قبل ايام من الاجتماع السداسى المرتقب بين “مصروإثيوبيا والسودان” بأديس أبابا، والذى يضم وزراء الخارجية والري بجانب رؤساء المخابرات، والمقرر له منتصف الشهر الجارى، والذى لم يحدد مكان انعقاده الا من ايام بطلب اثيوبى ، توقع الخبراء عدم حسم إثيوبيا النقاط العالقة بفترة ملء وتشغيل سد النهضة ، حيث وقفت أزمة المفاوضات المتعثرة منذ عام، أمام مطلب القاهرة، الذى اُعلن عنه الفترة الماضية، والذى شمل رؤيتها لأسلوب الملء والتشغيل أثناء فترات الفيضان والجفاف، “وطبقًا لحالة الفيضان فى إطار تعاوني، وبما يحقق أهداف إثيوبيا، وأهمها التوليد المبكر للطاقة، من دون الإضرار الجسيم بالمصالح المائية المصرية”على ان يتم الاتفاق على هذه الامور وحسمها خلال هذا الاجتماع . ويرى رئيس المجلس العربى للمياه وزير المياه الأسبق ، دكتور”محمود أبو زيد”، ان التوصل لاتفاق فى هذا الشأن، يحتاج ل”فترة أطول”، كما ان تجاوب إثيوبيا مع طلب مصرأمر غيرمؤكد أن يتم فى هذا الاجتماع ، مشيرا الى ضرورة التوصل لاتفاق حول سنوات التخزين والملء وأساليب التشغيل وإلادارة ، لتجاوز الآثار الجانبية المتوقعة للسد، فكلما زادت فترة الملء كلما كان التأثير أقل ، مضيفا انه من مصلحة الدول الثلاث الذهاب لاتفاق يكون ُمرضيا لجميع الأطراف. واوضح” ابو زيد” ، ان التأجيل عمل متكرر ومتعمد من الجانب الإثيوبي، منذ سبتمبر 2018 عقب الاجتماع الاخيرالمنعقد بأديس ابابا والذى انتهى دون التوصل إلى قرارات محددة بخصوص نتائج الدراسة المتعلقة بالسد، ويعتبر ذلك اكبر دليل على نوايا اديس ابابا فى المفاوضات، حيث انتهجت منذ عام 2011 أسلوب الخداع الاستراتيجي لإكمال بناء السد ، فمنذ ذلك التاريخ، يتم التأجيل بطلب إثيوبي، واقربها الاجتماع المقبل، الذي كان مقررً له أغسطس الماضي، قبل أن يصبح فى منتصف سبتمبر الجارى، الامر الذى يؤكد مخاوف القاهرة من المدة الزمنية الطويلة دون التوصل إلى اتفاق، خاصة بعد اعلان وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، “سيلشي بكلي”، عن استمرار العمل في السد، وأن التوربينات ستبدأ في توليد الطاقة بعد سنة وثلاثة أشهر، وفقًا للخطة الموضوعة، بحيث يكتمل البناء في 2023، مشيرا الى ان الجديد هنا هو وجود دراسة مصرية بشأن التعاون في ملء وتشغيل الخزان الأول بعد اكتمال أول توربينين عام 2020″. وحول سيناريوهات مصر المتوقعة، اعتبر” ابو زيد” أنه من غير المحتمل أن يتم اللجوء إلى الخيار العسكري المباشر ، ولكن الخيار الأفضل والارجح هو الدعم الدولي الإفريقي، للتأثير على اثيوبيا واقناعها بقبول حل وسط بشأن فترة ملء الخزان وهو ست او سبع سنوات . وعلى جانب اخر، اشار” ابو زيد” الى ان المفاوضات التي تجري منذ سنوات بين الدول الثلاث، تعثرت كثيرا منذ سقوط الرئيس السوداني عمر البشير، وحتى استئنافها في أغسطس الماضي، مع بدايات استقرار الوضع في البلاد وتحديد خارطة طريق للانتقال إلى الحكم المدني، ويظل هناك تساؤل مطروح حول موقف السودان من ملف السد بعد كل هذه التغيرات، خاصة وان الخرطوم يشكل موقعًا رئيسيًا في الملف ، فى ظل مخاوف إثيوبية من تحول نظام الحكم الجديد في السودان عن دعم السد مثلما سبق وحدث فى موقفه من ملف تقسيم المياه في نهاية خمسينيات القرن الماضي ،حيث وافق الرئيس السودانى انذاك على اتفاقية المياه مع مصر عام 1959 والتي أفضت إلى بناء السد العالي ، وهو ما أثار تحفظات إثيوبية نجح في احتوائها جمال عبد الناصر عبر سياسته الأفريقية ، الامر الذى يمكن ان يدل على أن السودان سيفتح ملف سد النهضة من زاوية تأثيره على مصالحه الاستراتيجية والوطنية، موضحا ان هناك قضيتان إقليميتان تتصدران ملف العلاقات الثنائية بين مصر والسودان ، أولهما الدعم الاقتصادي المصري للسودان خاصة في مجال الربط الكهربي، وملف سد النهضة، حيث استقر الموقف المصري في هذا الملف على المطالبة بتوقيع اتفاقية فنية بين الدول الثلاث تضمن أن لا تكون سنوات تخزين المياه قصيرة جدا، علاوة على حجم هذا التخزين الذي تعتقد مصر بجدية أنه مؤثر على الأمن الإنساني للإقليم، وليس مصر وحدها، الوضع الذى ستضطر إثيوبيا للتعامل فيه مع متغيرات جديدة تتعلق بالسد ،رغم أنها نجحت في تجميده خلال التسعة أشهر الماضية .