نفى مركز معلومات مجلس الوزراء ما تردد بشأن خفض أجور موظفى الدولة الخاضعين لقانون الخدمة المدنية الجديد، مشيرًا إلى أنه بالتواصل مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة نفى صحة تلك الأنباء تمامًا، وأكد أن كل ما يتردد حول هذا الشأن لا أساس له من الصحة وأنها مجرد شائعات مغرضة هدفها فى المقام الأول إثارة غضب الموظفين الخاضعين للقانون الجديد. وأضاف الجهاز أن الحكومة عمدت فى مشروع القانون المعدل، على وضع نص صريح لضمان عدم الانتقاص من المستحقات المالية المخصصة للعاملين المدنيين فى الدولة، مؤكدًا أن القانون لا يهدف لتقليص الأجور، وإنما يسعى لربط معدلات الأداء بالأجر أو الإثابة..فالإجور تعتبر أساس منظومة أى عمل، ولذلك فإن أغلب الإضرابات والاحتجاجات تكون بسبب مستحقات مالية متأخرة، أو لتدنى الأوضاع المالية والمطالبة بزيادتها، ومع ارتفاع أسعار السلع والخدمات، فإن مطلب أجر عادل يضمن حياة كريمة للمواطنين هو أمر بديهى يجب على الدولة السعى فى تنفيذه. فالإحصائيات التى تصدر من الجهات الرسمية تتحدث عن نحو 6.5 مليون شخص يعملون فى الوظائف الحكومية، بين معينين ومؤقتين، وتتجاوز مخصصات أجورهم أكثر من ربع إجمالي مصروفات الموازنة العامة، وتبلغ حصة باب الأجور نحو 26.2% من إجمالي مصروفات مصر. رجال الأعمال وفى هذا السياق قال مجدى البدوى نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، أنه خلال السنوات الماضية تمت المحاولة والضغط لكى يتم تطبيق الحد الأدنى للإجور، مؤكدًا أن الحكومة بصفتها صاحب عمل وافقت على تطبيقه على العاملين بالدولة، ولكنها لم تستطع تقريب وجهات النظر بين ممثلى العمال وأصحاب الأعمال لتطبيق الحد الأدنى للأجور للعاملين لدى القطاع الخاص. وأوضح البدوى، أن رجال الأعمال وضعوا شروطا قاسية لتطبيق الحد الأدنى للأجور، وأنه رغم المحاولات المتكررة التى قام بها ممثلو العمال لعقد جلسات مع أصحاب الأعمال داخل المجلس القومى للإجور، لإقناعهم بأهمية تطبيق الحد الأدنى لإجور العاملين، الإ إن وزير التخطيط وخلال السنوات الماضية لم يدع لعقد اجتماع يتم فيه مناقشة هذا الأمر الذى يختص بمستقبل الملايين من العاملين بالقطاع الخاص والانتهاء منه. وأضاف البدوى، أنه فيما يخص منظومة الأجور للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة، فهم يمتلكون أسوأ نظام أجور فى العالم، حيث أن إصرار الدولة ولسنوات طويلة على إقرار العلاوة التى تتراوح بين 1.5 جنيه إلى 7 جنيهات، فتح الباب للعديد من المجاملات داخل الوزارات بأنظمة مختلفة من الإجور، من أنظمة حوافز وأجر خاص ولوائح خاصة أو حتى كادر خاص لفئة معينة. العدالة الاجتماعية وأشار أن المشكلة الحقيقية التى تعوق تطبيق الحد الدنى للأجور، وهى أنه مازال هناك بعض الوزارات والهيئات الخاصة والتى لها لوائح وقوانين خاصة بها، موضحًا أنه خلال الفترة القادمة ستتم مناشدة الدولة لكى يتم عمل نظام موحد للإجور لجميع العاملين، وذلك انطلاقًا من سعى القيادة السياسية لتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين. وأكد أنه وحتى بعد إقرار قانون الخدمة المدنية فما زال هناك بعض الهيئات التى لها لوائح خاصة تنظم أجورها بعيدًا عن القانون، مشيرًا أن هذا شئ غير مطلوب خلال الفترة القادمة. الدستور وفى سياق متصل، أكد شعبان خليفة رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، أن منظومة الأجور للعاملين بالقطاع الخاص خارج نطاق مراقبة الحكومة تمامًا وليس لديها أية سيطرة لتعديل هذه المنظومة، بالرغم أن الدستور المصرى والذى تنص المادة 12 منه على وجود أجر عادل، وكذلك المادة 13 والتى تمنع الفصل التعسفى والتأكيد على ضرورة تطبيق العدالة الاجتماعية، إضافة إلى المادة 72 التى تتحدث عن مبدأ تكافؤ الفرص سعيًا للوصول الى العدالة الاجتماعية المطلوبة. وأشار خليفة، أنه على الرغم من حصول صاحب العمل على العديد من التسهيلات من الدولة لكى يقوم بالمقابل بتوفير فرص عمل للشباب وبأجور تتناسب مع طبيعة عملهم ومتطلباتهم اليومية، إلا أنه لم يقوم يزيادة مرتبات العاملين بل وعلى العكس فإن أغلب الاحتجاجات المالية التى نشهدها للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة أو القطاع الخاص كانت معظمها بسبب المستحقات المالية المتأخرة. وقال رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، أن السياسة الحالية المتبعة فى القطاع الخاص، هى الفصل للعمالة التى بلغ مدة عملها أكثر من عشر سنوات، والتى تتقاضى مرتبات أكبر من الوافدين الجدد، وذلك كنوع من توفير النفقات دون مراعاة الظروف المعيشية لمن تم فصلهم، وذلك فى ظل غياب رقابة الحكومة على هذا القطاع. وأوضح، أنه بالتطرق لقانون العمل الجديد، ففى الباب الأول والخاص بالتعريفات، نص القانون على أن أجر العامل " هو كل ما يحصل عليه العامل من صاحب العمل لقاء عمله" فقط دون تفسير، وبالنسبة لعقد العمل ففى المادة 69 من نفس القانون، أشارت عقد العمل يسرى من خلال الأجر المتفق عليه وتركتها مبهمة دون إيضاح سائر المزايا النقدية والعينية المتفق عليها. وبالنسبة لبند الإجور فالقانون ينص على حتمية تشكيل المجلس القومى للإجور، يرأسه وزير التخطيط، ومن ضمن أعضائه ممثلين عن العمال وأصحاب الأعمال بنسبة 50% من تشكيل المجلس، والنصف الأخر يأتى بالتعيين، دون معرفة الأسس التى يتم على أساسها تعيينهم ضمن المجلس القومى للأجور، مضيفًا أن هذا المجلس لم يعقد على مستوى الجمهورية منذ 19 / 11 / 2013، وكان هذا الاجتماع لبحث خطوات رفع الحد الأدنى للإجور، ولكن وزير التخطيط فشل فى تقريب وجهات النظر بين ممثلين العمال وأصحاب الأعمال، وإنه منذ هذا التاريخ ولم يتحرك أحد لتطبيق الحد الأدنى للأجور. وأضاف أنه حتى هذه اللحظة ونحن فى عام 2016 ومع الارتفاع الجنونى لأسعار السلع والخدمات فإن الحد الأدنى للإجور الرسمى مازال 400 جنيه فقط، مشيرا أنه تم رفع دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء ووزير التخطيط وذلك لامتناعهم عن تطبيق الحد الأدنى للإجور والمتفق عليه بمبلغ 1200 جنيه تماشيًا مع العاملين بالدولة. نظام أجور متخلف وحول الرؤية الشاملة لمنظومة الأجور فى مصر، أكد الدكتور سمير رضوان، الخبير الاقتصادى ووزير المالية الأسبق، أن نظام الأجور فى مصر «متخلف» عن العصر، ويعانى من الفوضى، وتلجأ الدولة إلى علاجه بإجراءات جزئية، موضحًا أن لجوء الدولة لتطبيق نظرية الحدين الأدنى والأقصى للأجور خطأ جسيم خاصة الحد الأقصى، مبررًا ذلك بأنه يقتل الطموح عند العاملين فى الدولة. ولفت الخبير الاقتصادى فى تصريحات صحفية له، أن هناك من يستحق الحصول على أجر كبير دون حد أقصى سواء لما يبذله من جهد وإنتاج أو ما يدره من أرباح، مؤكدًا أن علاج هذا الأمر يكمن فى فرض ضريبة على الأجر المرتفع مع الحفاظ على الحد الأدنى دون الاقتراب منه، منوهًا أن ذلك سيعد سببًا فى إصلاح منظومة الأجر خلال الخمس سنوات القادمة. أرقام الوزارة وأكد وزير المالية الأسبق أن وجود قانون الخدمة المدنية ضرورة قصوى لاصلاح الجهاز الإدارى للدولة، وأنه كان يجب عقد حوارات مجتمعية شاملة حتى يتفهم الموظفون لطبيعة القوانين، الفوائد التى ستعود عليه. وعلى الجانب الأخر، أعلنت وزارة المالية فى تقريرها الشهري عن ارتفاع الأجور وتعويضات العاملين بالقطاع العام، بنحو 11.8 مليار جنيه خلال أول 10 أشهر من العام المالي الحالي، لتسجل نحو 169.7 مليار جنيه فى الفترة من يوليو وحتى إبريل الماضيين، مقابل 157.8 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي السابق. وأضافت المالية، أنه تضاعفت تكلفة الأجور فى الموازنة العامة للدولة خلال السنوات التي أعقبت ثورة 25 يناير، وبلغت فى عام "2010 – 2011" نحو 96.2 مليار جنيه، لترتفع فى العام التالي إلى 122.8 مليار جنيه، ثم 142 مليار فى عام "2012 2013"، و 178.5 مليار جنيه فى 2013-2014 و 198.4 مليار فى 2014-2015، فيما تتوقع الدولة أن تبلغ تكلفة أجور العاملين بالدولة نحو 218 مليار جنيه بنهاية العام المالي الجاري. وذكرت وزارة المالية أن الأجور والبدلات النقدية والعينية، بلغت خلال أول 10 أشهر من العام المالي الجاري، 138.2 مليار جنيه، مقابل 129.9 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي، فيما تراجعت المكافآت لتسجل 57.9 مليار جنيه، مقابل 63.8 مليار جنيه خلال فترة المقارنة. وقالت الوزارة أن مصروفات الأجور وتعويضات العاملين بالدولة زادت بنسبة 7.5% فى أول 10 أشهر من العام المالي الجاري وهي أقل نسبة زيادة خلال الثلاث سنوات السابقة من نفس الفترة من العام فى ضوء الإصلاحات التي قامت بها الوزارة للسيطرة على تفاقم فاتورة الأجور. وأشارت إلى أن عجز الموازنة العامة للدولة حقق نحو 273 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو وحتى إبريل الماضيين تمثل 9.8% من الناتج المحلي مقابل 231 مليار جنيه تمثل 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة المماثلة من العام المالي السابق.