بعد فشل تركيا فى الانضمام الى الاتحاد الاوروبى، وجهت سياستها الدولية نحو افريقيا حيث حاولت تقديم نفسها بمثابة المتحدث الرسمى للقارة الافريقية فى المحافل الدولية حيث استطاعت عن طريق دعم الدول الأفريقية الحصول على العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فى عام 2008. ورصدت صحيفة لوموند الفرنسية ازدياد النفوذ التركي فى القرن الافريقية ثم امتداده ليشمل غرب القارة السمراء وتكللت هذه المساعى بزيارة الرئيس التركى رجب طيب اردوغان والذى رافقه خلالها ما يقرب من 200 مستثمر بهدف تعزيز الاستثمارات فى المنطقة. وفى الأعوام القليلة الماضية، فقدت تركيا العديد من أسواقها جراء الحرب فى العراق وسوريا كما تدهورت علاقتها مع مصر وروسيا والاتحاد الأوروبى مما دفعها للبحث عن مناطق جديدة للتبادل التجارى ومن ثم قام الاتحاد التركى للمستثمرين وأصحاب المصانع بتنظيم عدة لقاءات مع نظرائهم فى القارة السمراء، حيث وصل حجم الاستثمارات بين البلدين حوالى 500 مليون دولار فى عام 2008. وارتفع حجم الصادرات التركية الى القارة السمراء من 9،3% الى الضعف فى الفترة ما بين عامى 2007 و2013 وأكثرها يتوجه إلى المغرب حيث يتم تبادل الحديد والغذاء والسلع الاستهلاكية والمنسوجات والأسمنت والبلاستيك مقابل القطن ومواد التعدين والأحجار الكريمة والفحم والخشب. وتربط تركيا وأفريقيا ( جنوب الصحراء الكبرى ) علاقات دبلوماسية فضلا عن استثمارات رجال الأعمال الأتراك التى دخلت حيز التنفيذ منذ عشرات الاعوام فى منافسة قوية امام الاستثمارات الصينية والبرازيلية والروسية. وازدادت الاتصالات الإنسانية والمصالح المشتركة ونتج عن ذلك ارتفاع حجم التبادل التجارى بين القارة السمراء وتركيا فى الفترة ما بين عامى 2003 و2014 حيث قفز من 5،3 مليار دولار ليصل الى 23،4 مليار دولار. وسلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على تاريخ العلاقات بين تركيا وأفريقيا حيث أقامت أنقرة علاقات مع جنوب البحر المتوسط قبل الاحتلال الانجيلزى والفرنسى والبرتغالى. ففى القرن الخامس عشر والسادس عشر، غزت الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليم الأول عدة مواقع فى مصر والساحل الجزائرى واستمرت فى التوسع ليشمل ليبيا بقيادة سليمان الأعظم ثم تونسوجنوبالبحر الأحمر بطول المنطقة التى تشمل اليوم اريتريا وجيبوتى وشمال أثيوبيا وجزءا من الصومال وامتد النفوذ الدينى للامبراطورية العثمانية فى القرن التاسع عشر الى جنوب افريقيا. لكن اعادة بناء الجمهورية التركية فى عام 1923 أدي إلى وقف العلاقات بين أنقرة والولايات العثمانية السابقة. ويعتبر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان اول رئيس يقوم بزيارة الى القارة الافريقية حيث توجه فى مارس 2005 الى عدة دول افريقية بمناسبة "العام الافريقى" مما ادى الى توطيد العلاقات مع القارة الإفريقية، ففي عام 2008، عقدت قمة التعاون الأولى بين تركيا وإفريقيا في إسطنبول بمشاركة 49 دولة إفريقية، ما أسفر عن اعتماد "خريطة طريق" لتعزيز العلاقات بين البلدين. وعقدت تركيا في السنوات التالية لعام 2008 اجتماعاتها مع دول القارة في أديس أباباوإسطنبول. وفي يناير 2013، أصبحت تركيا عضوا في بنك التنمية الإفريقي. وخلال قمة التعاون الثانية بين تركيا وإفريقيا، التي عقدت في العاصمة غينيا الاستوائية مالابو، في نوفمبر 2014، تم الاتفاق على خطة مشتركة للتنمية حتى عام 2015. ومنذ عام 2009، ازداد عدد السفارات التركية في إفريقيا من 12 إلى 39، وكجزء من الجهود لتعزيز التبادلات الاقتصادية مع القارة، وقعت تركيا على 38 اتفاقية ثنائية للتعاون التجاري والاقتصادي، و17 اتفاقية ثنائية بشأن تشجيع وحماية الاستثمار، وثمانية اتفاقات ثنائية بشأن منع الازدواج الضريبي. كما ارتفع حجم التبادل التجارى بين تركيا وإفريقيا، من 5 مليار دولار في عام 2003 أربع أضعاف بحلول عام 2014، حيث بلغ 23 مليار دولار. وارتفع حجم الصادرات من 2 مليار دولار إلى 13 مليار دولار. وتؤكد الخارجية التركية أن واردات أنقرة من إفريقيا كانت 3 مليار، أي أكثر من الصادرات التي كانت تبلغ 2 مليار دولار، مضيفة أن واردتها في عام 2014 بلغت 9 مليارات دولار وصادرتها 23 مليار دولار. وتظل العلاقات التركية الصومالية المثيرة للجدل حيث تدعم تركياالصومال على الصعيد الإنساني. فقد شاركت تركيا فى بعثة الأممالمتحدة للصومال عام 1991 ثم قام الرئيس التركى رجب طيب اردوغان فى عام 2011 بزيارة استثنائية الى الصومال التى أصابها الجفاف والمجاعات وكانت ضمن هذه البعثة قرينته وكريمته وأربعة وزراء من حكومته. وتعتبر هذه الزيارة بمثابة زيارة رمزية للغاية إذ انه أول رئيس غير أفريقى يقوم بزيارة إلى الصومال منذ اكثر من 20 عاما. وفتحت أنقرة سفارتها فى مقديشو وقامت بحفر الآبار وتعبيد الطرق التى تصل بين العاصمة والمطار كما قامت بإنشاء مستشفى يضم 200 سرير. وذلك فى إطار الحملة التركية المنبثقة عن اتفاق إعادة الإنشاء والدعم الذى دام 20 عاما ويشمل كافة أرجاء العاصمة الصومالية.