معاناة وصرخات وزحام فى مختلف الطرق المؤدية إلى الطوارئ والعيادات، ومشاكل يومية لا تنتهي، فالحال يزداد سوءا كل يوم عما قبله، أمهات وآباء يصرخون ويتحملون أوجاع أبنائهم، لحين سماع أسمائهم فى قوائم الانتظار،التي تضم آلاف الأشخاص، متحملين عناء الروتين لساعات طويلة.. فالمشهد داخل المستشفيات العامة أشبه بكثير ما يحدث فى طابور الخبز، من ازدحام وامتلأت الطرقات بالمرضى، الذين ينتظرون دورهم فى الكشف، ومن لم يجد له مكانا على الأرض،ينتظر دوره فى طابور طويل وسط مخاوف من الإصابة بالأمراض المعدية، وعندما يظهر الطبيب داخل حجرة الكشف،تزداد حالة الفوضى بين المرضى، نتيجة اختلاف الدور فى طابور الكشف. زحام وأكد علاء عبد الهادي، 55 سنة، أنه يعانى من حساسية بالصدر،وعند وصوله المستشفى الساعة السابعة صباحا،لحجز مكان فى استقبال الصدر، ورغم مشقة الانتظار ومعاناته فى الدخول،إلا أنه من غير فائدة،موضحا أن الأكثر حزنا أن المستشفى يفتقد أدنى مسئولية، من إهمال وسوء معاملة للمرضى، وزحام كبير فى الطرقات المؤدية للاستقبال، والأطباء غائبون، والعلاج المجاني غير فعال، بخلاف العجز فى أجهزة المناظير.. وأضاف أنه لا يستطيع تحمل أعباء تكاليف العلاج الباهظة، فى ظل غلاء المعيشة، وارتفاع الأسعار، لأنه يفوق قدراته المالية كغالبية المرضى البسطاء، كما أن التحاليل تتم فى المستشفى بمقابل مادي كبير،لا تقل عن 150 جنيها،لمريض لا يحمل فى جيبه ال 10 جنيهات، مما يزيد معاناتهم المستمرة. هنجيب منين ومن جانبها أضافت قدرية السعيد، 45 سنة، أنها تعانى بشكل كبير كل شهرين، حتى تحصل على الدواء، حيث إنها تصرف كل شهرين دواء لعلاج مرض السكر والقلب، مثل " جليمت 400 مجم"، و" براكسيلان 200 مجم"، و" أسبرين 81"،و" تينورمين 25 مجم"،وتأخذ هذه الأدوية فى شكل جرعات يوميا، بخلاف حقنة الأنسولين، كما أن تكلفة عمل الرنين 300 جنيه، لكنها لا تملك مبالغ مالية طائلة لشرائها على نفقتها الخاصة.. وأكدت أنها سبق ودخلت أكثر من مرة فى أزمات صحية، بسبب تأخر صرف الدواء،ولكن من أين ستواصل الإنفاق، فالأدوية سعرها مرتفع، وما تريده هو الرحمة بأحوالهم الصحية المتدهورة،مشيرة إلى أنها ذاقت المرار مع المرض وسلكت كل الطرق، وبعد صعوبة كبيرة والذهاب أكثر من شهر لوزارة الصحة، حصلت على قرار علاج على نفقة الدولة برقم " 5220903 "، لعدم قدرتها على إجبار المستشفيات على استقبال حالتها وعدم سماع الأطباء لمعاناتها وآلامها. غياب الأدوية بينما بدأت وفاء محروس،ربه منزل وأم 7 أولاد، كلامها ب " حسبي الله ونعم الوكيل فيهم"،وهى تحمل ورقة ببعض الأدوية، طُلب منها الدكتور أن تشتريها من الخارج، حيث إن الأدوية غير موجودة بمستشفى أبو الريش، واضطرت إلى شرائها بأسعار غالية، على حساب قوت أبنائها.. وأوضحت أن أبنها " طارق عبد المجيد " يعانى من مرض مزمن، فحين وصلت إلى المستشفى لم تجد أي اهتمام من طاقم التمريض،الذي كان متواجدا داخل عيادة الباطنة، وعندما سألت عن الطبيب المختص، ردوا عليها " شويه وجاى " بكل برود،حيث انتظرت أكثر من ساعتين دون جدوى، وعادت إلى المنزل بدون فائدة لعدم تواجد الدكتور. دموع أم أما رضا طنطاوي، 64عاما، أم ل 5 أبناء، صرخاتها تتعالى، فتجلس تارة فى مدخل المستشفى، وأخرى فى سلالم وطرقات العيادات، بعد ما أصيبت ابنتها " علياء" بالسكر والضغط والقلب،وبالتالي تحتاج إلى اختبارات وفحوصات معملية منها " قياس نسبة السكر فى الدم، وفحص نبضات القلب والطحال وضغط الدم، من خلال التصوير بالموجات فوق الصوتية، لمساعدة الطبيب على التشخيص الجيد وتحديد العلاج اللازم للحالة المرضية.. وأضافت أنها ربة منزل، ومعاشها لا يزيد على 350 جنيها شهريا من الضمان الاجتماعي، ولا أحد يسأل عنها بعد وفاة زوجها منذ 25 عاما، وتعول 3 بنات و شابين عاطلين، ولا يمكننها الإنفاق على مرض ابنتها، لذلك جئت إلى المستشفى وتحملت عناء الانتظار من الساعة التاسعة والنصف صباحا، إلى أن تم الكشف على ابنتها فى تمام الثانية عشرة ظهرا.. وأكد أحد الموظفين بالقصر العيني، رفض ذكر اسمه، أن المستشفى أصبحت مكتبا لتحويل المرضى إلى مستشفيات وعيادات الأطباء الخاصة،بحجة ارتفاع كفاءتها نسبيا، مبينا أن صيحات وصرخات وأنين المرضى تتعال فى صباح كل يوم، لسوء الرعاية الطبية، وتكرر الشكاوى المقدمة من المرضى يوميا، لعدم توافر الخدمات،ولكن دون جدوى.. وأوضح أن المرضى يتوسلون الأطباء بعد طول انتظار فى الطابور، بتوفير العلاج لهم داخل قصر العيني، لعدم قدرتهم المالية على تحمل تكاليف العيادات الخاصة، ولكن دون جدوى،ويتركون المريض يتألم دون رحمة،وفى بعض الحالات،يلقى المريض مصرعه، فى محاولة من الأطباء بالضغط وإجبار المرضى على الذهاب لعيادتهم الخاصة، فتحول الأطباء من ملائكة الرحمة،إلى عزرائيل الموت. وأشار إلى وفاة أحد المرضى بالاستقبال الأسبوع الماضي، بسبب عدم تقديم الخدمة لها إلا بعد دفع 5 الاف،ولكن الأسرة لم تستطع توفير المبلغ إلا بعد وفاة الحالة. وأخيرا وليس آخرا، هذا هو حال أكبر مستشفيات مصر، الذي من المفترض أن تكون الخدمة الطبية المقدمة منهم على أعلى مستوى، ولكن سيبقى الحال إلى أن يصدر قرار يراعى فيه أدمية المرضى.