حذر شيخ الأزهر، أحمد الطيب، من خطورة البيئة الإلكترونية التي سهلت ارتكاب الجرائم الجنسية بحق الأطفال.وقال شيخ الأزهر خلال كلمته، الجمعة، في “مؤتمر قمة قادة الأديان” بالفاتيكان تحت عنوان “تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي”، إن “البيئة الإلكترونية مكنت وحوش الجرائم الجنسية من سهولة الاتصال بضحاياهم من الأطفال وتشجيعهم على الالتحاق بهم وقدرتهم على إخفاء هوياتهم بإنشاء هويات مزيفة تجعل ملاحقتهم قضائيا ضربا من المستحيل”.وأضاف أن “إخفاء الهويات الحقيقة واستبدالها بهويات مزيفة أضاع خصوصية الأسر ووضع كرامة أطفالها في مهب الريح، حتى أن اليونيسيف صرحت بأنه لا يوجد طفل بمأمن من المخاطر على شبكة الإنترنت”.كما صرح بأن “هذه المؤتمرات التي تناقش مستقبل الطفولة المحفوف بالمخاطر لا تعد ترفا أو مجرد كلمات تلقى في اجتماع، بل هي دعوة جدية للجميع بضرورة الإسراع بالتصدي والمواجهة، والبحث الجاد عن مخرج من هذه الأخطار المحدقة بأطفال اليوم، وذلك بعد ما بات واضحا لممثلي الأديان ولكل ذي قلب وضمير أن التطور الرقمي سرق من هذه الكيانات البشرية الضعيفة، براءتها وأحلامها، وأوشكت أن تتحول إلى أرقاء في أيدي الذين لا يؤمنون إلا بالأرض وبالمادة وحدها”.وأكد أحمد الطيب أن “المشكلة هي أن التقدم العلمي اليوم هو سلاح ذو حدين، يصعُب فيه فرز الأفضل لتطبيقه، واستبعاد الأسوأ لتجنبه”، مبينا أن “الحل يكمن في عودة مسؤولية الأسرة عن الطفل، ومراقبتها للأطفال، وحقها في التوجيه والتأديب والتهذيب، وألا يعد شيء من ذلك ضربا من ضروب العنف تمارسه الأسرة ضد الطفل”.وشدد على أن “حماية الطفل من الأوبئة والأمراض الخلقية أوجبُ وألزمُ بكثير من دعاوى حق الطفل في حُريات لا محدودة تقدمه لقمة سائغة لأمراض أعنف وأشد فتكا”.وقال شيخ الأزهر إنه “لا يوجد أدنى شك في أن الثورة التقنية الرقمية لن تتوقف عن تطور يختلط فيه النافع بالضار، والمصلحة بالمفسدة، ما دامت هذه الثورة تتطور في غيبة من حراسة الأديان والأخلاق الإلهية”. وكان بابا الكنيسة الكاثوليكية فرنسيس،قد استقبل امس لجمعة، شيخ الأزهر الشريف، أحمد الطيب، لمناقشة خطط التعاون المشترك بين الأزهر والفاتيكان لتحقيق الإخاء الإنساني.وقال البابا فرنسيس إن “المؤسسات الدينية الكبرى تقع على عاتقها مسئولية كبيرة في نشر مبادئ الخير وقيم المحبة والسلام”، مضيفا أن “وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية حملت بين طياتها دليلا يقود البشرية نحو السلام العالمي والعيش المشترك، ومرجعية عالمية لكل المؤمنين بالإنسانية، ونداء لأصحاب الضمائر الحية لنبذ العنف والتطرف”.وأكد أن “وثيقة الأخوة الإنسانية كانت حلما بعيدا ولكن بمشيئة الرب أصبحت حقيقة وواقعا”.وأبدى البابا فرنسيس تطلعه لمزيد من التعاون بين المؤسستين العريقتين في نشر مبادئ الأخوة وثقافة التعايش المشترك.من جانبه، أكد شيخ الأزهر، أحمد الطيب، أن “هذا اللقاء يعد ترجمة فعلية ودعوة حقيقية لأتباع الديانات حول العالم بضرورة التمسك بالإخاء الإنساني، ونبذ مشاعر البغض والكراهية، وطرق كل الأبواب التي من شأنها تهيئة الرأي العام العالمي لنشر قيم الأخوة والتعايش المشترك”.وأشار شيخ الأزهر إلى أن “وثيقة الأخوة الإنسانية أصبحت محل اهتمام المنطقة العربية والإسلامية”.وطالب الطرفان بترجمة هذا الاهتمام إلى برامج وتشريعات ومبادرات تسهم بحق في نشر المحبة والأخوة بين الناس.