قيمة الحرية في الإسلام : ليس علي ظهر الأرض دين قدَّس الحرية كما قدَّسها دين الإسلام في كل مستوي من مستويات الحياة فهو قرر حرية الفرد وحرية الجماعة. حرية الوطن. حرية المواطن. حرية الرأي. حرية التملك. وكل هذه الحريات متفرعة من تقريره الأساسي لحرية العقيدة وبعد أن قرر هذه الحريات طلب إلي الناس أن يدافعوا عنها بالدم وبالروح. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من قتل دون ماله فهو شهيد. ومن قتل دون دمه فهو شهيد. ومن قتل دون دينه فهو شهيد. ومن قتل دون أهله فهو شهيد" رواه أبو داود والنسائي والترمذي. إن الحرية قيمة غنية تضاف إلي شخصية الفرد تعينه علي حل مشكلاته وتكييف حياته لا غريزة هائجة تنطلق بها متبرجة متهتكة لتشد خلفها الجائعين من المراهقين. فهذا ليس حرية. بل هو اعتداء علي الحرية وعلي الدين الذي شرعها وقدَّس أمرها. ليس من الحرية أبداً أن يتطاول الابن علي أبيه. والتلميذ علي أستاذه. والصغير علي الكبير فهذه كلها أعراض مرضية لا صلة لها بالحرية هي أعراض انحلال خلقي. يقلب القيم الاجتماعية. فيقدم الخسيس. ويعظم الحقير. ويهدد مستقبل الأمة وأمنها. لقد كان الأوائل من أمتنا نماذج كاملة للكمال الخلقي والاجتماعي والسياسي فهموا حقيقة الحرية وقيودها التي فرضها الله فكان المجتمع الإسلامي صورة مثلي للمجتمعات الراقية التي ينعم في ظلها الحاكم والمحكوم. والنابه والخامل. ويتجاوب مع تعاليمها الصغير والكبير. حرية اختيار العقيدة : قال تعالي: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها والله سميع عليم" البقرة آية 256. في هذه الآية الكريمة يحدثنا رب العزة عن مبدأ من مباديء العقيدة التي ارتضاها لنا ديناً هو مبدأ حرية اختيار الدين الذي يتبعه المرء دون أن يكون لأحد حق إكراهه علي دين آخر لا يقتنع به. العلاقة بين حرية الفكر في الإسلام وقتل المرتد : ليس من حرية الفكر أن يسلم رجل ليتزوج امرأة مسلمة فإذا نال مبتغاه منها. وتحولت عاطفته عنها رجع إلي دينه الأول. ليس من حرية الفكر فالمسألة شاسعة بين المعنيين. لقد أراد اليهود استغلال هذه الحرية المتاحة لضرب الإسلام وصرف الناس عنه.. قال تعالي: "وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل علي الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون" آل عمران آية: 72. فهل ترضي جماعة تحترم دينها أن يقع العبث أو ينجح هذا التلاعب؟ إن الإسلام عقيدة وشريعة أو بتعبير عصرنا دين ودولة. والدولة التي تقيمها الأمة المؤمنة مكلفة بما تكلف به الدول في أرجاء الأرض فهي تنشر الأمان وتحميه وفق شرائعها الموحي بها من الله تبارك وتعالي وهي تدفع المغيرين وترد المعتدين مستثيرة الهمم ببواعث اليقين وحب الاستشهاد وسائر خصائصها الذاتية الأخري. والسؤال الذي نورده: هل نطلب من هذه الدولة أن توهي خطوط الدفاع في الداخل والخارج. وأن تدع من شاء حراً في نشر الفتن وتمزيق الصف ومساعدة العدو وخذلان الصديق؟ أم لها أن تضرب علي أيدي الخونة حتي يبقي كيانها سليماً؟ إذا كانت الدولة الشيوعية تقيم التعليم العام علي الإلحاد وتنفي أو تغتال من يريدون بناءه علي الإيمان فهل الدولة الإسلامية وحدها هي التي تطالب باحترام الإلحاد. والإسراع إلي إجابة مطالبه باسم الحرية؟ أني يتماسك لها بعد ذلك كيان؟ إن الارتداد نقص متعمد بتبجح للأسس التي يقوم عليها المجتمع. وللدستور الذي تقوم عليه الدولة. والزعم بأن هذا المسلك سائغ زعم سخيف. وتزداد خطورة الردة علي كيان الدولة إذا علمنا أن الغزو الثقافي ظهير وتمهيد للغزو العسكري. وأن أعداء الإسلام يرون محو شخصيته في الداخل والخارج بفنون من الحيل. وأن الاستسلام لذلك هو استسلام للذبح. إن الارتداد خروج علي دولة الإسلام بغية النيل منها ومنه والإتيان عليها وعليه ومقاتلة المرتدين والحالة هذه دين قال صلي الله عليه وسلم: "من بدَّل دينه فاقتلوه" متفق عليه.