الكل يتحدث عن الشباب. والكثير يزعم اهتمامه بالشباب. الدولة تتحدث. الأزهر. الأحزاب. الكل يغني أغنية الشباب. نسمع ذلك كثيرا كما سمعناها من قبل من صفوت الشريف أحد أهم أضلاع النظام الفاسد حينما قال عن الشباب وهم في حومة الثورة.. "الشباب علي دماغي" وقتها لم يصدقه الشباب كما لم يصدق الشباب أي أحد الآن. في نفس الوقت الذي يبتعد الشباب عن الدولة ثائرا تؤكد التقارير المزعجة أن قوة الاخوان في الشارع المصري مازالت في وفرة شبابه. وقوته النائمة في الشباب علي الأرض كما تؤكد تقارير أكثر إزعاجا عن إقبال شباب كثر علي فكر داعش ومحاولة رحيلهم إليهم في مناطق حربهم. ومع اللغط البارد حول عنصر ساخن الشباب يتأكد لنا أن الفجوة واسعة بين من يتحدث عن الشباب وعن الشباب أنفسهم وأن سرعات الشباب تخطت الخيال. وغيرهم مازالوا يتحركون تحرك السلحفاة. وكل ما لديهم أن يعملون علي تعطيل حركة الشباب حتي يسيرا معا خطوة السلحفاة. المشكلة كما أراها أن كل من يتصدي لهموم الشباب لا يملك طرق الوصول إلي مكنونهم. بل ويجهل طبيعتهم. وفكرهم وتطلعاتهم. ولا التصور الذي يتخيله الشباب لمستقبلهم.. وأهم من كل ذلك.. الجميع لا يدرك حماس الشباب ولا يملك وسيلة التعامل مع هذا الحماس اللهم إلا الوسائل القمعية التي تهدم أكثرمما تبني. وتحطم أكثر مما تشيد. وحتي نصل للحقيقة بكل هدوء وبدون اتهامات وسباب.. أسأل: هل استغلت الدولة حماس الشباب كما استغلته داعش والاخوان؟! بمعني آخر لماذا وجد الشباب هواه مع هذه الجماعات ولم يجده مع الدولة؟ وهذه الأسئلة ليست للإدانة ولكن لنقف علي لب القضية. أستطيع القول وبكل طمأنينة أن الدولة بطولها وعرضها لم تقترب حتي الآن من التعامل مع حماس وثورة وفوران سن الشباب. وهذا يعود لعوامل كثيرة أهمها أن فكر رجال مبارك مازال السائد الشباب عندهم شوية عيال.. بنطلوناتهم ساقطة. دعوهم يلعبوا. حتي ينعم الجيل الجاثم علي صدور الشباب بالنهب من ثروات البلد. أضف إلي منطق هؤلاء أنه "لا ينفع مع ثورة وفوران الشباب إلا ضرب الجزمة. وعصا الشرطة..وللعلم لم يجهل أن هؤلاء الشباب ساقط البنطلون أسقط أعتي نظام..!! قد يطرح بعض الخبثاء في المطابخ السياسية فكرة حول السيطرة علي الشباب فيتجه إلي إغراق الشباب في الجنس. وتأجيج عواطفه الجنسية. وتعمد لهوه بالهيافات..وهذه فكرة شيطانية قد تحافظ علي نظام فترة. لكنها ستنقض عليه بعد فترات. بل سوف تؤدي الي تأخر الدولة عقودا. وستظل الدول تقتات لقيماتها من سلات الزبالة. هذا ما فعله أبناء بنو أمية مع شباب المدينة ومكة الثائرون أغرقوهم بالملزات. ومع ذلك إنهارت دولة بنو أمية. فمعني إغراق الشباب بلوعة الجنس أننا قضينا علي أعتي قوة في المجتمع. وسيصبح الشباب عالة علي الدولة مطالبة بتوفير كل شيء له. حتي أماكن الدعارة. والفتاة التي تروق له أو التي يشتهيها جسده. وتظل الدولة ترضي جسده كي ينعم المجتمع بالاستقرار. فلاجسده سيرتوي. ولم تنعم الدولة بالاستقرار. هناك من يطرح فكرته بشد الشباب لبستان الدين.. ولكن من يتولي المهمة. الأزهر أضعف من أن يتعامل مع شاب واحد. خطباء الأوقاف أبعد ما يكونون من لغة التخاطب مع الشباب. الخطاب الديني يكاد يكون متبخرا من جميع الجهات.. أضف إلي ذلك أن فكرة عالم الدين العف الزاهد الثقة. القدوة تبخرت من المجتمع. وبالتالي نضبت عقول ونفوس الشباب من هذه الصورة. هذه بعض رؤيا الواقع.. فهل من طرح فكرة لاستغلال حماس وثورة الشباب.. نعم.. أقولها في مقال قادم إن كان لنا عمر.