تطالعنا شاشة التلفاز علي إحدي القنوات الفضائية ببرنامج يتحدث فيه مذيع يصف نفسه بأنه المجدد لدين الله والمنقي لكتب التراث من تخاريف علماء المسلمين السابقين الذين تعلم علي كتبهم كبار العلماء في العالم أجمع وكأن كل السابقين كانوا يتعاطون المخدرات أو في غيبوبة أو علي قلوبهم أقفال أو أن الله اختاره في هذا التوقيت لتعديل مسار الدين الذي انحرف عن غايته. ويستمر ذلك الدجال في غيه من خلال منهج التشكيك في كل ما هو معتبر لدي جميع علماء الإسلام من كتب الحديث والفقه فيشكك في سند ومتن ما ورد بها ويصف مؤلفيها بالمخربين المخرفين الذين استندوا للخيال في أغلب ما كتبوه ويصف ما ورد بكتبهم بمخالفته لكتاب الله. وبالطبع كل دجال له حوارية الذين يسيرون علي دربه من مذيعين ومذيعات وكأن تقييم علماء الإسلام السابقين من اختصاص المذيعين الدجالين وبالطبع علي رأسهم الدجال الأكبر الذي يدعي "إسلام" فمن اسمه تأكدت أنه دجال يدعي بإسلام وهو من يسعي بكل ما أوتي من قوة لهدم الإسلام والطعن في أعلامه مثل الأمام البخاري. وقال عن صحيحه أنه ملئ بالعفن الفكري وانه اعلم من البخاري وجيل الصحابة ومستعد لمناظرة الازهر. فمن هذا ال "إسلام" الذي تجرأ علي الإمام وطعن في صحيحه. هو إعلامي حاصل علي درجة الماجستير من جامعة ويلز في بريطانيا في تجديد مناهج الفكر الإسلامي. أما من هو من يطعن فيه فهو الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجعفي. والذي أطلق عليه علماء الإسلام ألقابا عدة منها حافظ الإسلام. وإمام أئمة الأعلام. أمير أهل الحديث وصاحب أصح كتاب بعد كتاب الله تعالي والذي سماه الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلي الله عليه وسلم وسننه وأيامه. والذي أخرجه بعدما قام بفلترة أكثر من ستمائة ألف حديث كان يحفظها. ولشدة تحريه الدقة في وضع صحيحه لم يكن يضع فيه حديثاً إلا بعد أن يصلي ركعتين ويستخير الله في أن يكتبه. وقد قال لمن حوله من علماء عصره أنه قصد من صحيحه جمع أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الصحاح المستفيضة المتصلة دون الأحاديث الضعيفة. في أبواب تحت عناوين تفيد المستفيد منها. واستنبط منها الفقه والسيرة واشتهر مؤلفة بين علماء عصره ونال القبول لديهم مما دفع الناس إليه من كل فج يتلقونه عنه حتي بلغ من أخذه عنه نحو مائة ألف طالب علم. وانتشرت نسخه في الأمصار. وعكف الناس عليه حفظاً ودراسة وشرحاً وتلخيصاً. وكان فرح أهل العلم به عظيماً. لم يحظ كتاب بعد كتاب الله بعناية العلماء مثلما حظي كتاب صحيح البخاري. فقد اعتني العلماء والمؤلفون به: شرحاً له واستنباطاً للأحكام منه وتكلماً علي رجاله وتعاليقه وشرحاً لغريبه وبياناً لمشكلات إعرابه إلي غير ذلك. وقد تكاثرت شروحه حتي بلغ عدد شروحه والتعليقات عليه أكثر من مائة وثلاثين شرحاً. وأشهر هذه الشروح: "فتح الباري في شرح صحيح البخاري. وقد بدأ البخاري في كتابة مؤلفة وعمره ستة عشر عاما. وانتهي منه وعمره ثمانية وثلاثين عاما أي ما يقرب من أثنين وعشرين عاماً كاملة أنفقها في تأليفه لهذا المؤلف هي أنشط أعوام عمر أي إنسان. وهو ما نراه في الغرب من حصول شاب عمره سنة عشر عاما علي درجة الدكتوراه. فليتخيل ذلك الدجال لو طالب علم أنفق من عمره اثنين وعشرين عاماً في البحث العلمي الجاد وانتج منتجاً أجمع عليه علماء عصره ومن خلفوهم من العلماء دون أن يتجرأ أحد ويطعن فيه. فهل يمكن لهذا الدجال الذي لا يملك غير تلك المؤهلات التي هو يتكلم عنها وينسبها إلي نفسه. أن يتناول مؤلفا نال كل هذه الشهرة بين أعلام وعلماء المسلمين لدرجة أن تباري العلماء في شرحه في مؤلفات زادت عن المائة وثلاثين مؤلفا؟! إلا إذا كان ذلك الدجال جاء ليخرج المسلمين من دينهم مدعياً العلم ومستغلا ضعف العلم لدي المسلمين والقراءة! الأمر الذي يجب أن يحاكم به بتهمة النصب والدجل باسم الدين. فهو بفعله يفوق في ضرره من يدجل بالشفاء باسم الدين. ويجب أن يحاكم من تركه يناقش أخص مؤلفات الإسلام والمسلمين بهذه الطريقة الفجة الوقحة التي لا فيها بحث ولا علم. بل إسفاف واستغلال لجهل الناس بدينهم وأن الشعب أصبح كالببغاوات يتلقي ثقافته عن طريق الأذن. بل يجب أن يحاكم بتهمة ازدراء الأديان. فالطعن علي رموز الدين بهذا الشكل يجعل فعله هدفه الرئيسي والخلفي هو الطعن في الدين وتشكيك الناس في عقيدتهم نهاية بدفع الناس للكفر. عن طريق إفقادهم الثقة في علماء الدين وكتبهم فيصبح كل واحد لا مرجع له إلا هواه وما يصوره له عقله.