أسامة ربيع: الهدوء في البحر الأحمر وهدنة غزة أعادا الثقة لخطوط الملاحة العالمية    عاجل الاحتلال يشترط نزع سلاح حماس قبل إعادة إعمار غزة وواشنطن تواصل جهود المرحلة الثانية من الاتفاق    الأهلي يتأهل لمواجهة الاتحاد في نهائي دوري المرتبط    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    خالد عبدالغفار يشهد جلسة حوارية بعنوان دور الثقافة والرياضة في الهوية الوطنية    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    نتائج كأس العالم للناشئين.. بوركينا فاسو تطيح بألمانيا.. وتونس تودع    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    الزمالك يُطلق كأس محمد صبري تخليدًا لأسطورة القلعة البيضاء    ما حقيقة مفاوضات الأهلي مع أسامة فيصل وموقف اللاعب؟    رامي عيسي يحصد برونزية التايكوندو في دورة ألعاب التضامن الإسلامي 2025    ضبط 2 طن عجينة كفتة وحواوشي مجهولة المصدر بحملة تموينية بشبين القناطر    محافظ الدقهلية خلال احتفالية «المس حلمك»: نور البصيرة لا يُطفأ ومصر وطن يحتضن الجميع| فيديو    أسباب الانزلاق إلى الإدمان ودوافع التعافي.. دراسة تكشف تأثير البيئة والصحة والضغوط المعيشية على مسار المدمنين في مصر    الأرصاد: تحسن في الطقس وارتفاع طفيف بدرجات الحرارة نهاية الأسبوع    إلهام شاهين تتوسط شقيقيها وليلى علوي فى عرض فيلم شكوى 713317 بمهرجان القاهرة    الأوقاف: مسابقة كبار القراء والمبتهلين شراكة استراتيجية لترسيخ ريادة مصر    سعر اليوان الصيني مقابل الجنيه في مصر اليوم السبت    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية 2025    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    عاجل خبير أمريكي: واشنطن مطالَبة بوقف تمويل الأطراف المتورطة في إبادة الفاشر    يوسف إبراهيم يتأهل لنهائي بطولة الصين المفتوحة 2025    من مقلب قمامة إلى أجمل حديقة.. مشاهد رائعة لحديقة الفسطاط بوسط القاهرة    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    الليلة الكبيرة تنطلق في المنيا ضمن المرحلة السادسة لمسرح المواجهة والتجوال    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    ذكرى اعتزال حسام حسن.. العميد الذي ترك بصمة لا تُنسى في الكرة المصرية    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    اليابان تحتج على تحذيرات السفر الصينية وتدعو إلى علاقات أكثر استقرارًا    جيراسي وهاري كين على رادار برشلونة لتعويض ليفاندوفيسكي    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    أسامة ربيع: عبور سفن عملاقة من باب المندب إلى قناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    التعليم العالي ترفع الأعباء عن طلاب المعاهد الفنية وتلغي الرسوم الدراسية    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتي لا تضيع وثائق رفعت السعيد
نشر في الأهالي يوم 19 - 09 - 2017

ما كدت استوعب جانبا من صدمة رحيل المؤرخ والمناضل اليساري "د.رفعت السعيد" عن عالمنا، حتي شغلني – وسط طوفان الحزن- مصير مكتبته ووثائقه، إذ كان يلمح كثيرا فى أحاديثه العامة والخاصة، إلى قلقه من المصير الذي ينتظرها بعد رحيله.. خاصة انه ليس بين ابنائه من تدخل القراءة أو الكتابة فى التاريخ، أو الاهتمام بالسياسة فى تخصصه أو حتي اهتمامه.
ولم تكن هواجس د. رفعت السعيد حول مصير مكتبته بعيدة عن شواهد كثيرة عن المصير المفجع، الذي انتهت إليه مكتبات عدد من الكتاب والمثقفين والفنانين، بعد رحيلهم لم يكن أولهم المخرج والناقد واستاذ السينما الراحل احمد كامل مرسي الذي رحل فى سبعينيات القرن الماضي، وباع ورثته مكتبته إلى تجار الكتب المستعملة على "سور الازبكية" وكانت تضم عددا كبيرا من نوادر الكتب فى الفنون السينمائية بلغات مختلفة، ولم تكن آخرها مكتبة الكاتب الرائد "يوسف الشاروني"، التي انتهت إلى المصير نفسه، ومكتبة الروائية عبد الرحمن منيف، الذي انتهي التجول بين المهاجر بأسرته إلى الاقامة فى إحدي العواصم الغربية بعد رحيله، وبعد اضطراب الأوضاع فى سوريا الذي اقام منيف بها فى سنواته الاخيرة، قبلت الاسرة نصيحة بعض معارفها، بأن تؤجر منزل منيف الذي يحوي مكتبته الهائلة لبعض الاصدقاء، فكان أول ما يفعلوه أن استولوا على المكتبة لتتبدد محتوياتها بالنهب والبيع لتجار الكتب.
وتكمن قيمة المكتبة الخاصة لكل اديب او كاتب او شخصية عامة، فى انها تعد مصدرا من اهم مصادر الترجمة لسيرته، وربما لسيرة الجيل الذي ينتمي إليه، ولمعرفة بعض التأثيرات الاساسية التي ساهمت فى تكوين رؤاه وافكاره، ودفعته فيما بعد الي السير فى الطريق الذي اختاره، وكان هذا هو ما دفع بعض الذين ترجموا لسيرة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر- من المؤرخين الاجانب- على سبيل المثال، الي مراجعة قوائم المستعيرين فى مكتبة الكلية الحربية المصرية، خلال الفترة التي كان طالبا بها، للبحث عن عناوين الكتب التي كان يحرص على قراءتها.
وتزداد قيمة المكتبة الخاصة، إذا كان صاحبها ليس مجرد قارئ مثقف يجمع الكتب بهدف القراءة للمتعة والاستفادة، ولكنه قارئ وكاتب يجمع بين ذلك وبين اقتنائها كأحد مراجع ومصادر البحث والتأليف. وهو ما تتميز به مكتبة رفعت السعيد، التي اتسعت رفوفها لكي تشمل المراجع والمصادر التي اعتمد عليها فى تأليف سلسلة مؤلفاته، التي تمركزت فى معظمها حول موضوعين رئيسيين فى التاريخ المعاصر، هما الحركة اليسارية، وحركة تيارات الاسلام السياسي.
وبصرف النظر عن الاختلافات والمعارك التي دارت بين رفعت السعيد والمعاصرين له من المشتغلين بالسياسة والتاريخ حول حيادية المنهج الذي اتبعه فى تأليف هذه الكتب، فقد استطاع عبر اهتمامه بهذين الموضوعين منذ فترة مبكرة، وبمثابرته ودأبه، أن يقتحم كهفا كان مغلقا ومظلما تماما، أمام المؤرخين العرب، نتيجة لحالة التعتيم التي كانت تحيط بهما، إما لأن انشطتهما كانت كلها- أو اهمها- سرية، أو لأن خصومهما ممن يتولون السلطة، كانوا يفضلون ألا يبالغوا فى تضخيم اخطارهما.
وكانت مبادرة رفعت السعيد فى الاهتمام المبكر بتاريخ الحركة اليسارية المصرية، هي التي شجعت آخرين، ممن شاركوا فى قيادة أو عضوية المنظمات العديدة التي انضوت فى قيادة او عضوية هذه الحركة، على اغناء مصادر التاريخ لها بكتابة مذكراتهم، بل وشجعت بعض منظماتها على تأليف لجان للتاريخ لدورها، والدفاع عن ممارساتها، ودفعت بعض المؤرخين الاكاديميين على الخوض فى هذا المجال، الذي كان قاصرا قبل صدور مؤلفات السعيد على فصول متناثرة كتبها المؤرخون الاجانب.
ولا يختلف هذا الدور التحريضي، أو بمعني ادق التحفيزي-الذي لعبه رفعت السعيد، فى تنشيط حركة التأليف لتاريخ المنظمات اليسارية المصرية، عن الدور الذي لعبه فى تحفيز المواجهة الفكرية لنشاط العناصر المتشددة والارهابية فى حركة الاسلام السياسي.
وفى خلال هذه المعركة المتصلة، نجح رفعت السعيد، فى استنقاذ عدد من الوثائق التاريخية المهمة والنادرة التي تتعلق بالموضوعين، من التبدد والضياع.. فاستطاع أن يدرك عددا من قادة الحزب الاشتراكي المصري الأول، الذي تشكل فى العشرينيات قبل أن يغادروا الدنيا وأن يحصل على شهاداتهم عنه، وأن يحصل على شهادات من قادة واعضاء المراحل التالية من تاريخ الحركة الشيوعية المصرية، الثانية والثالثة فى الثلاثينيات والاربعينيات، إلى أن أنهت وجودها المستقل بقرارات حل نفسها عام1 965، وأن يجمع عددا كبيرا مما كان يصدر عن هذه المنظمات من بيانات وتحليلات كانت تطبع وتوزع على اعضائها بشكل سري ويعاقب من تضبط لديه نسخة منها بعقوبة لا تقل عن الحبس لمدة ثلاث سنوات.
وكان مصير هذه الوثائق وغيرها من الكتب النادرة، هي أهم ما يشغل رفعت السعيد خلال السنوات الاخيرة من حياته، خشية أن تتبدد وتضيع، ولا يستفيد أحد منها، فى مواصلة دراسة تاريخ الوطن الذي امضي حياته يناضل فى سبيل تحرره واستقلاله واستنارته، وكانت قراءة التاريخ، هي التي قادته إلى ذلك!
فهل يتقدم حلمي النمنم وزير الثقافة، لكي يقوم- عبر دار الكتب والوثائق القومية المصرية- بطمأنة رفعت السعيد فى قبره، بأن ما بذله من جهد فى جمع هذه الوثائق، لن يضيع هدرا.. أثق أنه سوف يفعل.
صلاح عيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.