لم أر ولم أقرأ عن أمة آمنت بدين وعملت علي إلحاق الضرر به وبتاريخه وتعاليمه مثل بعض المسلمين.. لم أقرأ في تاريخ الدنيا كلها أن بشراً اتبعوا ديناً وعملوا علي تخريبه وتمزيقه. ومحاولة القضاء علي وجوده مثلما يفعل بعض المسلمين المعاصرين.. لم أعرف علي قدر ما قرأت في تاريخ الناس أن أتباعاً لدين يحققون لأعدائه كل ما يتمنونه لإلحاق الأذي والضرر لدينهم مثلما سمعت وقرأت وعلمت عن داعش وغيرها من مسميات أدعت الإسلام والالتزام به بهتاناً وزوراً.. لم أكن لأصدق أن أبناء دين يضعون يدهم في يد أعداء دينهم للقضاء علي من يتبع هذا الدين بدعاوي كاذبة وافتراءات خادعة وأباطيل ظاهرة الدمار الشامل والقتل الظالم ينهال علي الأمة العربية بأموالهم ومن أبنائهم إن صح أن هؤلاء القتلة مسلمون. لا يمكن اعتبار من يسمي عبدالله أو أبوبكر أو عمر أو حتي محمد - لا يمكن اعتبار هؤلاء - مسلمين وإن نطقوا الشهادتين. ذلك أن النبي صلي الله عليه وسلم قال وقوله حق "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده" وقال خير الناس أنفعهم للناس. أما من يقتل ويخرب ويدمر ويحرق ويروع الناس في بلادهم وينهب أموالهم فليس مسلماً ولا ينتمي للإسلام بأية صلة.. ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن هو ما وقر في القلب وصدقه العمل. وإن قوماً غرتهم الأماني وقعدوا عن العمل وقالوا لقد أحسنا الظن بالله.. كذبوا لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل.. هذه أقوال سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وإذا كان من قعد عن العمل كاذباً فما بالنا من قعد عن العمل الصالح وارتكب أبشع الجرائم في حق الإنسانية نزعت من قلبه الرحمة والشفقة ونزع من قلبه أمان الناس وأمنهم وزرع الأرض رعباً وفزعاً وقتلاً وتشريداً. لذلك كان قول الله تعالي إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار.. نعم هؤلاء لا يمكن أن يكونوا إلا منافقين أخطر من الذين لم يؤمنوا بدين الإسلام لأنهم زرعوا الغش ورعوا الباطل وادعوا كذباً أنهم يدافعون عن الإسلام والإسلام منهم برئ.. لم يدافعوا عنه بل شوهوه وعرضوه علي الدنيا ظلماً وقسوة وخراباً ودماراً للأوطان التي آوتهم ورعتهم ونشئوا علي أرضها. كيف يمكن القول بان هؤلاء الداعشيين وأنصار بيت المقدس ومن سموا أنفسهم جند الله يدافعون عن الإسلام وهم يبثون الرعب والقتل والحرق في كل مكان. إن هذه الأفعال تجعلنا نتساءل كيف استطاع هؤلاء أن يتجمعوا حول هدف واحد وهو تمزيق الأمة العربية. ألم يسأل أحد منا كيف أتي هؤلاء المرتزقة من بلاد متعددة يستخدمون أسلحة ثقيلة تستخدمها الجيوش النظامية يحتلون أماكن استراتيجية بها من النفط مخزون عالمي يتمكنون من تصديره ويحصلون علي ملايين الدولارات ثم الحصول علي أسلحة خطيرة تمكنهم من تنفيذ مخططهم الإرهابي ويحصلون علي معلومات تساعدهم في تنفيذ أغراضهم الدنيئة. ألم يسأل أحدنا من جمع هؤلاء؟ من يمولهم؟ من يساعدهم؟ من يمدهم بالسلاح ويشتري منهم البترول؟.. من يمدهم بالمعلومات الخطيرة والشريرة؟ !.. إن ما يحدث في العالم العربي لا يمكن أن يكون وفق إمكانات جماعات متناثرة هنا وهناك. ذلك أن ما يحدث يفوق امكانات هؤلاء وإنما هي إمكانات دول وليست وليدة شهور ماضية أو أسابيع مرت.. ما يحدث ينبيء بأن وراء ذلك تاريخاً طويلاً من التخطيط والمتابعة والتجهيز غفلت عنه الأمة طوال السنوات الماضية. حتي تنشغل وتلهوا بعيداً عن ما يمكن اعتباره قلقاً ضد اليهود محتلي أرض فلسطين العربية.. ووجدوا ضالتهم في أمة فرقتها المذاهب وضيعتها العنصرية القبلية في العراق واليمن وسوريا وليبيا والسودان. كان من فضل الله علي مصر أنها خالية من العصبية القبلية وخالية ايضا من صراعات المذاهب. ومن ثم فإن جيشها وشعبها المصري الذي يعشق وطنه ويدافع عن ترابه يجمعه حب الوطن المفروض علي قلب كل مصري. فلا يستطيع متآمر أن ينال منها أو مخرب يلعب فيها. فلله الفضل والشكر أن حماها بأبنائها. ولذلك أطلق عليها كنانة الله في الأرض.. والكنانة هي وعاء السهام التي يستخدمها المحارب الضارب بالقوس. فضل الله شمل هذا الوطن في تدين أبنائه مسلمين ومسيحيين.. الجميع يعرف الله حق المعرفة ويؤمن به وجمعهم التمسك بالدين.. الكل يلجأ إلي دار عبادته.. المسلم يرد مسجده والمسيحي يلجأ إلي كنيسته. وكما جمعهم التمسك بالدين جمعهم حب مصر والدفاع عنها وتاريخ الوطن في زمن الاحتلال يؤيد ذلك. وتجلت الوطنية المصرية في ثورة 1919 بقيادة زعيم الأمة سعد زغلول. لهذا علينا جميعاً أن نتيقظ ونصحو ونتكاتف لتحقيق الأمن والأمان ومواجهة الخطر الداهم الذي يستهدف الأمة ليقوض أمنها ويزلزل استقرارها ولا يكون ذلك إلا بمحاربة الشر والقضاء عليه.. الشر الذي يتمثل في تكتل الأعداء من كل حدب وصوب نحو الأمة العربية لتفتيتها وشرذمتها. وإن كانت مصر تتصدي بكل قوة واقتدار وصد لهؤلاء المفسدين المنافقين فإن ذلك قدرها.. التاريخ يشهد بأن مصر دائماً وأبداً هي الحصن المدافع والجدار الصلب الذي دفع شر الأعداء دائماً.. قادها صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين في موقعة حطين وقادها قطز في موقعة عين جالوت ضد التتار وقد استعان بالمصريين في جيشه حين تقاعس بعض المماليك عن الاشتراك في المعركة ولكنه استطاع أن يجند المصريين وخاض بهم حرباً ضروساً رافعين شعار واإسلاماه لتتخلص الأمة من تتار الشرق قديماً وآن الوقت لأن نتصدي لتتار العصر الحديث الذي اتخذ شعار الإسلام زوراً وبهتاناً وهم أبعد ما يكونون عن الإسلام.