التطرف في اللغة: معناه الوقوف في الطرف. إذاً فهو يقابل التوسط والاعتدال. والتطرف يصدق علي التسيب كما يصدق علي المغالاة. وينتظم في سلكه الإفراط والتفريط علي حد سواء. لأن في كل منهما جنوحاً إلي الطرف وبعداً عن الجادة والوسط. فالتطرف له شقان: تطرف المغالاة والإفراط وتطرف التسيب والتفريط. التنطع في أداء العبادات الشرعية: هو التعمق أو مجاوزة الحد في الأموال والأفعال. ويدخل فيه الزيادة علي المشروع والتزام ما لم يلزم به الشارع. أخرج مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قول النبي صلي الله عليه وسلم "هلك المتنطعون" قالها ثلاثاً. وأخرج الإمام أحمد والنسائي وغيرهما عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "وإياكم والغلو في الدين. فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين" حديث صحيح راجع صحيح الجامع الصغير ح2680 وهذا نهي عام عن جميع الغلو في الاعتقادات والأقوال والأعمال. فالتطرف هو المغالاة والزيادة عما جاء في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم والتطرف في العبادات معناه أن نكلف أنفسنا فوق ما كلفنا به.. هذا التطرف في العبادات نهي عنه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه أخرج الإمام البخاري في صحيحه أن ثلاثة من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم أتوا إلي بيوت أزواج النبي صلي الله عليه وسلم يسألون عن عبادته فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها أي عدوها قليلة.. وقال أحدهم: وأين نحن من رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه؟ وقال أحدهم: أنا أقوم الليل ولا أرقد. وقال الثاني وأنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال الثالث: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج فبلغ ذلك النبي صلي الله عليه وسلم فاستدعاهم. وقال لهم: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا" قالوا: نعم. وما نريد إلا الخير يا رسول الله فما كان منه إلا أن قال: "ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" لقد أخذ العلماء من هذا الحديث أن التزيد في دين الله حرام.. كما أن النقص أيضاً حرام. والأمر مطلوب إنما هو التوسط قال تعالي : "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً" والتطرف يتنافي مع شريعة الإسلام التي جاءت باليسر والسماحة. والقرآن الكريم كثيراً ما يعبر عن اليسر فيقول سبحانه وتعالي ويريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" البقرة آية: 185 ويقول تعالي : "يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً" النساء آية: 28. ويقول جل شأنه : "وما جعل عليكم في الدين من حرج" الحج آية: .78 ومن الغلو ما نشاهده من بعض الحجيج أثناء رمي الجمار حيث يتعمد بعضهم الرمي بالأحذية والبصق علي موضع الرمي. والتفوه ببعض العبارات المنكرة وغير ذلك من صور الغلو التي لا تتفق مع جلال هذه المواقف فضلاً عما تتضمنه من الإيذاء لبقية إخوانه من الحجيج. من الغلو أيضاً: ورع الوسوسة أو الورع الفاسد كالذي حكي عن بعض المتنطعين أنه رفض بيعه آلة الحراثة للفلاحين حتي لا يستعينوا بها علي الزرع الذي قد يباع إلي الظَّلمة وقد يؤدي هذا التطرف ألا يباع لهم الطعام حتي لا يتفؤون به علي هذه الزراعة. وأن يمنعوا من السقاية من الماء العام لنفس الغرض ونحوه. فإن مثل هذه المبالغات فضلاً عن تضييقها علي أصحابها قد تقضي إلي زهادة الناس في الدين وتركه كله أمور ليست من التطرف في شيء. إن المحافظة علي الصلاة. والمحافظة علي فرائض الإسلام. والتزام المرأة بالزي الإسلامي وإطلاق اللحية كل ذلك ليس تطرفاً. إنما التطرف هو ما كان خارجاً عن سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم . التطرف بمعني التسيب والتفريط: مثل أن ترتدي الفتاة الشبونيز. وتقصر فستانها إلي ما فوق الركبة. وإهمال الرجل فرائض الإسلام.