الشاعر محمد الشهاوي أحد الأصوات الشعرية من جيل الستينيات، صاحب تجربة ممتدة، تتميز لغته بالانحياز إلى القيم الجمالية وتوظيف الموروث، تبدو فيها كذلك تجليات صوفية، وواقعية هنا حوار معه. بعد أكثر من خمسين عامًا فى ساحة الشعر- كيف تري تجربتك؟ دعني أقول لك منذ أن كان لي وعي شعري وأنام مشغول بألا أكون امتدادًا لأحد أو شبيهًا له، اقر واعترف أنني استفدت من كل ما قرأت له، ولكنني اصر دائما على أن لا أكون إلا أنا، مهما كان الآخر عظيمًا. لم أكن فى صراع يوما ما مع أحد، أنا دائما فى صراع مع نفسي، اريدها تبحث عن بصمة خاصة. وليس الشعر مجرد نظم أوكلام مرسل، ولكن الشعر تتحق لك خصوصيته. وكما قلت لك أنني اكتب شعرًا، أنني أسير الصوفية الموجودة فى بعض القصائد. أنا حين اكتب قصائد لا اكتب بحثا فى الصوفية، وإنما أوظفها داخل النص الشعري. هناك حالة من الإنشاد فى الكتابة والإلقاء؟. أنا لا اتعارض معك وأقول هذا شيء جوهري حاولت أن اجود ذلك، هو نغم رباني عليه تربي الانسان، ثم أني اردت موروثنا الشعري وتقديمه فى صورة موسيقية. هناك ايقاعات مميزة فى اللغة العربية، لكنني اتصور أنني ابتدعت شكلا مميزا داخل سياق القصيدة. قصيدتي التي تنشد ليست فى حاجة إليّ أنا ابتدع الموسيقي وفى نفس اللحظة أحاول التشكيل باللغة. تجارب مختلفة قصيدة "المرأة الاستثناء" هذه القصيدة يشار بها إلى تجربتك الشعرية- كيف تري ذلك؟ أود أن اقول أن كل انتاجي الشعري يستنتج توجها معينا، اتصور أنها واحدة من مسيرة طويلة متحققة فى شعري، ليست "المرأة الاستثناء وحدها، هي قصيدة تنطلق من حقيقة واقعية استثنائية. ذلك التوجه الجمالي موجود فى كثير من شعري، مشاعر منسابة داخل القصائدة. التصوف عالم يأتيني ويحققني، ما دمت، أنا ابن تراث وموروث. ولي شوق- دائما- يجعلني أري بعيني أنا العالم من حولي. وأنني معرفيا ابن التراث وكل من قرأت له. أبحث دائما عن تحقيقي ذاتي من خلال احداثاتي فى القصيدة- هل تحقق ذلك هذا متروك للزمن وللقارئ؟ المسرح الشعري هناك طاقات شعرية درامية فى شعرك.. لماذا لم تكتب المسرح الشعري؟ هذا سؤال أطرحه- دائما- على نفسي كان لي أحلام كثيرة، كنت احلم فى البدايات أن اكون فنانا تشكيليا، حلمت- ايضا- أن أكون عازف عود، فلما لم يتحقق ذلك عزفت عن ذلك، كان الشعر هو الساحر الذي وجهت إليه كل امكانياتي الفنية. تمنيت أن اكتب المسرحية الشعرية، لكن ذلك لم يتحقق، المسرح الشعري ليس مجرد حدث ولغة، فاستعضت من ذلك بمسرحة القصيدة. هناك – دائمًا- حواريات داخل القصائد وداخل تجليات اللغة الشعرية، ولكن يظل المسرح حلمًا كبيرًا. مساحة مفتوحة كيف تري قصيدة النثر- هل لك موقف منها؟ ليس لي موقف منها، كما أنني تعلمت أن الشعر متعدد. هناك قيم شعرية اتصور أنها نوع من الكتابة يكتبها اصحابها والبعض يكتبها عن عجز. كما يقول بعض الشعراء والنقاد، هذا الرأي غيرته كثيرا. فى الفترة الأخيرة. تعلمت ألا ارفض أي شيء إلا بعد قرأته وبعد التجربة العملية، هناك نماذج لشعراء كبار كتبوها منهم فاروق شوشة وأنسي الحاج وحلمي سالم ورفعت سلام. عندما تتحقق جماليات الابداع والفن فيها فأهلا بها. منابع صوفية اللغة الصوفية ومنابعها الاولي عندك وتوظيف الموروث العربي موجود – عندك- منذ الديوان الاول وحتي القصائد الاخيرة- كيف تري ذلك؟.. أنا لم اتعمد هذه اللغة، لكن اكتشفت بعد فترة من الكتابة وجدت أن تلك الملامح موجودة منذ البدايات، فى ديواني الاول الذي صدر عام 1962، فتعجبت كيف نبت ذلك. يبدو أن هناك شيئًا فى الفترة يحقق شيئًا بداخلي، لكن ليس معني هذا أنني لست رجلا قدري شعريا، ولا من هؤلاء الذين يتصورون أن للشعر حدوا معينة. الشعر يتحقق بجالياته مهما كان الموضوع، لا انفصال ولا انفصام بين الشكل والتشكيل عندي القصيدة هي التي تختار شكلها. رغم أنك بدأت فى فترة الستينيات، إلا انك بهذه التجربة لا أستطيع أن انسبها إلى جيل معين، لأنها خارج سياق المجايلة؟ أنا لا احب التقوقع داخل اطار معين أنا مشغول دائما بتجديد الكتابة، عبر اقانيم اللغة، واحترم اللغة العربية وطاقتها الجمالية الممتدة.