الإنسان مطالب بإعلاء الصالح العام لمجتمعه ووطنه وأمته وهذا ما كان عليه صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم تسليما والإيمان أكبر وازع في حياة الانسان كما انه أكبر رقيب عليه ولا يعادله أي شيء آخر وأكد ان الغشاش والانتهازي ليس محباً لوطنه. أكد علي ذلك سماحة الشيخ الخليلي المفتي العام للسلطنة في حديث حول حب الأوطان بثه تليفزيون سلطنة عمان. والإنسان مطالب بالتضحية بمصالحه الشخصية من أجل مصلحة مجتمعه ووطنه وأمته حيث ان الأولويات تراعي في الإسلام وهذا ما كان يفعله صحابة الرسول صلي الله عليه وسلم تسليماً وهو ما يتضح من وصف القرآن لهم. فالله سبحانه وتعالي يقول: "والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون". كما عبر القرآن الكريم عن هذا الإيثار وهذه التضحية من أجل مصلحة الجميع وان خير ما يغرس حب الأوطان في نفوس الناشئة هو تربيتهم التربية الإيمانية الموصولة بالله تعالي ليدركوا ان الله عز وجل هيأ لهم هذا المناخ الطيب وانهم لابد لهم من شكر هذه النعمة "وإذ تأذن ربكم لئن شكرتكم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد" فالله سبحانه وتعالي جعل شكر النعمة مما يثبتها ويقويها وهذا أمر يجب أن يدركه الناشئة من أول الأمر وأن يتربوا عليه وأن يجدوا في آبائهم وأمهاتهم الأسوة الصادقة والقدوة الحسنة. وكما الأمة الاسلامية أمة واحدة ولا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحبه لنفسه من الخير إلا ان هناك خصوصيات للأسرة فالإنسان مطالب بأن يصل رحمه "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" والله تعالي يقول: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم" والحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم يدل علي ان الرحم شق الله تعالي لها اسما من اسمه فهو الرحمن وهي الرحم ومن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله وكلنا نغار علي كل شبر من أرض الاسلام ولكن هذا لا يمنع أن يكون لنا أيضاً ارتباط خاص بوطننا مع ان هذا الحب لا يقتضي أن نغمط الآخرين ما لهم من الحقوق وما لهم من الحب ووجوب النصرة والعون فالنبي صلي الله عليه وسلم تسليما أحب البلد الذي نشأ فيه ومع ذلك كان يسأل ربه سبحانه وتعالي أن يغرس فيه حب البلد الذي انتقل إليه. وتهذيب النفس يتم أولاً بغرس حب الله تعالي ورسوله وكذلك مبادئ الإيمان وقيم الدين الحنيف ومراقبة الله تعالي كما جاء في حديث النبي صلي الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار وهذه القيم هي التي تجعل الناس يحافظون علي حقوق المجتمع والوطن والأمة جميعاً ومن كان غاشا فهو ليس محبا لوطنه فلو كان محباً له لأحب أبناء وطنه وفي هذا يقول النبي صلي الله عليه وسلم : "من غشنا فليس منا". وسريرة المؤمن يجب ألا تنطوي علي أي ضغينة لأخيه المسلم وإلا كان بعيدا عن قيم الإسلام وجوهره ولقد علمنا الله سبحانه وتعالي كيف نتأدب مع الآخرين لنعيش في مناخ من الصفاء والطمأنينة والحب ويقول الله عز وجل : "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسي أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون. يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم. يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير". هذه هي أخلاق الإسلام والإيمان التي غرسها القرآن في أتباعه بحيث لا يسخر أحد من آخر سواء كان رجلا أو امرأة. وإذا كانت الأجساد تحيا بالأرواح فإن الحياة نفسها تحيا بالإيمان والإنسان لابد وأن يستشعر ان الله يراه وتراقبه الملائكة الذين لا يحس بهم ولكن مع ذلك يشعر بهذه الرقابة فيرجف قلبه وترتعد فرائصه وتهتز أركانه بسبب خشيته من رقابة الله سبحانه وتعالي فلا يقدم علي أي شيء فيه مخالفة لأمر الله.