وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان توسعة الكورنيش وترميم واجهات بعض العقارات    رانيا المشاط: اختيار مصر ضمن 7 دول للاستفادة من برنامج صندوق الاستثمار في المناخ بقيمة مليار دولار    صادرات الأسمدة المصرية تواصل التراجع لتنخفض ب6.4% في الربع الأول من 2025    واشنطن تعتزم تحريك سفن حربية قرب سواحل إسرائيل    الجيش الإيراني يعلن تدمير طائرة إسرائيلية أخرى من طراز F-35 غرب البلاد    قبل انطلاقها بساعات.. تشديدات أمنية في محيط لجان امتحانات الثانوية العامة بجنوب سيناء    المشروع الثقافي «جودة حياة» ينفذ عددا من الأنشطة المتنوعة للأطفال في مركز شباب أهالينا    فى اليوم العالمي للتبرع بالدم 2025.. محافظ المنيا: استمرار حملة التبرع التي انطلقت منذ أبريل الماضي    الزمالك يجهز الدفعة الأخيرة من قيمة صفقة الجفالي لإرسالها للاتحاد المنستيري    تطبيق نظام الإختبارات الإلكترونية في الامتحانات بجامعة العريش    القومي لذوي الإعاقة يطلق أول منصة للفنون الدامجة في الشرق الأوسط    أيمن بهجت قمر عن إيرادات فيلم ريستارت: 60 مليونًا في 15 يوم عرض    فنانو المسرح يودعون المخرج سعيد عزام: «ربنا يعوضك في آخرتك عن دنياك»    كأس العالم للأندية.. غيابات إنتر ميامي في مواجهة الأهلي    باستخدام المنظار.. استئصال جذري لكلى مريض مصاب بورم خبيث في مستشفى المبرة بالمحلة    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    القبض على شخص أطلق النيران على زوجتة بسبب رفضها العودة اليه بالمنيا    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    إزالة 654 حالة ضمن الموجة ال26 لإزالة التعديات ببنى سويف    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    غدا..بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    نقيب المحامين يفتتح مقر اللجنة النقابية لمحامي الحمام والعلمين    تفاصيل احتفالية تخرج طلاب مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها    تحذير لطلاب الثانوية العامة: تجنبوا مشروبات السهر والتركيز لهذه الأسباب    جوليانو سيميوني: جاهزون لمواجهة باريس سان جيرمان    وزير الري يؤكد توفير الاحتياجات المائية بمرونة خلال ذروة الصيف    الضربات الإسرائيلية على إيران ترفع أسعار استخدام ناقلات النفط    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: مستشفيات تل أبيب استقبلت عشرات المصابين    إليسا وآدم على موعد مع جمهور لبنان 12 يوليو المقبل    "الحياة اليوم" يناقش آثار وتداعيات الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران    محافظ الشرقية يقرر عودة سوق اليوم الواحد بمراكز ومدن المحافظة    استعراض خطير على الطريق الدائري بالقاهرة.. والشرطة تتمكن من ضبط السائق    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    وزير التموين: توافر كامل للسلع الأساسية ومدد الكفاية تفوق 6 أشهر    خاص| سلوى محمد علي: سميحة أيوب أيقونة فنية كبيرة    ريال مدريد يحصن مدافعه الشاب راؤول أسينسيو بعقد حتى 2031    السلع الغذائية العالمية تقفز بعد صراع إسرائيل وإيران ومخاوف من أزمة إمدادات    عمليات جراحية دقيقة تنقذ حياة طفلة وشاب بالدقهلية    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    مدبولي: الحكومة تبذل قصارى جهدها لتحقيق نقلة نوعية في حياة المواطنين    اليوم.. الحكم على متهمة بالانضمام لجماعة إرهابية بالهرم    «عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    أهالي يلاحقونه بتهمة خطيرة.. الأمن ينقذ أستاذ جامعة قبل الفتك به في الفيوم    الأهلي بزيه التقليدي أمام إنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-6-2025 في محافظة قنا    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس حتى الخميس 19 يونيو    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    إعلام عبري: سقوط 4 صواريخ فى دان جوش والنقب والشفيلا    إعلام عبرى: ارتفاع عدد المصابين إلى 7 أشخاص جراء الهجوم الإيرانى    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل حقاً يريد “أردوغان” نهوض القارة السمراء.. كما ادّعى؟!
نشر في الأهالي يوم 21 - 12 - 2019


*بقلم الباحثة في مجال الاعلام السياسي د. دينا محسن
“إن علاقات تركيا بإفريقيا تزدهر، بينما لا يريد الغرب نهوض القارة السمراء” هكذا استهّل الرئيس التركى “رجب طيب أردوغان” حديثه خلال مشاركته فى القمة الثالثة للزعماء الدينيين المسلمين بإفريقيا، التى انعقدت فى إسطنبول خلال الشهر الجارى، بتنظيم من رئاسة الشؤون الدينية بتركيا تحت شعار “إفريقيا,, التعاون على البر والتضامن بلا منفعة”.
وأوضح أردوغان أن “العلاقات بين تركيا وإفريقيا بلغت بفضل جهودنا مستوى لم يكن من الممكن تصوره قبل 15 عاما”, واستطرد: “لم ولن نقبل إطلاقاً بمواقف الدولة الغربية الاستعلائية والفظّة وتدخلاتها فى دول القارة الإفريقية”, وأردف: “نحن المسلمون سنراعى وعى الأمة وحقوق الأخوة دائمًا ولا يمكن للحدود المصطنعة أن تحصر آفاقنا”, كما أكّد أيضاً على أن العلاقات التركية الإفريقية تعيش عصرها الذهبى تقريباً، مشيرًا أن حجم التبادل التجارى البينى بلغ 24 مليار دولار، ويزداد مع مرور كل يوم, وأعرب عن ثقته بإمكانية تجاوز حجم التبادل التجارى بين الطرفين، مستوى 50 مليار دولار، خلال الفترة المقبلة, وأضاف أردوغان: “عند وصولنا إلى السلطة عام 2002م كان عدد السفارات فى القارة الإفريقية 12، وقد رفعنا هذا العدد إلى 42”.
” أردوغان” فى إفريقيا,, تجلّيات الوجود التركى فى القارة السمراء:
لم يكن خطاب الرئيس التركى “أردوغان” لإفريقيا هذا العام هو الأول من نوعه, ولم تكن جولته لإفريقيا عام 2017 م هى الأولى من نوعها, بل إن جولات أردوغان الإفريقية وخطابه التقاربى هذا جاء لتعميق وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع القارة السمراء البكر، عبر زيادة الاستثمار والتعاون التجارى بين الطرفين, وتقديم المساعدات الإنسانية لقارة إفريقيا من أجل التوّغل الاقتصادى والسياسى لفرض توازنات إقليمية جديدة.
وبرزت تركيا كلاعبٍ مهم لكن محيِّر، فى منطقة الشرق الأوسط وما بعده, وتأرجحت سياساتها مع توسّع دورها، وباتت اليوم تؤدّى دوراً مهماً فى القرن الأفريقى وفى الدول المجاورة لها, كل تلك التغيّرات المتلاحقة والسريعة فى سياسة تركيا الخارجية وتفسير كيف تتفاعل سياسات البلاد الداخلية وطموحات نظام أردوغان مع الحقائق الاستراتيجية الأوسع التى تواجهها البلاد, نُشرت تلك الكلمات فى بدايةً مقالة ” زاك فيرتين” فى مجلّة “لوفييرLawfare ” بعد أن حرّرها “دانيال بايمان”.
يُذكر أن الرئيس “أردوغان” بيّن أنه زار 27 دولة إفريقية بصفته رئيس للوزراء والجمهورية، ومعظمها تُعد الأولى من نوعها فى تاريخ تركيا, وهذا مؤشر إلى أن ” أردوغان” يريد اقتحام إفريقيا سياسياً واقتصادياً من أجل خلق إطار جديد فى ميزان المنافع والمصالح المتبادلة مع الغرب, ولفت إلى أن تركيا عززت حضورها فى القارة من خلال مؤسسات تركية تلعب دوراً بارزاً فى تنمية الوجود التركى فى إفريقيا، وأبرزها الوكالة التركية للتعاون والتنسيق ” تيكا “، ومعهد يونس أمره، ووقف المعارف، ووكالة الأناضول، والخطوط الجوية التركية، وجمعية الهلال الأحمر, بالإضافة إلى السفارات والبعثات الدبلوماسية.
وفى إطار خطة التنفيذ المشتركة للفترة بين عامى 2015 و2019 م، وضعت تركيا خارطة طريق للمشاريع التى تعتزم تنفيذها فى القارة السمراء, وخلال العام الحالى فقط، زار ” أردوغان” كلاً من السنغال وموريتانيا ومالى، فيما استقبل فى أنقرة رئيسى غامبيا وبنين, كما حضر مراسم تنصيب أردوغان رئيساً للبلاد في يوليو الماضى بعد الانتخابات الأخيرة من الزعماء الأفارقة، رؤساء كل من الصومال وجيبوتي وإثيوبيا، إلى جانب تشاد وغينيا الاستوائية، وغانا، وغينيا بيساو، وغينيا كوناكري، وموريتانيا وزامبيا.
ولا شك بأن زيادة عدد السفارات بين تركيا والبلدان الإفريقية، ساهم بشكل كبير، فى تطور العلاقات بين الجانبين، وشكل قوة دافعة لها, ففى الوقت الذى كانت تمتلك فيه تركيا 12 سفارة فى القارة السمراء خلال عام 2009 م، وصل هذا العدد فى الوقت الحالى إلى 41 سفارة, في المقابل وصل عدد سفارات البلدان الإفريقية فى أنقرة إلى 34 سفارة عام 2018، بعد أن كان 10 سفارات فقط عام 2008 م.
وأكد أردوغان على أن المستثمرين الأتراك يركزون ليس على بيع منتجاتهم وحسب، بل على مشاريع تُسهِم فى خلق فرص عمل وتنمية القارة الإفريقية, وهذا حتى الآن لم يحدث بل العكس, فأردوغان يريد فتح سوق جديدة لمنتجاته وذلك بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية فى تركيا وانهيار قيمة الليرة وزيادة حجم البطالة, يّذكر أن حجم الصادرات التركية إلى إفريقيا عام 2018 م قُدّرت بحوالى 11.7 مليار دولار، هذا بالإضافة إلى تطرّقها إلى المقاولات التركية، حيث أن القطاع حقق انتشاراً كبيراً فى إفريقيا، ويحتل المقاولون الأتراك الدور الأهم فى مشاريع البنى التحتية والفوقية بالقارة.
وذكرت “بكجان” وزيرة التجارة التركية أن شركات المقاولات التركية أنجزت حتى اليوم نحو ألف و300 مشروعاً فى إفريقيا بقيمة 65 مليار دولار، مشيرة إلى أن هذا الرقم يعادل نحو 20 بالمائة من إجمالى قيمة مشاريع الإنشاءات التركية فى باقى أرجاء العالم, كما وقّعت تركيا اتفاقيات تعاون تجارى واقتصادى مع 45 دولة إفريقية، فضلاً عن توقيعها اتفاقيات لتحفيز الاستثمارات المتبادلة مع 29 بلدا بالقارة السمراء.
كما زوّدت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق ” تيكا”، مستشفى “هرجيسا” الحكومى الواقع فى منطقة “صومالى لاند” ذاتية الحكم شمالى الصومال، بمعدات وأجهزة طبية مختلفة, وأفاد بيان صادر عن الوكالة أنها قدمت مساعدات طبية على شكل أجهزة ومعدات، بلغ عددها 216, وشملت أجهزة الموجات فوق الصوتية، والتخدير، وتخطيط صدى القلب، بالإضافة إلى جهازى تركيز الأوكسجين، والتهوية, كما وزّعت الوكالة التركية أيضاً 18 ألف غطاء على نازحين فى إثيوبيا, الوكالة وزعت الأغطية على مقيمين فى مخيم نزوح بمدينة “جيجيجا” (شرق)، الذى يفتقر إلى مقومات إنسانية أساسية.
وخلال مشاركتها بجلسة عن المرأة فى القارة السمراء، على هامش اجتماعات الدورة ال73 للجنعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك, طالبت زوجة الرئيس التركى ” أمينة أردوغان” بتحسين أوضاع النساء فى القارة الإفريقية وتعزيز دورهن، مشيرة إلى أن غالبيتهن تعرضن لكثير من الأضرار الاجتماعية والاقتصادية, جاء ذلك فى كلمة ألقتها خلال جلسة بعنوان “تعزيز النساء والفتيات فى إفريقيا: نُهُج لبناء مجتمعات دائمة ومستدامة وعادلة”، عقدتها الممثلية التركية الدائمة لدى الأمم المتحدة, وشاركت العديد من زوجات الرؤساء الأفارقة، إلى جانب عدد كبير من ممثلى بعض الدول، فى الجلسة التى أكدت فيها عقيلة الرئيس التركى أن “إفريقيا منطقة جغرافية يرى فيها الشعب التركي أخوة وصداقة”.
وكشفت تقارير صحفية عن أن تركيا تحاول الحصول على عقود الاستثمار فى النفط الصومالى بمناطق متعددة، وخصوصا فى وسط البلاد لتغطية عجزها في الطاقة من خلال حصول الشركات المملوكة للدولة مثل شركة الوطنية للنفط في أنقرة على عقود للاستثمار في النفط الصومالي وعقد شراكات مع كبار المسؤولين الصوماليين لتسهيل الحصول على العقود الاستثمارية.
ووصف الخبراء ما يجرى بين تركيا والصومال بعلاقة حب عاصفة, فالأعلام التركية التى ترفرف فى مقديشو تفوق الأعلام الوطنية, والأتراك مستثمرون ومدراء وعمال، هم فى كل الإدارات والمرافق، من المطارات والموانئ والمستشفيات وفى كل المشاريع، من المدارس والمساجد والطرقات، حيث يتراءى حضور المؤسسات التركية بشكل فاقع وهى تعمل إما على بناء الإنشاءات الضخمة، أو على رفع النفايات التى خلفتها الحرب. ونرى أن الصوماليين بدأوا يسمون أولادهم أردوغان وبناتهم اسطنبول!
“أردوغان” والتبشير الإسلامى الجديد فى أفريقيا:
أوضح الرئيس التركى “رجب طيب أردوغان” أن المسلمين باتوا أقلية فى العديد من الدول فى شرق وغرب إفريقيا التى كانت نسبة المسلمين فيها تصل 70 إلى 80 بالمئة فى وقت مضى, وأضاف: “للأسف نلتقى الكثير من الناس، فى الأماكن التى نزورها، أسماؤهم مصطفى وأحمد وعبدالله، لكن صلتهم بالإسلام مقطوعة, ولا شك أن للأنشطة التبشيرية التى جرت على مدار أعوام طويلة تحت رعاية القوى الكبرى، دور كبير للغاية فى هذا المشهد المدمى للقلوب”.
وأشار “أردوغان” أيضاً إلى أنه يشعر بالفخر عندما يرى الأطباء والأئمة والساسة والأكاديميين والمهندسين ورجال الأعمال من خريجي تركيا، فى البلدان التى يزورها, وبالتركيز على مصطلح ” الأئمة” نجد أن أردوغان له نهج سياسى دينى يريد أن يٌرٍّخه فى إفريقيا, فبعد أن شعر بالقلق تجاه, منظمة “غولن” التى انتشرت وتغلغلت بقوة فى إفريقيا دينياً وثقافياً, يريد أردوغان إزاحتها واستبدالها برجاله من الأئمة والساسة المتدينيين, بدا ذلك جلياً من خلال المدارس الدينية والمساجد التى قام أردوغان ببنائها فى دول إفريقية عديدة مثل: افتتاح أكبر مسجد على الطراز العثمانى فى شرق إفريقيا بالعاصمة جيبوتى 2019 م, حيث قال السفير التركى لدى جيبوتى “سادى ألتينوك” إن الدعم التركى لجيبوتى لا يركز على الجيش، وإنما على التنمية والدعم الإنسانى, وأشار إلى أنه بالإضافة للمسجد فقد نفذت تركيا العديد من المشاريع الاجتماعية والاقتصادية التى تصب في مصلحة الشعب, وحول المشاريع المستقبلية الأخرى لفت الدبلوماسى التركى إلى أن مستشفى للأطفال فى طور الإعداد فى الوقت الراهن، فيما تم إنهاء تشييد 50% من سد للمياه، إلى جانب العديد من المشاريع الأخرى.
وفيما يخص المنظمات المدنية التركية فى إفريقيا فقد انتهت وكالة ” تيكا ” من ترميم مسجد “النجاشى” التاريخي فى إقليم تجراى شمالى إثيوبيا, وبخلاف المسجد شملت أعمال الترميم التى نفذتها الوكالة أضرحة “النجاشى” و15صحابياً، فى القرية ذاتها بجانب ترميم المسجد والأضرحة، قامت الوكالة ببناء مرافق خدمية أخرى من بينها مطبخ عصرى يكفى 500 شخص, كما قامت الوكالة التركية أيضاً بحفر بئر بعمق 250 قدم، لتصبح المياه الصالحة للشرب متوفرة لأهالى قرية النجاشى.
قد لاقت مقاربة أنقرة فى الصومال التى يضمنها استعطاف أردوغان للتضامن الإسلامى, وحضور بادٍ أكثر على الأرض مقارنة بالجهات المانحة التقليدية، ثناءً كبيراً من الصوماليين, وأكد ” أردوغان” فى خطابه على أن المنظمات الإرهابية مثل “داعش” و”بوكو حرام” و”الشباب” و”غولن”، إنما تساهم من خلال شرورها فى مفاقمة هذا الوضع, كما لفت أردوغان إلى أن وسائل إعلام دولية تعمل على تنفير الرأى العام من الإسلام، من خلال تغطياتها المنحازة، والخاطئة التى تنم عن سوء نية, رغم أن تركيا فى عداء مباشر وصريح مع أكبر الدول الإسلامية فى المنطقة, ورغم عدائها مع الأكراد السنة, ورغم خطاب أردوغان الثيوقراطى العنصرى, إلا أنه يرى من وجهة نظره أنه المسلم الأوحد الذى يستطيع توحيد المسلمين تحت رايته العثمانية الجديدة!.
القواعد العسكرية التركية فى القرن الإفريقى :
تمتلك تركيا أكبر قاعدة عسكرية خارج أراضيها في مقديشو، كما يشمل تعاونها تدريب الجيش الصومالي وتتحكم أيضا في مطار البلاد الرئيسي وتستثمر في قطاعات صحية واقتصادية متعددة؛ ما يؤكد أن هناك اتفاقا ومخططا خفيا للهيمنة على الصومال والاستثمار في موارد البلاد النفطية والمعدنية والبحرية, وعلى خلفيات التوجه التركى نحو مقديشو تتداخل الاعتبارات السياسية مع الإقتصادية والإستراتيجية لتجعل المشروع الصومالى أشبه برأس جسر للعبور نحو منطقة غنية، مترامية كانت ولا تزال لها خصوصياتها المميزة, فالقرن الأفريقى الذي يمتد من الصومال الى إريتريا مروراً بإثيوبيا وجيبوتي، يحظى بأهمية جيو إستراتيجية بالغة: بسبب موقعه الحساس عند الطرف الشمالى- الشرقى للقارة الأفريقية، ثم بفضل ما يختزنه من موارد طبيعة مكتشفة ومخبأة، وأخيراً بسبب علاقات التأثير التاريخية المتبادلة التى تجمعه مع العرب، سواءٌ فى منطقة الجزيرة العربية أو فى منطقة وادى النيل.
فالقرن الأفريقى الذى يسمى “السرة” نظراً إلى موقعه في وسط العالم، وبحكم تموضعه الجغرافي بين ثلاثة مجسمات مائية حيوية، المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر، يحظى بوضعية الهيمنة الإستراتيجية على مضيق باب المندب، إحدى أهم البوابات المائية في العالم، ما يعنيه ذلك من سيطرة مباشرة على حركة الملاحة البحرية الدولية، التجارية والنفطية والعسكرية، بين الشرق والغرب.
قرر أردوغان فى العام 2011 م كرئيس للوزراء أنذاك، أن يكون الزعيم الأجنبى الأول والوحيد الذى يتجرأ على اقتحام مقديشو المفخخة بالمخاطر، لإرساء أولى مداميك سياسة أفريقية طموحة تهدف إلى غزو القرن الأفريقي من البوابة الصومالية, ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم قطعت أنقرة اشواطاً بعيدة فى تثبيت حضورها فى تلك المنطقة من العالم، إلى الحد الذي باتت معه الصومال تبدو أشبه بمحافظة تركية.
يأتى بعد ذلك بناء القاعدة العسكرية التركية على جزيرة “سواكن” بدولة السودان, حيث اقتحم “أردوغان” السودان بجهد مضاعف أوائل عام 2017 م، واستثمر علاقتة الوثيقة مع الرئيس السودانى آنذاك “عمر البشير”، المبتلى بالحرب والمطلوب من المحكمة الجنائية الدولية, فخلال زيارة أردوغان للسودان زار جزيرة سواكن، وهى محطة تجارية عثمانية تاريخية على ساحل البحر الأحمر للسودان، ونقطة انطلاق في وقت ما للمسلمين الأفارقة المسافرين إلى مكة, ومن بين عشرات اتفاقيات التعاون التى وقعها البلدان، تعهد إردوغان بالعودة إلى الجزيرة وإحياء أهميتها الثقافية وإعادة إنشاء العبارات السنوية المتجهة إلى المواقع المقدسة فى السعودية, أما الصفقات الثنائية – التى بلغ مجموعها حوالي 650 مليون دولار – شملت خططًا لتعزيز التعاون العسكرى وبناء مرفق لرسو السفن الحربية والمدنية فى جزيرة سواكن، ما دفع وسائل إعلام عربية للاعتراض على الخطوات التركية.
ويبدو أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد, وأن الرئيس التركى ينتوى بناء العديد من القواعد العسكرية فى دول القرن الإفريقى, برغم اعتراض بعض الدول الإفريقية على اقتحام أردوغان المريب لها, نجد على سبيل المثال دولة إريتريا مازالت ترفض أى تدخل تركى على أراضيها, وعلى نفس النهج تسير القليل من الدول الإفريقية رغم قوة الدفع الوجودى التى يضخها النظام التركى لنفسه فوق تخوم أفريقيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.