كتبت اقبال بركة ثانى المجددين فى الاسلام هو الإمام الشافعى الذى يعتبر مؤسس علم أصول الفقه استقر الشافعى بمصر وهو ناضج ، فكانت له بيئة تطور ثقافى واضح ، حيث أحكم مذهبه الجديد . وكانت للشافعى الى جانب ثقافته الدينية واللغوية ثقافة أدبية و كان يهتم بالطب و بالفلسفة الهندية ويلعب الشطرنج بالاستدبار . وكان شغوفا بالرماية حتى أنه كان يصيب عشرة من عشرة و ينقل عنه فى تفسيره آية " و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة .." قوله : "… فزعم أهل العلم بالتفسير أن القوة هى الرمى .." و كان فنانا عنى بصنعة الغناء و قد قيل إنه كان ذا صوت حسن ، و كان شاعرا ، و كان أصحاب الشعر يجيئون حلقته و يأخذون عنه وقد قال عن الشعر: " الشعر كلام حسنه كحسن الكلام ، و قبيحه كقبيح الكلام ، غير أنه كلام باق سائر ، فذلك فضله على الكلام ". وعلى الرغم من كونه فقيه يتلو القرآن الكريم و فيه سورة الشعراء { الشعراء يتبعهم الغاوون ، ألم تر أنهم فى كل واد يهيمون. وأنهم يقولون مالا يفعلون }كان الشافعى شاعرا رقيقا فنانا جمع تلاميذه شعره فى كتب المناقب وكتب التاريخ وفى نفس الكتاب عقد فصلا عنوانه " شهادة الشعراء " لم ينكر فيه شعر العاطفة و القلب بل قال فيه " و من شبب فلم يسم أحدا لن تُرَد شهادته " و قد ألف الشافعى فى الغزل ومن شعره: يا كاحل العين بعد النوم بالسهر ماكان كحلك بالمنعوت للبصر لو أن عينى اليك ناظرة حانت وفاتى و لم أشبع من النظر و قد كان أحمد بن حنبل يعجب به و يعتبره ثانى مجدد على رأس مائة بعد عمر بن عبد العزيز . كان الشافعى يرحب بالجدال ، ومن أقواله " ما ناظرت قط أحدا على الغلبة" ، و "لم يُعطَ الإنسان فى الدنيا بعد النبوة ، أفضل من العلم " .و " السنن الصحيحة قليلة ، عند أهل المعرفة ، إذا كان أبوبكر الصديق لا يصح له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سبعة أحاديث ، وعمر بن الخطاب رضى الله عنه ، مع طول عمره ، بعد رسول الله ص لايصح له خمسون حديثا ،وعثمان فأقل، و على بن أبى طالب مع كل ما يحض الناس على الأخذ عنه لا يصح له حديث كثير ، لأنه كان مشغولا ممتحنا، و أكثر ما أخذ عنه ، فى زمان عمر و عثمان لأنهما كانا يسألانه ، و يرجعان الى علمه " . و فى مصر جاء الشافعى بالتأويل و الرأى ، و لم ينكر أن كتابه و مذهبه فى مصرقد نَسخ كتابه و مذهبه فى بغداد بل قال " لآ أجعل فى حل من روى عنى كتابى البغدادى" . . التجديد اذن ليس بدعة و لا ضلالة بل كما يقول الشيخ الخولى "هو أمر ضرورى يحقق استمرار حيوية الإسلام ، و صلاحيته لكل زمان و مكان ، و مسايرته للتقدم الانسانى المتصل ، و بخاصة مما يكبله به أصدقاء جهلاء ، يحسبون أنهم يحافظون عليه ، فى الوقت الذى يقتلون فيه حيويته ، التى يتطلبها عمومه و خلوده ، كما شعر به المدركون لحقيقته الكبرى ، و رسالته العظمى " .