في ظل الاتهامات الغربية وتقارير الحريات الدينية التي تتهم الدول العربية والإسلامية والشريعة الإسلامية بإهدار حقوق الإنسان والاعتداء علي الحريات العامة,جاءت شهادات الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية وكبار علماء الأزهر لتؤكد بداية أن إنسانية الإنسان هي مقصد الشريعة الإسلامية وغايتها. وأن الهجمة الشرسة التي تقوم بها وسائل الإعلام الغربية علي الأمة الإسلامية حضارة ودينا وإنسانا تستهدف ضمن ما تستهدف حقوق الانسان في هذه الدول الإسلامية, تريد بذلك تبيان أن الإسلام يجافيها ولا يكفلها, وإظهار العالم الإسلامي علي أنه أمة متخلفة في عصر التقدم الحضاري في دول الغرب. وأكد علماء الأزهر أن الدين الإسلامي هو الدين الذي كفل حقوق الإنسان وبين معالها, وأكد سبق تطبيقها قبل صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقبل قيام الدول الغربية التي تطالب بضمان حقوق الإنسان. المواثيق الدولية ويؤكد الدكتور علي جمعة, مفتي الجمهورية, أن الإسلام قد سبق المواثيق الدولية الحديثة في إقراره حقوق الإنسان, مشيرا إلي أنها في الإسلام أكثر عمقا وأشد إلزاما. ولفت إلي أن للإسلام مزية لم تتوافر لغيره في إقرار تلك الحقوق, وهي أنه لا يرفض أي شيء فيه مصلحة للبشر ويحقق لهم السعادة, بل علي العكس يسارع إلي الاشتراك فيها. واستشهد بأن المجتمع الدولي حينما سعي إلي تحرير العبيد وإلغاء الرق كان المسلمون أول الموقعين علي هذه الاتفاقات, مؤكدا أن أحوال المسلمين اليوم ليست حجة علي الإسلام, وأن أحكام الإسلام لا يتم التعرف عليها من السلوك العملي لبعض المسلمين, وبخاصة في عصور الجهل والضعف والتفرق والتأثر والانفعال بمعاملة أعدائهم ومحاربتهم حربا تخرجهم عن صوابهم وآداب دينهم. وحول المقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام والمواثيق الدولية, يوضح الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق أن حقوق الإنسان في الإسلام مستمدة من القرآن الكريم والسنة المطهرة الشريفة, أما عن التأصيل لفلسفة إسلامية لحقوق الإنسان, فأكد أن الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي قدمت مفهوما متكاملا لحقوق الإنسان, مشيرا إلي نظرة الإسلام للإنسان التي تمثل مكونا أساسيا لعقل المسلم وهي نظرة منبثقة أساسا من نظرة المسلم للكون, فهو يري الكون يسبح لله,( وإن من شيء إلا يسبح بحمده)( الإسراء:44), لذا يري المؤمن الإنسان سيدا في هذا الكون متمتعا بالعقل والعلم وحمل الأمانة قال تعالي:( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا), ليس هذا فحسب بل سخر له ما في السماوات والأرض. ويوضح: فنظرية التسخير هذه كونت عقل المسلم بأنه سيد في هذا الكون وأنه عبد لله فيه( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) الذاريات:56, كما أن الإسلام لا ينظر للإنسان علي انه جزء من الكون كبقية الكائنات. وشن الدكتور أحمد عمر هاشم حربا ضروسا علي مؤسسات حقوق الإنسان, مؤكدا أنها تكيل بمكيالين, فهي تدعي أنها تدافع وتحمي حقوق الإنسان والأقليات في مجتمع ودولة ما, في حين أنها تغض الطرف عما يحدث في فلسطين من قتل وتشريد للمواطنين وانتهاك للمسجد الأقصي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي جهارا نهارا دون أن تحرك ساكنا لذلك. الكل سواسية ويري الدكتور عبدالغفار هلال عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الإسلام لم يجعل تلك الحقوق الانسانية والحفاظ عليها مجرد حق للانسان بل هو واجب عليه ايضا يأثم هو في ذاته فردا أو جماعة إذا هو فرط فيه, فضلا عن الإثم الذي يلحق كل من يحول بين الإنسان وبين تحقيق هذه الضرورات. وأشار إلي أن تتبع المصادر الإسلامية يؤكد أن الإسلام قد اعطي الانسان عموما كإنسان دون تفرقة بين لون وجنس ودين مجموعة من الحقوق تحفظ عليه نظرة الإسلام إليه بوصفه سيدا في هذا الكون, وهذه الحقوق كثيرة جدا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية, وهي تتنوع بين حقوق الأسرة وحقوق المرأة وحقوق الطفل وغيرها. كما لفت إلي أن الإسلام في نظرته لهذه الحقوق لم يعتبرها مجرد حقوق يجوز للفرد أو الجماعة أن يتنازل عنها أو عن بعضها, وإنما هي ضرورات إنسانية فردية كانت أو جماعية, ولا سبيل إلي حياة الانسان بدونها حياة تستحق معني الحياة. من جانبه عدد الدكتور عبدالفتاح عاشور, أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر, مجموعة من الحقوق الأساسية كحق الحياة وحق الحرية وحق المساواة, موضحا الفروق بين إقرار تلك الحقوق علي المستوي الإسلامي, وإقرارها علي مستوي مواثيق الأممالمتحدة, التي تظهر الفارق الكبير لصالح المنهج الإسلامي. وقد أعدت دار الإفتاء تقريرا أكدت فيه أن مفاهيم حقوق الانسان في الإسلام كانت واضحة وضوح النهار, كما أنها تميزت عن الإعلانات والعهود والمواثيق الدولية بعدة مزايا: الأولي: من حيث الأسبقية والإلزامية حيث مر عليها أكثر من أربعة عشر قرنا, والوثائق الدولية وليدة العصر الحديث, كما أن حقوق الإنسان في المواثيق الدولية عبارة عن توصيات أو أحكام أدبية, أما في الإسلام فهي فريضة تتمتع بضمانات جزائية, حيث إن للسلطة العامة حق الإجبار علي تنفيذ هذه الفريضة. الثانية: من حيث العمق والشمول لأن مصدرها هو كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم, أما مصدر الحقوق في القوانين والمواثيق فهو الفكر البشري. الثالثة: من حيث الحماية والضمانات, حيث إنها في الإسلام جزء من الدين وجاءت في أحكام إلهية تكليفية لها قدسية تحد من العبث بها.