شمال افريقيا ويقول لنا بوضوح هنا اسالونا في كل شيء بحرية كاملة ولكن لا تصافحون على احد بالايدي فجميعنا نخشي الامراض و70 % من الشعب الامريكي لا يزور الاطباء ويوفرون الاموال كما اتمني ان لا تسالون احد عن دينه او مظهره، هنا تعجبت لماذا كل هذه التحذيرات الغريبة والتي لاول مرة اسمعها فكنت اظن انه سيتحدث معنا عن امور اكثر اهمية او عن البرنامج الذي نحن بصدده، حيث نشارك نحن الاربعة في برنامج متخصص للتعرف بشكل عملي على الانتخابات الامريكية المبدئية والتي ستحسم موقف المرشحين للانتخابات الرئاسية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. مر اليوم الاول وانا يتعلق في ذهني هذه التحذيرات ولكن عيني تخطفني لكي انظر لنظافة الشوارع وتنظيم المرور والاشارات وجمال الطبيعة كل هذا ربما نفتقده كثيرا ولكن لم يبهرني مثلما كنت اعتقد فمن السهل ان نشاهد ذلك في دول متقدمة بل هي الدولة صاحبة اقوي اقتصاد في العالم ولكن ما ابهرني بشدة الذي كنت اسمعه في اللقاء الاول بتعجب عن الشعب الامريكي ففي بلاد العم “سام”، تستطيع ان تسير بحرية كاملة في اي مكان وتصور اي شيء وتتحدث في كل شيء وتتمتع بالطبيعة وكل الاشياء دون ان ينظر لك احد طالما تحترم القانون وخصوصية الجميع، كما انك تستطيع ان تمارس عباداتك بكل حرية ايا كان دينك فلا يهتم المواطن بهذا الدين طالما لا يؤذيه، وهنا ادركت تماما السر وراء تعايش كل الاجناس في المجتمع الامريكي رغم اختلاف اديانهم ومعتقداتهم وجنسياتهم وحتي غير المؤمنين بالله او بالاديان، هنا رفع بعض المؤسسين الاوائل شعار “فصل الدين عن الدولة” وثاروا ثورات اجتماعية وسياسية حتي اقنعوا جموع الشعب الامريكي بحرية الاعتقاد ولا فرق بين انسان بسبب جنسه ولونه ودينه وبعد نضال ظل سنوات رسخوا هذه القيم والقناعات.وتعايشنا لمدة 21 يوم في مجتمع علماني عميق يحترم المؤسسات والمواطن مصدر كل السلطات فلاول مرة اري مواطن ينتخب كل من يطبقون القانون رئيس وحكام ولايات ونواب وقضاة ورئيس الاحوال المدنية ورؤساء الاحياء وغيرهم وغيرهم، ويعيش في انتخابات دائمة من اجل صناعة مؤسسات تخشي المواطن وتخشي الفساد واذا فسدت تُعاقب فهو مجتمع يتحمل كل الصدمات ومحلي للغاية ولكن دار في خلدي اسئلة كثيرة كيف يكون هذا المجتمع الديمقراطي يحترم الانسان بهذا الشكل ويدعم المجتمع الصهيوني بهذا الشكل ايضا؟، اليس هي امريكا التي وضعت خطة السلام الامريكية منفردة مع اسرائيل وكأنها لا تري ملايين الشعب الفلسطيني واعتراض كل الدول العربية والاوروبية علي هذه الخطة؟، فهي امريكا التي تغمض عينها عن قتل عشرات الفلسطينين الذين يدافعون عن ارضهم في رام الله وغزة ويتركون المستوطنين الاسرائيليين يعيثون في الارض فسادا، وثمة سؤال اخر ورد في ذهني كيف ترفع امريكا كل شعارات العدل والحرية والمساواة بينما الشركات الامريكية والعالمية لا تحترم بعض حقوق العمال الامريكيين انفسهم في عدد ساعات عمل مناسب ودخل يحقق احلامهم ويؤمن مستقبلهم وتامين صحي شامل لهم ولعائلاتهم، فهو مجتمع يعيش تحت سقفه كثيرا من الفقراء الامريكان و”الهومليس” بلا ماؤي وبلا علاج وبلا عمل وهؤلاء قابلتهم اثناء زيارتي الاولي،واليست هي امريكا التي قصفت الجيش العربي السوري لتعطي غطاء للارهاب المتأسلم الذي يستخدم الدين لتقسيم الوطن العربي بعد ان قسمت العراق بحجة الاسلحة المحرمة دوليا؟. واستغرب كثيرا ايضا عندما اري امريكا العلمانية ترفض مؤسستها تجريم اعمال جماعة الاخوان التي تستخدم الدين لصناعة الارهاب في كل مكان ومؤسسيها يصفون دولتنا بالمجتمع الكافر. واخيرا اعرف ان كل دولة مهما تقدمت تعاني وبها مشكلات ولكن ليست امريكا هي من نشاهدها في افلام هوليود ولكنها دولة بها تقدم كبير وبها تراجع ايضا في كثيرا من الملفات وسياسات تظلمنا نحن العرب وهو الامر الذي يدعوني لان افكر مع الشعب الامريكي وارسل لهم رسالة لماذا لا نفكر سويا في مواجهة كل هذه السياسات من اجل ان يحيا العرب حياة لائقة ونقضي سويا على الارهاب الذي تعانون منه مثلنا؟ ونعدكم سنناضل نحن من اجل مجتمعات عربية شديدة الاستنارة للقضاء تماما على الفكر الارهابي، ويبقي في راي فصل الدين عن الدولة ودولة المؤسسات اجمل ما يميز الشعب والمجتمع الامريكي فلولا هذا المجتمع العلماني لما نجحت امريكا في ان يتعايش بها اكثر من 300 مليون انسان بحرية كاملة.