عقب تكريمهم في ختام أعمال المسابقة الدولية الثانية والعشرين للقرآن الكريم بمصر أكد علماء القراءات بالسعودية والإمارات أن قراء مصر كانوا ومازالوا وسيظلون التراث الكبير الذي تفخر به علي مر العصور ويتناقله الأجيال جيلا بعد جيل. الدكتور عبدالله بن علي بصفر - رئيس الهيئة العالمية للقرآن الكريم بمكة المكرمة قال : هذا التاريخ المجيد في هذه المسابقة إنما هو امتداد لجهود عظيمة قدمها قراء مصر علي مدي التاريخ. فهذا تراث كبير تفخر به مصر . ويفخر العالم الإسلامي كله بهذا التراث الذي يتمسك به أهل مصر . ويتمسك به العلماء والقراء . ويتناقلونه جيلا بعد جيل. من خلال جولاتنا في العالم الإسلامي طولا وعرضًا . نري تأثر القراء والحفاظ والمجودين بالمدارس القرآنية المصرية المباركة . مثل الشيخ المنشاوي . والشيخ عبد الباسط عبد الصمد . والشيخ الحصري . ملايين الطلاب يقتدون بهم ويتأثرون بهم وينقلون أصواتهم . وهذا إن دل علي شيء فيدل علي صدقهم وعلي إخلاصهم . حتي تأثر الناس بهم وتفاخروا بالتشبه بهم . وهذا من فضل الله تبارك وتعالي ومنه وكرمه. ويسجل للشيخ الحصري - رحمه الله - أنه أول من سجل القرآن صوتيًّا بفضل الله تبارك وتعالي . ليس في مجال القراءة والصوت الجميل فقط . بل حتي في مجال الإقراء والإجازة والقراءات . فمصر التي تذخر بمعاهد القراءات بها أكثر من مائة معهد للقراءات . بها كلية القرآن التي تخرج لنا علماء القرآن في القراءات . وفي التفسير . والتجويد . وفي علوم القرآن . والتي نوقش فيها وفي جامعات الأزهر المختلفة آلاف الرسائل العلمية في علوم القرآن المختلفة . ليس فقط في مجال القراءة كما ذكرت . بل حتي في مجال التفسير وفي مجال التعليم . فطلاب القراء المصريون اليوم يتولون معاهد القرآن في العالم . يتولون الإشراف علي المسابقات في العالم . بفضل الله تبارك وتعالي هؤلاء القراء لهم تلاميذ منتشرون في كل مكان . لهم بصمات قوية بفضل الله تبارك وتعالي كما ذكرت . ليس فقط في هذا المجال. حتي في مجال التفسير قديمًا وحديثًا . مازلنا نتتلمذ علي تفسير الجلالين وعلي التفاسير المختلفة. وفي هذا العصر الشيخ الشعراوي . الذي كرمته جائزة دبيّ الدولية. لا يكاد يوجد بيت لم يستمتع بتفسير القرآن العظيم . فمصر بلد القرآن . وشعبها شعب القرآن . يحب كتاب الله تبارك وتعالي . يتغني به يفسره يغوص في إعجازه وفي بلاغته وفي بيانه ويتذوق أسراره . فهنيئا لنا بهذا الكتاب العظيم . هنيئا لمصر بهذا الكتاب العظيم . خرجت لنا أطفالا. أصغر طفل يحفظ القرآن العظيم من مصر في العالم . الطالب تبارك حفظ في مسجدنا وعمره أربع سنوات ونصف . من يصدق أن طفلا عمره أربع سنوات ونصف يختم القرآن العظيم؟ مصر هي عش القرآن . فيها من الحفظة ومن القراء ومن علماء القرآن ما لا يوجد في كثير من البلاد . فلله عز وجل الحمد والمنة علي هذه النعمة العظيمة . النعمة الكبيرة. وصيتنا لهؤلاء الطلاب . لأبنائنا حفظة القرآن العظيم في هذه المسابقة أن يتخلقوا بأخلاق القرآن. وهذه الجائزة . تميزت أيضًا هذه المسابقة بفرع يتحدث عن الأخلاق . وعن جانب الأخلاق والاهتمام بهذا الجانب . وهذا هو قول السيدة عائشة "رضي الله عنها" لما سألت عن خلقه "عليه الصلاة والسلام" قالت : - كان خلقه القرآن -. فتسجل لهذه الجائزة أيضًا هذا الاهتمام بالجانب الأخلاقي . ولذلك نوصي هؤلاء الحفاظ أن يكونوا قدوة وأسوة وأن يكونوا وجهًا مشرقًا لكتاب الله تبارك وتعالي . كان خلقه "صلي الله عليه وسلم" القرآن . وكيف لا يتأدبون بالقرآن وقد قال "صلي الله عليه وسلم" : - وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده- فكيف لا يكون أهل القرآن بهذه الصفات العظيمة الطيبة من الوسطية والاعتدال وحسن الخلق وحسن التعامل مع المسلم ومع غير المسلم ؟ كيف لا يكون كذلك والسكينة تتنزل عليهم والرحمات تتنزل عليهم ؟ لا شك أنهم سيكونون كذلك بإذن الله تبارك وتعالي. ويقول "صلي الله عليه وسلم": - أدبوا أبناءكم علي ثلاث: حب نبيكم . وحب آل بيته . وتلاوة القرآن - فتلاوة القرآن أدب . فهذه الحلقات وهذه المعاهد وهذه المسابقات تخرج لنا الجيل المنشود بإذن الله تبارك وتعالي . جيل الاعتدال . وجيل التوسط . جيل الهداية . جيل الخلق والأدب بكتاب الله تبارك وتعالي . أوصيهم كذلك بما قال "عليه الصلاة والسلام" : - اقرؤوا القرآن واسألوا الله عز وجل به الجنة . فإنه سيأتي في آخر الزمان أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الدنيا - . فالقرآن أعظم مكسب وأعظم عطية . وهبة من الله تبارك وتعالي . أوصيهم كذلك بأن يخلصوا نيتهم لله تبارك وتعالي . وأن يعملوا بكتاب الله عز وجل حتي يقال لهم يوم القيامة: "اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها". إنه لمن دواعي السرور والغبطة أن أحظي بشرف الحضور في هذا الحفل القرآني المهيب الختامي للمسابقة العالمية للقرآن الكريم الثانية والعشرين علي صعيدها الطيب لنشر مبادئ الدين . وتكريما لحملة القرآن الكريم أهل الله وخاصته. وليس هذا بغريب علي طلبة الأزهر منارة العلم ورمز الفكر ومنبر الوسطية. نبارك لمصر رئيسا وحكومة وشعبا احتضانها لهذه المسابقة القرآنية الرائدة علي مستوي العالم الإسلامي. والتي كانت ولا تزال نبراسا ومثالا يحتذي بها بين مثيلاتها من المسابقات القرآنية الدولية الأخري. وإن مما يدعو إلي الفخر والاعتزاز. ويبرز منزلة ومكانة مصر العروبة في قلوبنا أن أول مكرمي جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم في حقل الشخصية الإسلامية هو العلامة الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله. ثم كرمت جامعة الأزهر كأعرق مؤسسة علمية خدمت الإسلام والمسلمين. وكان المكرم في الدورة الماضية سماحة الإمام الأكبر أ.د.أحمد محمد الطيب شيخ الأزهر الشريف. وإنها لمناسبة مباركة لأن تختار جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم لتكريمها في هذا الحفل المهيب الذي يرعاه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية. ويحضره جمع يرجون رحمة الله وثوابه. من خلال حضورهم وتفاعلهم مع تكريم المتسابقين من شتي دول العالم في أهم وأرفع وأشرف ما تكون المنافسة فيه. ألا وهو كتاب الله الخالد الذي وسع الدنيا والآخرة. والذي من حقه علينا أن نكرم أهله وحفاظه. ونتوج الفائزين منهم ابتغاء البركة والأجر والرضا والقبول. ومن هو أجدر من مصر بأن تكون رائدة ومتميزة في كل ما يتعلق بالاهتمام بكتاب الله وتكريم أهله وخدمته. مصر غالية علي قلب كل عربي ومسلم . البلد الغني بتاريخه وحضارته ومعالمه ومواقفه. والتي احتضنت أبناء العروبة ومدت لهم بساط العلم والثقافة والمعرفة . مصر التي تسكن قلوبنا وعقولنا والتي عشنا فيها أجمل فترات . شربنا من نيلها . تتلمذنا علي أساتذتها ودرسنا في أزهرها الشريف . هذا الأزهر الذي نحمد الله أن كنا من خريجيه وحملة أمانته . ومنتسبي دوحته . وسيبقي الأزهر ما حيينا موضع فخرنا واعتزازنا. مرحبا بالتعاون المستمر والبناء في خدمة القرآن الكريم وأهله وقال إنه علي استعداد كامل للتعاون بين جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم والمسابقة العالمية للقرآن الكريم في مصر حفظها الله وسائر بلاد المسلمين.