ابتليت الأمة العربية بفكر عقيم لا يبني وطناً . ولا يحيي أمة . فكر لا يعرف إلا الهدم والتخريب . ولا يجيد سوي القتل والتدمير . بعد أن وجد أرضاً خصبة يترعرع فيها . خاصة في الفترة التي أعلن فيها "الجهاد" ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان . وبعد أن تم لهم ما أرادوا . بمساعدة المخابرات الأمريكية وحلفائها . عاد بعض هؤلاء المجاهدين ليمارسوا - ما يُسمي زورًا - الجهاد ضد بني جلدتهم . فوجدنا القتل والتخريب والتدمير في طول الوطن العربي وعرضه. ففي اليمن الجريح قام مسلحون منذ مدة باقتحام مستشفي العرضي . الذي يقع داخل مجمع وزارة الدفاع اليمنية . متنكرين بلباس عسكري . ويحملون أسلحة خفيفة ومتوسطة . مدعومين بسيارات تحمل متفجرات . ومعهم انتحاريون . وأسفرت العملية عن مقتل 56 شخصاً أغلبيتهم من الأطباء والممرضات . وإصابة 176 آخرين بجروح. وفي مصر الكنانة . قامت جماعة الإخوان ووجههم الآخر من تنظيمات إرهابية بعدة تفجيرات بسيارات مفخخة بالإضافة إلي وضع قنابل أو زجاجات المولوتوف ما أدي إلي تدمير مباني عدة . وإحراق عدد كبير من السيارات وأودت بحياة العديد من الأبرياء وهذه الجرائم وغيرها . ليست سوي جزء بسيط مما يقوم به هذا التنظيم من إجرام بحق الشعوب العربية في دول عربية عدة. ولا أحد يعرف ما هو هدفهم من قتل الناس الآمنين؟ ولا أحد يعرف لماذا يعادي هؤلاء كل ما هو جميل في المجتمع؟ لقد بدأ تنظيم ما يعرف ب ¢القاعدة¢ جهاده أولاً تحت ما يُسمي "الجهاد ضد الشيوعية" وبعدما فرغوا من الجهاد ضد الشيوعية. وكان لهم ما أرادوا. غيروا وجهتهم ضد عدوي آخر. هو الولاياتالمتحدة وحلفائها . فاستهدفوا السفارة الأمريكية في نيروبي . وتوالت التفجيرات في جزيرة بالي . ولندن . وكان أخطر وأشد تلك الهجمات ما أسموها "غزوة نيويورك وواشنطن" التي راح ضحيتها نحو أربعة آلاف مواطن أمريكي . معظمهم من البسطاء الذين يسعون في مناكبها. ليأكلوا من رزق الله. وبعد الحرب الأمريكية علي الإرهاب في العراقوأفغانستان . وجد تنظيم القاعدة بغيته في أرض العراق . فحولها إلي ساحة أخري للقتل والترويع » فيتساقط يومياً العشرات ما بين قتيل وجريح. ورغم الحرب الدولية المعلنة ضد هذا التنظيم . ورغم إجراءات الدول المختلفة لملاحقة عمليات تمويله في كل بقاع العالم . لكنه لا يزال قوياً » بل إنه يزداد قوة وانتشاراً . ما يؤكد وجود قنوات سرية . وجهات دولية داعمة له في الخفاء. لكن إذا سألنا أنفسنا: من يقف وراء هذا التنظيم الذي يعمل علي قتل العرب والمسلمين. وتخريب أوطانهم تحت شعار "إقامة دولة الخلافة"؟ فإن أصابع الاتهام ستتجه نحو عدو واحد هو "إسرائيل" فهذه الدولة الخبيثة . ما فتئت منذ تأسيسها عام . 1948م تعمل علي زرع الدسائس بين العرب . وضربهم ببعضهم بعضاً . والحيلولة دون امتلاكهم إرادتهم . وتعمل مع حلفائها . أمريكا والغرب . علي حجب العلم والتكنولوجيا وأثرهما عن الأوطان العربية . ولعلنا نتذكر كم من العلماء قُتلوا بأيديهم لأنهم أرادوا العودة لأوطانهم للعمل علي رفعته؟! إن تحالف "القاعدة" مع "إسرائيل" هو أمر غير معلن . لكن يمكن تأكيده من خلال اجتناب هذا التنظيم مقاتلة اليهود في فلسطين. فتنظيم القاعدة وخلاياه النائمة . أو النشطة التي تأتي إلي اليمن والعراق ومصر وسوريا من مختلف العالم الإسلامي وغير الإسلامي إنما تفعل ذلك. كما يقولون "لأن راية الجهاد رفعت فيها" لكن مَنْ يا تُري رفع راية الجهاد في هذه البلاد؟ ولم يرفعها في فلسطينالمحتلة التي يعاني شعبها قتلاً منظماً علي يد القوات "الإسرائيلية"؟ إن المنتسب إلي مثل هذه التنظيمات يأخذ تعاليمه مما يسمي "الأمير" وهو قد لا يعلم من هو هذا "الأمير" وربما قد لا يراه مطلقاً. لكن مع ذلك ينفذ ما يطلب منه كالرجل الآلي. فإذا قيل له : نفذْ عملية انتحارية» فإنه يفعل من دون أن يسأل : لماذا؟ وما ذنب هؤلاء الأبرياء ؟ وهل جاء ديننا الحنيف بالقتل والترويع حتي لمن يخالفوننا في الدين ؟ فكيف بمن هم علي ديننا؟ إن معتنقي هذا الفكر أغلبهم لا عقول لهم. وهذه هي المصيبة الكبري. لأن هؤلاء لو فكروا لأدركوا أن ما يفعلونه خطأ كبير. ولا يخدم سوي أعداء هذه الأمة. وكانوا امتنعوا عن قتل الناس من دون سبب. لكنهم كالشياه التي تقاد إلي الذبح . والقائد لهؤلاء هو في حقيقة الأمر عدو لهم ولسواهم من العرب والمسلمين. إن بلوي مثل هذه التنظيمات الإرهابية لا تطال البشر من الشعوب العربية فقط . بل كل ما يتعلق بالتاريخ والثقافة العربية والإسلامية . فقد دمروا مئات الأضرحة في ليبيا وتونس والعراق وسوريا ومالي . تعود لأولياء خدموا العروبة والإسلام في القرون السابقة . فكرمهم أبناء عصرهم ببناء مقامات علي قبورهم . كنوع من الحب والوفاء والتقدير لأشخاصهم . لكن هؤلاء الظلاميين دمروها في ومضة عين. بل نبشوا قبوراً لأولياء صالحين بحجة الدفاع عن الدين الحنيف. إن ما يفعله هؤلاء في بلاد العرب والمسلمين بات يفرض علي الشرفاء في هذه الأمة إعلاء الصوت في وجه هذه التنظيمات التي تكفر الناس. وتقتلهم بلا ذنب. إنه الإجرام المنظّم الذي يتم تحت ستار من عباءة الدين. وتحت مسمي إعادة أمجاد المسلمين.