القاسم المشترك بين هذه المظاهرات لم يكن التنديد بالإساءة فقط. بل كان مضمونه أن الإساءة هي الدافع للإرهاب. وأن المسلمين بقدر رفضهم للإرهاب ونبذه. يرفضون تماما اي إساءة لنبينا الكريم. هذا الهجوم غير المبرر أبدا علي نبينا الكريم الذي ما واجه الإساءة بإساءة مثلها أبدا. يدفعنا إلي السير علي نهجه أكثر وأكثر وأن نبيّن لهم أن هناك فرقا كبيرا بين حرية الرأي والإبداع. ونسألهم: لم نر لكم صورا مسيئة للبابا. أو لأي رمز ديني آخر. لماذا تتوقف حرية تعبيركم عند نبي الإسلام. هذه الحقائق بينتها هيئة كبار العلماء السعودية في بيان لها نددت فيه بالاستمرار في نشر الرسوم المتطاولة علي خاتم الأنبياء والمرسلين الذي أرسله الله تعالي رحمة للعالمين محمد صلي الله عليه وسلم. وأكدت أنها لا تمت إلي حرية الإبداع والتفكير بصلة. وما لا يعرفه الغرب أن لرسول الله الكريم صلي الله عليه وسلم مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة لم يبلغها أحد من الخلق فهو سيد ولد آدم يوم القيامة. آدم ومن دونه تحت لوائه صلي الله عليه وسلم. ولقد أُوتِيَ الشفاعة العظمي التي اعتذر عنها أُولوا العَزْمِ من الرسل والتي اختصه الله بها وآثره بها علي العالمين. ولقد كَرَّمَهُ ربُّه عزّ وجلّ واختصه بمكرمات جزيلة لم يعطها لأحد من قبله من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وكلُّهم لهم منزلة رفيعة عند الله. محبة الرسول صلي الله عليه وسلم تكون قوتها تبعاً لإيمان المسلم فإن زاد إيمانه زادت محبته له . فحبه صلي الله عليه وسلم طاعة وقربة . وقد جعل الشرع محبة النبي صلي الله عليه وسلم من الواجبات . عن أنس قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم : "لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين". الخلط بين الإبداع والحرية يحدد الدكتور محمد نبيل غنايم استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة. مشكلة الغرب في أنهم يخلطون بين حرية الإبداع والتطاول علي الأديان والرموز الدينية. والسبب في هذا انهم نبذوا كل ما هو مقدس لديهم. وأصبحوا يتعاملون مع الحياة بكل ما فيها من ماديات بشعة. ولامجال فيها لعقيدة أودين. وهم لا يدركون قيمة النبي لدينا. وهو ما ينبغي أن نحرص علي ان نبين لهم من هو الرسول الكريم؟ وان نصل اليهم ونقدم لهم صورته الحقيقية وسيرته العطرة. بلغتهم. وأضاف: محبة الرسول صلي الله عليه وسلم يجب أن تكون شاغلنا وهمنا الأول. وذلك بأن نقتدي به وبهديه وسنته صلي الله عليه وسلم. يقول الشيخ أحمد البهي- إمام وخطيب بأوقاف الاسكندرية-: أصبحت الآن حرية التعبير حق أصيل من حقوق الإنسان سواء للفرد أو المؤسسات. ويكمن التحدي الحقيقي للإنسانية في العصر الحديث في توجيه هذه الحرية لتحفيز الطاقات لأعمال إيجابية تخدم البشرية. وأصبح عقلاء العالم الآن يبحثون عن وسائل تحقيق السلام بين جميع البشر علي اختلاف أجناسهم. وهذا السلام لن يتحقق مع وجود استهزاء وتعمد سخرية من معتقدات الآخر. أضاف: إن كان الغرب هو الذي وضع قانون لمعاقبة من يعادي السامية فليكن تطبيقه علي الجميع. فلا يصح أن يستخدم لحماية عقيدة دون أخري. والإسلام يرفض تماما أي مساس بنبي من الأنبياء ليس ذلك فحسب بل يرفض حتي الإساءة لأي ملة أو نحلة علي وجه الأرض. ونحن نطالب العقلاء من الغربيين بتحمل مسئوليتهم في القيام بدور مماثل لقطع الطريق علي المتعصبين من أي أعمال إرهابية تضر بالجميع. ونطالبهم بعدم الخلط بين الإرهابيين والإسلام. فلو كان الحادث بيد مسلمين فهناك ضحايا مسلمون أيضا. وتابع: نحن نعلم يقينا أن مسألة إصدار قوانين تمنع إصدار مطبوعات معينة لم يعد أمرا ذا جدوي. فحرية النشر أصبحت متاحة للجميع في مختلف وسائل الاعلام. وعلي الانترنت. ولكن ينبغي علي المسلمين الرد العملي من خلال إحياء أخلاق ومنهج المصطفي في نفوس المسلمين وخصوصا الشباب عبر الوسائل الإعلامية والمراكز الثقافية. بث الفوضي يري الدكتور عويس النجار ان الإساءة التي تعرض إليها رسول الله _ صلي الله عليه وسلم ليست وليدة اليوم. إنما هي قديمة حديثة. فرسول الله صلي الله عليه وسلم أوذي حياً وميتاً . وشُتم وهو حي. واتُهم في عرضه وهو حيّ. وجاءته البراءة من السماء. ووضع علي ظهره القاذورات وهو ساجد لله رب العالمين. وقالوا عليه ساحر وكاهن ومجنون. ومع كلّ ذلك لم ينتقم لنفسه لأنه الرءوف الرحيم.. ولو رجعنا إلي كتاب الله عز وجلّ لتعلمنا كيف كان يعامل رسول الله صلي الله عليه وسلم المعتدين والمجرمين في حقه أو في حق غيره. قال تعالي : "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتي يخوضوا في حديث غيره ....الآية" "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم .. الآية" "قل لا تسألون عما أجرمنا ونسأل عما تعملون" "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين". حتي إن سلسلة السخرية لم يسلم منها كثير من الأنبياء . قال تعالي في حق نوح عليه السلام "ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون". فإذا أردنا أن ندافع عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فلندافع حسب تعليماته وتوجيهاته العظيمة.. والدفاع عن رسول الله يكون بالوسائل المشروعة وبالحكمة التعقل وبالكلمة الطيبة وبترجمة سيرته وبيان عظمته. يقول ول ديورانت في كتابه قصة الحضارة "إذا ما حكمنا علي العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا أن محمداً كان من أعظم عظماء التاريخ". والمشكِل في الأمر هو التغاير والاختلاف في مفهوم الحرية بين الشرق والغرب . لأن الحرية عند الغرب ليس لها سقف. إنما الحرية في الإسلام لها سقف. والتعبير في الإسلام له حدود. والإبداع في الإسلام لايسيء للأنبياء أو العقائد أو المقدسات . ومع ذلك فإن الإسلام ليس ضد الحرية أو التعبير أو الإبداع لأنه دين حضاري يحترم الحريات بل ويكفلها ويواكب المستجدات وينتفع منها ويساير التطورات وينميها. ولكن كل ذلك في إطار الشرع الحنيف والعرف المقبول ... إذن لابد علي الغرب أن يدرك ضرورة وجود مساحات مشتركة بين أهل الأديان . كما لابد أن يفهم الغرب طبيعة التفكير والثقافة الإسلامية تجاه الأنبياء فيقدرها حق قدرها. لذلك أنا وكثير من الدعاة في بلاد الغرب نطالب بعدم تكرار هذه الأفعال المسيئة والتي تثير مشاعر المسلمين وتستفزهم. بل نطالبهم بالتوقف عن ذلك الصنيع حفاظاً علي السلم العالمي والعيش المشترك والأمن الاجتماعي. لأن هذه الأفعال لا صلة لها بحرية التعبير. بل تؤدي إلي صراع الحضارات وبث الفوضي في المجتمعات . في الوقت الذي نأمل فيه مزيداً من حوار الحضارات والإيجابية والمشاركة في المجتمعات التي تسمو بمفهوم الإنسانيات وتزكيه في المجتمعات. فيعيش الناس في أمن وأمان وسلم وسلام ورعاية واطمئنان. ومع أن موجة العداء لنبي الإسلام متصاعدة إلاّ أن إسلامنا يأمرنا بحسن المعاملة مع الآخر بالحكمة والموعظة الحسنة وعدم رد الإساءة بالإساءة. وهذا من صميم ديننا. وأخيراً ندعو إلي احترام آدمية الإنسان بغض النظر عن دينه أو جنسه أولونه. وعدم تضخيم الأمور إذا اتصلت بالمسلم. لأن التطرف والتعصب لادين له ولا قبلة له ولا تسلم منه الأديان ولا الأزمان ولا الأوطان . والتاريخ مليئ بالشواهد التي لا يتسع المقام لذكرها. لأن البعض يحاول إظهار الإسلام مشتجراً مع الجميع محارباً للمسالمين مروعاً للآمنين طالباً للدم ساعياً للهدم . والحقيقة أن الشريعة الإسلامية جاءت بالتيسير ولم تأت بالتعسير. فلا إرهاق في تكاليفها ولا إذلال لاتباعها ولا تضييق علي معتنقيها . ولقد تأكت تلك المعاني العظيمة في أصول الشرع وفروعه وقواعد الدين وجزئياته.