تلعب الآلة الإعلامية دوراً كبيراً في مختلف القضايا الحيوية التي تمر بها الأمة. بل وتشير إليه أصابع الاتهام في كثير من الأحيان إما لتقاعسه عن بذل الجهود المطلوبة لتوصيل الصورة الصحيحة للإسلام أو لمساهمته سواء بقصد أو عن جهل في تأجيج نار الصراع وتشويه صورة ديننا الحنيف. من أجل ذلك أفردت الحلقة النقاشية محوراً خاصاً للإعلام شارك فيه اثنان من خبرائه الأكاديميين هما الدكتور سامي الشريف والدكتور عبدالصبور فاضل.. فإلي التفاصيل.. في البداية تحدث الدكتور جعفر عبدالسلام أمين عام رابطة العالم الإسلامي عن العوامل التي تساهم في انتشار العداء للإسلام موضحاً أن أولها هو المناهج الدراسية الغريبة. فالطفل في أوروبا يربي علي كراهية الإسلام الذي يساء إليه في تلك المناهج لأن الغرب لا يعترف بالإسلام فيطلقون المزاعم حول رسوله تارة بأنه من رجال الدين المسيحي الذين انقلبوا عليه وتارة أخري يصفونه بأنه رجل مدع وليس صاحب رسالة. أضاف: لقد حاولنا تغيير هذه الصورة واتفقت كثير من المنظمات علي ضرورة تعديل المناهج وحذف ما يسيء للدين وقد لقيت هذه الجهود نجاحاً محدوداً لأن هناك ثغرات تعصبية موجودة لدي كثير من واضعي المناهج لدرجة أن أحد واضعيها في ايطاليا اعترف لي شخصياً بأنه نسب للإسلام ما ليس فيه. أما السبب الثاني الذي يؤدي لعداء الإسلام في رأي الدكتور جعفر فهو الإعلام فمعظم وسائل الاعلام الأوروبية يملكها الصهاينة وهم يقنون موقفاً عدائياً من الإسلام والمسلمين فيمولون برامجهم من أجل الإساءة لهذا الدين وهذا يستلزم ضبطاً وتغييراً للخريطة الإعلاميية لكثير من الصحف التي دأبت علي الإساءة لديننا ولابد أن يكون لرجال الصحافة والإعلام في مصر والعالم العربي صولات في هذا المجال مع التحرك بوسائلنا السلمية التي أمرنا بها ديننا. العنصر الثالث من أسباب كراهية الإسلام يرجع إلي تصرفات المسلمين أنفسهم خاصة في الآونة الأخيرة فظهور جماعات مثل "داعش والقاعدة" يساهم في تكوين صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين لأن داعش تنتهج نهجاً عدائياً ضد كل البشر وتقتل وتحرف وتقيم حدوداً ما أنزل الله بها من سلطان. الكيل بمكيالين أكد الدكتور سامي الشريف عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة أن الخطاب العدائي ضد الإسلام والمسلمين لا نستطيع أن نصفه بأنه مؤامرة خارجية بل هو جزء من المؤامرة كما أنه ليس أمراً جديداً بل هو شأن متفق عليه منذ زمن طويل حيث اعتبر الغرب الإسلام هو الخصم الجديد بعد سقوط الشيوعية فأطلقوا عدة مصطلحات مثل الحرب ضد الإرهاب وصدام الحضارات والعدو الجديد. أضاف عندما وضعت الولاياتالمتحدةالامريكية مشروع القرن الأمريكي راهنت علي أن القرن القادم هو قرن الولاياتالمتحدة من خلال مجموعة نقاط رئيسية هي: المحافظة علي قوة أمريكا عسكرياً واقتصادياً وسياسياً وعدم السماح لأي قوة أن تظهر منافسة للولايات المتحدة وإسقاط النظم السياسية في دول محور الشرق وتحديداً العراقوإيران وكوريا الشمالية والصين وعندما بدأت امريكا في اسقاط العراق تصورت أن سقوط النظام العراقي سوف يتبعه سقوط الدول الاخري فيما يعرف بنظرية الدومينو.. لذا فإن هذه الحرب علي الإسلام ليست أمراً جديداً كما أنها لا تنفصل عن السياسة حيث أصبح العالم الآن يصنف بقبل وبعد أحداث شارك إيدوا علي غرار ما حدث في 11 سبتمبر من تقسيم العالم لقبل وبعد أحداث 11 سبتمبر. أوضح الدكتور الشريف أن الغربيين الذين أدمت قلوبهم قتل 12 فرنسياً علي أيدي فرنسيين أيضا لم يرمش لهم جفن علي الآلاف الذين قتلوا في العراق وسوريا وفلسطين ومصر وغيرها.. وهذا هو الكيل بمكيالين الذي يدفع للتطرف من جانب المسلمين وهذا لا يعني أننا نبرر التطرف. انتقل الدكتور سامي الشريف إلي الحديث عن الهجوم علي الإسلام من الداخل فقال إن هناك خطاً ممنهجاً لهدم الإسلام وتقويض أركانه سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بالنسبة للهجوم المباشر يتم من خلال الطعن في ثوابت الدين ونشر ما هو مخصوص للعلماء علناً علي وسائل الإعلام لإظهار أن هناك خلافاً فقهياً بين العلماء بالاضافة إلي انشاء عدد ضخم من القنوات الدينية التي استبشرنا بها خيراً في البداية لنفاجأ بما يقرب من ثمانين قناة ناطقة باللغة العربية بعضها سني وبعضها شيعي وبعضها سلفي وبعضها يتحدث باسم مذاهب إسلامية لا وجود لها فأصبحت هذه القنوات نقطة للخلاف وإبراز الخلافات بنقلها من خلافات العلماء والتي محلها قاعات البحث والدراسة إلي شاشات الفضائيات وبدلاً من أن تصبح قاعدة للتعبير عن سماحة الإسلام اصبحت وسيلة لتمزيق الأمة وتقسيمها واشعال الصراعات المذهبية والسياسية أما الجانب غير المباشر في الهجوم علي الإسلام فيكون من خلال تقديم مواد تحض علي الفسق والفاحشي القول وشغل الشباب بأمور تتنافي مع القيم والمعتقدات والآداب والأخلاقيات وقد اتضح ذلك مؤخراً من خلال الكم الضخم من البرامج التي قدمها الإعلام الرخيص الذي يسعي لجذب مزيد من الإعلانات والمشاهدين بتفجير قضايا مثيرة كالجن والإلحاد والسحر والشعوذة وزنا المحارم غير عابئ بأنه يخاطب شعباً شبه أمي ويتغلل بقضايا لا وزن لها. أكد الدكتور الشريف أن الخطر الأكبر يكمن في الهجوم علي الإسلام من الداخل علي يد بعض ابنائه الذين يهددون القيم الإسلامية عبر خطة مقصودة وليست عشوائية. تحدث الدكتور عبدالصبور فاضل عميد كلية الإعلام جامعة الأزهر فأكد أن الخطاب العدائي ممتد منذ ظهور الإسلام بدءاً من العداء المعنوي والنفسي مروراً بالعداء الاقتصادي ممثلاً في حصار الرسول صلي الله عليه وسلم أصحابه اقتصادياً وسياسياً في شعاب مكة وحتي العداء العسكري يتم هذا مع اختلاف اساليب العداء وتطورها من عصر إلي عصر ومن جيل إلي جيل والأسباب تاريخية منذ الحروب الصليبية لذلك فإن الغرب يعتبر الحضارة في كينونتها مسيحية يهودية وانتشار الإسلام بسرعة جعلهم يقولون إن الإسلام دين النار والسيف وينظرون إليه علي أنه يحرم المتع الحسية لذلك فإنهم لا يتعاونون جدياً علي الحوار بيننا وبينهم من منطلق أن حضارتهم الغربية لا تتماشي مع الحضارة والثقافة الإسلامية وهذا ما يفسر سياسة الكيل بمكيالين في القرارات والمواقف الدولية تجاه ما يجري بالعالم العربي والإسلامي. أوضح أن هذه السياسة لا تدفع أبناء المنطقة العربية والإسلامية وحدهم إلي التطرف بل كثير من أبناء الدول الغربية أنفسهم انخرطوا في صفوف جماعات العنف في العراق وأفغانستان وغيرها من المناطق الملتهبة يدافعون عن أبنائها ضد بلادهم وقواتهم وهذا هو الواقع المؤلف الذي سيجنيه الغرب مالم يتعاون مع العالم العربي والإسلامي. وبينما تستنكر المنظمات الدولية والدول الكبري العداء بين كرويا الشمالية والولاياتالمتحدة وبين إيران وإسرائيل فإنها تعمق للخطاب العدائي الديني بين المسلمين وغيرهم.. وقد تمثل ذلك في عده مظاهر للصدام الإسلامي سياسياً ودينيا مثل ظهور الفتاوي الصادمة للرأي العام المسلم مثل فتوي عدم حرمة الخمر واستضافة وسائل الإعلام نماذج من الملحدين علناً بما يتعارض ليس مع نصوص الدين وحده لكنه يتعارض مع القانون نفسه الذي يحمي الأديان والعقائد ورغم ذلك لم نجد أي توجه لتوقيع عقوبة علي من يفعل ذلك. أضاف الدكتور عبدالصبور أن بعض وسائل الإعلام الربية ممنهجة وبعضها يهدف للكسب السريع فيتبني توجهات العالم الغربي في قضايا تمس الأمة الإسلامية وهذا ما عمق حرب المصطلحات التي قد تكون بدوافع شخصية أو بسبب كراهية العرب والأمة الإسلامية فنحن الذين أنتخبنا حرب المصطلحات وأتهمنا أنفسنا بالتطرف والرجعية والأصولية. وسائل دولية أضاف الدكتور عبدالصبور قائلاً: بعيداً عن الردود العاطفية والصراخ لابد لكي نجد مخرجاً من هذه الأزمة أن نحدد أولاً: من نحن علي الخريطة الإعلامية والسياسية والاقتصادية والفكرية الدولية. ولابد من تجديد الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي علي حد سواء مع تفسير المقصود بتجديد الخطاب الديني. طالب عبدالصبور الدول الكبري بضرورة حجب المواقع الالكترونية والإرهابية ومواقع تصنيع المتفجرات ووقف البرامج السرية والمعقدة التي تساعد الخاجين علي القانون فهناك برنامج يتم تحميله علي الانترنت دون مقابل يسمي "القطعة المشفرة" ويستخدم علي الحاسبات الشخصية للتنقل الآمن بين أعضاء التنظيم الواحد وهناك برنامج أمريكي سعره ثلاثة دولارات يمكن شراؤه من علي شبكة الانترنت وهو يؤمن الاتصالات اللاسلكية بنفس طريقة التأمين المشفر والتأمين التشفيري لاستخدام شبكة الانترنت لتنظيم داعش تم تسريبها من أحد العالمين بجهاز المخابرات الامريكية وبعض هذه التقنيات تم ضربها بمعرفة المخابرات الامريكية لأنه يظهر جميع الرسائل لديهم فور إرسالها حتي لو كان المرسل مختبئاً. طالب فاضل أيضا بضرورة اتباع نظام الحشد في توصيل صورة الإسلام الحقيقية من خلال تكاتف العالم العربي والإسلامي بإنشاء وسائل إعلام دولية باللغات المتحدة لتوضيح حقيقة الإسلام لمن يجهلونه وتنفيذ شبهات أعدائه الذين لا يتوقفون عن الكيد له.