أصبحت أموال المساجد، التى تجمع من خلال صناديق التبرعات فى داخل المساجد ومحيطها بهدف إخراج صدقات وزكاة فطر، وزكاة مال، مرتعاً لمن يرغب فى كسب الأموال دون وجه حق، خاصة فى ظل غياب رقابة وزارة الأوقاف وسيطرتها على المساجد، ومن ناحية أخرى إهمال وزارة التضامن لتلك الجمعيات وإدارتها، حيث سعت بعض هذه الجمعيات فى نهب تلك التبرعات ووضعها فى خزينتهم بحجج تطوير المسجد وفرشه، أو دفعها فى الزكاة، أو تبرعات للأيتام، أو الصدقات، أو الذبيحة وخلافه، ولكن بمجرد أن يضعوا رواد بيوت الله أو المارين بالشوارع والطرقات، أموالهم فى تلك الصناديق تذهب للقائمين على الجمعية، دون أدنى رقابة حقيقة. حبر على ورق من المعتاد فأن قرارات وزارة الأوقاف، لم تلق سوى اللامبالاة خاصة بعد أن أصدر وزير الأوقاف الدكتور "محمد مختار جمعة" قرارا فى عام 2013 بمنع أى شخص أو جهة غير رسمية بجمع التبرعات فى المساجد، بهدف حماية المساجد من استغلال أى طرف فى جمع تبرعات تحت أى مسمي، قائلاً "حتى لا تذهب أموال الله لناس لا تتقى الله"، ونوه فى قراره إلى أن التبرع يتم من خلال إيصال معتمد يتسلمه المتبرع. ورغم صدور هذا القرار لا تخلو منطقة فى القرى والمحافظات من وجود صناديق تبرعات تضع على جدار المساجد لا تشرف عليها الأوقاف ولا تعلم عنها شيئًا. وقد سبق وان لقى قرار ضم المساجد والزوايا الأهلية رقم "64" لسنة 2014 إلى وزارة الأوقاف، الذى أصدره وزير الأوقاف، إهمالا وعدم تنفيذ، رغم أن الوزير كلف الإدارة المركزية لشئون المساجد بوضع الضوابط والخطة الفنية والزمنية لتنفيذ هذا القرار، فى ضوء العديد من التوجيهات، كان أبرزها تكليف وكلاء وزارة الأوقاف بالديوان العام والمديريات؛ باتخاذ الإجراءات اللازمة بضم جميع المساجد دعويًا كمرحلة أولى تبدأ بضم كل مسجد يتوفر له إمام وخطيب معين أو خطيب مكافأة، بحيث لا يبقى فيها أى مسجد غير خاضع لإشراف الأوقاف، إلا أن هناك عددا كبيرا من المساجد تظل تحت السيطرة الكاملة للسلفيين والجماعات الإخوانية فأصبحت القرارات حبرًا على ورق. مخالفات وسرقة فقد رصدت "الأهالي" عددا من الجمعيات الخيرية، التى تضع عددا كبيرا من صناديق التبرعات خارج أروقة المساجد التابعة لها، وكانت تستغل لصالحهم، منها: جمعية "نور التوحيد الخيرية" بالمعصرة بمنطقة حلوان وتضم الجمعية مركزا طبيا، ومسجدا، وتضع خمسة صناديق خارج المسجد، زكاة المال، وزكاة الفطر، وثلاثة للصدقات. وجمعية "سويلم الخيرية" بمنطقة المعصرة فى مدينة حلوان، وتضم الجمعية مستوصفا خيريا، ومسجدا، ومحالا تجارية لبيع الملابس الإسلامية والاسدالات والسبح، والعطور، والمسك، ويضع بها عدد من الصناديق لجمع التبرعات تحت مسمى الصدقات والزكاة. وجمعية "سيدى عبد السلام وهدان الخيرية" فى العباسية وسط القاهرة، وتضم هذه الجمعية دار أيتام الراضي، وضريحا، ومسجدا، وبها ثلاثة صناديق تبرعات، دون علم من وزارتى الأوقاف والتضامن. وقال أحد رواد مسجد نور التوحيد، بمنطقة المعصرة، أن جمعية نور التوحيد، هى جمعية خيرية تم بنائها منذ عشر سنوات، وأصحابها منهم من كان يعمل استورجيا، والأخر نقاشًا، والآخر لا يعمل، جمعوا بناء تلك الجمعية من خلال التبرعات، ومع مرور السنوات ظهر عليهم النعيم والثراء، فأصبحوا يركبون عربات آخر موديل، مؤكدا أنهم يقومون بعمل حج وعمرة كل عام، وهو الأمر الذى يجعلنا نتساءل من أين لهم ذلك؟، وهل يحق لهم أن يسرقوا أموال الله ليضعوها فى جيوبهم؟، خاصة أن المسجد ليس به إمام من الأوقاف ولم تشرف عليه أى جهة. وقال أحد أفراد الأمن بمستشفى الدمرداش ومن رواد المسجد التابع لجمعية سيدى عبد السلام، بمنطقة العباسية، إن صاحب هذه الجمعية يقيم هو وأولاده الثلاثة فى الجمعية إقامة متكاملة، وهذا يعد مخالفة للقانون، كون أنه لا يجوز لأحد أن يقيم فى جمعية قائمة على التبرعات، وأولاده ليسوا موظفين فى أى جهة عمل ولكنهم يركبون أفخم العربات، ويصرفون مبالغ هائلة على الترفيه، وهم من يقوموا بفتح الصناديق واخذ التبرعات لصالحهم كون لا توجد رقابة عليها. الأوقاف تستجيب واستجابة لما رصدته "الأهالي"، قامت وزارة الأوقاف بحملة تفتيش على هذه المناطق، وتبين أن جميع الصناديق المذكورة غير تابعة للوزارة، ولا لأى جهة خيرية، فقامت بإحالة المخالفين وتحويلهم للتحقيق واتخاذ ضدهم الإجراءات القانونية، إلى جانب عمل محاضر أثبات حالة، وإزالة كل الصناديق وضم أموالها للوزارة، بالإضافة لتغيير العمال المسئولين عن حراسة المسجد وصناديق الصدقات باستمرار ضمانًا للأمانة. وقال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، إن الوزارة ليس لديها إحصائية بعدد الصناديق، مؤكدًا أن منها ما يفتح كل أسبوع، ومنها ما يفتح نصف شهري، وشهري، حسب كل مديرية من المديريات الإقليمية. وأضاف طايع، تقوم لجنة مشكلة من قبل الوزارة وعضو مكتب التفتيش، وصراف الخزينة بالمديرية، وأمين الصندوق، لفتح هذه الصناديق، وعمل محضر بالمبالغ التى رصدت، وإرفاق تقرير بها ورفعه للوزارة، وتأخذ نسبة ال 20% المقررة للوزارة على فرش وصيانة وأعمار المسجد، مشيرًا إلى أن باقى المبلغ 80% يتم صرفه فى أعمال الخير والإعانات والأعمال الخيرية لأهل الحى التابع لها المسجد، لافتا إلى أن هذا العمل تطوعي، لذلك لا يحق للإمام أو مجالس الإدارة أن يحصل على نسبة من تلك الصناديق، موضحا أن هذه التبرعات تتم إحالة المخالفين فيها لجهات التحقيق أو حل مجلس الإدارة إذا ثبت عليه مخالفة مالية. حملات تفتيش وتابع طايع، إن الوزارة تواصل حملاتها الموسعة فى كل المحافظات، لإزالة أى صناديق "غير رسمية" تتبع أى جهة، وتحرير محاضر لأصحابها، مؤكدًا أن وزير الأوقاف كلف مديريات الوزارة بالمحافظات من خلال "لجان البر" المُشكلة، بحصر أى صناديق لجمع التبرعات بالمساجد، وإعطاء رقم كودى لكل صندوق مُسجل، على أن يكون له قفلان بمفتاحين مختلفين، واحد فى الوزارة والآخر مع مجلس الإدارة التابع للمسجد، إضافة انه وجه بمنع إشراك أى شخص فى أكثر من لجنة، عدا رؤساء اللجان الصادر بهم منشور معتمد من رئيسى القطاع الدينى وقطاع المديريات معاً، وأن تُفتح الصناديق من خلال لجان معتمدة، ويحرر بالمبلغ إيصال رسمي.