لقد عني الإسلام بالطب الوقائي والصحة الجسمية والعقلية والنفسية للإنسان وقلما يخلو كتاب من كتب السنة النبوية من فصل أو باب عن التمر والرطب وفوائدها للإنسان في جميع مراحل نموه وأن ذكر النخيل في أكثر من موضع في القرآن الكريم والسنة المطهرة يعطي الدلالة الكاملة علي بيان إعجاز التمر والنخيل في الغذاء والشفاء للإنسان حيث إنه من شجرة علياء باسقة في السماء شجرة طيبة كالكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. وهو أول طعام يفطر عليه الصائم وخير سحور له كما أوصي بذلك النبي صلي الله عليه وسلم وهو طعام مريم ابنة عمران وهي نفساء. وهو علاج للسحر والسم وغير ذلك من الفوائد العظيمة التي سنذكرها إن شاء الله في هذه المقالات. التمر هو ثمر النخيل ومنه أنواع عديدة جداً. تعد بالآلاف وهي تتفاوت في الطعم والحلاوة ولكنها كلها تمتاز بأنها تحتوي علي نسب متوازنة من العناصر الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان ولهذا يعتبر التمر غذاء كاملاً وفيه وقاية من أمراض كثيرة. وقد عرفه المصريون القدماء ووجد منقوشاً علي مقابر الأسرة ال 18 والنخل من الأشجار دائمة الخضرة التي تنمو في المناطق الحارة أساساً ولكنها تأقلمت مع كل من المناطق المعتدلة والجافة وهي من أكثر الأشجار احتمالا لكل من الجفاف والملوحة. وتنتمي النخلة إلي النباتات ذوات الفلقة الواحدة وتتمايز أشجارها ما بين ذكر وأنثي ويبدأ الإزهار من السنة الخامسة من عمرها ويستمر في الانتاج الجيد إلي عمر يتراوح بين الثلاثين والأربعين سنة. النخيل بين العلم والقرآن. قال تعالي "والنخل باسقت لها طلع نضيد" "ق:10" جاء في تفسير الآية الكريمة أن النخل الباسقات أي الطوال التي يطول ساقها وترتفع إلي السماء حتي تبلغ ما لا يبلغه كثير من الأشجار وتخرج الطلع النضيد متراكباً بعضه فوق ما هو رزق للعباد وأدم وفاكهة يأكلون منه ويدخرون لهم ولمواشيهم. والنخل الباسقات نوع خاص من النخل يتيمز بطول ساقه "جذعه" حتي يتجاوز الثلاثين متراً في الارتفاع علماً بأن هناك من أنواع النخل القصير مالا يتجاوز ارتفاعه المترين. وهكذا أعطي الله- سبحانه وتعالي- للنخل مميزات وقدرات ظاهرة وخفية مستترة ما جعل من النخل مضرب المثل في القرآن الكريم الذي ذكره في عشرين موضعا وفضله دوما علي غيره من أنواع الزروع والفاكهة. فمن القدرات الظاهرة للنخل ثباته في الأرض وارتفاعه فوق سطحها ومقاومته للرياح وتحمله للحرارة الشديدة والجفاف وقوته وتعميره ووفرة إنتاجه تحت أقصي الظروف وتتنوع وتتعدد أشجاره وثماره شكلاً وطعماً وحجماً. وكذلك تعدد الفوائد المرجوة من كل جزء من أجزاء شجرته المباركة. ومن القدرات المستترة للنخلة قدراتها الفائقة التي وهبها الله تعالي إياها لتعينها علي القيام بوظائفها وفي مقدمتها القدرة علي الاستفادة بماء الأرض وعناصرها المختلفة ورفع العصارة الغذائية إلي قمتها وأوراقها وأزهارها وثمارها وإلي مختلف أجزائها مهما طالت تلك القمة. وذلك عن طريق التوتر السطحي للماء فتسلق جدران الوعاء الخشبي داخل النخلة خاصة إذا كان قطر الوعاء صغيراً فكلما دق هذا القطر ارتفع فيه الماء بسرعة أشد ووصل إلي مستويات أعلي. وهذا ما يعرف باسم الخاصية الشعرية وهي التي تتيح للمادة التي تمتصها جذور النخلة الوصول إلي قمتها النامية وما حولها من أوراق وزهور وثمار. وهكذا يتضافر كل من الضغوط الجذرية والخاصية الشعرية وقوة الشد الناتجة عن عملية النتج وينشأ في داخل الجذع قوة شد تصل إلي عشرات الضغوط الجوية تعمل علي رفع العصارة الغذائية النيئة والموجودة في الأوعية الخشبية ضد قوة الجاذبية من أسفل النخلة إلي قمتها مهما بلغ ارتفاعها بينما تهبط العصارة الغذائية الناتجة بعد تكوينها في الأوراق من قمة النبات إلي جذوره خلال خلايا لحاء الشجرة بفعل الجاذبية الارضية. ومما يميز شجرة النخيل رقتها ولينها حتي إنها قد أنت وبكت عندما فارقها رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد أن كان يستند إليها في خطبة الجمعة. فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلي شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار أو رجل : يارسول الله ألا نجعل لك منبراً؟ فقال صلي الله عليه وسلم "إن شئتم" فجعلوا له منبراً فلما كان يوم الجمعة دفع إلي المنبر وصاحت النخلة صياح الصبي ثم نزل النبي صلي الله عليه وسلم فضمها إليه وهي تئن أنين الصبي الذي يسكن قال: "كانت تبكي علي ما كانت تسمع من الذكر عندها".