إن التخطيط مفهومه وتعريفاته وحدوده ان علي الدولة ان تضع الخطة السنوية لها. وان تضع خططا بعيدة المدي. يوسف عليه السلام نموذج في التخطيط والتطبيق أوضح يوسف عليه السلام ان الدولة تضع ضمن خطتها تخطيطاً بعيد المدي وذلك من خلال تفسيره لرؤيا الملك التي ذكرت في قوله تعالي: "وقال الملك إني أري سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وآخر يابسات. يا أيها الملأ افتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون" يوسف آية .43 فقد استطاع يوسف عليه السلام بفضل الله تعالي ان يفسر رؤيا الملك وان يضع الخطة للسبع سنين الرخاء وللسبع سنين العجاف. أي وضع الخطة المستقبلية للدولة البعيدة المدي بأربع عشر سنة كما قال الله تعالي: "قال تزرعون سبع سنين دأباً" أي متوالية متتابعة "فما حصدتم فذروه في سنبله" أي فاتركوه في سنابله لأن هذا يحفظه من السوس والمؤثرات الجوية.. "إلا قليلاً مما تأكلون" أي ادرسوا قليلا من الحنطة للأكل بقدر الحاجة وأمرهم بحفظ الأكثر لوقت الحاجة وهو وقت السنين المجدبة. ومن هذا أكد يوسف عليه السلام انه وضع الخطط العريضة لعلوم التخطيط للدولة وذلك بوضع وتنفيذ الخطة العامة الأولية للسبع سنين لدولة مصر. ووضع الهيكل العام بالتخطيط السليم كما علمه الله وهي في سنة الرخاء السبع ببناء مستودعات للقمح والغلال وحشد كل الطاقات الادارية والبشرية والفنية وخزن المحاصيل الزائدة لكل عام.. كل ذلك وضعه يوسف عليه السلام في علوم التخطيط لدولة مصر في خطته السبعية الأولي وهي خطة الرخاء والادخار. الخطة السبعية الثانية: وهي وقت القحط والجفاف هذه السنوات السبع العجاف التي فسر فيها يوسف عليه السلام رؤيا الملك "ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون" أي تدخرون هذه الخطة السبعية الثانية تضمنت توزيع الغلال والحبوب في سنوات القحط التي واجهت مصر. ولقد استفاد يوسف عليه السلام من تخرين الحبوب في سنوات الرخاء بأن وزعها علي الناس في السنوات العجاف بالعدل والقسطاس فانتعشت بذلك التجارة وفي مواجهة هذه الأزمة لقد حرم يوسف عليه السلام الاحتكار فلم يحتكر السلعة لمصر وحدها ولم يحتكرها زمن القحط عن شعب مصر منتهزاً الفرصة لرفع السعر وتحقيق دخل مرتفع. وكان يوسف عليه السلام زاهد في الدنيا وهو علي خزائن الأرض كان لا يأكل ليشبع فكر في الشعب قبل نفسه فاستحق ثناء الله عليه "وان الله لا يضيع أجر المحسنين" يوسف عليه السلام كان لا يأكل هو والملك وجنودهما إلا أكلة واحدة في وسط النهار حتي يكتف الناس بما في أيديهم مدة السبع سنين وكان يوزع الطعام بالعدل. فكان لا يعطي الرجل أكثر من حمل بعير في السنة وكان يتصدق علي المحتاجين واجتاز يوسف عليه السلام هذه الأزمة بعمله وعلمه وتخطيطه وإيمانه وتوكله علي الله وحسن معاملاته للناس. بشري يوسف عليه السلام لشعب مصر قال تعالي علي لسان يوسف عليه السلام "ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس" أي يمطرون وتخرج الأرض الزرع "وفيه يعصرون" أي يعصرون القصب والفاكهة وغير ذلك إشارة إلي الرخاء الذي يعمهم وهكذا كانت قصة يوسف فيها العبر والعظات والدروس المستفادة فلنتأملها وننتفع بما فيها.