* تسأل السيدة "ت.م.س" من قويسنا المنوفية قائلة: ما حكم ضرب الزوج لزوجته بحجه تأديبها والاستشهاد علي ذلك بالآية "24" من سورة النساء؟. * * يجيب الشيخ رسمي عجلان من علماء الإسلام دين الرحمة ورسولنا محمد رحمة مهداه بعث ليتمم مكارم الأخلاق. ولنا فيه أسوة حسنة فلم يثبت أن النبي "صلي الله عليه وسلم" ضرب أحد من زوجاته أبداً بل إن أمنا عائشة قالت:"ما ضرب رسول الله "صلي الله عليه وسلم" شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه قط فينتقم من صاحبه "إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم" "مسلم" ولكن ورد موضع واحد في القرآن ذكر فيه ضرب النساء قال تعالي:" الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليا كبيراً" "النساء: 34" والنشوز هو مخالفة أخلاقية واجتماعية تمتنع فيه الزوجة عن أداء واجباتها تجاه زوجها كما علي الزوج واجبات تجاهها. وهي تعتبر حقوق للزوجة وقد ابتلي بعض الأزواج بنشوز زوجاتهم فأرشدهم المولي عز وجل لعدة بدائل لتقويم نسائهم حسب ما تقتضيه طبيعة كل زوجة وطبقاً للثقافة التي تربت عليها الزوجة والتي من شأنها أن تكون أكثر فاعلية في إصلاحها فلا يتعين في هذه البدائل الواردة في الآية الترتيب حيث إن السياق جاء بواوا العطف ولم يأت بثم. ومن هنا فعلي الزوج أن يقوم زوجته بالوعظ وتذكيرها بالله تعالي وحقه الذي طلبه منها واستحسان الألفاظ ولين الكلام كما اباح الله للزوج أن يهجرها في الفراش وهي محاولة للضغط عليها لتستقم وتقوم بواجباتها من غير ظلم لها. وألا يصل إلي حد الاضرار النفسي بها وأما الضرب الذي ذكر في الآية فقد أجمع الفقهاء علي أن يكون ضرباً غير مبرح ولا مدمياً ولا يلطخ الوجه أو الرأس أو النحو أو الفرج أو القفا أو يضربها علي أماكن حساسة من جسدها كما أن المقصود من الضرب التأديب وليس الانتقام أو الإقرار بالجلد والعقاب البدني بل هو من جنس الضرب بالسواك كما قال ابن عباس: الضرب الذي لا يقصد به حقيقة الضرب بقدر ما يراد به اظهار اللوم والعتاب لقد نهي النبي "صلي الله عليه وسلم" عن ضرب الزوجات فقال:"ألا يستحي أحدكم أن يجلد امرأته جلد العبد ثم يضاجعها آخر اليوم" "البخاري" وقال "صلي الله عليه وسلم":"لا تضربوا إماء الله" فجاء عمر بن الخطاب إلي رسول الله "صلي الله عليه وسلم" وشكا تمرد النساء علي أزواجهن فقال: لقد تأسده النساء علي الرجال. فرخص في ضربهن ففهم بعض الرجال الضرب علي مطلقة فجأت زوجاتهم تشتكي لرسول الله "صلي الله عليه وسلم" فعنف رسول الله من فعل ذلك ثم قال:" لقد طاف بآل بيت محمد نساء كثير يشكون أواجهن. ليس أولئك" "أبوداود" ولنا في رسول الله أسوة حسنة فعندما دخل ببنت الجون الكندية فلما دنا منها قالت:" أعوذ بالله منك" فلم يغضب ولم يضربها ولم يسبها ولم يهينها بل قال لها :" لقد عدت بمعاذ الحقي بأهلك" فسنته الفعلية: عدم ضرب النساء وإن رخص في ضربهن وسنته القولية: ليس أولئك بخياركم أبي من يضرب زوجته وليس من الرجولة ضرب الزوجات لأنه يتنافي مع قوله تعالي:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" "الروم: 21" فإن كان ولابد فليكمن آخر الدواء الكي ويكون غير مبرح ولا مفرط وعار علي الرجال أن يضربن زوجاتهن علي أشياء هم يأتون بمثله أو أعظم منه. فلا تنهي عن خلق وتأتي بمثله عار عليك اذا فعلت عظيماً.