* تسأل رشا سامي من القاهرة: نسمع كثيراً من المناظرات حول الحجاب وأن الطرف المنكر يدعي أن حديث السيدة عائشة رضي الله عنها ويقول انه حديث ضعيف ولا يعتد به. وأريد توضيح ذلك؟ ** يقول د. عبدالله الصبان أستاذ الحديث بجامعة الأزهر: عن عائشة رضي الله عنها. ان أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما دخلت علي رسول الله صلي الله عليه وأهله وآله وسلم وعليها ثياب رقراق. فأعرض عنها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. وقال: "يا أسماء. ان المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يري منها إلا هذا وهذا". وأشار إلي وجهه وكفيه. وتضعيف هذا الحديث بسعيد بن بشير. وخالد بن دريك: غير سديد فقد وثق سعيداً جماعة من الأئمة. وصحح حديثه الحاكم في "المستدرك" وقال: "وسعيد بن بشير: إمام أهل الشام في عصره إلا أن الشيخين لم يخرجاه بما وصفه أبو مسهر من سوء حفظه. ومثله لا ينزل بهذا القدر". ووافقه الحافط الذهبي. وأما خالد بن دريك فقد وثقه النسائي وغير واحد. وقد علل هذا الحديث أيضا بالإرسال بين خالد بن دريك وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وهذا التعليل متعقب من وجهين: الأول: ان المرسل مقبول إذا عضده قول صحابي أو فعله. كما هو مذهب الإمام الشافعي والمحققين من الأصوليين. قال البيهقي في "السنن الكبري" "مع هذا المرسل قول من مضي من الصحابة رضي الله تعالي عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة. فصار القول بذلك قوياً". الثاني: انه منجبر بالطرق الأخري للحديث. حيث ورد من أكثر من طريق: فأخرجه أبو داود في "المراسيل" عن قتادة مرسلا: ان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: "إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يري منها إلا وجهها ويداها إلي المفصل". وهو مرسل صحيح. وأخرج الطبراني في معجميه: "الكبير" و"الأوسط". والبيهقي في "السنن الكبري" عن أسماء بنت عميس رضي الله عنهما. انها قالت: دخل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علي عائشة بنت أبي بكر. وعندها أختها أسماء بنت أبي بكر. وعليها ثياب شامية واسعة الأكمام. فلما نظر إليها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قام فخرج. فقالت لها عائشة رضي الله عنها تنحي فقد رأي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أمراً كرهه. فتنحت فدخل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. فسألته عائشة رضي الله عنها: لم قام؟ قال: "أولم تر إلي هيئتها. انه ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها إلا هكذا وأخذ بكميه. فغطي بهما ظهر كفيه حتي لم يبد من كفيه إلا أصابعه. ثم نصب كفيه علي صدغيه حتي لم يبد إلا وجهه. وقد تقرر عند أهل الحديث ان المرسل إذا تعددت مخارجه فهو في محل القبول. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: "يقبل إن اعتضد بمجيئه من وجه آخر يباين الطريق الأولي. مسندا أو مرسلا. ليرجح احتمال كون المحذوف ثقة في نفس الأمر". وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" "الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك علي ان لها أصلا" وقال في "القول المسند في الذبِّ عن مسند أحمد": "كثرة الطرق إذا اختلفت المخارج تزيد المتن قوة". وأخرج أبو داود والترمذي في "السنن" عن نبهان. مولي أم سلمة. انه حدثه أن أم سلمة رضي الله عنهما حدثته انها كانت عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وميمونة. قالت: فبينما نحن عنده أقبل ابن أم كلثوم فدخل عليه وذلك بعد ما أمرنا بالحجاب. فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: "احتجبا منه" فقلت: يا رسول الله أليس هو أعمي لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: "أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن" عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: "إذا كان عبد مكاتب إحداكن ما يؤدي فلتحتجب منه" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وفي هذا الحديث دليل علي وجوب احتجاب المرأة عن الرجل ما لم يكن مملوكاً لها. وانها إنما أمرت بالاحتجاب منه هذا إذا ملك ما يؤدي به وان لم يؤده حقيقة. تورعاً. قال الترمذي: معني هذا الحديث عند أهل العلم علي التورع. وقالوا: لا يعتق المكاتب وإن كان عنده ما يؤدي حتي يؤدي. وأخرج أبو داود في "السنن" عن أنس رضي الله عنه. أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم اتي فاطمة بعبد كان قد وهبه لها. قال: وعلي فاطمة رضي الله عنها ثوب. إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها. وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها. فلما رأي النبي صلي الله عليه وآله وسلم ما تلقي قال: "انه ليس عليك بأس. إنما هو أبوك وغلامك". قال الحافظ ابن الملقن في "البدر المنير" "هذا إسناد جيد. وسالم وثقه يحيي بن معين. وليته أبو زرعة. وقد تابعه سلام بن أبي الصهباء . عن ثابت لا جرم. قال الحافظ ضياء الدين في "أحكامه". لا أعلم بإسناذه بأساً. وقال ابن القطان في كتابه "أحكام النظر". لا يبالي بقول أبي زرعة يعني: السلف فإن العدول متفاوتون في الحفظ بعد تحصيل رتبة العدالة. والحديث الصحيح". وهذا الحديث صريح في وجوب تغطية الرأس. لتحرج السيدة فاطمة رضي الله عنها من كشف رأسها حتي تغطي رجلها. ولو كان أحد الموضعين أوجب من الآخر في التغطية. أو كانت تغطية أحدهما واجبة وتغطية الآخر سنة لقدمت الواجب بلا حرج.