احتفل المجلس الأعلى للثقافة بمرور 25 عامًا على رحيل الأديب يحيى حقى، بحضور حلمى النمنم وزير الثقافة السابق، والدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، والدكتور حاتم ربيع الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وابنة الأديب "نهى يحيى حقى" وكوكبة من المثقفين والأدباء والشعراء. وهو كاتب وروائى مصري، نشأ فى القاهرة لأسرة ذات جذور تركية، درس الحقوق وعمل بالمحاماة والسلك الدبلوماسى والعمل الصحفى، يعتبر علامة بارزة فى تاريخ الأدب والسينما ويعد من كبار الأدباء المصريين. فى مجاله الأدبى، نشر أربع مجموعات من القصص القصيرة، ومن أشهر رواياته "قنديل أم هاشم"، وكتب العديد من المقالات والقصص القصيرة الأخرى. ولد عام 1905 فى بيت صغير من بيوت وزارة الأوقاف المصرية ب"درب الميضة" بجوار"المقام الزينبى" فى حى السيدة زينب بالقاهرة، لأسرة تركية مصرية مسلمة متوسطة الحال غنية بثقافتها ومعارفها، هاجرت من (الأناضول) وأقامت حقبة فى شبه جزيرة "المورة"، ثم نزحت العائلة إلى مصر. حصل يحيى حقى، على جائزة الدولة التقديرية فى الآداب، وهى أرفع الجوائز التى تقدمها الحكومة المصرية للعلماء والمفكرين والأدباء المصريين، تقديرًا لما بذله من دور ثقافى عام، منذ بدأ يكتب، ولكونه واحداً ممن أسهموا مساهمةً واضحةً فى حركة الفكر والآداب والثقافة فى مصر، بداية من الربع الأول من القرن العشرين. كما منحته الحكومة الفرنسية وسام الفارس من الطبقة الأولى، ومنحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراه الفخرية، إعترافا من الجامعة بريادته وقيمته الفنية الكبيرة. وكان واحدا ممن حصلوا على جائزة الملك فيصل العالمية فرع الأدب العربى لكونه رائدا من رواد القصة العربية الحديثة، عام 1990. ظاهرة فريدة يكبر الحدث ويسمو حين يكون المحتفى به الكاتب والروائى فارس القصة القصيرة يحى حقى، هكذا بدأ الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة السابق كلماته مؤكدا أن هذا اليوم كأنه من أمس، والواقع أنه ظاهرة فريدة فى الثقافة المصرية والعربية وفى الأدب المصرى أيضا، يحى حقى متعدد الجوانب، روائى وكاتب مقال بإمتياز وصحفى ورئيس تحرير، هو من أبرز فرسان القصة القصيرة، فضلا عن إسهاماته المميزة فى كل مجال. وأضاف النمنم، أن يحيى حقى، حين تولى رئاسة مجلة المجلة فى الستينيات فتحها لكل الكتّاب من مختلف التيارات، ومن الضرورى معرفة أن كتاب جمال حمدان «شخصية مصر» الذى صدر يوليو 1967، كان عبارة عن مقالات تنشر بمجلة المجلة منذ عام 1962، وهناك كتب كثيرة أتاح لها يحيى حقى النشر، وأن ترى النور على صفحات المجلة. وأضاف وزير الثقافة أن يحى حقى بالرغم من كثرة أعماله إلا أنه كان يستاء من إختزاله فى رواية "قنديل أم هاشم"، لديه أعمال أخرى كثيرة ذات أهمية وإبداع مشيرا إلى أن «الكاتب المبدع حين يرحل عنا يولد من جديد ويبقى ما خطته يديه من أعمال مبدعة»، هو صاحب أسلوب مميز، إستطاع أن يقترب من العامية إلى الفصحى، وأن يضفى إليها جمالا، مؤكدا أن يحى حقى عكس عبقرية مصر، وبالرغم من أنه ذو أصول تركية إلا إنه أشد مصرية من الكثيرين وأحرص على مصريته والوطنية المصرية من الكثيرين. المدرسة الوسطية وأكد الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، أن يحيى حقى رجلا لا ينسى قائلا: عرفته عن قرب وكان يقص لى ما كان يعانيه من الحياة الثقافية، رجل شديد الدهاء والذكاء، يتمتع بخفة ظل عالية. وأشار عصفور أن يحى حقى أول من نشر له دراسة بحثية فى مجلة المجلة عن الوزن والإيقاع فى شعر صلاح عبد الصبور، متحدثا عن الذكريات التى جمعت بينهما، وأضاف أن يحيى حقى كان ذو إهتمام هائل باللغة العربية، وفى علاقته بالعامية كان يعرف متى يستخدم الكلمة فى مكانها، أيضا له دراسة فى رباعيات صلاح جاهين، كما تناول عصفور فكرة الوسطية التى كان يتمتع بها شخص يحى حقى. مؤكدا أنه تلميذه فى إعتناق مدرسة الوسطية. مجلة المجلة لقد تنوعت رحلة يحيى حقى، حيث عمل بالنيابة ثم بالمحاماة ولما تحقق له الفشل، تقدم لمسابقة لتعيين أمناء المحفوظات فى (القنصليات)، و(المفوضيات)، التى نجح فيها وكان ترتيبه الأخير، فعين أمينا لمحفوظات القنصلية المصرية فى جدة، وتنقل بين روما وإسطنبول، حتى عاد إلى القاهرة إبان الحرب العالمية الثانية، وشغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية، ثم سكرتيرا للسفارة المصرية بباريس، ومستشارا لسفارة مصر بأنقره، فوزيرا مفوضا فى ليبيا. أقيل حقى من العمل الدبلوماسى عندما تزوج من فنانه فرنسية، وعاد إلى مصر، وعين مستشارا لدار الكتب، ورئيسا لتحرير مجلة المجلة المصرية، وإستطاع أن يحافظ على شخصيتها كمنبر للمعرفة، والعقل وأن يفتح صفحاتها للأجيال الشابة من المبدعين، فى القصة والشعر والنقد والفكر ليصنع نجوم جيل الستينيات فى "شرفة المجلة". الشخصية العربية فيما قال الدكتور حاتم ربيع، إن الأديب الراحل يحيى حقي، يمتلك قدرة إبداعية فذة، حيث ترك لنا وراءه أعمالا قيمة وخالدة، مؤكدًا أن المجلس حريص على إحياء ذكرى هؤلاء المبدعين الراحلين عن عالمنا، كما أضاف أن يحيى حقى أرتقى بالذوق المصرى والعربى، وجسدت أعماله الشخصية العربية، وهو ما يثبت أنه ولد أديبا بالفطرة، فصارت أعماله تعيش داخلنا جيلا بعد جيل. جامعة فؤاد يذكر أن يحيى حقى، تلقى تعليمه الأولى فى كُتَّاب "السيدة زينب"، وبعد أن إنتقلت الأسرة من "السيدة زينب" لتعيش فى "حى الخليفة"، التحق سنة 1912 بمدرسة "والدة عباس باشا الأول" الابتدائية بحى "الصليبية" بالقاهرة، وهى مدرسة مجانية للفقراء والعامة، وهذه المدرسة هى التى تعلم فيها مصطفى كامل باشا، قضى "يحيى حقى" فيها خمس سنوات، وفى عام 1917 حصل على الشهادة الابتدائية، فالتحق بالمدرسة السيوفية، ثم المدرسة الإلهامية الثانوية بنباقادان، وقد مكث بها سنتين حتى نال شهادة الكفاءة، ثم التحق بالمدرسة "السعيدية"، ثم المدرسة "الخديوية" التى حصل منها على شهادة (البكالوريا)، وكان ترتيبه الأربعين من بين الخمسين الأوائل على مجموع المتقدمين فى القطر كله، فقد التحق عام 1921 بمدرسة الحقوق السلطانية العليا فى جامعة فؤاد الأول، وكانت وقتئذ لا تقبل سوى المتفوقين، وتدقق فى اختيارهم، وقد رافقه فيها أقران وزملاء مثل: توفيق الحكيم، وحلمى بهجت بدوى، والدكتور عبد الحكيم الرفاعى، وقد حصل منها على درجة (الليسانس) فى الحقوق عام 1925، وجاء ترتيبه الرابع عشر.